أكرم القصاص يكتب: الخيط الرفيع بين الحرية الافتراضية والعدوان على الخصوصية والقانون

أكرم القصاص
أكرم القصاص
بقدر ما كان الموبايل وأدوات التواصل والاتصال، أحد أهم مفردات عصر يمكن فيه أن يتخاطب الناس وجها لوجه ويتابعون ما يجرى فى العالم لحظة بلحظة، ميزات ووظائف كثيرة، تقدمها أدوات التواصل فإن التواصل غالبًا ما يتداخل مع فكرة التريند والبحث عن الشهرة أو اختراق الخصوصية والوقوع فى جرائم التشهير والاعتداء بل والنصب والاحتيال، وتبرير الجريمة أو الدفاع عن المجرمين وقلب الحقائق، بل تبدو القضايا التافهة أكثر جذبا من الموضوعات الطبيعية، وبقدر ما تمثل التقنية ثورة فى الاتصال والكشف يمكن أن تتحول إلى سلاح مدمر، فى حال تم استعماله من قبل أشخاص لا يقدرون الفواصل بين العام والخاص.
 
وهذا الخيط الرفيع هو الذى يفصل بين العام والخاص، وبين الحق فى التعبير والعدوان على خصوصيات الآخرين، وبين المعرفة والعلم والمبالغة ونشر الخوف، حيث تسقط الحواجز بين الخاص والعام، مع العلم أن المجتمع ليس من الملائكة ولا الشياطين، بل هم بشر يريد كل منهم أن يدلى برأيه، سواء عن اقتناع أو مزايدة، وينطلق البعض من زاوية أخلاقية أو دينية، أو عقلية أو طبقية، ومن السهل على كل طرف أن يصدر حكما، ويرى أنه حسم القضية، بينما التفاصيل أكثر تعقيدا، ولا يمكن حسمها برأى أو رغبة، خاصة مع قضية يتم تداولها فى جهات التحقيق وساحات المحاكم، ومكانها هى المقرات القانونية، حيث يمكن فيها الاستماع لكل الأطراف ومناقشة الشهود والاستماع إلى الدفوع، بعيدًا عن عالم التواصل الذى يمثل انحيازات لأطراف لكل منها مصلحته، واتجاهه وأغراضه. 
 
وربما تكون قضية مقتل طالبة المنصورة، هى المثال الأوضح فى الفترة الأخيرة، لكن الواقع أن ظاهرة المرافعة أمام مواقع التواصل موجودة منذ سنوات، حيث كان محامو الدفاع يحاولون تعويض فشلهم أمام جهات التحقيق أو القضاء، باللجوء إلى مواقع التواصل وكاميرات الفضائيات فى محاولة لقلب الحقائق، أو تقديم تصورات غير موجودة، وفى قضية نيرة اتسعت التجاوزات بشكل يمثل عدوانا على حق الضحية وأطرافها، والتشهير بهم.
 
وتحول الأمر إلى لعبة خطرة، تتجاوز الدفاع إلى التشهير وتشويه الضحية من دون حساب، وإطلاق حملات لجمع أموال بعيدًا عن القانون، وتوظيف رغبات مدمنى التريند للدخول فى اللعبة مع الضحية أو المتهم، ويستغل الموضوع باحثون عن المال، أو الشهرة أو التريند، غير عابئين بالقانون والعدالة. 
 
وهذه الظواهر تضر بقضية الحرية والتعبير عن الرأى، لأنها تمثل عدوانا على حقوق الآخرين وخصوصياتهم، لأنها لا تتعلق بمساحات حرية الرأى والتعبير، إلى العدوان على حريات وخصوصيات الآخرين، بل إنها تساهم أحيانا فى قلب الحقائق، والإضرار بحق الضحايا، لأن الفائز هنا هو الطرف الأكثر قدرة على توظيف أدوات التواصل وصناعة الضجيج، وليس الطرف صاحب الحق. 
 
كل هذا يجعل هناك ضرورة لوضع قواعد للفصل بين ما هو «تواصل اجتماعى»، و ما هو تلاعب وتشهير واعتداء على الخصوصية، وكما قلنا فإن هذا النقاش مطروح فى العالم كله، حيث يتم تطبيق القانون بحسم، ووقف أى تعليق أو تداخل مع القضايا المعروضة أمام القضاء.
 
وبناء عليه، ونحن نتحدث عن حوار موسع حول المستقبل، تصبح هناك ضرورة، لبحث كيفية الفصل بين العام والخاص، والخيوط الرفيعة التى تفصل بين هذا كله، لضمان حماية الحرية، والخصوصية للأفراد وللقضاء والقانون.  
 

 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ميشيل مساك يُحيي حفلا غنائيا فى أكاديمية الفنون الجمعة المقبل

حادث خطير فى غزة.. تفاصيل كمين يستهدف 30 جنديا إسرائيليا فى الشجاعية

إعلام عبرى: خناقة وصراخ بين نتنياهو وزامير بسبب وقف إطلاق النار فى غزة

الأهلى يسعى لإفساد مُخطط أحمد عبد القادر بالانتقال للزمالك

الأهلى يفتح المزاد على وسام أبو على لعدم تكرار خطأ وليد أزارو


وزير الدفاع الإسرائيلى يعترف: يوم صعب سقط فيه يائير إلياهو وآساف زمير فى غزة

فات الميعاد الحلقة 16.. هل ستقع أسماء أبو اليزيد فى حب أحمد صفوت؟

موجة برد قياسية تجتاح الأرجنتين وتشيلى وأوروجواى وتودى بحياة 15 شخصا

إصابة 16 شخصا فى حادث انقلاب سيارة ميكروباص بأسيوط

إخلاء سبيل المتهمة فى دهس 4 أسر بالتجمع بعد إتمام التصالح


غدا.. المحكمة الدستورية تفصل فى دعوى عدم دستورية قانون الإيجار القديم

الذباب يثير الذعر فى إسرائيل.. سكان حيفا المحتلة يهربون من منازلهم

انفجار هائل فى محطة وقود بروما يسفر عن إصابة 8 أشخاص .. فيديو

عمرو دياب فى سهرة غنائية ضخمة بمهرجان العلمين الجديدة 1 أغسطس

وظائف جديدة بمرتبات تصل 13 ألف جنيه فى قطاع الكهرباء.. التفاصيل

خسارة مؤلمة.. "ميرور": محمد صلاح يعانى فى صمت بعد وفاة جوتا

الملحن محمد يحيى يسيطر على ألبوم الهضبة الجديد بخمس أغانى

تحذير عاجل من الأرصاد.. ارتفاع جديد فى الرطوبة تقترب من 100%

السفير المصرى بالكويت: العلاقات المصرية الكويتية نموذج يحتذى به

طريق الموت ينهى رحلة جوتا نجم ليفربول.. تقرير يفضح كارثة الطريق الأخطر بإسبانيا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى