زراعة الأشواك وحصاد العنب!!

محمد أحمد طنطاوى
محمد أحمد طنطاوى
بقلم محمد أحمد طنطاوى

"إنك لا تجني من الشوك العنب" هكذا كان المثل العربي القديم واضحاً في وصف فكرة المقدمات والنتائج، أو الزراعة والحصاد، وكيف نحصل دائما على جنى ما نغرس، إلا أن البعض يتصور - البعض هنا كثير-  أن بمقدوره شراء الرخيص وبيعه غالياً، واقتناء البالي واعتباره ثمينا قيماً، يبخس الناس أشياءهم، ويعرض بضاعته لأعلي سعر، يعتقد في نفسه الحكمة ورجاحة العقل، ويصف الآخرين بكل ما هو عكس ذلك، لا يعرف إلا لغة المكسب، ويواجه الأزمة من أبوابها الخلفية، يمتص مكاسبها حتى لو كانت على حساب المجتمع، ويظن أنها تجارة وفرصة، ويخرق السفينة من أسفلها ويظن أنها ستعطي الماء بلا غرق مفاجئ، وهذا للأسف حال العديد حولنا في كل المجالات.

أتوقف دائماً عند إبداع اللغة العربية في الفعلين "زرع " و "حصد"، يحملان نفس عدد الأحرف، ونفس البساطة في المعنى والبناء، وهذا ربما دليل على أن كل اجتهاد في الزراعة يعقبه نجاح في الحصاد، وعلى قدر رعاية البذور  والعناية بها ساقاً وأوراقاً، تكون الثمار، لذلك أتعجب من أولئك الذين يتعجلون الحصاد دون سعى وتعب، ويظنون أن السكون المؤقت والثبات الخادع سيستمر طويلاً دون تغير.

"الاستمتاع بالعمل يضفي عليه المثالية"، هكذا قال الفيلسوف اليوناني الشهير أرسطو، الذي ربما ذكر تلك العبارة قبل ما يقرب من ألفين و400 عام، إلا أنها مازالت حاضرة ومؤثرة لدرجة تجعلنا نستعيرها بعد كل تلك السنوات، لنتعلم من خلالها قيمة حب العمل، وفكرة الجودة، التي تعتبر ميزان ومعيار حقيقي لمن ينشد التميز والاختلاف والنجاح، فكل من يمارسون أعمالهم على الهامش، وكل من يقبعون في المناطق الدافئة، دون خوض التجربة والبحث عن الجديد والتعلم المستمر، لن يصلوا أبداً إلى الاتقان الذى تحدث عنه أرسطو، وتحدثت عنه الأديان، وفاضت به تجارب العلماء والمفكرين.

لا نطمح في مثالية أرسطو أو ما كان سائداً في ذلك الزمان الذي نضح بالحكمة والعلم على مئات الأجيال عبر عقود طويلة، لكن بات هدفنا أن نقدم عملاً بجودة، حتى وإن كانت النسب متواضعة، في أجواء صارت فيها الجودة الكاملة فكرة نادرة، وفريضة غائبة لا نراها ولا نتعلمها ولا نحاول غرسها في الأجيال الجديدة، التي يجب أن تتعلم أن الاتقان هو المعيار الحاكم للعمل، والصناعة الأهم، التي يجب تنميتها خلال مرحلتي الطفولة والشباب.

لا تنتظر أن نتحرك خطوة واحدة للأمام دون عمل حقيقي وسعي دائم، وهذه مهمة شديدة الصعوبة في مجتمع يعيش ثقافة الزحام بكل صورها وأشكالها، ويعاني من أمراض الفهلوة والحداقة بشكل لا مثيل له، كما أن عامل الوقت ليس في صالحنا على الإطلاق في ظل ظروف عالمية أقل ما توصف بأنها كارثية، وتحتاج إلى ثنائية الوعي والعمل، وهذه الثنائية يجب أن تصل الأفراد قبل المؤسسات، وإلى الريف قبل الحضر والمدينة.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تعرف على تشكيل مباراة إنبى والجونة بالدورى

الإسماعيلى يعلن عن تشكيل فريقه في مواجهة طلائع الجيش

الاتحاد السكندري يتعادل مع البنك الأهلي بدون أهداف في الدوري

منتخب مصر تحت 17 عامًا يفوز على السعودية للمرة الثانية

أخطر 5 اعترافات لقاتلة أسرة دير مواس: "مشيت فى جنازتهم علشان أبعد الشبهة"


الجريدة الرسمية تنشر قرارًا جمهوريًا بتعيينات في المحاكم الابتدائية.. بالأسماء

أخبار مصر.. انخفاض بدرجات الحرارة غدا والعظمى بالقاهرة 35 درجة والإسكندرية 32

زوجة الأب سممت الجميع.. الداخلية تكشف سبب وفاة أسرة دلجا بديرمواس

بحضور الشناوي.. ريبيرو يعلن قائمة الأهلى لمواجهة غزل المحلة بدوري نايل

لماذا تسقط الشهب والنيازك بفعل الجاذبية الأرضية ولا تسقط الأقمار الصناعية؟.. هل كلما ابتعدنا عن كوكب الأرض بمسافة يمكن أن نرى أحداث الماضي؟.. أستاذ فيزياء فلكية يرد على المغرمين بعلوم النجوم


تعرف على بديل إمام عاشور فى منتخب مصر أمام أثيوبيا وبوركينا فاسو

فيلم درويش يحقق أكثر من 25 مليون جنيه في دور العرض المصرية

المدعي العام في كولومبيا: اعتقال رجلين يشتبه بهما بعد هجوم بشاحنة مفخخة

تعرف على إيرادات فيلم روكي الغلابة أمس السبت في شباك التذاكر بمصر

كاتي هولمز وجوشوا جاكسون يشعلان شائعات بعودة الرومانسية بعد أكثر من 20 عاما

زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب الساحل الشرقي لإقليم كامتشاتكا الروسي

كريم معمر.. سوء التغذية يتسبب في تضخم بالكبد ولا أدوية بمستشفيات غزة

زوجان يتخليان عن ابنهما في المطار لانتهاء صلاحية جواز سفره.. والشرطة تتدخل

السقا وأحمد نادر جلال يجتمعان مجددا فى فيلم هيروشما بعد نجاح أحمد وأحمد

زلزال بقوة 4.1 درجة بمقياس ريختر يضرب ولاية "جوهر" الماليزية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى