كُلها بالحلال.. طعمها أحلى!

ابراهيم حسان
ابراهيم حسان
إبراهيم حسان
 
لم تعد ظاهرة التسول قاصرة على الانتشار بالشوارع لجلب الأموال، بل تطورت مع الزمن وسخرت وسائل التكنولوجيا لصالحها للانتشار بشكل أكبر ولضخ مزيد من الغنائم في جعبتها، حتى وصلت إلى "الشحاتة الأونلاين" كآخر الصيحات، فهناك صفحات على السوشيال ميديا تضخ منشورات يغلب عليها الطابع العاطفي لإسقاط الضحايا بعد تحريك مشاعرهم وعواطفهم، ومن المؤسف أن من يتبرعون لهؤلاء الأشخاص، يظنون أنها صدقات وتذهب للفقراء والمساكين.
 
عندما ترى عين العقل هذه الأفعال المشينة من أول وهلة، تصب في الأذهان آلاف من الأسئلة، وتسيطر على أصحابها حالة من الغضب والاستنكار، ورغم أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت وسيلة للتقريب بين الشعوب ومساعدة الغير، إلا أن هناك من يستخدمها في أعمال خبيثة لمصالحه الشخصية، فلسان حالنا لا يردد إلا "لماذا لا يعمل من يقوم بتلك الأمور الدنيئة في المشروعات التي تنفذ في كل مكان لكسبها بالحلال ومن عرق جبينهم؟ لماذا يستسهل هؤلاء الحصول على الأموال بهذا الشكل الدَنِس، ولماذا يتم خداع الناس بهذا الشكل المخزي؟ لماذا ولماذا ولماذا؟"، كلها أسئلة لن تجدي نفعا مع هذه الفئات القميئة.
 
لا أقتنع ولن أقتنع بأي دلائل أو براهين تناصر هذه الفئة التي تستسهل إدخال يديها في جيوب الناس لتحصل على الأموال برضاهم وبشتى الطرق المباشرة وغير المباشرة، والمقنعة وغير المقنعة، والأدهى من ذلك أن هناك أشخاصا يصدقون هذه الحيل الرخيصة، دون التفكير في مصلحتهم ونصرة الجوانب الإيجابية التي تقف ضد هذه كافة الظواهر السلبية في المجتمع، لأنه وبكل صدق العقل السليم لا يوجد إلا في الجسم السليم.
 
من المؤسف أن تحولت "الشحاتة" في مجتمعاتنا إلى مهنة، تجلب لمن يخضع لشروطها أموالا طائلة، نتيجة استدرار عطف الناس بكافة الوسائل والطرق، ليجودوا عليهم بما فيه جيوبهم وحقائبهم، لكن من الفظاظة أن نجد سيل من الشحاتين يجلسون أمام بيوت الله، لاسيما قبل وبعد صلاة الجمعة - وجهتهم المفضلة – ليصيحوا ويكذبوا  مخترعين قصصًا وهمية لم تحدث إلا في وحي خيالهم، لإقناع الناس بضعفهم وهوانهم، لجني الأموال.
 
"الشحاتة" في الدول العربية يا سادة باتت ظاهرة خبيثة ومقززة، لكن يبقى الأكثر قبحا على الإطلاق هو المتاجرة بحاجات وهموم الناس بكل الطرق والوسائل، فمنهم من يتداعى المرض ومنهم من يدعي الإصابات والعاهات "لحبك الطبخة"، ومنهم من يدمن الذل والهوان والفقر دون أن يكونوا فقراء، رغم أن الإسلام يرفض التسول ويدعو إلى التعفف والعمل، فرب العزة وصف حال بعض الفقراء، بأنهم أغنياء في عيون الجهلاء، فقال في كتابه الكريم (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف).
 
الغريب ولعله شيئا ليس بغريبا عن شخصيتهم، أن البجاحة هي لباسهم المخفي وراء الطيبة المزيفة، فمثلا إذا لم يكن معك "فكة" لمنحها إياهم، فقد يساعدك في فك أموالك!، وإذا منحتهم "فكة" يتهمك بالبخل!، أما إذا لم تعطهم أي شيء قد يشتمك بأفظع الشتائم ويدعو عليك!، وإذا دعوته إلى العمل قد يتطاول عليك!، وكأن عمله هو الأشرف والأسمى على وجه الأرض، لذا لابد أن يتكاتف الجميع ضد هذه الظاهرة لمحوها تماما، بعدم الامتثال لأوامرهم أو السقوط بخداعهم وحيلهم الدنيئة، وهنا لا أدعو إلى مناهضة الفقراء المتعففين عن سؤال الناس والذين لا يسألون إلا الله زارقهم ورازق كل شئ.
 
تطور التسول يجب أن يقابله تطور في الوعي لإفساد كل الحيل التي يقوم بها أصحابها، فالنصائح لهؤلاء بضرورة العمل وبذل الجهد والتعب، من أفضل وأحب الأعمال، فليست الصدقات قاصرة على إنفاق الأموال فحسب، بل حثهم أيضا على أكلها بشرف كون هذا من أفضل الأمور، وهنا يتثنى على الجميع أن يواجه هذا الوباء الخطير الذي يهدد المجتمع بالخراب، بالوقوف ضد كل من يحقر نفسه ويريق ماء وجهة ويستغني عن كرامته وحيائه علنًا لأكل أموال الناس بالباطل، فمعا ضد التسول والحث على العمل والإنتاج.. فاليد العاملة يحبها الله ورسوله.
 
 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمد صلاح يسجل فى ختام مشوار ليفربول بالدوري الإنجليزي ضد بالاس.. فيديو

الدكتورة نوال الدجوى لا تعلم شيئًا عن وفاة حفيدها حتى الآن.. التفاصيل

النيابة تباشر التحقيق فى واقعة إطلاق حفيد نوال الدجوى النار على نفسه

إخلاء سبيل طفل المرور فى واقعة التعدى على طالب بالمقطم بكفالة 20 ألف جنيه

الأهلي يتوصل لاتفاق على ضم ياسين مرعي من فاركو مقابل 40 مليون جنيه


لبيان سبب الوفاة.. نقل جثة حفيد نوال الدجوى إلى المشرحة لتوقيع الكشف الطبي

أول صور لحفيد نوال الدجوي بعد العثور على جثته مصابا بطلق ناري

نهضة بركان يتوج بلقب الكونفدرالية الأفريقية 2025 على حساب سيمبا التنزاني

كريستال بالاس يفاجئ ليفربول بهدف مبكر فى الدقيقة 9.. فيديو وصور

وزارة الداخلية: حفيد نوال الدجوي أطلق النار على نفسه


الأهلي ملك البطولات في العالم بعد هدية أبردين الأسكتلندي

الزميل حسن السعدني يفوز بجائزة "شروق شيمي" للصحافة الرياضية من مؤسسة الأهرام

مصادر أمنية: العثور على جثة حفيد نوال الدجوي مصابًا بطلق نارى بمسكنه بأكتوبر

الأعلى للإعلام: اعتماد قرار قناة TEN بالإيقاف الفوري لرضا عبدالعال

دفاع الطالب المعتدى عليه من طفل المرور: يوسف استعاد وعيه

غدا ذروة الموجة الحارة وتحذير من هذه الشواطئ والعظمى بالقاهرة 40 درجة

بيراميدز يرفض الراحة بعد رحلة جنوب أفريقيا ويستعد لمواجهة سيراميكا

مشهد الختام فى الدوري الإنجليزي.. صلاح ومرموش فى ليلة حصد الجوائز وتحقيق الحلم الأوروبي.. ليفربول يواجه كريستال بالاس بأجواء احتفالية.. "الفرعون" ينتظر التتويج بالحذاء الذهبي الرابع.. ومانشستر سيتي أمام فولهام

موعد غرة ذو الحجة وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيا

ليفربول ضد كريستال بالاس.. 90 دقيقة تفصل محمد صلاح عن معادلة رقم هنري

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى