الأعمال الفنية والسير التاريخية.. ما بين الفن والتوثيق

سما سعيد
سما سعيد
سما سعيد

الفن قادر على تشكيل وعى أمة، والسمو بها لتصل إلى أعلى المراتب الأخلاقية الممكنة، ولكن عن أى فن نتحدث؟.. الفن هو عمل إبداعى يختلط فيه الواقع أحياناً بالخيال، أو برؤية الكاتب والمخرج فى إقامة تسلسل للأحداث يستطيع تقبله الجمهور بشكل يمكنه من تكوين صورة ما حول الفكرة أو الواقع أو الأحداث التاريخية، فقد يكون تدويناً لحدث ما أو توثيقاً لعادات، لذا فإن العمل الفنى المرتبط بالتاريخ أو بالدين أو السيرة يعتبر النموذج الأمثل فى ترسيخ الأفكار فى وعى الجمهور بشكل سلس وسريع بتسليط النظر على النقط الأساسية فقط والمهمة التى قد تفيد الفرد أى المتابع للعمل الفنى، كما تحث المشاهد على التفكير والبحث أيضاً فى ثنايا الموضوع لفهم الأمر على حقيقته، فحتى وإن كان العمل الفنى مخالفا لما قد حدث فعلياً، فإن ذلك من آثاره الإيجابية هو تفعيل قدرة النقد للجمهور، ففى جميع الحالات الجمهور هو الرابح الوحيد. فالعمل الفنى القائم على السير الذاتية كان يتم استخدامه لفترة قريبة من الوقت فى العملية التعليمية من خلال مشاهدة الطلاب لقصص أبطال فى التاريخ لتكوين صورة ذهنية لم تستطع الرواية المكتوبة ترسيخ هذه الصورة فى وعى الطلاب والشباب الأصغر سناً الذين لم يعيشوا هذه الأحداث، لنتذكر فيلم صلاح الدين قبيل الامتحانات لنراجع ونستذكر ما قد درسناه على مدار العام، بغرض الفهم والمراجعة أيضاً.

 إن إعادة فن السير اتخذ طابعا تعليميا قبل أن يكن ثقافيا وفنيا فى بعض الأوقات، الفن والتأريخ للشخصيات الدينية على الرغم من ارتباطه بأحداث دينية ومواعيد مناسبات دينية، إلا أنه أيضاً يزيد الوعى الدينى بشكل كبير، فمن منا لا يرى الفنان عبد الله غيث عند استذكار اسم حمزة عم الرسول فى فيلم الرسالة؟، ومن منا لم يقدر على تشكيل صورة لبيئة وعصر النبوة إلا من خلال مثل تلك الأعمال الدينية، التى تم مراجعتها والموافقة عليها من قبل المؤسسة الدينية قبل تصويرها، الأمر الذى يمكن أن يحولها تصنيفاً بأنها تكاد تقترب من الفيلم التوثيقى بدرجة كبيرة، وأحياناً ما يتم استخدامها كذلك فى بعض الدول المهتمة بالفن الدينى العربى.

الفن التاريخى فى فترة من الفترات كان دوره توضيح الصورة التاريخية للوضع فى فترة معينة فقط، فى محاولة من المؤلف والمخرج لتوصيل أقرب صورة ذهنية للمتلقى عن طريق إضافة أو تغيير أو حذف مشاهد فى بعض الأوقات، نظراً لأنها تخل بسياق العمل الدرامى، وأيضاً كون العمل نفسه بغرض توضيح الصورة وليس إقامة عمل وثائقى لم يكن من المتاح أن ذاك عمله بالشكل الأمثل، وأيضاً لأن قدرة الفنان على توصيل المشاعر الحقيقية وتوصيف الحال أكثر قدرة على التأثير على المشاهد، فكان ولابد من إقامة العمل التاريخى كعمل فني. والأمثلة على ذلك كثيرة قام بتنفيذها مخرجون وفنانون كبار فى أفلام عاشت لعقود كثيرة ما لبثت أن تهاجم حالياً وتنظر بعيون النقاد، مما يطرح تساؤلا جديدا حول ما إذا كان النقد قائما على نهضة وعى مجتمعى أو محاولة فهم العمل الفنى كأنه فيلم توثيقى لأحداث حدثت بحذافيرها! وتحول الاهتمام فى الفترة الأخيرة للأعمال الخاصة بالسير، ومنهم شخصيات تاريخية وسياسية واجتماعية، استطاعت جذب المشاهد ولفت نظره لقصص وعبرات جديدة، فى محاولة لإعادة المشهد لقصص وروايات مطبوعة ولكنها ليست لها القدرة على الانتشار فى وسط التقدم التكنولوجي، الأمر الذى تم إهماله لفترة من الوقت عصيبة كانت الدولة منشغلة عنها، ولكنها ما لبثت أن أدركت أن تلك الأعمال قادرة على إحداث تغيير حقيقى على أرض الواقع. ولسنا بصدد عرض إحصائى عن الأعمال التاريخية والتراثية وقصص السير، ولكن نكتفى بذكر أمثلة هامة وذات علامة بارزة فى السينما والتليفزيون المصرى، مثل الزينى بركات وأرابيسك والسيرة الهلالية والخواجة عبد القادر والاختيار، وأيضاً افلام مثل رد قلبى وناصر 56 والطريق إلى إيلات والممر وغيرها الكثير والكثير.

الحقيقة.. إن تلك الصور من الفنون القادرة على إحداث تغيير فى الوعى والثقافة والأخلاق هى الجديرة بالاهتمام حالياً، وتحاول الدولة المصرية دعمها بالشكل الجيد نظراً لتجاهلها من قبل المنتجين فى العقود الأخيرة، وهو الأمر الذى يساعد فى المناخ الفني، كما يطرح منافسا جديدا قادرا بإمكانياته على تنفيذه بالشكل الأمثل، وأيضاً يسمح بمراجعته من قبل كافة المؤسسات المعنية فى تعاون فريد يضيف للفن وللدولة فى نفس الوقت.

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مدحت العدل يحيل بهاء حسنى للتحقيق بعد تزييفه قرار إدانة لـ حسين الجسمى

للصائمين.. موعد أذان الفجر اليوم الجمعة 30 مايو ثالث أيام ذى الحجة

لا تفوت الليلة.. "وجه مبتسم" يزين سماء الحج فى ظاهرة فلكية مميزة

أبطال الظل.. 4 قصص رياضية مُلهمة ترسم الأمل.. يحيى شعبان "عامل يومية" يكافح بكفين من العطاء.. نادية فكري "بطلة" هزمت الإعاقة بالحديد.. صابر عيد "تاريخ منسي" مع المرض.. وأسامة ربيع "صنايعي بناء" يلامس سقف أحلامه

العالم هذا المساء.. الحكومة الإسرائيلية توافق على مقترح ويتكوف بشأن وقف إطلاق النار بقطاع غزة.. موجة حر شديدة تضرب السعودية مع توافد الحجاج.. والسجن 20 عامًا لجراح فرنسى اغتصب مئات الأطفال المرضى


أنهار الذهب الأصفر مستمرة في الجريان على شون وصوامع الأقصر.. توريد 20 ألف طن قمح لشون إسنا وأرمنت.. وكيل التموين: 4 نقاط جاهزة لاستلام المحصول.. والمحافظ يوجه بتوفير أعلى معايير الأمن والسلامة.. فيديو وصور

صحتك بالدنيا.. أهم النصائح لصحة الجهاز الهضمى.. متى تكون تغيرات الجلد إشارة لمرض السكر؟.. فتاة تصاب بكسور فى العظام نتيجة الإفراط فى استخدام "صن بوك".. طرق زيادة التركيز ومنع التشتت.. و6 علامات لفساد اللحمة

صندوق التمويل العقارى: بدء إرسال رسائل نصية بأولوية التقدم لـ سكن لكل المصريين 5

إبادة جماعية تحت سمع وبصر العالم.. برلمانيون وسياسيون: استخدام التجويع كسلاح حرب في غزة جريمة مكتملة الأركان.. ويؤكدون: ما يحدث إبادة جماعية ممنهجة.. ويشددون: الرفض المصري صاعقٌ لمشاريع التهجير

الداخلية تضبط مالكى شركة "بدون ترخيص" بالقاهرة


تضخ الزيوت التموينية لمصر كلها.. تفاصيل مشروع تطوير محطة الزيوت والشحوم بالمكس.. أكبر محطات التخزين.. رفع الطاقة الاستيعابية إلى 144 ألف طن.. زيادة الصهاريج إلى 41.. والمحافظ: التطوير يساهم فى خلق فرص عمل

السجن المشدد 7 سنوات لرجل أعمال متهم بقتل زوجته فى التجمع

اليوم العالمى للإقلاع عن التدخين.. جهاز الإحصاء: نسبة المدخنين فى مصر انخفضت إلى 10.3 مليون فرد عام 2024 أغلبهم ذكور.. 26 مليون آخرين غير مدخنين وعرضه للتدخين.. ومتوسط الانفاق السنوي على التدخين 12.9 ألف جنيه

الزراعة وتحقيق الأمن الغذائى.. خطة التنمية للعام المالى 2025/2026 تستهدف تطوير منظومة الرى.. التوسع في إنتاج المحاصيل الرئيسية والاستراتيجية.. تحسين الإنتاجية وزراعة أصناف جديدة وتوفير تقاوي عالية الإنتاجية

الأهلي يقترب من حسم صفقة محمد شكري والإعلان قريباً

عبد الغفار وعاشور ورئيس جامعة القاهرة يشهدون افتتاح المؤتمر العلمي السنوي لطب قصر العينى.. وزير التعليم العالي: نواصل دعم الجامعات للتحول نحو الجيل الخامس وتعزيز قدراتها في الابتكار والتنافسية

إيلون ماسك يغادر السياسة ويعود إلى عمله فى التكنولوجيا.. أغنى رجل فى العالم يعلن ترك عمله فى إدارة ترامب بعد 4 أشهر فى قيادة وكالة "كفاءة الحكومة".. صحف أمريكية: رحيله بسبب إحباطه وخلافه مع بعض أعضاء الإدارة

جهاز منتخب مصر يرحب بمبادرة إمام عاشور ويقبل اعتذاره

على طريقة إبراهيم الأبيض.. عاطل يقتل آخر أمام المارة فى العجمى بالإسكندرية

سفير الصين بالقاهرة يعلن الانتهاء الرسمى من البناء لمشروع محطة كوم أمبو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى