"زخم" التجربة المصرية في عهد "الجمهورية الجديدة".. أبعاد دبلوماسية

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى

في الوقت الذى نجحت فيه الدولة المصرية في تعميق علاقاتها مع محيطها الإقليمي، سواء في الشرق الأوسط أو إفريقيا، لتستعيد مكانتها، بعد سنوات التراجع، إثر الفوضى التي لاحقت البلاد إبان ما يسمى بـ"الربيع العربي"، إلا أنها نجاحها المنقطع النظير في تجاوز النطاق الإقليمي، يبدو أكثر الأبعاد الملفتة، في التجربة التي خاضتها "الجمهورية الجديدة"، على المستوى الدولي، وهو ما يبدو في قوة العلاقة التي تجمع بين القاهرة، والعديد من القوى الأوروبية، سواء المتقاطعة معها في إقليم البحر المتوسط، أو البعيدة عن تلك المنطقة، وهو ما يبدو بوضوح في التقارب الكبير مع تحالف فيشجراد، بينما باتت تستعيد الزخم للعلاقة مع دول أخرى على غرار صربيا، ومن قبلها بسنوات قبرص واليونان، ناهيك عن تطوير العلاقة بصورة كبيرة مع العديد من القوى الرئيسية في القارة العجوز، وعلى رأسها فرنسا وألمانيا.

ولعل حالة الاستقطاب الدولي الكبير على مصر، والتي ظهرت ملامحها، سواء في الترحيب الكبير بالرئيس عبد الفتاح السيسي، في عواصم أوروبا، خلال جولته الأخيرة أو في الزيارات الدولية المتواترة التي تشهدها القاهرة، تمثل انعكاسا صريحا لقوة العلاقة بين مصر ودول القارة العجوز، والانفتاح على كافة أطرافها، سواء في الشرق أو الغرب، فيما يمثل ترجمة حقيقية لموقف "متزن" تجاه الأزمة الأوكرانية، وحالة الصراع الدولي الراهن، بينما تسعى في الوقت نفسه إلى تقديم حلول للأزمات المترتبة عليها، بالإضافة إلى الأزمات الأخرى المتزامنة معها، على غرار التغيرات المناخية، مما ساهم بصورة كبيرة في زيادة حالة الزخم التي بات يحظى به الدور المصري ليس فقط على المستوى الإقليمي، وإنما أيضا على المستوى الدولي الأوسع نطاقا.

إلا أن الدور الذي تلعبه مصر في المرحلة الراهنة، على كافة المستويات الدولية أو الإقليمية، ربما لا يرجع فقط إلى مواقفها من الصراعات القائمة، وإنما أيضا بسبب زخم التجربة المصرية وشموليتها، على كافة الأصعدة، وبالتالي إمكانية تعميمها، وإن اختلفت الأدوات، وهو ما يبدو، على سبيل المثال في المكانة الكبيرة التي باتت تحظى بها القاهرة، على المستوى الإفريقي، والتي اعتمدت دبلوماسية "تعميم" التجربة التنموية، على اعتبار أن الحاجة لدى دول القارة تتمثل في البعد التنموي، بينما اعتمدت الدبلوماسية المصرية نهجا يعتمد على تعميم تجربتها في مكافحة الإرهاب، انطلاقا من تجربتها بعد سنوات الفوضى، حتى تستعيد مكانتها في محطيها العربي.

بينما تبقى التجربة المصرية تحمل أهمية كبيرة فيما يتعلق بالأزمات التي تواجهها أوروبا، سواء بسبب تداعيات الأزمة الأوكرانية، أو غيرها، وهو ما يبدو في العديد من الشواهد الدولية، التي قدمت أدلة قاطعة على حيوية الدور الذي يمكن أن تلعبه مصر، في مواجهة الضغوط المفروضة على العالم، وفي القلب منه القارة العجوز، وهو ما بدا أولا في استراتيجية مكافحة الإرهاب، والتي استلهمتها فرنسا، عبر الاعتماد على الأمن والمواجهة الفكرية، في آن واحد، مع العمل على إدماج كافة أطراف المجتمع، لحمايتهم من الانغماس في مستنقع التطرف.

في حين كان اتفاقية ترسيم الحدود مع اليونان وقبرص، للاستفادة من مواردهما الاقتصادية، مدخلا مهما لتعميق الثقة بين القاهرة وأوروبا، حيث ساهمت هذه الاتفاقية في التخفيف من أزمات اقتصادية تمر بها الدولتان، منذ الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالعالم منذ 2007، وساهمت الاتفاقية أيضا في استكشاف موارد الغاز لدى الدول الثلاثة، وبالتالي تحسين الأوضاع الاقتصادية، وبالتالي التخفيف من الأعباء الموضوعة على كاهل الاتحاد الأوروبي، ناهيك عن تقديم صورة جديدة للدولة المصرية، في إطار "الجمهورية الجديدة"، باعتبارها "شريك" فعال وموثوق به، بعيدا عن الصورة النمطية التي سادت لعقود، التي اعتمدت نهجا يحمل قدرا من "التبعية" والاعتماد على "الدعم" القادم من الخارج.

التجربة المصرية، لا تقتصر بالنسبة لأوروبا، على أزمات الإرهاب، أو الاقتصاد، وإنما امتدت نحو التعاون في العديد من القضايا الطارئة، التي يعاني منها العالم في المرحلة الراهنة، وأبرزها قضية اللاجئين، والتي تمثل أحد المعضلات الحقيقية، في ظل معطيات، أبرزها زيادة تدفق القادمين من الخارج بغرض اللجوء، خاصة مع تصاعد الأزمة الأوكرانية، ناهيك عن الأوضاع الاقتصادية القاتمة، وهو ما يتجلى في اتفاقات متواترة بين القاهرة وبرلين، حول عملية إدماج المهاجرين وتوظيفهم، لضمان استيعابهم في المجتمع، وذلك بعدما فشلت التجربة الألمانية منذ 2015، بعدما فتحت أبوابها أمام القادمين من الشرق الأوسط، وهو ما يعكس نجاح الرؤية المصرية فيما يتعلق بهذا الملف إلى حد الإلهام، خاصة مع قدرتها على استيعاب المهاجرين بل والتعامل معهم كجزء من المجتمع المصري.

الدور المصري يمتد إلى أزمات أخرى، وعلى رأسها أزمة الطاقة، حيث تسعى مصر إلى تقديم بديل من شأنه تعويض جزء من الخسائر التي تتكبدها القارة العجوز جراء انخفاض واردات الغاز القادمة من موسكو، على خلفية الأزمة الأوكرانية، وهو ما بدا في الاتفاقات التي وقعتها الدولة مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعمق إدراك الغرب بأهمية وزخم التجربة المصرية.

وهنا يمكننا القول بأن الدور الكبير الذي باتت تلعبه الدولة المصرية على الساحة الدولية، يمثل انعكاسا لزخم التجربة المصرية في مختلف المجالات، بدءً من الدبلوماسية، مرورا بالجوانب الأمنية والتنموية، وحتى الأزمات الطارئة، المتمثلة في زيادة تدفق اللاجئين، وأزمات الطاقة والغذاء، ناهيك عن أزمة التغيرات المناخية، التي تمثل محورا أخر لا يقل أهمية عن المحاور الأخرى في هذا الإطار.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

انتهت المراجعة وتنتظر اعتماد الوزير.. نتيجة الدبلومات الفنية على اليوم السابع

رعب فى كاليفورنيا بعد تسجيل 40 هزة أرضية متتالية ومخاوف من حدوث زلزال كبير

تصنيع أول سيارة كهربائية بشركة النصر وطرحها فى أغسطس المقبل

الزمالك ينهى اتفاقه مع أحمد راضى لتدعيم صفوف فريق كرة اليد

أجواء شديدة الحرارة تصل ذروتها بهذا التوقيت والمحسوسة تقترب من الـ40 درجة


خطوات الاستعلام عن معاش "تكافل وكرامة".. اعرف التفاصيل

هبوط أرضى بميدان التجنيد بالحلمية ومحافظة القاهرة تكشف الأسباب

القضاء الإيراني يؤكد إحباط شبكات إسرائيلية ويصف الهجوم على سجن "إيفين" بالجريمة

ضبط سائق تروسيكل غير مرخص اصطدم برجل مرور حال استيقافه فى الجيزة.. فيديو

محمد هنيدي لـ اليوم السابع: أنا زي الفل وخضوعي لعملية جراحية "شائعة"


رابطة الأندية تستعرض تطور أرقام إبراهيم عادل خلال 6 مواسم فى الدورى

الإعدام لمزارع قتل شخصا بسبب خلافات مالية بينهما بسوهاج

وزارة التعليم تنفى إرجاء تطبيق 20% على الحضور لطلبة ثالثة إعدادى لعام 2027

أحمد عبد القادر يقترب من الانتقال للحزم السعودي بعد ترحيب الأهلي

وفاة شقيقة الفنان مدحت تيخا

سيف الدين الجزيري يوافق على الرحيل عن الزمالك بشرط

رابط التقدم لمدارس المتفوقين للحاصلين على الإعدادية للعام الدراسى 2026

نتيجة الثانوية العامة 2025.. الإعلان بالدرجات على اليوم السابع خلال أيام

أجواء شديد الحرارة.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس وتحذر من ارتفاع الرطوبة

كشف أثرى بالكرنك.. العثور على مبنى بالطوب اللبن يحوى أفران ومعدات طهى خبز.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى