مفهوم "الجمهورية الجديدة".. سياسة "إعادة بناء" الإقليم

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
نتائج الاستفتاء الذي شهدته تونس، والذي يترقبه الملايين في المنطقة العربية، تبدو مفصلية وحاسمة، ليس فقط في إطار بداية "فصل جديد" في تاريخ البلاد، وإنما ميلاد "جمهورية جديدة"، تتجه نحو الحداثة، وتفتح الباب أمام خطوات جادة لتحقيق التنمية، والاستقرار، بعد سنوات، تعرضت فيها البلاد لمحاولات حقيقية لاستنزاف مقدراتها، على يد حفنة من المتسلقين، سعوا إلى القفز على إرادة الملايين في تحقيق إصلاح حقيقي، خلال "الربيع العربي"، ليستحوذوا على مقاعد السلطة، والسيطرة عليها دون رقيب أو حسيب، لتشهد "الخضراء" فترة من التراجع الاقتصادي، والمجتمعي، ناهيك عن انتشار للاغتيالات السياسية التي استهدفت رموز المعارضة، في سيناريو، يبدو مستنسخا، من نماذج أخرى بالمنطقة، ربما سقطت بعضها في مستنقع الحروب الأهلية.
 
ولعل الحديث عن ثنائية "الربيع العربي"، و"الجمهورية الجديدة"، ملفتا للانتباه إلى حد كبير، فيما يتعلق بحالة الارتباط الكبير بين مصر وتونس، فانطلاقة الانتفاضات الشعبية، كانت من تونس لتتبعها مصر بعد ذلك، ثم المنطقة بأسرها، بينما أرست مصر قواعد "الجمهورية الجديدة" منذ ثورة 30 يونيو، عبر العديد من المراحل، التي لاحقتها تونس في العديد منها، وإن اختلف ترتيبها، ففي الوقت الذي ثار فيه ملايين المصريين في ميادين القاهرة والمحافظات، باتت الحالة التونسية تتمخض عن ثورة حقيقية، إثر تفشي الاغتيالات السياسية التي طالت العديد من رموز المعارضة، وعلى رأسهم شكري بلعيد، وهو ما دفع حكومة راشد الغنوشي إلى الاستقالة بعدها بعدة أشهر، قبل أن تعود مجددا بعد ذلك بسنوات، عبر انتخابات شهدت مقاطعة كبيرة من قبل ملايين التونسيين، ربما كانوا يستعدون لموجة جديدة من ثورتهم، للإطاحة بهم نهائيا، خاصة بعدما قادوا البلاد إلى حالة أشبه بالعجز الاقتصادي الكامل، ناهيك عن عدم القدرة على التعامل مع أزمة كورونا.
 
ولكن لم تتوقف المراحل المتقاربة في ميلاد الجمهورية الجديدة في تونس، مع نظيرتها في مصر، على مجرد الحالة الثورية التي أطاحت بالجماعة الإرهابية، وإنما في خطوات، وإن اختلفت في ترتيبها وتوقيتها نوعا ما، ولكنها تبقى إصلاحية في المقام الأول، بدءً من تعيين حكومة وطنية، تعكس في تشكيلها مكونات الشعب التونسي، والدعوة إلى حوار وطني، يشمل كل الأطياف، ماعدا من تلوثت أياديهم بالدماء، بالإضافة إلى انطلاق بعض المشاريع التنموية القابلة للزيادة في المرحلة المقبلة، منها مشروع جسر بنزرت الجديد، والذي أطلقه الرئيس قيس سعيد، قبل عدة أيام، متعهدا بالمزيد في الأيام المقبلة، وقبل كل ذلك تضييق الخناق على الفاسدين.
 
الحالة التونسية، وتقاربها الملفت من التجربة المصرية، والتي لم ترتبط فقط في استخدام مصطلح "الجمهورية الجديدة" للتعبير عن طموحات الدولة في مستقبل مشرق، وإنما أيضا في طبيعة المراحل التي مرت بها، ربما يمثل انعكاسا صريحا لتغييرات عميقة في بنية المنطقة العربية، وفي القلب منها الشرق الأوسط، والتي باتت تتجه دوله نحو إصلاحات سياسية، متزامنة مع خطوات تنموية، ناهيك عن تحركات إقليمية تعتمد نهج التوافق، وتغليب المصالح المشتركة، وهو ما يحقق الاستقرار عبر مسارين، أولهما داخل كل دولة، مما يساهم في منع تصدير حالة الفوضى من دولة إلى أخرى، بينما يقوم الأخر على المستوى البيني، من خلال تجنيب الخلافات أو على الأقل تجميدها مرحليا، لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
 
فلو نظرنا، على سبيل المثال، إلى مبادرة الحوار الوطني، التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في أبريل الماضي، نجد أصداء كبيرة لها في الجزائر والسودان، بالإضافة إلى تونس، عبر دعوات مماثلة، وربما بنفس المعايير، في انعكاس صريح لنهج إقليمي يبدو مختلفا، يقوم في الأساس على تحقيق الاستقرار في الداخل عبر مبادرات وطنية، بعيدا عن أية محاولات للتدخل الخارجي في الشئون الداخلية، ليكون مدخلا لحالة الاستقرار الإقليمي، عبر تعميم مفهوم الحوار، بين القوى الإقليمية، وهو ما يبدو واضحا في العديد من المشاهد الإقليمية في الأشهر الماضية.
 
وهنا يمكننا القول بأن ثمة حالة من تصدير المفاهيم والمبادرات التي أطلقتها الدولة المصرية، تهدف إلى خلق حالة إقليمية مستقرة، تعتمد التنمية نهجا، والحوار أسلوبا سياسيا، لا بديل عنه، فتصبح "الجمهورية الجديدة"، ليست مجرد مفهوم مرتبطا بحالة الدولة المصرية، وإنما تتحول إلى حالة إقليمية من شأنها إعادة هيكلة الإقليم، في إطار "شرق أوسط جديد مستقر"، بعيدا عن الصراعات سواء على المستوى الأهلي أو الإقليمي.
 
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

حاملا سكينا وقنابل.. أول فيديو لمنفذ هجوم تايوان وسقوط قتلى وجرحى

القنوات الناقلة لمباراة الأهلى وسيراميكا بكأس عاصمة مصر

الشحات وعمر معوض على مقاعد بدلاء الأهلى أمام سيراميكا فى كأس عاصمة مصر

فيفا يعتمد القائمة الدولية للحكام.. دخول الغازى ووفا واستبعاد البنا رسميا

إكرامى الشحات وابنته حبيبة يحرصان على زيارة رمضان صبحى لمؤازرته


رئيس الوزراء من لبنان: تم الاتفاق على مشروعات مشتركة فى مجالات الغاز والكهرباء

نجلاء بدر لـ اليوم السابع: طبق سوشى سبب تعرضى للتسمم فى مدريد

جوارديولا يعلق على أنباء رحيله عن مانشستر سيتى

الإمارات تغلق المطارات والطرق وتعلق خدمات «فيرى دبى» بسبب الأمطار

بفيلر ومكياج غير منسق.. صورة للمتحدثة باسم البيت الأبيض تشعل الجدل


عاجل: الأرصاد تكشف مناخ فصل الشتاء 2025 وتؤكد: معدلات الأمطار مفاجأة

جلسة التصوير الرسمية لمنتخب مصر فى أمم أفريقيا 2025.. صور

استبعاد أحمد حمدى من مواجهة حرس الحدود بعد أزمته مع عبد الرؤوف

سلوت: تجاوزت أزمتى مع محمد صلاح وتنتظره مباريات كبيرة مع مصر

موعد مباراة الأهلى وسيراميكا الليلة فى كأس عاصمة مصر والقناة الناقلة

موعد مباراة المغرب وجزر القمر فى افتتاح كأس أمم أفريقيا 2025

تبدأ 10 يناير.. جدول امتحانات الفصل الدراسى الأول لطلاب الخامس الابتدائى

عبد الفتاح البرهان عبر X: شكرًا مصر.. شكراً فخامة الرئيس السيسى

مشاهد من غناء جنا عمرو دياب والهضبة فى حفل زفاف مدير أعماله

الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة وانخفاض الصغرى على القاهرة لـ 11 درجة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى