له شارع باسمه.. محمد كُريم إعدامه أحد أسباب قيام ثورة القاهرة الأولى

الزعيم محمد كريم
الزعيم محمد كريم
أحمد منصور
انطلاقًا من دور الجهاز القومى للتنسيق الحضارى فى العمل على إحياء الذاكرة القومية والتاريخية للمجتمع المصرى، انطلقت فكرة مشروع "حكاية شارع"، الذى يهدف إلى التعريف بالشخصيات المهمة التى أطلقت أسماؤها على بعض الشوارع، وذلك من خلال وضع لافتات باسم وتاريخ الأعلام الذين أطلقت أسماؤهم على الشوارع، والذين يشكلون قيمة تاريخية وقومية ومجتمعية لمختلف فئات الشعب المصرى، ولهذا نستعرض يوميًا شخصية من الشخصيات التى لهم شوارع تحمل أسماءهم، حسب ما جاء فى حكاية شارع للتنسيق الحضارى، واليوم نستعرض شخصية "محمد كُريم صبرى، والذى له شارع يحمل اسمها بالإسكندرية.
 
ولد السيد محمد بن عبد الرزاق كُريم بحى الأنفوشى بالإسكندرية فى  منتصف القرن الثامن عشر تقريبًا، ونشأ يتيمًا فكفله عمه، وقد عمل فى بداية أمره قبانيا يزن البضائع فى دكان صغير قد افتتحه له عمه، وكانت لديه خفّة فى الحركة وتودد فى المعاشرة، ولم يتلق محمد كريم تعليمًا كبقية أقرانه بسبب وفاة والده، فتردد على المساجد ليتعلم فيها، ثم بدأ يحدث الناس مستغلًا الندوات الشعبية، وكانت هذه الندوات طريقًا ليعرفه أهل الإسكندرية عن قرب، ويعرفوا وطنيته وشجاعته.
 
كانت هذه الندوات سببًا فى أن يصبح لمحمد كريم شعبية كبيرة بين الناس، وهذه الشعبية أدت إلى توليته حاكمًا "محافظًا" للإسكندرية، وقد قام محمد كريم بأمر البلاد والعباد على أحسن وجه، كما تودَّد إلى الناس حتى أحبُّوه.
 

تاريخ النضال الوطنى

وبينما كان محمد كريم يقوم بواجبه كحاكم للإسكندرية، كانت فرنسا قد أعدت عدتها وأرسلت الحملة الفرنسية إلى الإسكندرية. ففى يوم 19 مايو 1798م أقلع أسطول فرنسى كبير مكون من 260 سفينة من ميناء “طولون” بجنوب فرنسا محملاً بالجنود والمدافع والعلماء، وعلى رأسهم “نابليون بونابرت” قاصدًا احتلال مصر.
 
ولما بلغ الإنجليز الخبر عهدوا إلى أحد قادتهم واسمه "نلسون" اقتفاء أثر الأسطول الفرنسى وتدميره، فاتجه نلسون إلى مالطة، وهناك علم أن سفن بونابرت غادرتها منذ خمسة أيام متجهة نحو الشرق، فرجح نلسون أنها ذهبت إلى مصر، فاتجه إلى الإسكندرية ووصل إليها يوم 28 يونية 1798م، ولكنه لم يعثر للفرنسيين  على أثر هناك، وأرسل نلسون وفدًا إلى حاكم المدينة السيد محمد كريم ليسمح لأسطوله بانتظار الأسطول الفرنسى خارج الميناء، وليشتروا من المدينة ما يحتاجونه من زاد، و لكن البطل محمد كريم رفض طلبهم قائلاً: “ليس للفرنسيين أو سواهم شيء فى هذا البلد فاذهبوا أنتم عنا”.
 
وظل الأسطول الإنجليزى منتظرًا فى عرض البحر يومًا كاملاً حتى أقلع متجهًا إلى شواطئ الأناضول بحثًا عن السفن الفرنسية.
 
وبعد  رحيله بأسبوع ظهر الأسطول الفرنسى أمام شواطئ الإسكندرية، وهنا أسرع محمد كريم فأرسل إلى القاهرة مستنجدًا بمراد بك وإبراهيم بك، فسار  مراد بك مع جنوده إلى الإسكندرية لصد الغزاة بينما ظل إبراهيم بك فى القاهرة للدفاع عنها.
 
وعندما وصل الأسطول الفرنسى إلى العجمى بشواطئ الإسكندرية فى أول يوليو 1798م، بادر بإنزال قواته ليلاً إلى البر، ثم أرسل قسمًا من قواته إلى الإسكندرية فى اليوم الثاني، ولم يكن بالمدينة من الجنود ما يكفى لصد الجيش الفرنسى الكبير المزود بالمعدات الحديثة، ولكن محمد كريم استعد للدفاع عن الإسكندرية بكل ما لديه من ذخيرة وعتاد، وظل يقود المقاومة الشعبية ضد الفرنسيين حتى بعد أن اقتحم الفرنسيون أسوار المدينة، وبعدها اعتصم بقلعة قايتباى ومعه فريق من الجنود، وعندما فرغت ذخيرة المقاومين كفوا عن القتال، فتم أسره هو ومن معه، ودخل بونابرت المدينة.
 
وقد أعجب بونابرت بشجاعة البطل محمد كريم فأطلق سراحه من الأسر، وتظاهر بإكرامه، وأبقاه حاكمًا للإسكندرية، ولما تم لنابليون الاستيلاء على الإسكندرية رأى أن يغادرها إلى القاهرة وعين الجنرال "كليبر" حاكمًا عسكريًا عليها، وزحف إلى القاهرة فى 7 يوليو عن طريق دمنهور والرحمانية، والتقى فى شبراخيت بالمماليك تحت قيادة مراد بك فهزمهم الفرنسيون، وواصلوا زحفهم إلى القاهرة يوم 21 يوليو، وقاموا باحتلالها بعد موقعة إمبابة.
 
أما البطل محمد كريم فقد ظن نابليون أنه سينحاز إلى جانبه بعد أن فكَّ أسره، لكن خاب ظن نابليون، فلم يمهله محمد كريم إلَا وأعلن المقاومة الشعبية فى أنحاء الإسكندرية؛ مما أرق الفرنسيين الذين فشلوا فى استمالته معهم، فاعتقله كليبر حاكم الإسكندرية، وأرسله إلى القاهرة، وهناك وجه إليه الفرنسيون تهمة التحريض على المقاومة وخيانة الجمهورية الفرنسية، وحكموا عليه بدفع فدية قدرها "ثلاثون ألف ريال" يدفعها إلى خزينة الجيش ليفتدى نفسه إلا أنه رفض دفعها قائلاً: "إذا كان مقدورًا على أن أموت فلن يعصمنى من الموت أن أدفع الفدية، وإذا كان مقدورًا على أن أعيش فعلام أدفعها؟".
 

إعدام محمد كريم

وفى يوم 6 سبتمبر 1798م أصدر نابليون بونابرت أمرًا بإعدام البطل محمد كريم ظهرًا فى ميدان القلعة رميًا بالرصاص، فأركبوه حمارًا، وطافوا به إلى أن بلغوا الرميلة فقتلوه رميًا بالرصاص‏،‏ وقطعوا رأسه ورفعوه على عصا كبيرة، وأخذ منادٍ يصيح‏:‏ “هذا جزاءُ مَنْ يُخالف الفرنسيين”‏.‏ وقد استولى أتباع محمد كريم على رأسه المقطوع ودفنوه مع جثته‏، كما كان إعدامه سببًا من أسباب قيام ثورة القاهرة الأولى ضد الفرنسيين فى أكتوبر 1798م.
 
لقد كرمت محافظة الإسكندرية محمد كريم فى ذكراه فى أكثر من مناسبة، ففى عام 1953 وضعت صورته لأول مرة مع صور محافظى الإسكندرية فى مبنى المحافظة، كما أطلق اسمه على شارع التتويج وأصبح اسمه شارع محمد كريم، وفى 27 نوفمبر 1953 افتتح مسجدًا بجوار قصر رأس التين يحمل اسم مسجد محمد كريم، وفى حديقة الخالدين بالإسكندرية صنع له تمثال تخليدًا لذكراه.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

المقاولون العرب يختتم استعداداته لمواجهة الزمالك بالدوري

مواعيد قطارات خط القاهرة أسوان والإسكندرية والعكس اليوم الجمعة 15-8-2025

لمسة الأبطال.. محمد صلاح ضمن قائمة ملوك الحسم في تاريخ الدوري الإنجليزي

مشهد مرتبك فى لبنان.. مساع لتوحيد المواقف بشأن حصر السلاح قبل زيارة مبعوث ترامب لبيروت.. مسئول إيرانى يبث رسائل طهران من بيروت.. عون يرد: نرفض التدخل فى شئوننا ولا استثناءات فى حمل السلاح.. وترقب لخطة نزعه

محمود سعد: أرقام تحاليل أنغام تتحسن لكن موصلتش لمرحلة الخروج من المستشفى


وادى دجلة يدخل معسكرا مغلقا اليوم استعدادا لمواجهة إنبى في الدورى

ورطة نتيناهو تنسف وهم "إسرائيل الكبرى".. فشل تمديد استدعاء قوات الاحتياط فى جيش الاحتلال.. ائتلاف نتنياهو يفشل فى تأمين الأغلبية للتصويت على تمديد الخدمة.. انتقادات للحكومة وضباط يرفضون الامتثال للخدمة العسكرية

غدا.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة للدور الثانى 2025

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل لاعبي البريميرليج وفق تصنيف سكاي سبورتس

باكستان تعلن إنشاء "وحدة صاروخية" جديدة لتعزيز قدرات بلاده العسكرية


الأزهر: المسجد الأقصى لن يكون لقمة سائغة والحق سيعود لأهله والباطل إلى زوال

بيراميدز يهزم الإسماعيلي ويحصد أول فوز بالدورى فى مباراة البطاقات الحمراء

مواعيد عرض "بتوقيت 2028" ثانى حكايات مسلسل ما تراه ليس كما يبدو

خطوات جديدة بعملية إعادة التوازن البيئى لبحيرة قارون.. إنزال كميات من يرقات الجمبرى.. تزويد البحيرة بـ 5 ملايين وحدة جمبري.. والتحسن النسبي في مياه البحيرة ساهم في النمو السريع لليرقات في الموسم الماضى.. صور

5 معلومات عن مباراة الأهلى وفاركو غدا الجمعة فى الدوري المصري

بيكهام يعوض غياب ياسر إبراهيم في تشكيل الأهلي أمام فاركو

ستاد السويس الجديد يستضيف أولى مواجهات المصري بالكونفدرالية

الطفل يزن العيسوى ابن ياسمين رئيس ومحمد عبدالرحمن فى فيلم ماما وبابا

سفير الجزائر لدى القاهرة: الحملات ضد مصر ذات أهداف سياسية مغرضة

أحمد الفيشاوى يبدأ تصوير أول مشاهد "سفاح التجمع" بمدينة الإنتاج الإعلامى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى