مفهوم "الحماية الاجتماعية".. أبعاد جديدة لمنظومة "الدعم"

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بقلم : بيشوى رمزى
ربما يبقى مفهوم "الحماية" الاجتماعية، هو أحد أهم المفاهيم التي أرستها "الجمهورية الجديدة"، في إطار التحول من سياسات "الدعم" التقليدية، والتي أصبحت بمثابة "كابوس" اقتصادي، يشكل ثقلا كبيرا على الدولة المصرية، منذ منتصف القرن الماضي، والتي كانت تهدف في الأساس إلى تحقيق قدرا من العدالة الاجتماعية، بالإضافة إلى تقديم "الحماية" للمواطن في أوقات الأزمات، إلا أن المعضلة التي واجهت الحكومات المتعاقبة، تجسد في تحول هذه السياسات، إلى حالة أشبه بـ"السنة" الحكومية، التي امتدت لتتجاوز الهدف الذي خلقت من أجله، وهو حماية فئات محددة من المواطنين، في أوقات معينة، لتصبح دائمة وممتدة، دون قيود أو شروط، وهو الأمر الذي تسبب في حالة من الترهل ليس فقط على مستوى الاقتصاد الكلي للدولة، جراء عدم قدرة معدلات النمو التي تتحقق عن تغطية العجز الناجم عن تلك السياسات، وإنما أيضا عن على المستوى المجتمعي، عبر تهميش المزيد من الفئات، والمناطق، بل والمحافظات التي ابتعدت تماما عن دائرة التنمية المستهدفة، ناهيك عن تدهور الأوضاع السياسية بشكل أسفر عن حالة الفوضى التي ضربت البلاد مع انطلاق العقد الماضي.
 
وهنا نجد أن مفهوم "الدعم" شهد تغييرا كبيرا مع مرور السنوات، حيث تحول من معناه المجرد، والقائم على "حماية" فئات معينة، خلال أزمنة معينة (أوقات الأزمات)، إلى سياسة متكاملة الأركان، تحولت في جوهرها إلى أيديولوجية، يمكن من خلالها كسب الأصوات الانتخابية، والاحتفاظ بمقاعد السلطة، لسنوات طويلة، لصالح قوى سياسية بعينها، تحت شعارات رنانة، بينما كانت خاوية من الهدف الحقيقي وراء تلك السياسات.
 
ولذا كان العودة إلى المفهوم، هو السبيل الذى انتهجته الدولة المصرية، في إطار "الجمهورية الجديدة"، لاستعادة التوازن، فيما يتعلق بالدعم، عبر ربط السياسات التي تنتهجها بفكرة "الحماية" الاجتماعية، عبر التركيز على الفئات المهمشة، من محدودي الدخل، وهو ما بدا في توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة للحكومة بتقديم حزمة إجراءات شاملة تشمل قطاعا كبيرا من المواطنين الذين تأثروا بتداعيات الأزمة الأوكرانية، وسكان العشوائيات، عبر مشروعات "حياة كريمة"، وغيرهم ممن يعانون أوضاعا اقتصادية صعبة، وهو ما يساهم، في استعادة الهدف، من وراء تلك السياسات، ناهيك عن ضمان وصول الدعم لمستحقيه، دون أن يذهب إلى فئات أخرى لا تستحقه، كما كان الحال قبل قرارات الإصلاح الاقتصادي التي اتخذتها الحكومة قبل عدة سنوات، بالإضافة إلى تحقيق قدر كبير من المرونة، فيما يتعلق بسياسات الدعم، عبر ربطها، في بعض الأحيان بظروف معينة، على غرار الأزمة الراهنة، أو قبل عدة أشهر خلال أزمة كورونا.
 
إلا أن "الحماية" في رؤية الدولة المصرية، لم تقتصر في جوهرها على دعم الفئات المهمشة اقتصاديا، وإنما امتدت إلى العديد من القطاعات الأخرى، ممن عانوا تهميشا بأشكال أخرى، على غرار "ذوى الهمم"، الذين لم يلقوا حماية تذكر لسنوات طويلة، إلى الحد الذي كانوا يتعرضون فيه التنمر في أحيان كثيرة، من قبل بعض المنفلتين، دون ردع، بينما اهتمت بهم من الناحية القانونية عبر استصدار التشريعات التي من شأنها حمايتهم، كما وفرت لهم كافة الفرص، ليس فقط للاندماج في المجتمع وإنما أيضا عبر التواجد بقوة على الساحة، إلى حد التمكين، وهو ما يبدو في العديد من القرارات والإجراءات، ناهيك عن التفاعل معهم عبر توفير الفرصة للمتميزين منهم للدخول في حوار مباشر مع رأس الدولة، الرئيس عبد الفتاح السيسي.
 
الحماية امتدت بغطائها إلى الشباب المتفوق، سواء علميا أو عمليا، عبر منحهم الفرصة نحو المزيد من الإبداع، بعدما تساووا مع معدومي الكفاءة، مما أصاب قدرا كبيرا منهم بالإحباط، وعدم القدرة على الاستمرار، وبالتالي كانوا بحاجة إلى "دعم" الدولة، أو بالأحرى "حمايتها"، في ظل الحاجة إليهم، لتحقيق المزيد من الإنجاز في مختلف المجالات، وهو ما يبدو في تنظيم المنتديات، وإتاحة الفرصة لهم لتحقيق الاندماج مع النماذج المشابهة لهم من الدول الأخرى، حتى يمكن خلق مزيج من الخبرات، لتحقيق طفرة كبيرة في مختلف المجالات، خاصة مع زيادة حاجة السوق إلى مجالات جديدة، كالذكاء الاصطناعي، والتحول التكنولوجي، وهي المجالات التي اهتمت بها الدولة ودعمتها بصورة كبيرة خلال السنوات الماضية، باعتبارها أهم المتطلبات، في المرحلة الراهنة، وبالتالي تبقى الحاجة ملحة لـ"دعمها" هي الأخرى، من أجل تخريج جيل قادر على مجاراة العصر الحديث.
 
شمولية مفهوم "الحماية" لم يقتصر على فئات مجتمعية، وإنما امتد إلى مناطق أصابها التجريف، بسبب الإهمال الذي طال لسنوات وسنوات، بسبب التوجيه الخاطئ لسياسات "الدعم، سواء كانت في العاصمة أو المحافظات، وهو ما يبدو فيما يمكننا تسميته بـ"إعادة إعمار" العشوائيات، والعمل على توسيع نطاق المشروعات التنموية نحو العديد من المحافظات المصرية، سواء في صعيد مصر أو سيناء حتى يمكنها استيعاب أكبر قدر من أبنائها في العمل بعيدا عن الهجرة التي شهدتها تلك المحافظات، خلال سنوات، دفعت إلى تجريفها من الكوادر، وبالتالي حرمانها من ثمار التنمية التي تتحقق.
 
وهنا يمكننا القول بأن مفهوم "الحماية" الاجتماعية، يمثل في جوهرة طفرة الإصلاح في منظومة الدعم، حيث أعاد لها التوازن، بل والهدف الذي خلقت من أجله، ليكون الهدف منها مركزا على الفئات التي تحتاج أو بالأحرى تستحق الحصول على الدعم، لتصبح أكثر شمولا، متجاوزة البعد الاقتصادي، نحو أبعاد اجتماعية أعم وأشمل، تعتمد معايير إضافية، أبرزها الكفاءة، وظروف الحياة (على غرار ذوى الهمم)، وحتى الأبعاد المكانية، من خلال تعميم العملية التنموية لتشمل كافة المحافظات والمناطق التي عانت التهميش لعقود طويلة من الزمن.
 
 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

حطم سيارات بالملايين.. إخلاء سبيل سائق حادث معرض القطامية.. وموقف التعويضات

يارا تامر زوجة مسلم بعد جدل انفصالهما: ربنا يبعد عننا العين والناس الحقودة

بيراميدز يخوض مرانه الختامى على ملعب لوفتس فيرسفيلد استعدادا لـ صن داونز

اختلسوا 2.5 مليون جنيه.. إحالة 12 موظفًا بالبريد للمحاكمة التأديبية

28 شهيدا فى القصف الإسرائيلى المتواصل على قطاع غزة


مواعيد مباريات اليوم.. نابولى ضد كاليارى والإنتر مع كومو بجولة حسم الدوري الإيطالي

134 مليون جنيه تُنقذ الزمالك من إيقاف جديد للقيد

والد الأسير الإسرائيلى المحرر عيدان ألكسندر: نجلى أصيب بقصف على غزة

الأهلى يبحث عن التاريخ أمام وادى دجلة اليوم فى نهائي كأس مصر للكرة النسائية

الزمالك أمام الأهلي فى نهائى الكؤوس الأفريقية لليد


الخارجية الأمريكية تفرض عقوبات على السودان لاستخدامه أسلحة كيماوية

الأهلي يخوض مباراة ودية اليوم استعداداً لمواجهة حسم الدوري أمام فاركو

"من الرأس للذيل".. دليلك الشامل لقطعيات اللحوم فى عيد الأضحى.. وطرق استثمار الأضحية بأفضل الطرق الصحية والاقتصادية.. واحرص على تناول وجبات معتدلة ولا تتخط الـ100 جرام من اللحم

وزارة العمل تعلن عن وظائف بشركة أغذية بمرتبات تصل لـ10 آلاف جنيه شهريا

ضبط وافدين على أبواب مكة بدون تصريح حج وإعلان عقوبات مغلظة

موعد مباراة الزمالك وبتروجت في الدورى الممتاز والقنوات الناقلة

هزة أرضية جديدة تضرب جزيرة كريت اليونانية (بؤرة الزلازل)

موعد صلاة عيد الأضحى المبارك 2025 فى مدن ومحافظات الجمهورية

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 23 - 5 - 2025 والقنوات الناقلة

هربت من حماتى.. اعرف حكاية زوج بالقاهرة الجديدة تعرض للتنمر بعد زواج دام 5 أشهر

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى