التفكير داخل الصندوق!

محمد أحمد طنطاوى
محمد أحمد طنطاوى
بقلم محمد أحمد طنطاوى

"التفكير خارج الصندوق" عبارة تتردد في الكثير من الاجتماعات والجلسات العامة والخاصة، داخل العمل وخارجه، حتى صارت شعاراً لكل مدير أو مسئول مع موظفيه، ويتم استهلاكها بصورة مفتعلة، وهنا أود الإشارة إلى أن هذه العبارة بقدر ما هي مغرية ومثيرة، بقدر ما هي خادعة ومزيفة، فكيف نترك الصندوق بأكمله ونفكر خارجه، لذلك أتصور أن كل ما نحتاج إليه في الوقت الراهن أن نفتح الصندوق، ونستخدم ما بداخله ونستقر على الحلول والأفكار والتجارب والخبرات التي مررنا بها، دون أن يضيع مجهودنا في أفكار وتصورات سخيفة وغريبة، لمجرد أنها جديدة، دون ترشيح أو انتقاء، ونترك كل ما نتمتع به من أفكار ودراسات وما تعلمناه على مدار سنوات طويلة.

Out of the box”" بقدر ما يتم التشدق بهذه العبارة واستخدامها على نحو يستحق أو لا يستحق، نجد أنها لا تتناسب مع كل الناس، وتحتاج لمهارات عديدة وشخصيات ابتكارية قادرة على إنتاج الأفكار وطرح الرؤى، وتقييم القضايا والموضوعات وإدارة نقاش جاد وفعال حولها، بصورة تتناسب مع متطلبات الواقع، فليس كل شخص قادرة على تجاوز التقليدي والسائد إلى ما هو مبتكر وإبداعي، لذلك علينا التركيز في الجهد والعمل، وفهم محتويات الصندوق جيداً، قبل التفكير خارجه.

الأفكار خطوة على درجة كبيرة من الأهمية، لكن التنفيذ هو المعيار النهائي للتقييم وجودة الإنتاج، الذي يأتي بعد الإعداد الجيد والتخطيط الدقيق، لذلك لا يمكن وصف جميع الأفكار بأنها قابلة للتطبيق أو أنها فرص وأحلام  تتسق مع الواقع، فقد تكون تكلفتها الفعلية لا تتناسب مع الإمكانيات المتاحة، فيجب ترشيد عبارة "التفكير خارج الصندوق"، ووضعها في سياقها الطبيعي، والتخلي عن التوظيفات الوهمية التي يقدمها البعض.

ما نحتاج إليه فعلياً ليس تفكيراً خارج الصندوق أو خروج على القديم المعتاد لمجرد التغيير الشكلي، بل نحتاج إلى التفكير بطريقة علمية، تمنطق الأشياء وتضع خطوات واضحة للوصول إلى الهدف بطريقة منظمة وواضحة، وعند التطبيق يجب أن نحرص على وضع قواعد ينفذها الجميع دون اختراق أو حياد، ونبدأ بأنفسنا أولاً، ونضع دائماً القواعد والضوابط دون أن ننسي تحقيق المرونة الكافية، فالمرونة في أي نموذج عملي لا تقل أهمية عن الصرامة وجودة التطبيق.

أهم ما يوصف به الإنسان أنه كائن له ذاكرة وخبرات وتجارب سابقة يتعلم منها، ويصل بها إلى قناعات وأفكار، ولسنا بحاجة إلى إعادة اكتشاف النار أو التعرف على الكهرباء من جديد، فكل ما وصلت إليه البشرية من تطور وتقدم يتم البناء عليه والاستفادة منه بصورة مباشرة، لذلك النموذج الإداري الناجح من وجهة نظري ليس الذى يدًعي أنه يفكر خارج الصندوق أو يعتبر ما يقدمه دائماً طريقاً للتميز والإبداع، بل الناجح هو من يبذل جهد أكبر، وينقل خبراته لكل من حوله، ويطور مهارات الآخرين، بطريقة تسهم في بناء شخصيتهم وتحسين مدركاتهم بالصورة التي تنعكس على العمل والنتائج النهائية.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الطقس غدا.. استمرار انخفاض درجات الحرارة وظهور السحب والعظمى بالقاهرة 35 درجة

محافظ القاهرة يشكل لجنة هندسية لبيان مدى تأثير حريق بحى بولاق على العقار

إعلام عبرى: على الجيش الإسرائيلى الاستعداد لأكمنة محكمة حال اجتياح غزة

المعاينة: النيران التهمت مخزن مواسير على مساحة 200 متر ببولاق أبو العلا

ترامب يرسل دعوة إلى قادة أوروبا وزيلينسكى لاجتماع الإثنين المقبل فى واشنطن


انطلاق تصفيات أضخم مسابقة قرآنية تلفزيونية فى تاريخ مصر بالتعاون بين وزارة الأوقاف والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.. وزير الأوقاف: نهدف لاكتشاف الكنوز من أصوات القراء.. و14 ألف مشارك من جميع المحافظات.. فيديو

83 مباراة جمعت الزمالك والمقاولون العرب قبل لقاء الليلة.. إنفوجراف

حقيقة إعلان المحكمة الرياضية قرارها بشأن شكوى بيراميدز

حبس عاطلين 4 أيام بتهمة سرقة هواتف المواطنين بمنطقة منشأة ناصر

الرئيس السيسى يطّلع على المؤشرات الأوليه للأداء المالي لعام 2024/2025


رئيس الجزائر يعلن حدادًا وطنيًا تضامنا مع أسر ضحايا حادث "وادى الحراش"

وزارة التعليم: حظر تحصيل أية مبالغ مالية من أولياء الأمور

غلق شارع 26 يوليو لتنفيذ مونوريل وادى النيل -6 أكتوبر.. اعرف تحويلات المرور

محمد صلاح يقترب من إنجاز غير مسبوق فى تاريخ الدوري الإنجليزي

18 قتيلا و24 مصابا فى حادث سقوط حافلة وسط العاصمة الجزائرية.. صور

قانون الإيجار القديم يحدد نسبة زيادة الأجرة للمحال التجارية.. التفاصيل

طلاب الثانوية العامة دور ثان يبدأون امتحان العربى

برشلونة يبدأ حملة الدفاع عن لقب الدوري الإسباني ضد مايوركا

1500 فرصة عمل كأفراد أمن بمرتبات تصل لـ9000 جنيه.. اعرف التفاصيل

بايرن ميونخ يصطدم بطموح شتوتجارت في نهائي السوبر الألماني 2025

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى