روسيا ودبلوماسية دحض "العزلة" الدولية

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
في الوقت الذي تتحدث فيه الولايات المتحدة عن "عزلة" روسيا، إثر العملية العسكرية في أوكرانيا، نجد أن ثمة نشاط دبلوماسي مكثف "نوعيا"، سواء على مستوى الرئاسة (الكرملين)، أو فيما يتعلق بوزارة الخارجية، وهو ما يمثل ردا ضمنيا على الفكرة التي يروج لها الغرب، بقيادة واشنطن، في انعكاس صريح لحالة تفاعل دولية بين موسكو ومحيطها الدولي، في إطار مواقف اتسمت بقدر كبير من الحياد من جانب قطاع كبير من دول العالم، ناهيك عن حاجة عدد كبير من الدول المحسوبة على المعسكر الغربي، وفي القلب منها دول أوروبا الغربية، لروسيا في إطار علاقات متشابكة تحمل العديد من الأبعاد، ربما أبرزها الغاز، خاصة مع اقتراب الشتاء، وهو الأمر الذي ترجمته الدبلوماسية الروسية، في إطار تحركات اتسمت بكثافة تتجاوز النطاق الجغرافي الطبيعي أو المعلن عنه.
فلو نظرنا إلى الجولة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية سيرجي لافروف، كنموذج للتحركات الروسية التي ت والتي شملت مصر وعددا من الدول الإفريقية، نجد أنها تحمل قدرا كبيرا من الكثافة الدبلوماسية "النوعية"، عبر التوغل في مناطق، تجاوزت البعد الجغرافي لمحطات المسؤول الروسي، حيث شهدت زيارة إلى جامعة الدول العربية، لتضفي نطاقا عربيا إلى الجولة الإفريقية، في رسالة مفادها أن ثمة قبولا عربيا - إفريقيا، لروسيا، على الأقل في إطار موقف اتسم بالحيادية تجاه الأزمة الأوكرانية الحالية، وهو ما يمثل دحضا صريحا للحديث الغربي المتواتر حول "عزلة" موسكو.
تكثيف ما يمكننا تسميته بـ"المحتوى النوعي" للزيارات الدبلوماسية للمسؤولين الروس، لا يقتصر على تجاوز النطاق الجغرافي، وإنما يمتد إلى اختراق مناطق "المعسكر الغربي"، وهو ما يبدو في زيارات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى دول أعضاء في حلف الناتو، والذى يمثل العدو الأكبر لموسكو، ناهيك عن وجود اتصال مباشر مع قصور السلطة في أكبر دول المعسكر الغربي، على غرار فرنسا، والتي تحرص على الاحتفاظ بمساحة مع موسكو يمكن من خلالها القيام بدور أكبر على المستوى الدولي، بينما باتت تلوح زيارات أخرى إلى موسكو، لا تحمل طابعا رسميا من قبل "رموز" مهمة للدبلوماسية الغربية، إلا أنهم في الوقت نفسه يحظون بعلاقات طيبة مع بوتين، على غرار المستشار الألماني الأسبق جيرهارد شرودر، والذى زار موسكو مؤخرا، في خطوة ربما تحمل في طياتها محاولة لتحقيق قدر من التوافق، بينما تمثل "كسرا" لفكرة "العزلة" التي طالما يروج لها الغرب.
"عزلة" موسكو ربما لم تنكسر فقط أمام نشاط مسؤوليها الدبلوماسي "المكثف"، أو اختراق مناطق خصومها، أو حتى استقبال رموز سياسية من دول المعسكر الغربي، وإنما تجلى بوضوح أيضا في إطار معركتها الثنائية مع الولايات المتحدة، إلى الحد الذى تحولت فيه تحركات واشنطن إلى مجرد "رد فعل" لنظيرتها الروسية، وهو ما يبدو في إعلان وزارة الخارجية الأمريكية عن جولة إفريقية لأنتونى بلينكن، في الشهر المقبل، في انعكاس لمحاولة  أمريكية لمجاراة موسكو، بالإضافة إلى كونها ترجمة لنجاح جولة لافروف في القارة السمراء، وقدرته، على الأقل، على الاحتفاظ بموقف دولها المحايد، تجاه الأزمة الراهنة.
ولعل حضور لافروف في اجتماعات مجموعة العشرين، التي انعقدت في جزيرة بالى الإندونيسية، الشهر الماضي، في حضور خصومها الدوليين، أحد الشواهد الهامة لفشل خطة "العزلة"، إذا ما نظرنا لسياسة الاستبعاد التي سبق وأن تبنتها الولايات المتحدة وحلفائها، على غرار مجموعة الثمانية، والتي تحولت إلى 7 دول فقط، بعد تعليق عضوية موسكو في 2014، إثر ضم شبه جزيرة القرم، وهو ما يعكس عدم قدرة واشنطن على تطبيق نفس السياسات التي طالما طبقتها في الماضي وذلك بالرغم من اقتراحات تم تقديمها في هذا الصدد في أعقاب العملية العسكرية.
نجاح روسيا في كسر "العزلة" التي تسعى واشنطن فرضها عليها، تجلت بوضوح في حالة الانقسام داخل المعسكر الغربي، فيما يتعلق بالعقوبات، وهو ما يعكس حالة من ارتباط المصالح بصورة مباشرة، خاصة فيما يتعلق بالعديد من الملفات، وعلى رأسها ملفي الطاقة والغذاء، واللذين يمثلان كابوسا في رأس أوروبا، خلال المرحلة الراهنة، خاصة مع نجاح روسيا الكبير في تكثيف ارتباطها بمحيطها الإقليمي، عبر "شرايين" الغاز، وبالتالي تبقى الحاجة ملحة، للتوافق مع روسيا، وربما استرضائها، بعيدا عن محاولات تأجيج الأمور بينها وبين محيطها الإقليمي، والذي ربما يترك تداعيات كبيرة على المستوى القارى في الأشهر المقبلة، خاصة مع اقتراب الشتاء.
ولكن تبقى المعطيات الدولية، هي الأخرى، أحد أهم أسباب تراجع نظرية "العزلة" التي سعت واشنطن إلى فرضها على موسكو، في ظل تعددية القوى التي يمكنها القيام بدور على المستوى الدولي، على غرار الصين، والتي كانت أخر محطات بوتين الخارجية قبل العملية العسكرية في فبراير الماضي، ناهيك عن عدم رهان العديد من القوى الإقليمية في مختلف مناطق العالم، على الجانب الأمريكي، في ظل مواقف الولايات المتحدة التي خذلت حلفائها في السنوات الأخيرة، وعلى رأسهم دول أوروبا الغربية.
وهنا يمكننا القول بأن نظرية "العزلة" الدولية، تراجعت إلى حد كبير في الآونة الأخيرة، وهو ما يبدو واضحا في الحالة الروسية، لتتحول التحركات الأخيرة، سواء في صورة زيارات متبادلة، مع مسؤولي الدول الأخرى، أو الحضور الملفت في المنتديات الدولية، ناهيك عن حالة الانقسام الكبير، سواء على مستوى الغرب أو على المستوى الدولي بأسره، بمثابة شواهد مهمة على قدرة موسكو على التحرك بأريحية في محيطها الدولي.
 
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

نادى شيكوبانزا السابق سبب إيقاف قيد الزمالك فى القضية السابعة

باريس سان جيرمان ضد فلامنجو للأشواط الإضافية بتعادل إيجابى 1-1.. فيديو

التصريح بدفن جثمان الفنانة نيفين مندور بعد الانتهاء من الصفة التشريحية

قرار عاجل من النيابة فى واقعة وفاة الفنانة نيفين مندور بالإسكندرية

مواعيد مباريات منتخب مصر فى بطولة أمم أفريقيا


طبيب الأهلى يكشف تطورات حالة أشرف بن شرقى

رويترز: المملكة المتحدة تعفى حقل ظهر من العقوبات المفروضة على روسيا

رئيس الوزراء: سنناقش إنهاء إجراءات تحويل الدعم العينى إلى نقدى الأسبوع المقبل

رئيس الوزراء: نركز من الآن على خفض معدلات الفقر وإحداث نقلة فى حياة المواطن

مجدى فكرى يقلب السوشيال ميديا بصور لرجل مختل عقليا.. والفنان يكشف الحقيقة


من حريق شقة بطلة فيلم اللى بالى بالك لكل بيت مصرى.. تحذيرات أمنية لا تحتمل التأجيل.. الخبراء يضعون روشتة لمواجهة الحرائق.. الحذر أثناء استخدام وسائل التدفئة.. ويشددون على كواشف الدخان والتأكد من سلامة الأسلاك

قرار حكومى بالعفو عن باقى مدة العقوبة لبعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة

أبرد الفصول.. الشتاء يبدأ رسمياً الأحد المقبل ويستمر 88 يوما و23 ساعة

شرط محمد صلاح للبقاء مع ليفربول بعد أزمة سلوت

الأربعاء.. 18 فبراير أول أيام شهر رمضان فلكيًا

صور أثار حريق شقة الفنانة نيفين مندور بالإسكندرية

ليفربول يبلغ وكيل محمد صلاح موقفه من رحيل الملك المصرى

فريق النيابة يعاين حريق شقة الفنانة نيفين مندور بعد وفاتها بالإسكندرية

حالة الطقس.. الأرصاد تكشف خرائط الأمطار خلال الساعات المقبلة

نيابة المنتزه تحقق فى مصرع الفنانة نيفين مندور داخل شقتها بالإسكندرية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى