مرصد الأزهر: التشويه الممنهج للفطرة الإنسانية السوية من أهم ركائز التطرف

مرصد الازهر - أرشيفية
مرصد الازهر - أرشيفية
كتب لؤى على

التعصُّب تجاه الطفل وحرمانه من الرعاية السَليمة والاهتمام به من قِبَلِ والديه قد يؤدى به إلى التعصُّب تجاه مجتمعه أو وطنه

 
 
قال مرصد الأزهر في تقرير له إنَّ التطرف مع تنوع أشكاله لا بد له من دوافع؛ لأنَّ الشخص المتطرِّف لا يُولد كذلك، وإنما هو شخص يظل سويًّا حتى تؤثر عليه هذه الدوافع مجتمعة أو متفرقة تدريجيًّا بشكل أو بآخر، كما أنَّ تأثيرها يختلف من مكان لآخر طِبقًا للبيئة الحاضنة للشخص المُحتَمل سقوطه في براثن التطرُّف.
 
فربما يكون الدافع وراء تطرُّف الفرد البيئةَ التي يعيش فيها أو ما يُحيط به. وممَّا يبدو جليًّا الآن أنَّ المجتمعات تعجُّ بالعديد من السلوكيات غير السويَّة، والتي تؤثر بطريقةٍ مباشرةٍ أو غيرِ مباشرةٍ في تشكيل النشء والشباب الذين هم وقود الدول ومستقبلها، ومن بين تلك السلوكيات يأتي "الانحراف عن الفطرة الإنسانية السوية"، فالإنسان بطبعه مفطور على حب كل ما هو طيب والنفور من كل ما هو خبيث، وأنَّ ما يطرأ على الإنسان من انحراف وفساد يرجع لأسباب خارجية. 
 
وتابع المرصد أنه علاوة على أنَّ الواقع المجتمعي المعاصر يتسم بالتفكك والصِدام، حيث توجد كيانات عدة مثل: مواقع التواصل الاجتماعي، والمنصات الإعلامية، والفن، والرياضة ومؤسسات أخرى، قد تعمل بشكل عَفوي أو مُمنهج على إحداث تأثير سلبي على النشء والشباب، من خلال نشر قِيم مزيفة، وتصدير المُجرم في صورة البطل المغوار، في الوقت الذي يرتكب فيه أفعال تتنافي مع الطبيعة البشرية السوية، وهو ما نلاحظه بوضوح تام في بعض الأعمال الفنية التي تُرسخ للإرهاب الناعم (البلطجة)، من أجل تشويه الفطرة السوية لدى النشء. فيومًا بعد يوم يصبح الانحراف نموذجًا مُتأصلًا في عقول الشباب. وللأسف الشديد هناك العديد من الألعاب والمواد التي تُنتجها القوى الناعمة بشكل ممنهج لهدم الفطرة السويَّة للنشء والشباب، من خلال المحتويات التي تسعى لتطبيع بعض السلوكيات غير الأخلاقية وعلى رأسها الشذوذ الجنسي، من أجل هدم منظومة القيم الأخلاقية والاجتماعية للأسرة، ومسخ هُوية أفرادها، والعبث بأمن المجتمعات واستقرارها. 
 
فعلى سبيل المثال: تعتزم شركة "والت ديزني" الشَهيرة إنتاج أفْلام كَرتونية موجهة للأطفال، تخالف القيم الدينية والإنسانية والمجتمعية، وتعمل على تطبيع تلك الجريمة النكراء، حيث أكد مسئول المحتوى التَرفيهي لشركة "ديزني" أنَّ هناك نية لتحويل وإنتاج نحو (50%) من الشخصيات الكرتونية التي تظهر في أفلام ومسلسلات الكرتون بنهاية عام 2022م إلى شخصيات مثلية الجنس، كمحاولة لدعم مجتمع الميم. إضافة إلى أنَّ هناك ألعابًا وأزياء للأطفال تهدف إلى تطبيعهم على ألوان عَلم "مجتمع الميم"، أو "إل جي بي تي"، مثل "لعبة بابيلز" الشهيرة، وغيرها. وكما أنَّ هناك تأثيرات إيجابية للأفلام الكرتونية لما قد تَزرعه من سلوكيات إيجابية، وبناء عادات الطفل ومهاراته، وإكسابه العديد من التعاليم والخبرات المتنوعة السليمة، فهناك تأثيرات سلبية على النشء؛ حيث تعمل على تصدير العنف أو تمجيده لدى الطفل، بل قد تهدم تمامًا القيم الإيجابية التي اكتسبها الطفل من خلال أسرته أو مدرسته، وذلك عندما تخلو أفلام الكرتون من الأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة، وتُرسخ للتمرد على الهوية والقيم المجتمعية السليمة، بل وتعبث بالفطرة السوية السليمة للطفل، الأمر الذي يؤثر على هوية الطفل وصحته النفسية وسلوكياته؛ ما يجعله صيدًا سائغًا للعنف والتطرُّف. ومن هنا يأتي دور الأسرة في تنشئة الأفراد؛ حيث تُمثل اللبنة الأولى لبناء المجتمع، والمهد الأول لتشكيل شخصية الطفل السويَّة نفسيًّا وسلوكيًّا واجتماعيًّا ومعرفيًّا، فهي أول مَعين يشرب منه الطفل، فتخلِّي الآباء عن الحفاظ على الأسرة وغياب القدوة، يجعل أفرادها لقمة سائغة للتنظيمات المتطرفة والإرهابية. 
 
ويُشدد مَرصد الأزهر لمكافحة التطرُّف على أنَّ نظام التنشئة الذي تتَّبعه الأسرة يؤثر بشكلٍ مباشر على تشكيل الفرد خلال مراحل النمو المختلفة التي يمرُّ بها، فقد يكون الفرد ضحية لصدمات نفسية متجذرة منذ الطفولة، فمثلًا التعصُّب تجاه الطفل وحرمانه من الرعاية السَليمة والاهتمام به من قِبَلِ والديه، قد يؤدى به إلى التعصُّب تجاه مجتمعه أو وطنه؛ نتيجة لانعدام ثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخر، والتي ربما تظهر بصورةٍ جلية في بعض المجتمعات ذات الطوائف والقوميات والأعراق المتعددة.
 
ويرى مَرصد الأزهر لمكافحة التطرُّف أنه يمكننا التغلب على هذه المعضلة من خلال إعداد وتفعيل مناهج دراسية، ومواد إعلامية، وأنشطة ترفيهية تُرسِّخ وتُغذي قِيم الوَسطية وتنبذ العنف، وتُحيي ممارسة الفِكر النقدي الذي يميز الخبيث من الطيب في نفوس النشء؛ لتَفادي الانحرافات الفِكرية والنفسية والسلوكية التي قد تنشأ من خَلل في سلوك القائم على التربية، أو من انعدام الرعاية وغياب الرقابة الأسُرية على المحتويات التي تُعرَض للأطفال، أو من مرافقة أصدقاء السوء، أو من الشعور بالإحباط والنقص، أو من نقص الثقة في النفس، تلك الأسباب التي قد تَدفع بالفرد إلى الخروج على المجتمع بسبب هذه الظروف الملتَبِسة. 
 
ويناشد المَرصد المؤسسات والهيئات كافة بضرورة العمل على تحصين الأطفال من الفكر المتطرف في مرحلة ما قبل دخول المدرسة؛ لأنَّ تلك المرحلة تُمثل أول مكان في حياة الطفل للتعرُّف على عالمه الخارجي، واستغلال تلك المرحلة في غرس بذور التسامح وتقبل الآخر في مرحلة اللاوعي الطفولي. كما ينبغي تعزيز الدور التوعوي للفن في مجال مكافحة التطرُّف، وذلك عن طريق كتابة نصوص تسمو بالإنسان، وتُهذب الوجدان، وتساهم في زيادة الوعي لدى الشباب، وتغرس الوطنية والانتماء في قلوبهم، وتُعمق ثقافة السلام والحوار، وتكبح جِماح العنف والإرهاب والتوحُّش، وتُحارب الفِكر المتطرِّف.
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

كواليس نهاية علاقة الهلال السعودى مع حمد الله بعد مشاركة 15 دقيقة فقط

"يديعوت أحرونوت": حماس ستطالب بالإفراج عن أسماء بارزة في صفقة الهدنة

مدبولى: أخطر أزمة حاليا هي حرب إسرائيل المستمرة على الأبرياء من الفلسطينيين

أحمد السقا ضيف برنامج كلام كبير مع مها الصغير على قناة ON E.. فيديو

تأجيل محاكمة المتهم بقتل فتاة بالقليوبية لأغسطس المقبل


رابط الاستعلام عن نتيجة وظائف مسابقة إمام وخطيب ومدرس بالأوقاف

ميركاتو الأهلى..7 راحلين و8 صفقات جديدة والقوس لا يزال مفتوحا

كريم عبد العزيز ينفرد بصدارة نادى الـ 100 فى إيرادات السينما المصرية

"معلومات الوزراء" يشارك بجناح فى معرض مكتبة الإسكندرية الدولى للكتاب

الطقس غدا شديد الحرارة وشبورة ورطوبة والعظمى بالقاهرة 37 درجة والإسكندرية 32


تحركات الزمالك تصطدم برغبة بيراميدز.. وجلسة تفاوضية لحسم الأمور

القبض على متهمين جديدين فى واقعة مقتل فتاة بمنطقة أبو النمرس

تعرف على الأغنية الأكثر استماعا من ألبوم عمرو دياب بعد 3 أيام من طرحه

إخماد حريق داخل منزل فى أوسيم دون إصابات

قارب يتحول لكتلة نار بسبب الألعاب النارية باحتفالات عيد الاستقلال.. فيديو وصور

الداخلية تضبط 48 سائقا لتعاطيهم المخدرات على الطريق الإقليمي

تنسيق 2025.. 22 برنامجا أكاديميا متخصصا فى 9 كليات بجامعة حلوان الأهلية

إيقاف 7 مهندسين بسبب بناء جسر بزاوية 90 درجة فى الهند.. فيديو

الدولة تفتح ذراعيها لرواد الأعمال: 100% زيادة فى مخصصات دعم المشروعات الصغيرة والمتناهية.. الحوافز النقدية وسيله لتعزيز الاقتصاد الإنتاجى وتقليل الفجوة التمويلية والحكومة تخصص لها 3 مليارات جنيه عام 25/26

الأهلى يرفض ضغوط وسام أبو علي للتراجع عن دفع 10 ملايين دولار للرحيل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى