مصر ودبلوماسية الوساطة.. واستعادة الزخم لقضية فلسطين

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بقلم : بيشوى رمزى

لم يكن النجاح المصرى منقطع النظير فى وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، جديدا على الإطلاق، فقد سبق وأن قامت القاهرة بدور الوسيط، فى أحداث مماثلة، ربما أبرزها فى شهر مايو من العام الماضى، فى مشهد يبدو متشابها تماما مع المستجدات الأخيرة، لتقوم الدولة المصرية بتوجيهات من الرئيس السيسى، بدورها، انتصارا للفلسطينيين، وحقنا لدمائهم، عبر الوساطة، لتحقيق وقف إطلاق النار، فى مشهد يعكس العديد من الحقائق أبرزها مكانة مصر الكبيرة، ودورها القيادى، فى محيطها الإقليمى، إلى الحد الذى سمح لها بفرض كلمتها ورؤيتها، لتحقيق الهدنة، التى من شأنها حماية أبناء الشعب الفلسطينى، ومنع معركة جديدة، ستؤدى حتما، حال اندلاعها، إلى المزيد من حالة عدم الاستقرار، ربما لا تحتملها المنطقة فى ظل الأوضاع الراهنة، التى تجاوزت النطاق الإقليمى، فى الآونة الأخيرة، إلى حالة صراع دولية يتداخل فيها العالم بأسره، ويجنى ثمارها.

ولعل الحديث عن الدور المصرى، فى احتواء العدوان الأخير على قطاع غزة، لا يقتصر فى جوهره، على المشهد الأخير، وإنما يتجسد فى دبلوماسية "طويلة المدى"، انتهجتها الدولة، منذ سنوات، تعتمد نهج "الوساطة"، لتتجاوز بها النطاق الإقليمى فى منطقة الشرق الأوسط، إلى نطاق أوسع، ليتحول هذا النهج إلى أحد أهم أدوات السياسة الخارجية، فى إطار أشكال متعددة، منها ما هو ثنائى، بينما تتجاوز بعضها هذا الإطار المحدود، فى ظل صراعات متعددة الأطراف، وهو ما ساهم فى حالة الزخم التى باتت تحظى بها الدبلوماسية المصرية، ناهيك عن امتلاكها كافة المقومات التى تؤهلها للقيام بهذا الدور، ليصب الأمر فى النهاية فى صالح القضية التى تمثل أولوية للعالم العربى بأسره.

فلو تحدثنا عن القضية الفلسطينية تحديدا، نجد أن الانتصار الأكبر الذى حققته الدولة المصرية، يتجسد فى قدرتها، ليس فقط فى وقف إطلاق النار، وإنما فى إعادة الزخم لتلك القضية، لتعود إلى مكانتها باعتبارها "قضية العرب الأولى"، بعد محاولات دامت لسنوات لتهميشها، من قبل العديد من القوى الدولية والإقليمية، التى دأبت على بث سموم الفوضى فى المنطقة، حتى تتوارى "القضية الأم" لصالح مخاوف الأمن وعدم الاستقرار التى شهدتها المنطقة فى العقد الماضى، إثر "الربيع العربي".

عودة القضية الفلسطينية لمكانتها الأولى، ربما كان ثمرة جهود عملاقة بذلتها الدبلوماسية المصرية، تدور فى معظمها حول مفهوم "الوساطة الدبلوماسية من خلال العديد من المحاور، أولها على المحور العربى، عبر التقريب بين وجهات نظر الدول العربية، وتوحيد كلمتهم، ودفعهم نحو اتخاذ مواقف موحدة، عبر تجاوز الخلافات البينية، وتحييدها، فيما يتعلق بالقضايا الرئيسية التى ترتبط مباشرة بالمصالح العربية، وتحديدا تلك التى تمس الأمن القومى العربى، وفى القلب منها فلسطين، بينما نجحت فى جانب أخر، إلى التقريب بين الفصائل الفلسطينية، عبر استضافة العديد من الاجتماعات فى القاهرة، والتوقيع على اتفاق للمصالحة، لتصبح الحالة الفلسطينية والعربية مؤهلة لاستعادة الزخم الدولى نحو القضية الرئيسية، بعدما كان الحديث الغربى المتواتر يعتمد على ذريعة "الانقسام" سواء فلسطينيا أو عربيا.

نجاح الدولة المصرية فى القيام بدور الوسيط، يرجع فى الأساس لامتلاكها كافة المقومات التى تؤهلها لذلك، بدءً من الموقع الاستراتيجى، والذى يرتبط جغرافيا بالعديد من المناطق حول العالم، وبالتالى الأزمات التى تلاحقها، ناهيك عن ارتباطها التاريخى بالقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى قدرتها على تبنى سياسات مختلفة عن تلك التى تبنتها فى العهود السابقة، خاصة فيما يتعلق بإعادة هيكلة تحالفاتها، وتوجهها الصريح نحو التنوع، والابتعاد عن نهج التبعية المطلقة لقوى بعينها، وكذلك اعتمادها مبدأ الشراكة الدولية، من خلال القيام بدور مؤثر فى العديد من الأزمات التى لاحقت العالم خلال السنوات الماضية، وبالتالى تقديم نفسها كقوى مؤثرة يمكنها القيام بدور أكبر، مما أضفى قدرا كبيرا من الزخم للدور المصرى فى السنوات الأخيرة.

فلو نظرنا إلى التعامل مع كافة الأطراف، نجد أن الدبلوماسية المصرية اعتمدت نهجا يقوم فى الأساس على "تصفية" الخلافات مع كافة أطراف المعادلة الدولية، أو على الأقل تحييدها، لتحقيق المصالح المشتركة، وهو ما يمنحها القدرة على المناورة، بالإضافة إلى توسيع دائرة دورها، بعيدا عن قضايا الصراع التقليدى، إلى الأزمات المستحدثة، على غرار التغيرات المناخية، لتتحول إلى القيام بدور قيادى أكبر عبر الحديث أمام العالم دفاعا عن الدول المستضعفة، تزامنا مع التحرك نحو تعميم تجربتها التنموية "الصديقة للبيئة في محيطها القاري، لتقدم وجها أخر من الوساطة الدولية.

وهنا يمكننا القول بأن "الوساطة" تبقى أحد أهم الأدوات التي تتبناها الدبلوماسية المصرية، في السنوات الأخيرة، عبر استغلال عمقها الاستراتيجي، والذي ساهم في تعددية دوائرها الدبلوماسية، ومرونتها الكبيرة في التعامل مع كافة الأطراف، حتى المختلفين معها، ناهيك عن دورها المؤثر في العديد من الأزمات التي شهدها العالم في السنوات الماضية، لتتحول تلك الأداة إلى انتصار للقضية الفلسطينية بعدما توارت لسنوات، لتعود مجددا إلى أولويتها العربية والإسلامية، وتقويض مخططات دولية كبرى، كانت تحمل في طياتها هدفا واحدا وهو تقويض القضية.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

فاكسيرا توجه رسائل هامة لمنع عدوى الالتهاب الرئوى فى الشتاء

موعد مباراة باريس سان جيرمان ضد فلامنجو فى نهائى كأس القارات للأندية

تصعيد أمريكى خطير ضد فنزويلا.. ترامب يعلن حصار كراكاس

جلسة حاسمة.. هل يعود حسن راتب وعلاء حسانين لعقوبة السجن في غسل الأموال؟

مواعيد إجازة نصف العام 2026 لصفوف النقل والثانوية والإعدادية


عمر كمال وأحمد رمضان بيكهام يشاركان أحمد عبد القادر حفل زفافه بالدقهلية.. صور

شبورة وأمطار على عدة مناطق.. تفاصيل طقس اليوم الأربعاء 17-12-2025

إنبى يوافق على رحيل مودى ناصر بشرط

أحمد عبد القادر نجم الأهلى يحتفل بزفافه وسط أسرته فى الدقهلية.. فيديو وصور

أهداف مباراة مصر ونيجيريا الودية


منتخب مصر يهزم نيجيريا 2 - 1 فى البروفة الأخيرة قبل أمم أفريقيا.. صور

أسطورة ليفربول يوجه رسالة نارية إلى كاراجر: محمد صلاح لم يخطئ

رسميًا.. كريس إيفانز يعود بدور كابتن أمريكا فى فيلم Avengers: Doomsday

محامى عروس المنوفية: المتهم أقر فى التحقيقات بتعديه على زوجته حتى الموت

إقبال كبير على الأتوبيس الترددى بعد عزل حارته بالطريق الدائرى.. صور

ثلاثة ملابس مثيرة للجدل صدمت إسبانيا في القرن السابع عشر..الياقة المكشكشة وفتحة الصدر العميقة والتنورة ذات الإطار المعدني..الكنيسة منعت النساء من الدخول بسبب إظهار أكتافهن..فيليب الرابع يحظر الحجاب عام 1639

الحكومة توضح حقيقة فيديو وجود عيوب هندسية بكوبرى 45 الدولى بالإسكندرية

الأهلى يجدد مفاوضاته مع دياباتى بعد إصابة النعيمات وتعثر صفقة الصباغ

فتح باب التقديم للإشراف على حج الجمعيات الأهلية حتى 31 ديسمبر.. مؤهل عالٍ والسن لا يزيد عن 60 عامًا.. حصول المشرف على حد أدنى 65 درجة من أصل 100 لاجتياز الاختبار والقبول.. ومشرف لكل 46 حاج

الطقس غدا.. أجواء باردة وانخفاض بالحرارة وأمطار والصغرى بالقاهرة 12 درجة

لا يفوتك


2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش

2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 04:37 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى