سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 15 سبتمبر 1848.. إبراهيم باشا يعود إلى القاهرة ويشغل غرفة صغيرة فى قصر النيل بسبب عودة تقيؤ الدم له

ابراهيم  باشا
ابراهيم باشا
كانت الساعة العاشرة صباح 14 سبتمبر 1848 حين دخلت السفينة التى تقل إبراهيم باشا إلى الإسكندرية عائدة من القسطنطينية، بعد حصوله على فرمان ولاية مصر فى حياة أبيه محمد على باشا يوم 13 يونيو 1848، وبعد تمضية فترة علاجه من مرضه، حسبما يذكر «نوبار باشا» فى مذكراته.
 
كان «نوبار» سكرتيرا ومترجما لمحمد على، كما التحق بخدمة إبراهيم باشا واصطحبه معه فى كل أسفاره، ومنها تلك الرحلة التى حصل فيها على فرمان الولاية، وخلالها تفاقمت حالته المرضية.
 
يسجل «نوبار» دراما الشهور الأخيرة فى حياة إبراهيم، يكشف دقائق اللحظات التى عاشها بين الحياة والموت منذ عودته إلى الإسكندرية، ثم إلى القاهرة.. يذكر: «سافرنا إلى القاهرة فى صباح اليوم التالى «15 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1848» على متن سفينة بخارية، ولحق بنا فى سفينة أخرى كبار الشخصيات، مكث إبراهيم فى قصر النيل، حيث كان يشغل غرفة صغيرة بسبب عودة حالة تقيؤ الدم إليه».
 
يضيف: «بعد بضعة أيام ترك قصر النيل متجها للإقامة فى القلعة، حيث شغل سراى الحرملك الذى أصبح فيما بعد مقرا لنظارة «وزارة  الحربية»، ومكثت بجواره أخدمه كممرض وحاجب وأمين سر وكل شىء، وكان أخى يساعدنى.. سارت الأمور كما كانت فى الأيام العادية ولكننى كنت ألاحظ قلق كبار الشخصيات وهم يستفسرون عن حقيقة حالة الوالى الصحية».. يكشف: «ارتسمت على الوجوه علامات السرور وبشكل واضح كلما ذاع خبر عن تردى صحته، فقد كان إبراهيم مهيبا يخشاه الجميع، وذاعت شهرة قسوته، بيد أننى وأخى شعرنا بالاشمئزاز لهذا الموقف، والوحيد الذى لم يتركه للحظة هو «قبطان بك» مملوكه».
 
يذكر: «فى لحظات مرضه الأخيرة التى لم تتوقف عن النيل منه دون هوادة، استغل عباس بعض لحظات الهدنة مع المرض، وطلب منه الإذن له بالسفر إلى الحجاز.. كان عباس يخشى بوصفه خليفة إبراهيم المنتظر أى مفاجآت غير سارة، وكان الحذر يحتم عليه أن يظل بعيدا عن متناول عمه المريض».
 
يتذكر نوبار: «اضطر إبراهيم فيما بعد إلى الانسحاب فى جناح الحريم ولم يتركه، ولم يسمح لأحد بالدخول إليه سوى أخى و«بونفور»، والطبيب الخاص «ديامنتى» وقبطان بك وأنا، وعندما كنا ندخل إلى الحرملك كانت تسبقنا تحذيرات الأغاوات: بس..بس «أى البسبسة» لتهرول النساء الموجودات فى الطرقات إلى مقارهن، كانت شقيقته نازلى هانم بتاريخها الدامى والشهوانى تجلس دائما إلى جواره على حافة الفراش بينما إبراهيم كعادته نائم على مرتبة على الأرض».
 
يضيف: «كنا عند دخولنا تقوم نازلى بالتخفى فى منتهى العناية وراء ستارة سوداء كبيرة يحملها اثنان من الأغاوات لتحول بيننا وبينها، ولكنهم نسوا أن المرايا التى تكسو كل حوائط الحجرة، كانت تعكس صورة وجهها ذى الأنف المحدب الذى يشبه منقار الصقر، وعندما كانت ترغب فى الخروج أثناء وجودنا كنا ننبطح على الأرض، وأعيننا تنظر إليها، بينما تمر هى وراء الستارة السوداء التى يحملها الأغاوات مفرودة دائما، يتحركون معها كلما تقدمت خطوة إلى الخارج».
 
يتذكر نوبار ساعات نهايات إبراهيم، قائلا: «جاء اليوم الذى أخبرنا فيه الطبيب أن النهاية قد أوشكت، واستمرت سكرات الموت مدة ثلاث ساعات، كانت هى الصراع الرهيب بين الحياة والموت، لم يغب هذا المشهد عن عينى للحظة أبدا.. لم يكن إبراهيم قادرا على أن ينطق بكلمة واحدة أو حتى حرف واحد، كانت فقط شفتاه تتحركان، وأستطيع القول إننى كنت أفهم ما يريد من خلاله حركة شفتيه».
 
يضيف نوبار: «كلفتنى شقيقته نازلى بعد حديث معى من خلال فتحة كالون باب الحريم أن أسأل إبراهيم إذا كان يريد أن يسمح لها بإحضار ابنه مصطفى.. رفض فى البداية ثم فى الساعات الأخيرة من حياته وافق.. حضر ستة أشخاص سكرات موت إبراهيم واللحظات الأخيرة من عمره، أربعة مسيحيين واثنان من المسلمين، إلى جانب فراشه كان أخى يقف وإلى جواره «بونفور» ثم ابنه مصطفى ثم قبطان بك عند مؤخرة الفراش ثم الطبيب، وأخيرا أنا عند حافة الفراش فى مواجهة أخى أقوم بين لحظة وأخرى بإسناد رأس المحتضر.. تنقل إبراهيم بنظراته ببطء بيننا، لكن عندما وصل بنظراته إلى ابنه أغمض عينيه، وكأن الألم يعتصر قلبه، لأنه سيتركه لمصير مجهول، ثم توقف بنظره لثوان عند قبطان بك، وكانت نظرته الأخيرة لى».
 
يذكر نوبار: «بناء على نصيحة الطبيب انسحبنا جميعا وتركناه لعناية الحريم وشقيقته، كانت الساعة الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل عندما خرجنا من عنده، وفى الثانية صباحا سمعنا صرخات مدوية.. أكانت صرخات ألم؟.. أشك.. كانت صرخات الحريم اللاتى كن ينتظرن لحظة خلاصه من آلامه كما كنا نحن فى الخارج ننتظر».   
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الداخلية تضبط تيك توكر تحرض على الفسق وبحوزتها كمية من مخدر الآيس بالهرم

إيرادات فيلم الشاطر لـ أمير كرارة تتخطى الـ 88 مليون جنيه منذ عرضه

"العش بديلا".. ثنائية بيكهام وداري تقود دفاع الأهلى أمام غزل المحلة

ريبيرو يستقر على إعادة محمد الشناوي لحراسة مرمى الأهلي أمام غزل المحلة

الطقس غدا.. ارتفاع طفيف ومؤقت فى درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 37 درجة


سيدة تطالب بتعويض 20 مليون جنيه من الزمالك لظهور رقمها في إعلان "الدباغ"

جينيفر لوبيز تستمتع بحياتها بعد الطلاق وتعلن انتهاء رحلتها مع الزواج

العثور على جثة شاب ملقاة بجوار أحد المصانع فى المنطقة الصناعية بالفيوم

وزير الإسكان ومحافظ مطروح يتابعان الموقف التنفيذى لمشروعات المرافق

صفقة إيزاك إلى ليفربول تعجل برحيل 4 لاعبين من الريدز


إسرائيليون لـ"بن غفير": أنت إرهابي مُدان وقاتل رهائن

سباق الحذاء الذهبي في أوروبا يشتعل مبكرا.. هاري كين يدشن موسمه مع بايرن ميونخ بهاتريك تاريخي.. جواو بيدرو يتألق مع تشيلسي.. أمم أفريقيا 2025 تهدد حلم محمد صلاح.. ومبابي وهالاند يستعدان للانقضاض على الجائزة

النصر ضد الأهلى.. رونالدو يخوض النهائي رقم 40 في مسيرته

مصادر عسكرية إسرائيلية: نتنياهو يدرك أن بقاء حكومته مرهون بالعملية فى غزة

ضبط 29 ألف كتاب دراسي خارجي بدون ترخيص

الداخلية تضبط عملات أجنبية بقيمة 9 ملايين جنيه بالسوق السوداء

شيرين عبد الوهاب: ياسر قنطوش لا يمثلنى قانونيا ولدى الخبرة الكافية لاتخاذ قرارتى

مواعيد مباريات اليوم.. مان سيتي أمام توتنهام وليفانتى مع برشلونة

ريبيرو يناقش مع جهاز الأهلى موقف محمد الشناوي من مباراة غزل المحلة

انطلاق الجولة الرابعة لمسابقة الدوري المصري غدا بـ 3 مواجهات قوية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى