دوائر التمكين.. العمل الأهلى وحشد أدوات الدولة في زمن الأزمات

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بقلم بيشوى رمزى
ربما كانت المعضلة الرئيسية التي واجهت العمل الأهلي، في مصر، على مدار عقود طويلة من الزمن، تجسدت في غياب الجانب التنظيمي والمؤسسي، فغردت الجمعيات والمنظمات العاملة في هذا الإطار، كل في سربه، دون تناغم أو انسجام، مما ساهم في حالة من العشوائية التي قوضت ثمار تلك الطاقات الكامنة، التي تحملها مثل هذه الجمعيات، والتي فقدت بوصلتها في الكثير من الأحيان، جراء توارى أهدافها الحقيقية لصالح تطلعات أخرى، عبر الانغماس في العمل السياسي تارة، وتحولها عرضة للنهب والسلب والاستغلال تارة أخرى، بل وأصبحت خلال فترات عديدة بمثابة وسيلة للضغط السياسي والدولي على الدولة تارة ثالثة، جراء حالة من التداخل في الأدوار، التي عانت منها تلك المنظمات.
 
ولعل التداخل في الأدوار، ساهم في حالة من التنافر، بين المواطنين، وقطاع كبير من تلك الجمعيات، في إطار غياب المصداقية، جراء خروج بعضها عن الدور، الذي ينبغي أن تقوم به، والقائم في الأساس على خدمة المجتمع وتقديم المساعدة للمواطنين، وبالتالي انعدمت الثقة، التي من المفترض أن تكون أساسا في العلاقة، وهو ما ساهم في غياب دورها، لسنوات طويلة، بلغت ذروتها مع العقد الماضي، في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الصعبة، جراء حالة الفوضى التي اندلعت في المنطقة بأسرها، إبان ما يسمى بـ"الربيع العربي".
 
إلا أن الأزمات المتلاحقة، والتي باتت تحمل أبعادا جديدة ومستحدثة، سواء فيما يتعلق بتفشي الأوبئة، وتداعيات الأزمة الأوكرانية، والتي أثرت بشكل مباشر على حياة المواطنين في كافة دول العالم، ربما كانت أحد أهم الدوافع لإحياء العمل الأهلي في مصر، كأحد الأدوات التي يمكن الاعتماد عليها، في العملية التنموية، على اعتبار أن دوره يبقى مهما في دعم ألاف البشر، عبر إعادة ترتيب أولوياته، بحيث يقوم دوره في الأساس على خدمة المجتمع، بعيدا عن أي أهداف أخرى تخرج عن هذا الإطار، من جانب، تزامنا مع إعادة هيكلة الدور، من خلال تحويله من سياسة الدعم المجرد، والمرتبط بأزمات لحظية، إلى المساهمة في عملية تأهيل شاملة، للمواطنين يمكن من خلالها تطوير إمكاناتهم بما يؤهلهم للعمل والاعتماد على أنفسهم، في مواجهة الأزمات التي يمكن أن تواجههم في المستقبل، ناهيك عن القيام بدور في تحقيق الأهداف الجمعية التي تتبناها الدولة المصرية، وعلى رأسها التنمية في إطار مستدام.
 
وهنا تبدو فلسفة "الجمهورية الجديدة"، في تدشين "التحالف الوطني للعمل الأهلي"، والذي يهدف في الأساس إلى حشد كافة الجمعيات والمنظمات العاملة في هذا المجال، تحت مظلة واحدة، تتبنى خطط ورؤى موحدة، بحيث لا تخرج عن إطار الرؤية المصرية القائمة على تحقيق التنمية الاقتصادية، لتتحول إلى أحد الأدوات التي من شأنها تحقيق الأهداف التنموية، في إطار "دوائر التمكين"، التي شهدت توسعا كبيرا، خلال السنوات الماضية، بهدف إدماج كافة أطراف المعادلة المصرية، في عملية البناء والتنمية القائمة، بدء من المرأة والشباب، مرورا بذوى الهمم، وحتى منظمات المجتمع المدني وكافة الأحزاب السياسية.
 
وتعد عملية إحياء العمل الأهلي، واستعادة الثقة الشعبية في دوره، بمثابة خطوة مهمة في إطار عملية أوسع من الحشد، تتبناه الدولة المصرية، في الداخل، لاستغلال كافة مواردها لتحقيق اختراق كبير، سواء فيما يتعلق بمجابهة الأزمات الراهنة أو نحو مواصلة عملية التنموية، وهو ما يمثل امتدادا لعملية شراكة متسعة مع كافة الأطراف الأخرى، ناهيك عن كونها جزء لا يتجزأ من سياسة تهدف إلى تفعيل أدوارها، بعدما فقدت مسارها لسنوات طويلة، وهو ما يؤدى في نهاية المطاف إلى توزيع الأدوار والمسؤوليات على نطاق أوسع من شأنه تحقيق أكبر قدر من الأهداف في المرحلة المقبلة، وهو النهج نفسه الذي تتبناه في محيطها الدولي والإقليمي في إطار مساهمتها في حل الأزمات التي تواجه مناطقها الجغرافية.
 
وهنا يمكننا القول بأن دوائر التمكين التي تتبناها الدولة المصرية في المرحلة الراهنة، متسعة، وقابلة للاتساع، في إطار قدرتها على استيعاب قدر لا محدود من الأطراف الفاعلة، والتي ربما عانت من التهميش أو التجريف لسنوات، عبر مسارين أولهما تفعيل دورها، لتصبح قادرة على مواجهة التحديات، وبالتالي استعادة ثقة المواطنين، بينما يبقى المسار الآخر قائما على تحديد بوصلتها، بحيث تتفادى حالة التداخل في الأدوار، والتي أدت إلى تقويض مصداقيتها لدى المجتمع في السنوات الماضية.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الدعوات الرسمية للملوك والرؤساء لحضور افتتاح المتحف الكبير خلال 24 ساعة

موعد وصول حسام البدري وباقي الرياضيين المصريين من ليبيا الليلة

أغلى من الصفقات.. أمير قطر يهدى ترامب قلما فاخرا من طراز مونت بلانك (صورة)

استقبال تاريخى فى الدوحة.. رئيس أمريكا فى قطر لأول مرة منذ 20 عاما.. مناقشات استراتيجية واتفاقيات بمليارات الدولارت.. ترامب: أثق فى جهود الأمير لحل النزاعات.. وتميم: الاتفاقيات ترفع العلاقة لأعلى مستوى

المعاينة الأولية لحريق مخزن خردة بالدقهلية: انفجار جسم غريب من مخلفات الحروب


حسام البدرى يشكر الرئيس السيسي بعد تدخله لعودته من ليبيا

حصاد أول دورى لكرة القدم النسائية بمشاركة الأهلى والزمالك وبيراميدز.. مسار الأقوى

البحوث الفلكية: الهزات الارتدادية الناجمة عن زلزال أمس في "اضمحلال" مستمر

تشييع جثمان الضحية منة أيمن إحدى ضحايا حادث انفجار خط غاز أكتوبر.. صور

بـ590 جنيهًا إسترلينيًا.. وزير خارجية بريطانيا مُتهم برفض دفع أجرة تاكسى


هيئة الأرصاد تكشف حقيقة تعرض مصر لـ العاصفة شيماء

وزير التعليم يعلن إعادة إطلاق اختبار "SAT" رسميًا فى مصر بداية من يونيو 2025

وزارة التعليم: إضافة 20% من درجات العربى والتاريخ بالثانوية الدولية للمجموع

بعد زلزال كريت.. تقرير لمعهد الفلك يكشف أسباب الهزات الأرضية.. التقرير يوضح كيفية قياس قوة الزلزال وتحديد شدته.. يستعرض أكبر الزلازل قوة فى التاريخ.. ويؤكد: لا أحد يستطيع التنبؤ بحدوثها فى العالم حتى الآن

الإدارية العليا تؤيد قرار التعليم بتدريس مواد الهوية القومية بالمدارس الأجنبية

مواعيد امتحانات الفصل الدراسى الثانى 2025 لطلاب الجيزة

الإدارية العليا تلغى حكم أول درجة بشأن تابلت طلاب الثانوية: عهده ويجب إعادته

أزمة مباراة القمة.. لجنة التظلمات تحسم غدا قرارها بشأن لقاء الأهلى والزمالك

الضرائب تعلن إطلاق حزمة تسهيلات ضريبية لتحقيق عدالة وكفاءة وشفافية أكبر.. النظام يمنح المشروعات التى لا تتجاوز أعمالها 20 مليون جنيه فرصة بدء صفحة جديدة بدون أعباء.. ويتضمن ضريبة دخل مبسطة من حجم الأعمال السنوى

محمد صلاح يتصدر هدافي الدوريات الخمس الكبرى ومبابى يطارد بقوة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى