علي الكشوطي يكتب: جورج وسوف..كأس أبو وديع مُر وأنا أيضا

جورج وسوف
جورج وسوف

يأخذنا الواجب الصحفي بنقل الخبر في كثير من الأحيان بعيدا عن التعاطي مع الخبر الصحفي ذاته، خاصة إذا كان الخبر له علاقة بالفقد.." الموت" مثله مثل ضحايا الحروب والمجاعات والتي يتعامل معها الإعلام وتنقلها نشرات الأخبار على أنها ربما أرقاما مجردة..فهناك لاقى عشرات الأشخاص مصرعهم في الحادث الفلاني، وهنا راح ضحية الاعصار الفلاني مئات الأشخاص، أرقاما وأرقاما، رغم أن الرقم الواحد منهم قد يساوى حياة كاملة لدى ذويهم.

 

لا يدوم ذلك الأمر كثيرا فبعدما تأخذ دورة نقل الأخبار مجراها، يتخذ الحس الصحفي خطوة للوراء ويبدأ الوعي والحس الإنساني في الإدراك بأن الفقيد ليس رقما مجردا في خبر بل بكل تأكيد حياة كاملة لدى ذويه ومحبيه، ربما ينتصر الحس الصحفي على صدمة الخبر فتجدونا ننقل المعلومة ثم نبكى وكأننا أشخاصا أخرى غير التي كانت تتفحص وتتقصي الحقائق وتتبع المعلومات للوصول لخبر صحيح أو ربما نبكي ونحن نعمل إيمانا بالمسئولية واليقين بعدم وجود رفاهية الانهيار إلا بعد اتمام المهمة كاملة.

 

اتذكر حديث الزعيم عادل إمام مع منى الشرقاوي عندما تحدث عن وفاة والدته، وأنه اتم مراسم الدفن بالكامل وودعها إلى أن جاء وقت رفاهية الانهيار وهو يقود سيارته بعدها ربما بشهر كامل، ليقوم بركن السيارة ويبكي بكاءً رغم كثرته إلا أنه لا يشفي أبدا وجع الفقد في صدره مكتشفا أنه لن يجد من يحبه مثلما أحبته أمه.

 

نفس الشيء بطريقة أو بأخرى مر علي، ذلك المساء الذي ودعت فيه أبى وتلك اللحظة التي تخيلتها كثيرا وحاولت الاستعداد لها وكلي يقين أنني غير مستعد،  جاءت ولا أعرف من أين جاء لي هذا الإحساس بالمسئولية وأنه لا مجال للانهيار فما هو قادم مهمة صعبة تضاهي صدمة الرحيل وهي مهمة إخبار أمي بوفاة أبي والتي تهرب منها الجميع وحملتها أنا، لأرسم علي وجهي ابتسامة وأطمئن أمي على حالة أبي حتى أضمن إطعامها وتناولها الأدوية التي تحميها من جلطة جديدة قد تصيبها لمجرد علمها بصعود الروح ووفاة رفيق الدرب، لا اعرف كيف أكلت يومها معها ولا كيف اعطيتها أدويتها فقط كنت مثل الرجل الألى أتحرك في خطوات ثابتة حتى أتممت المهمة وأخبرتها.

 

الحياة بعد وفاة الأب لا تشبه أبدا الحياة قبله، والروح أيضا تبقى مثقلة ومنهكة، لا استطيع أن أنسى أنني كنت ولا زلت أخشي مرور ابني بما مررت به بعد وفاة والدي، أشفق عليه كثيرا عندما اتخيل لحظة رحيلي وكيف سيكون وجعه من بعدي خاصة وأنه تربطني به علاقة أشعر أنها مختلفة عن علاقة أي أب بابنه لذا أطلب منه السماح من الآن وألا يلومني على ما ليس لي به علم أو تدخل.

ربما لم اتعامل أبدا مع وديع نجل جورج وسوف من قبل ولكن كل ما سبق، جعلني أشعر بالنار التي تنهش في قلب جورج وسوف أبو وديع، والذي كان يصف ولده بدمعة عينه.

في مشاهد من العزاء كانت القنوات تنقل كلمات المعزين وترددت كثيرا جملة أن كأس أبو وديع مر، الجملة ربما جديدة علي مسامعنا كمصريين لكنها أشعرتني بمرارة ما يمر به جورج وسوف، ذلك المطرب والإنسان الذي يحمل بين ضلوعه قلب طفل وروح ملاك تلك الروح التي يلمسها المقربون من جورج والمتعاملين معه بشكل يومي، اتذكر لقائي به في طابا بمصر وكيف كان رقيق وراقي في مشاعره وكأنك تجلس أمام طفل وديع تتراقص طموحاته وأماله أمامه فتلمع عينيه شغفا باقتناصها، وبالرغم حالته الصحية إلا أنه دائما يشعرك بأن قدميه ليست على الأرض وأنه دوما محلق فى السماء لا تعيقه أزمات صحية، يغني ويدندن ويأخذه الشجن والحنين لأغاني بداياته دون أن يخطر على باله ولو للحظة أن هناك وقت، سيتزامن فيه سماع كلمات أغنية يوم الوداع مع تراقص نعش نجله بين المشيعين..رحم الله أبي وأعان الله ابني على مهمته المقبلة، ومن قلبي سلام لروح وديع ووالده أبو وديع داعيا الله أن يلهمه الصبر وأن يرحم وديع ويتقبله في جناته.

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

حبس مالك سيارة حادث الإقليمي بالمنوفية لتمكينه السائق من قيادتها دون رخصة

اشتعال الأحداث فى السودان.. الجيش السودانى يقصف مواقع للدعم السريع فى نيالا بجنوب دارفور ويعيد فتح طريق حيوي بعد معارك عنيفة مع "الشعبية".. والأمم المتحدة تكشف: الدعم السريع تُجنّد مقاتلين داخل أفريقيا الوسطى

الأهلى يقرر تعديل عقد وسام أبو على وضمه للفئة الأولى المميزة

بعد منافسة شرسة..بيع ممتلكات نابليون بمزاد دار سوثبى بـ 9.6 مليون دولار.. جواربه وملابسه الداخلية تتخطى 155 ألف دولار وقبعته بـ416 ألف.. بيع لوحة بونابرت مقابل مليون دولار.. وكرسى مطلى بالذهب يحقق 470 ألف دولار

"اليوم السابع" يرصد بدء الأعمال لمشروع توسعة كورنيش الإسكندرية.. تطوير محور محمد نجيب بطول 600 متر.. إنشاء كوبري عند تقاطع المحور مع طريق جمال عبد الناصر.. والمحافظة تعلن عن 3 طرق بديلة.. صور وفيديو


"كهنوت المرأة ابتداع فى الدين".. رؤية متكاملة تجمع تعاليم الكتاب المقدس بالفكر الأرثوذكسي.. السيدة العذراء صاحبة النموذج فى الخدمة الهادئة.. وهذا دور المرأة المناسب بالكنيسة وأسباب اقتصار الكهنوت على الرجال

صراع الكبار فى مونديال الأندية 2025.. باريس سان جيرمان وإنتر ميامي فى لقاء نارى.. ميسي فى مواجهة التحدى والذكريات أمام إنريكي.. وملحمة أوروبية لاتينية بين بايرن ميونخ وفلامنجو لخطف بطاقة ربع النهائى

الخبير الأمنى اللواء أحمد كساب يكشف فى حوار مع"اليوم السابع": الداخلية حطمت شبكة الإخوان الإرهابية بعد 30 يونيو.. الشرطة واجهت إرهاب الجماعة وفق رؤية متطورة.. وتصدينا للشائعات ونشر الإحباط الالكترونى

إخلاء سبيل أحمد السقا فى اتهامه بالتعدى على طليقته مها الصغير بكفالة 5 آلاف جنيه

قطاع الصناعات الهندسية الحصان الرابح للصادرات المصرية خلال 2025.. أداء استثنائى وتاريخى فى أول 5 أشهر لتسجل 2.6 مليار دولار للمرة الأولى.. والمجلس التصديري يركز على البعثات التجارية واستهداف الأسواق الجديدة


اعرف الصح.. دار الإفتاء تواصل حملتها لتصحيح المفاهيم الخاطئة وتجيب عن أسئلة المواطنين.. حكم صلاة المنفرد والجماعة قائمة.. قضاء الصلوات المتروكة عمدًا أو نسيانًا.. وهذا حكم تطويل الركوع انتظارًا لمن يريد الصلاة

جنح الشرابية تقضى بالحبس 6 أشهر لتاجر بتهمة شراء بطاريات سيارات مسروقة

ليلة مثيرة فى مونديال الأندية.. تشيلسي يسحق بنفيكا فى مباراة الـ5 ساعات.. دي ماريا يتصدر ترتيب الهدافين.. ماريسكا يهاجم إقامة المباريات فى أمريكا.. وبالميراس يقصي بوتافوجو ويضرب موعدا مع "البلوز"فى دور الثمانية

السيطرة على حريق منزل فى قرية الطرفاية بالبدرشين دون إصابات

فتاة تتهم سائق بالتحرش بها في مدينة 6 أكتوبر

إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب ميكروباص داخل ترعة فى أطفيح

البنك الأهلي يستطلع طلبات إنبي لضم مصطفى شكشك فى الميركاتو الصيفي

الجريدة الرسمية تنشر قرار إدراج 5 متهمين على القائمة الرسمية للإرهابيين

هل أثر الزلزال على عقارات القاهرة؟.. المحافظ يكشف أسباب تكرار حوادث انهيار العقارات.. ويؤكد: تمكنا من شراء وحدات جديدة بـ15 مايو لمواجهة الطوارئ.. وينصح السكان بإجراء الترميمات والصيانات الدورية

مبادرة أسواق اليوم الواحد تصل منطقة العاشر من رمضان لتوفير السلع للمواطنين.. وزير التموين يفتتح فرع جديد لتخفيف العبء على المستهلك.. والوزارة توفر اللحوم الدواجن والخضراوات والفاكهة بالمنافذ.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى