"كلنا واحد".. مبادرة شبابية لعزل أعمدة الكهرباء فى البدرشين.. بخامات بلاستيكية بسيطة الانتهاء من عزل 19 عمودا بـ3800 جنيه بجوار المدارس والمسشفيات.. والمرحلة الثالثة تستهدف المساجد والكنائس والمصالح الحكومية

مروة الدالي تطلق مبادرة "كلنا واحد" لعزل أعمدة الكهرباء فى البدرشين

كتبت – مرام محمد

الخميس، 12 يناير 2023 08:30 م

فى شارع بورسعيد بمركز البدرشين فى الجيزة، تقف مروة الدالى صاحبة الـ35 عاما مبتسمة يحدوها الأمل فى مساعدة الناس، ويلتف حولها مجموعة من الشباب والفتيات الجامعيين والخريجين، أرواحهم لا تهدأ ولا تستكين، وقلوبهم تبتسم للحياة نابضة بالعزيمة والكفاح، تضيء ضحكاتهم العتمة ببصيص أمل، تلتقط أناملهم أدوات بلاستيكية سوداء مطلية بمواد عازلة، يشكلونها بأنامل الخير والعطاء، ويقطتعونها إلى أجزاء لعزل أعمدة كهرباء المدينة قبل هلول الشتاء.

"كلنا واحد".. مبادرة أطلقتها "مروة" ومجموعة من الشباب منذ ما يقرب الشهر؛ لعزل أعمدة الكهرباء القريبة من المناطق الحيوية والخدمية كالمدارس والمستشفيات والمصالح بشوارع المركز، من خلال استخدام قطع مواسير بلاستيكية عازلة وتغطية أعمدة الكهرباء بها؛ حفاظا على سلامة الأهالى فى فصل الشتاء وما قد تسببه مياه الأمطار من مخاطر تهدد حياة الكثيرون.

وعن فكرة المبادرة، قالت مروة: "عانينا لسنوات طوال من أعمدة الكهرباء فى فصل الشتاء وموسم سقوط الأمطار، حيث كانت تسبب مصدر خوف لكثيرين خاصة الأطفال، كما أنها تسببت فى وقوع عدد من الإصابات ووفاة عدد آخر بينهم أطفال، مشيرة إلى أن فكرة عزل الأعمدة كانت تراودها منذ سنوات طوال ويأمل فى تحقيقها جميع أبناء القرية، وظلت تسعى لتحقيقها لحماية الأهالى والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لهم، إلى أن نجحت فى تحقيقها بمساعدة 20 شاب وفتاه، تتراوح أعمارهم ما بين 15 و30 عاما.

"السنة اللى فاتت فقدنا فيها أطفال وناس عزيزة علينا، واحد من أهلنا فقد مصدر دخله الوحيد بعد ما اتكهرب حصانه ومات.. حبيت يكون ليا دور إيجابى واخدم بلدى وناسى، وأكون سبب فى إنى أحافظ على أهلنا".. بهذه الكلمات تابعت "مروة" حديثها لـ"اليوم السابع"، مشيرة إلى أنها اتخذت قرارها بتحمل كافة مصاريف عزل أعمدة المدينة وكلها ثقة فى الشباب الواعد من أبناء مدينتها اللذين لم يترددون للحظة فى الانضمام للمبادرة والمساهمة فى خدمة مدينتهم.

وتابعت مروة حديثها، قائلة، كانت أولى خطواتى فى المبادرة، استشارة محمود زين شنب رئيس مركز ومدينة البدرشين حول المبادرة وقابلية وآلية تنفيذها والخامات الأنسب للعمل، مشيرة إلى أنه كان أول الداعمين والمشجعين لها وللمبادرة، وسعى بكل طاقته لتسهيل إجراءات العمل بالمبادرة، موضحة أن عدد كبير من الشباب انضم للمبادرة، وبدأت فى شراء كل ما سيحتاجونه من أدوات بلاستيكية "مواسير"، بسيطة تتسم بالجودة العالية والتكلفة المنخفضة، وتقاسموا العمل فيما بينهم، فمنهم من كان يقوم بقص وفتح وتركيب القطع البلاستيكية على الأعمدة بمساعدة عامل اللحام، ومنهم من كان يرسم على الأعمدة ويجملها بعد عزلها، لإضفاء الشكل الجمالى عليها.

وأشارت إلى أن جميع من شارك فى المبادرة اجتهد لما يقرب من 4 ساعات يوميا لعزل أكبر عدد ممكن من أعمدة الإنارة قبل بدء موسم سقوط الأمطار، مؤكدة على أنهم نجحوا فى الانتهاء من عزل 8 أعمدة ضمن أعمال المرحلة الأولى من المبادرة، وعزل 9 أعمدة ضمن أعمال المرحلة الثانية، بإجمالى 19 عمود كهربائى، بجوار مجمع المدارس الذى يضم مدرسة أحمد عرابى، والمدرسة الصناعية الثانوية، ومدرسة الشهيد عاطف الاسلامبولى بشارع بورسعيد، ومحكمة البدرشين، وشارع المجمع الإسلامى، وأمام وخلف قسم شرطة البدرشين، منوهة إلى أن تكلفة عزل وتجميل عامود الإنارة الواحد بلغت حوالى 200 جنيه.

وكشفت عن أن المرحلة الثالة من المبادرة ستنطلق خلال الأيام القليلة القادمة، والتى تستهدف عزل 5 أعمدة كهرباء إضافية بجانب المدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس، وذلك بالتزامن مع احتفالات عيد الميلاد المجيد، مؤكدة على أن مبادرتهم ستواصل خطوات الخير لعزل أكبر عدد ممكن من أعمدة الكهرباء فى الأماكن الحيوية وبالقرب من مجلس المدينة، والشهر العقارى، ومكتب البريد، والأسواق، والنوادى، وغيرها.

وأشارت إلى أن المشروع مثل عرسا لجميع أبناء المدينة، الذين دوما ما يعبرون عن دعمهم وتضامنهم وتشجيعهم لما تطلقه من مبادرات خيرية تستهدف النهوض بالخدمات الأساسية المقدمة لهم، مشيرة إلى أن بمجرد سماعهم بمبادرة "كلنا واحد" رحبوا بها كثيرا وأكرموهم بالأطعمة والمشروبات، لافتة إلى أن فكرة نزولها إلى الشارع بنفسها لتنفيذ أعمال المبادرة كانت فكرة فريدة من نوعها بالنسبة لأهالى المدينة، ساهمت بشكل كبير فى التخفيف عنهم وحمايتهم وأطفالهم، قائلة: "ما تم تنفيذه مجرد بداية للمبادرة، وتم بمجهود ونفقات شخصية، هنكمل ونواصل مسيرتنا لاستكمال المراحل المتبقية من المبادرة، وبوجه الدعوة للأهالى وأصحاب الشركات والمصانع والمحلات التجارية للمشاركة ودعم المبادرة بشراء مواسير بلاستيك وبعض الخامات المستخدمة لدعم مجتمعنا وتنفيذ المزيد من أعمدة الكهرباء".

"وش الخير".. هكذا أطلق أهالى مركز ومدينة البدرشين على ابنتهم "مروى"، بعد أن وهبت حياتها للعمل الخيرى والتطوعى لخدمة أهالى بلدتها والارتقاء بمستوى معيشتهم بما يكفل لهم حق العيش الكريم، إلى أن أصبح حب الناس هو وسام الشرف الذى توجت به مجهوداتها فى العمل التطوعى وعطائها الدائم لخدمة الفئات الأكثر احتياجا والسعى فى قضاء حوائجهم.

تقول "مروى": "منذ نعومة أظافرى وأشارك فى العمل التطوعى، فقد نشأت فى أسرة تخصص معظم وقتها لعمل الخير وخدمة الناس، فكنت أشاركهم توزيع ملابس العيد على الأطفال، وفى شهر رمضان الكريم كانت والدتى تجهز وجبات للبسطاء"، مشيرة إلى أن ذلك كان سببا فى حبها واهتمامها بالعمل الخيرى ودافعا لها نحو مواصلة ما نشأت عليه بين أسرتها بفكر حديث وآلية أكثر تطورا، وبات مساعدة البسطاء شغلها الشاغل الذى وهبت حياتها وجهدها ومالها لأجله.

وتابعت حديثها لـ"اليوم السابع"، قائلة: "لم تكن مبادرة "كلنا واحد" المبادرة الأولى التى أطلقتها فى مدينتها البدرشين، إذ قامت وعلى مدار سنوات طوال بإطلاق عدد كبير من المبادرات الخيرية بمساعدة محبى الخير والمتطوعين والداعمين، كان أهمها إطلاق مبادرة "دفيهم" والتى تطلقها بداية فصل الشتاء من كل عام، وتقوم خلالها بشراء ملابس مستعملة "بالة"، على نفقتها الشخصية وعدد من المتبرعين الذين يساهمون كلا على حسب استطاعته بالملابس أو المال، وذلك بمساندة فريقها من الشباب والذين يقومون بتنظيف الملابس وكيها، وبعدها تدشن معرضا تعرض من خلاله الملابس وتتيحها للأهالى من أبناء مدينتها.

وأضافت أنها تنظم سنويا مع بداية العام الدراسى، مبادرة أطلقت عليها "كتاب الخير"، تقوم خلالها بتجميع الكتب الخارجية الجديدة والمستخدمة فى السنوات السابقة لجميع المراحل التعليمية وتوزيعها مجانا على الطلاب غير القادرين بهدف تخفيف العبء على الأسر البسيطة، وتشجيع الطلاب على الحفاظ على كتبهم ليساعدوا بها غيرهم من الطلاب زملائهم.

وتابعت أن من أهم المبادرات التى تطلقها بشكل دورى، مبادرة "صدقة جارية"، والتى تستهدف من خلالها حفر آبار المياه وتوصيل خدمة مياه الشرب للقرى المحرومة والأكثر احتياجا، مشيرة إلى أنها نجحت فى حفر العشرات من الآبار بمركز البدرشين، وقرية أبو صير، والشوبك، وميت رهينة، والمرازيق، فضلا عن مبادرة شهر رمضان التى تنظمها ومجموعة من المتطوعين وفريق متخصص لتجهيز ما يقرب من 500 أو 700 وجبة يوميا، كما أطلقت مبادرة جديدة فى عيد الأم، لتكريم السيدات العاملات فى مجال النظافة، وبائعات الخضار والفاكهة بالشوارع ماديا ومعنويا؛ للتخفيف عنهم ورسم البسمة على وجوههم.