سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18 يناير 1978.. وفاة محمد صبرى السوربونى أعظم مؤرخى مصر الحديثة وأول مصرى يحصل على دكتوراه الدولة من السوربون

الدكتور محمد صبرى السوربونى
الدكتور محمد صبرى السوربونى
كان الدكتور محمد صبرى السوربونى يدرس بجامعة السوربون فى باريس، حين وصل إليها الزعيم سعد زغلول على رأس الوفد المصرى، يوم 11 إبريل 1919، لحضور مؤتمر الصلح، فتوثقت علاقته بسعد الذى اختاره سكرتيرا ومترجما للوفد، ودار حديث بينهما، قال فيه السوربونى:  «قبل السلاح والحماسة، علينا أن نكتب تاريخ مصر أولا بشكل دقيق»، فرد سعد:  «ماتكتبه يا فالح، حاكتبه أنا»، حسبما يذكر الدكتور محمد صابر عرب فى مقاله «محمد صبرى السوربونى.. ظُلم حيا وميتا»، «الهلال- 3 ديسمبر 2020».
 
يرى «عرب» أن «هذه الفترة من حياة السوربونى غيرت من مساره العلمى»، ليصبح «أعظم مؤرخى مصر الحديثة» بتقدير المفكر المؤرخ محمد عودة فى إهداء كتابه «أحمد عرابى قصة ثورة» إليه، ويعتبره الكاتب الصحفى محمد حماد من أوائل المؤرخين المؤهلين الذى يركز على دور الشعب كفاعل فى التاريخ المصرى، وفقا لمقال «محمد صبرى السربونى.. مؤرخ لم ينصفه التاريخ»، «موقع أصوات- 3 أكتوبر 2019».
 
حسب كتاب «وديع فلسطين يتحدث عن أعلام عصره»: «ولد السوربونى فى المرج بمحافظة القليوبية عام 1890، ونال شهادة البكالوريا عام 1913، وأصدر فى عام 1910 وهو مازال طالبا بالمرحلة الثانوية، الجزء الأول من كتاب «شعراء العصر» بمقدمة للأديب مصطفى لطفى المنفلوطى، وأصدر الجزء الثانى عام 1912 بمقدمة للشاعر العراقى جميل صدقى الزهاوى، وسافر إلى فرنسا عام 1914 للدراسة، ومع اشتعال الحرب العالمية الأولى عاد إلى القاهرة، ثم عاد إلى باريس على نفقته، والتحق بالسوربون عام 1915 فحصل على شهادة الليسانس عام 1918 ثم الدكتوراه بأعلى مراتب الشرف، وهو الذى زف خبر نجاح طه حسين فى الامتحان، كما روى طه بنفسه فى سيرته «الأيام»، وأشار إلى زميل ثالث اسمه جلال شعيب هو بطل رواية «أديب»، وقد ضيع شبابه فى باريس وعجل ذلك بمنيته قبل أن يظفر بأى شهادة».
 
ويذكر «فلسطين»، ما قاله له السوربونى عن سبب دراسته فى السوربون: «كان من قبيل التحدى، وانكب على دراسة اللغتين اللاتينية والفرنسية، وبلغ من اتقانه الفرنسية حدا جعله يؤلف كتبه بها وينشرها فى باريس بمقدمات لأساتذته المرموقين، ومن قبيل التحدى أيضا، تخصص فى مجالين هما التاريخ والأدب وأضاف إليهما هواية الفن»، وفى كتاب «أفكار الكبار» يقول فتحى رضوان:  «كان أول مصرى يحصل على درجة دكتوراه الدولة من السوربون، وداعبه أصدقاؤه فأسموه «السربونى» على سبيل المعابثة، فلم تخفه المداعبة العنيفة، وأبى، إلا أن يجعل لقبه السربونى، فراح علما عليه، وحصل على هذا اللقب العلمى الجليل فى سنة 1924، وكانت رسالة الدكتوراه عن «نشأة الروح القومية فى مصر».
 
عاد إلى مصر عام 1924، ويذكر «عرب» أنه عمل مدرسا للتاريخ فى مدرسة المعلمين العليا، ثم التحق بالعمل فى الجامعة المصرية لعامين، وفى 1926 أصدر كتابه الشهير «تاريخ مصر من محمد على إلى اليوم» بتكليف من وزارة المعارف التى قررته على طلاب المدارس الثانوية، وهو الكتاب الأول الذى أعاد الاعتبار إلى أحمد عرابى، وتوالت مؤلفاته، «الإمبراطورية المصرية فى عهد محمد على والمسألة الشرقية»، و«الإمبراطورية المصرية فى عهد إسماعيل والتدخل الإنجليزى الفرنسى»، و«السودان المصرى 1821- 1889»، و «أسرار قضية تدويل قناة السويس» و «فضيحة السويس» عقب حرب السويس 1956، و«المسألة المصرية»، و«تقرير الزعيم أحمد عرابى إلى المحامين» و«الثورة الفرنسية ونابليون»، و«نوبار باشا» وغيرها من المؤلفات التاريخية، وفى مجال الأدب قدم «خليل مطران»، و«الشوقيات المجهولة» بجزأيه، وسلسلة «الشوامخ» عن شعراء ما قبل الإسلام، و«محمود سامى البارودى»، و«إسماعيل صبرى»، وبلغ إبداعه أكثر من مائة كتاب وبحث أكاديمى، فى التاريخ والأدب، بتقدير صابر عرب.
 
يتذكر «فلسطين»، أنه استكتبه مرة مقالا عن ذكرياته، فاستهله بقوله:  «كان فى نيتى أن أكتب قصة حياتى بعنوان لقد عشت مليون سنة ولا غرابة فى ذلك، فإن مقاييس الزمان والمكان التى نعرفها سطحية، فليس الخط المستقيم أقرب الطرق دائما إلى الغاية، إذ يطيب لى أحيانا أن أبلغ الغاية من طرق جانبية متنوعة، أخرج من طريق إلى طريق، من منعرج إلى منعرج، دون أن أحس بطول المسافة والزمن، والواقع أن كل شىء نسبى مرهون بظروفه وملابساته، وقد يطول الزمن ويقصر ويبطئ ويعجل، فلا يصح قياسه بمقياس جامد لا يحسب حسابا لروح الزمن واختلاف مراحله».
 
رأى السوربونى أن تجربته تساوى العيش مليون سنة، لكنه فى الحقيقة عاش 85 عاما، وفى جزء منها وحيدا منسيا، بعد انفصاله عن زوجته السويسرية وهجرة أبنائه، حتى توفى يوم الأربعاء، 18 يناير، مثل هذا اليوم، 1978، ويذكر فتحى رضوان بأسى:  «فى ظهر الخميس لم يودعه إلا عدد من عارفى فضله، ولا يزيدون على العشرة، وانصرفنا من الجنازة المتواضعة التى لم تستوقف أحدا، ولم تزحم طريقا، ولم تظفر من الصحف بسطر، ونحن موقنون بأن اسم محمد صبرى سيلمع ويضىء».

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

القوات المسلحة: سقوط طائرة تدريب أثناء تنفيذ أحد الأنشطة التدريبية

أخبار مصر.. غدا طقس حار بالقاهرة شديدة الحرارة جنوبا والعظمى بالعاصمة 31 درجة

جنود إسرائيليون يتنكرون في زى نسائى لاختطاف قائد بحركة حماس.. تفاصيل

بعد أن فقد وعيه.. طائرة تقل 200 راكب تسافر من ألمانيا لإسبانيا بدون طيار

أكرم توفيق يخوض اللقاء الأخير بقميص الأهلى أمام فاركو.. اعرف التفاصيل


التحريات بسرقة الدكتورة نوال الدجوي: أحد المترددين على الفيلا وراء الواقعة

تطورات تمديد عقد حمزة علاء مع الأهلى بعد رفض عرض الزمالك

النيابة تحقق فى سرقة ملايين الدولارات من مسكن الدكتورة نوال الدجوى بأكتوبر

التعليم العالى: اللجنة الوطنية تُعلن عن جائزة اليونسكو لتعليم السيدات 2025

فحص كاميرات المراقبة لكشف هوية المتهم بسرقة مسكن الدكتورة نوال الدجوي


ماذا كتب الجاسوس الإسرائيلى إيلى كوهين فى وصيته قبل إعدامه بساعات؟

تحريات لكشف ملابسات سرقة مسكن الدكتورة نوال الدجوى فى أكتوبر

سعيد الشحات يكتب : ذات يوم 19مايو 1971.. القبض على فتحى الديب "رجل عبدالناصر فى الثورات العربية" بعد يوم من اتصال السادات به لتكليفه بمهمة السفر إلى ليبيا واتهامه بالعمل على "بلبلة الأفكار"

مواعيد مباريات الجولة الثامنة من مرحلة حسم الدوري والقناة الناقلة

عيد ميلاد مصطفى شعبان.. رحلة فنية حافلة محمد صبحى ونور الشريف كلمة السر فيها

طليقها يطالب برؤية الطفل.. 6 معلومات عن دعوى رؤية نجل جورى بكر

اليوم.. الرئيس السيسى يستقبل الرئيس اللبنانى جوزاف عون

أفضل 10 فرق لن تشارك فى كأس العالم للأندية 2025.. ليفربول الأبرز

وزارة التعليم: 4 سنوات سن التقدم لـ"kg1" بالمدارس الرسمية للغات لعام 2026

جولة بالأتوبيس الترددى بعد التشغيل التجريبى للمرحلة الأولى بإجمالى 14 محطة.. يعمل بالكهرباء ومدعم بكاميرات مراقبة وهذا سعر التذكرة.. أنفاق داخل المحطات لربطها بجانبى الطريق.. والميكروباص لن يعود.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى