سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 22 يناير 1517.. العثمانيون يهزمون «طومان باى» فى «الريدانية» والسلطان المملوكى يفر إلى البهنسا بالصعيد

سعيد الشحات
خرج السلطان الغورى، إلى الشام لقتال العثمانيين، فاختار الأمير طومان باى نائبا للغيبة، أى ينوب عن السلطان وقت غيابه عن القاهرة، وله حرية التصرف فى الحكم، حسبما يذكر الدكتور عماد أبوغازى فى كتابه «طومان باى - السلطان الشهيد»، مضيفا: «فى يوم الأحد 24 أغسطس هُزم الغورى فى مرج دابق، وسقط صريعا فى ساحة المعركة، إلا أن أخبار الهزيمة وتفاصيلها لم تصل إلى القاهرة، وظلت الأخبار غائمة لعدة أسابيع وطومان باى يمارس سلطاته كنائب للغيبة».
 
توغل العثمانيون جنوبا وهم يدخلون مدن الشام واحدة تلو الأخرى، حسبما يؤكد الدكتور قاسم عبده قاسم، فى تقديمه ودراسته لكتاب «واقعة السلطان الغورى مع سليم العثمانى»، تأليف «أحمد بن زنبل الرمال»، مضيفا: «دخل السلطان سليم خان دمشق وصلى بها صلاة الجمعة، وفى تلك الأثناء، كان طومان باى فى منصب نائب الغيبة نائبا عن السلطان قنصوة الغورى فى حكم مصر، وأرسل إليه السلطان سليم يطلب منه الدخول فى طاعته، ولكن طومان باى الذى اختير سلطانا رفض، وقرر مقاومة الغزو العثمانى وجيش سليم المتفوق فى عدده وسلاحه الأحدث».
 
لم يستمر «طومان باى» سلطانا أكثر من ثلاثة شهور، ويؤكد قاسم أن مواصفاته كانت تجعل منه بطلا تاريخيا مهما، بيد أنه كان بطلا خارج عصره، فالدولة التى يقودها كانت سقطت بالفعل حتى قبل معركة «مرج دابق»، ويذكر «أبوغازى»، أن الوضع الداخلى كان مفككا ومنهارا، فأمراء المماليك منقسمون على أنفسهم وغير راغبين فى القتال، والخيانة مستشرية فى الصفوف على أعلى المستويات، وتمردات العربان مستمرة، والفلاحون يرفضون دفع الضرائب لممثلى الدولة خشية أن يعود العثمانيون ليجمعوها مرة أخرى إذا انتصروا، وفى هذه الظروف الصعبة نجح طومان باى إلى حد بعيد فى إدارة أمور الدولة على أساس سياسة رفع المظالم فرفض فرض ضرائب جديدة على الرزق والإقطاعات والأملاك - كما كان يفعل سابقوه من السلاطين - لتمويل المعركة المنتظرة مع العثمانيين رغم فراغ الخزائن، ورفض مصادرة أموال الأوقاف، وأن يأخذ أموالا من القضاة الأربعة الذين ولاهم مقابل تعيينهم، ودعا إلى محاربة الرشوة».
 
انشغل طومان باى بالإعداد للمعركة المنتظرة مع العثمانيين الزاحفين، كما يقول «أبوغازى»، مضيفا: «قام بإعداد العجلات الخشبية والمكاحل والبنادق وتوفير البارود والرصاص وكلها أسلحة ومعدات كان المماليك فى السابق يستنكفون من استخدامها، وعلى الجانب الآخر كان العثمانيون يسعون بكل الوسائل إلى تحطيم البقية الباقية من تماسك الجبهة المصرية، ويوضح «أبوغازى» أساليب السلطان العثمانى «سليم» فى ذلك، قائلا:
 
«أخذ يرسل الجواسيس إلى مصر لتقصى أخبارها، ويشن حربا نفسية ضد المماليك والمصريين عن طريق رجاله يركز فيها على تضخيم قوته العسكرية، وقدرات جنوده ويبرز فيها قسوتهم وبطشهم، ويرسل المراسلات إلى الأمراء فى مصر يدعوهم فيها لطاعته وللتخلى عن سلطانهم، كما يستعين بخاير بك، الذى أعلن الانضمام إلى صفوفه بعد معركة مرج دابق فى مراسلة أمراء المماليك، والاتصال بهم، وفى الوقت ذاته كان سليم يرسل إلى طومان باى يدعوه إلى الصلح والاعتراف به سلطانا على مصر والشام والقدوم إلى عتبته السنية عارضا الطاعة والولاء، ثم يعرض عليه مرة أخرى أن يكون نائبا عنه فى حكم مصر على أن تكون الخطبة والسكة فى مصر باسم سليم، ويعترف بسلطانه على البلاد، ورفض طومان باى، واستمر فى استعداداته للمعركة».
 
كانت ظروف مصر الداخلية فى تدهور مطرد بتأكيد «أبوغازى»، ووصلت حد أنهم «سبوا السلطان فى حضوره»، ورفض الأمراء التصدى للجيش العثمانى فى الصالحية وعجرود، ويقررون أن تكون المعركة فى «الريدانية»، وتكتمل الخيانة بنصيحة «جان بردى الغزالى» بدفن المدافع التى أعدها طومان باى فى الريدانية بدعوى إخفائها عن عيون العثمانيين، فتعجز عن العمل تماما أثناء المعركة».
 
 يذكر «أبوغازى» أن طومان باى فى استعداداته النهائية للمعركة يأمر بحفر خندق من الجبل الأحمر حتى المطرية، ويشارك بنفسه فى حفر الخندق وبناء التحصينات، ويصدر أوامره بإحراق الشون الموجودة فى بلبيس والخانقاة حتى لا يجد العثمانيون ما يطعمونه لخيولهم، ووقعت معركة «الريدانية» فى 22 يناير، مثل هذا اليوم عام 1517، ويؤكد «أبوغازى» أن خطة المماليك تسربت إلى سليم الأول، والتف جزء من الجيش العثمانى من خلف الخطوط المملوكية، ودارت معركة عنيفة أبلى فيها طومان باى بلاء حسنا، واستمر يقاتل حتى انفض عسكره من حوله، فانسحب متقهقرا إلى طرة جنوب القاهرة، بعد أن كبد العثمانيين خسائر فادحة اعترف بها مؤرخوهم، وتمكن من قتل سنان باشا القائد والوزير العثمانى، بل إن السلطان سليم نفسه اعترف بصعوبة المعركة، وفر طومان باى إلى البهنسا فى الصعيد، ومن هناك بدأ ينظم صفوفه لجولة جديدة ضد العثمانيين.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بدء عزاء المطرب الشعبى أحمد عامر بمسجد الحامدية الشاذلية

"لن نرضخ لآلة القتل الإسرائيلية".. مدير مركز غزة للثقافة والفنون في حوار لـ"اليوم السابع": الاحتلال دمر مكتبتى بعدما جمعت 2500 كتاب على مدار أكثر من 20 عاما.. أشرف سحويل: فقدت 120 عملا فنيا بعد استهداف منزلي

كواليس نهاية علاقة الهلال السعودى مع حمد الله بعد مشاركة 15 دقيقة فقط

جندي إسرائيلي يحرق نفسه داخل سيارة بسبب حالته النفسية لمشاركته فى القتال

أحمد السقا ضيف برنامج كلام كبير مع مها الصغير على قناة ON E.. فيديو


تفاصيل مفاوضات الأهلي مع مصطفى محمد.. زيزو وعاشور يُعرقلان الصفقة

بايرن ميونيخ يعلن رسميًا إصابة موسيالا بكسر في الكاحل وغيابه لفترة طويلة

ميركاتو الأهلى..7 راحلين و8 صفقات جديدة والقوس لا يزال مفتوحا

الزمالك يكثف مفاوضاته مع بتروجت لضم حامد حمدان

9 آلاف دولار للفرد بإجمالى 5 مليارات.. شركة أمريكية تضع تكلفة تهجير الفلسطينيين


تعرف على الأغنية الأكثر استماعا من ألبوم عمرو دياب بعد 3 أيام من طرحه

محمد الضاوي كريستو يقترب من النجم الساحلى بموافقة الأهلى

الاقتصاد المصرى ينطلق ويحقق أعلى معدل نمو فصلى فى 3 سنوات.. 4.8% نمو بالربع الثالث من العام المالى 2024-2025.. استثمارات القطاع الخاص ترتفع 24.2% مستحوذة على 62.8%.. خبير: خلق بيئة جاذبة للمستثمرين يدعم النمو

وزيرة التضامن تعلن زيادة الدعم النقدى تكافل وكرامة إلى 900 جنيه الشهر الجارى

نرمين الفقي تخطف الأنظار بصورها على البحر.. والجمهور: جمال طبيعى

ريال مدريد ينفرد برقم تاريخى فى كأس العالم للأندية تحت أنظار الأهلى

الزمالك يحصل على توقيع من 5 إلى 6 صفقات محلية بالانتقالات الصيفية

مواعيد مباريات اليوم.. نهائي مثير فى كأس الكونكاكاف الذهبية

تنسيق التمريض.. فتح باب التقديم للمدارس الثانوية الفنية للتمريض 2025-2026

ضجة تسونامى المزعومة.. لماذا يثير البحر المتوسط قلقاً غير مبرر؟.. الموج العالى وظهور القرش ظواهر طبيعية لا علاقة لها بالكوارث.. والنشاط الزلزالى طبيعى ولا ينذر بكارثة وشيكة.. والوعى العلمى خط الدفاع ضد الشائعات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى