سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 25 يناير 1894.. اللورد كرومر يهدد «عباس الثانى» بخلعه إذا لم يعتذر عن انتقاده لجنود الجيش بقيادة كتشنر باشا.. والخديو يخضع

اللورد كرومر
اللورد كرومر
غضب اللورد كرومر المندوب السامى البريطانى من الخديو عباس الثانى، وهدد بخلعه فى 25 يناير، مثل هذا اليوم، 1894، حسبما يذكر أحمد شفيق باشا رئيس ديوان الخديو عباس، فى الجزء الثانى من مذكراته «مذكراتى فى نصف قرن».
 
كانت قصة هذا التهديد دليلا دامغا على أن الاحتلال البريطانى له الكلمة الفصل فى مصر، وأن كرومر يزدرى أى صوت يخالف ما يراه، ويعبر عباس الثانى فى مذكراته «عهدى» عن ذلك، قائلا: «كان اللورد كرومر يحاول دائما أن يهيننى ويقلل من شأنى، وكان كل مرة يأتى فيها لرؤيتى، ويكون فيها غير منشرح السريرة، يحاول أن يجرحنى، مدعيا أن الشعب المصرى كان يرغب فى أن يثور ضد الأسرة الحاكمة، وأن الإنجليز حضروا من أجل حمايتها وإعادة النظام».
 
يكشف شفيق باشا عن أن قصة التهديد بخلع عباس الثانى، جرت أثناء زيارته إلى جنوب الصعيد فى يناير 1894 وفى 19 منه قصد ومرافقوه وادى حلفا، وهناك استقبله السردار الإنجليزى كتشنر وكبار الموظفين والأعيان والضباط والجنود فى استعراض عسكرى، ويذكر شفيق: «بعد الاستعراض قال سموه لقومندان السوارى ومنهم البكباشى ديجلز: إننى مسرور جدا مما شاهدته من حركات جنودكم، وقال لكل من قومندانى البطارتين: السلاح نظيف والمرور منتظم، وعند مرور الأورطتين الثانية والحادية عشرة التفت إلى ماهر باشا، وكان بجواره وقال له: إن هذه الجنود فى حالة تدعو إلى الخجل، وقال لقومندان الأورطة الثانية الإنجليزى: إننى آسف لأن سير هذه الأورطة ليس حسنا كسير الأورطة الأخرى، وأؤمل أن تحسن جنود جنودك حالتها أكثر من ذلك، وأبدى سموه مثل هذه الملاحظة على الأورطة الحادية عشرة، وصرح بذلك لكتنشر باشا، وقال إنى أمدح كل ضابط يقوم بواجباته، وألوم كل ضابط يقصر فيما عليه نحو فرقته».
 
يذكر شفيق، أن السردار كتشنر اعتقد أنه يجب عليه تقديم استقالته، فصرح بذلك للخديو الذى رد عليه: أننى لا أقصد توجيه انتقادات شخصية إليك، ولكنى فعلت ذلك مدفوعا بحبى لجيشى الذى أنا رئيسه، وأحب تقدمه ولهذا لا أفهم لماذا تتحدث عن الاستقالة وتريد أن تعطى لأمر خصوصى معنى سياسيا، وعند ذلك عدل كتشنر عن الاستقالة، ولكنه أرسل ضابطا إلى كرومر ليشرح له تفاصيل الحادث، فضلا عن برقية أرسلها إليه بشأنه.
 
شهدت الأمور تصاعدا يوم 22 يناير 1894، حيث ذهب عباس إلى أسوان، وهناك أخبره كتشنر، أن الضباط الإنجليز بالأورطتين الثانية والحادية عشرة ممتعضون وفى عزمهم الاستقالة، واستأذنه فى أن يبلغ بالنيابة عنه رضاءه عنهم، فرد الخديو: «لا شىء فى نفسى من ناحيتهم، ولكن إذا أصروا على رغبتهم هذه فأخبرنى برقيا حتى أفكر فيما يجب عمله، وليس عندى ما أضيفه على ما قلته لأننى فعلت ذلك فى حدودى المشروعة، فقال كتشنر باشا: «يا مولاى، نحن لا نعلم ما هى حدودكم ومع ذلك فسأعمل على تهدئة الخواطر».
 
بلغت الأمور ذروتها يوم 25 يناير، وكان الخديو ومرافقوه فى جرجا، وفى استقباله، رياض باشا رئيس النظار وبطرس غالى باشا وناظر المالية ومحمود شكرى باشا رئيس الديوان التركى، ويقول شفيق نصا: «حضروا خصيصا لمقابلة الخديو لأن كرومر قابل رئيس النظار، وهدد بخلع سموه «عباس» إذا لم يحسب انتقاداته، كما أخبره بأنه وردت برقية من اللورد روزبرى وزير الخارجية البريطانية يقول فيها: «إذا رفضت مصر إجابة المطالب، اضطررنا إلى اتخاذ الوسائل الفعالة لوضع الجيش المصرى تحت قيادة جيش الاحتلال».
 
يؤكد شفيق، أن الخديو اندهش من تطور الأمور، وبعد التشاور تقرر أن يرسل رياض باشا برقية إلى ناظر الخارجية لإبلاغها إلى كرومر يذكر فيها «أنه يسره أن يكرر صدور الأمر للسردار للإعراب عن حسن رضائه عن جيوشه، وعظيم الامتنان الذى شمله حين تفقدهم»، لكن كرومر لم يرض عن هذه البرقية، وصمم على أن يعتذر الخديو نفسه مع عزل ماهر باشا، ويكشف شفيق، أن عباس رأى أن الغرض من ذلك هو إحراجه، وصمم على المعارضة، لكن رياض باشا أفهمه خطورة الحالة، وأنه يجب التسليم بطلبات كرومر.
 
أذعن الخديو، ووفقا لشفيق: بعث فى 26 يناير 1894 برقية إلى السردار كتشنر نصها: «قبل أن أترك الوجه القبلى وأعود إلى مصر، أريد أن أكرر ما أظهرته من العناية وحسن الالتفات للجيش عند زيارتى للحدود، وأؤيد حسن رضائى الذى أبديته لكم من جهة حسن حالة الجيش ونظامه، وأننى لمسرور من أن أهنئ الضباط الذين يرأسونه مصريين كانوا أو إنجليز، وأننى لمرتاح أيضا بأن أقدر الخدمات التى أداها الضباط لجيشنا حق قدرها، وأملنا أيها السردار أن تعلنوا أمرنا هذا للضباط والعساكر».
 
يؤكد شفيق، أن كرومر تشبث بنشر هذه البرقية باللغة العربية فى الجريدة الرسمية بعد نشرها بالنص الفرنسى.    
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محامي شيرين يطالب وزير الثقافة ونقابة الموسيقيين بإنقاذها بعد أنباء عودتها لحسام حبيب

الأهلى ضد غزل المحلة.. موعد المباراة والقناة الناقلة فى الدوري المصري

التحريات: تاجر مخدرات وراء قتل طفل والتخلص من جثته فى منطقة كرداسة

ثنائية الزمالك فى مودرن سبورت على مائدة يورتشيتش لإيقاف نزيف نقاط بيراميدز

واقعة لاعبة الجودو دينا علاء.. هل تلقت القتيلة 3 رصاصات من الزوج لتفدى أطفالهما؟


ألفينا ومصطفى شلبي يدعمان "تشكيل الجولة" بالدوري المصري في غياب الأهلي

محمد صلاح يزين قائمة أوفياء الدوري الإنجليزي قبل مواجهة نيوكاسل

حقيقة "الثقب الأسود" فى الهرم.. مصدر بـ"محافظة الجيزة" يكشف تفاصيل جديدة

مانشستر سيتي يعلن تجديد عقد روبن دياز 4 سنوات

الزمالك يزاحم المصري بالقمة.. اعرف ترتيب دوري نايل بعد نهاية الجولة الثالثة


رغم أحزانه.. محمد الشناوى يظهر فى مران الأهلى الجماعى

فحص طبى ينتظر أحمد حمدى اليوم فى الزمالك لتحديد مصيره من مباراة فاركو

تنسيق الشهادات المعادلة.. لن يعتد بتسجيل الطالب بموقع التنسيق ما لم يتقدم بأصول الورق

عودة الأهلي.. مواعيد مباريات الجولة الرابعة لمسابقة الدوري المصري

السادسة مساءا موعد مران الزمالك اليوم بالكلية الحربية لبدأ الاستعداد لفاركو

عدم التئام الكتف يؤجل موعد عودة إمام عاشور للمشاركة في مباريات الأهلي

القاهرة تدرس غلق شوارع بوسط البلد ومصر الجديدة وتخصيصها للمشاة فقط.. المحافظ: شارع إبراهيم باشا بالكوربة الأبرز وإنشاء اتحاد شاغلى الشوارع للحفاظ على العقارات التراثية.. و"الخديوية" تشهد تكرار نماذج شارع الألفى

هل يستحق المستأجر تعويض حال انتهاء المدة الانتقالية بقانون الإيجار القديم؟

اتحاد الكرة يحسم مصير السوبر المصري الأسبوع المقبل

باريس سان جيرمان يستضيف أنجيه في افتتاح الجولة الثانية من الدوري الفرنسي

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى