دار الإفتاء توضح حكم تناول بعض الفئات لعقار "الكبتاجون" وتداوله

دار الإفتاء المصرية
دار الإفتاء المصرية
كتب لؤى على

انتشر في الآونة الأخيرة تناول بعض الفئات لعقار "الكبتاجون" (Captagon)؛ فما حكم الشرع في تناول هذا العقار وتداوله؟، سؤال أجابت عنه دار الإفتاء ، وجاء رد الدار كالآتى:

لا يجوز شرعًا تناول عقار الكبتاجون (Captagon) وتداوله إلا تحت إشراف طبي وبالتصريحات المعتمدة لدى المختصين؛ لما ثبت في ذلك من الضرر على الشخص المتعاطي، ولا يقتصر الضرر على المتعاطي أو المدمن فقط، ممَّا يجعل الحرمة لا تقف عند التعاطي، بل تتعدَّى إلى حرمة الاتجار والتهريب والتداول.

التفاصيل ..

الكبتاجون (Captagon): هو أحد مشتقات مادتي الأمفيتامين (Amphetamine) والتيوفيلين (Theophylline)، وهو عبارة عن مادة كيميائية مُنشِّطة تقوم بزيادة نشاط الجهاز العصبي المركزي للإنسان، وزيادة ارتفاع ضغط الدم، وكذلك زيادة توتر العضلات والمفاصل، ويتسبب تناوله في الإدمان بنسبة كبيرة، بالإضافة إلى تسببه في بعض الأعراض الطبية الخطيرة الأخرى، والتي من أخطرها أنه يؤثِّر على أداء العقل، من خلال تنشيط المخ وزيادة نشاط الجهاز العصبي المركزي للإنسان؛ كما أفاده موقع الأدوية الأمريكي "drugs.com"، وموقع المكتبة الوطنية الأمريكية للطب (National Library of Medicine).

وهو -بهذا الوصف- يندرج مع تعريف منظمة الصحة العالمية لمصطلح المخدِّرات بأنَّه:

كل مادة خام أو مستحضرة أو مصنعة، يُؤدِّي تناولها إلى اختلال في وظائف الجهاز العصبي المركزي سواء بالتهبيط أو التنشيط أو الهلوسة.

وعلى هذا؛ فعقار الكبتاجون (Captagon) داخل فيما يُؤثّر تناوله على العقل البشري؛ وهو المعنى الأعم للمخدِّر؛ فالمخدِّرات -في اللغة- جمع مُخدِّر، والمخدِّر مشتق من مادة (خ د ر)، وهذه المادة تدلّ بالاشتراك على معانٍ: منها: الستر والتغطية، ومنه قيل: امرأة مخدَّرة؛ أي مستترة بخِدْرها، ومنها: الظلمة الشديدة، ومنها: الكسل والفتور والاسترخاء، ومنها: الغَيْم والمطر، ومنها: الحيرة. ينظر: "لسان العرب" (4/ 230، ط. دار صادر).

ولا يخرج تعريف المخدِّرات في الاصطلاح الفقهي عَمَّا هي عليه في اللغة؛ فعرَّفها ابن حجر الهيثمي في "الزواجر" (ص: 356، ط.  دار الفكر) بأنَّها: [كل ما يتولَّد عنه: تغطية العقل وفقدان الإحساس في البدن أو فتوره] اهـ.

وقد دَلَّت الأدلة الشرعية على حرمة تناول المخدِّرات وما في معناها من كل مؤثر على العقل؛ قال تعالى: ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195].

قال العلامة الطاهر ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (2/ 215، ط.  الدار التونسية) مفسرا الآية السابقة: [ووقوع فعل: (تلقوا) في سياق النهي يقتضي عموم كل إلقاء باليد للتهلكة، أي كل تسبب في الهلاك عن عمد فيكون منهيًّا عنه محرمًا ما لم يوجد مقتضٍ لإزالة ذلك التحريم] اهـ.

ولا شكَّ أنَّ تعاطي عقار الكبتاجون (Captagon) من دون إشراف طبي فيه إلحاق الضرر بالنفس وتعريضها للهلاك والمخاطر.

وممَّا يدلُّ على عدم اقتصار النهي والتحريم على المسكرات وشمولهما للمفترات وما يؤثر على العقل: ما رواه الإمام أحمد في "مسنده" وأبو داود في "سننه" عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفْتِرٍ".

قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" (4/ 267، ط. المطبعة العلمية بسوريا): [المفتر: كل شراب يورث الفتور والرخوة في الأعضاء والخدر في الأطراف، وهو مقدِّمة السكر، ونهي عن شربه لئلا يكون ذريعة إلى السكر] اهـ.

وعقار الكبتاجون وما يسببه من تأثيرات على العقل بالتنشيط مشارك للحشيش في الجامع الذي من أجله نص العلماء على تحريم الحشيش الذي لا يكون تأثيره على العقل بالسكر كالخمر، بل بالتنشيط كالكبتاجون؛ حتى نَقَل الإجماع على هذه الحرمة الإمام البدر العيني؛ حيث قال في "البناية" (12 /370، ط.  دار الكتب العلمية): [لأنَّ الحشيش غير قتّال، لكن مخدر، ومفتر، ومكسل، وفيه أوصاف ذميمة، فكذلك وقع إجماع المتأخرين رَحِمَهُمُ اللَّهُ على تحريم أكله] اهـ.

والقواعد الشرعية تقتضي أيضًا القول بمنع تناول عقار الكبتاجون، حيث ثبت أَنَّ إدمانه فيه ضرر حسي ومعنوي، وما كان ضارًّا فهو حرام؛ لحديث: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» رواه الإمام أحمد، وابن ماجه، والحاكم وصحَّحه.

كما أنَّ تعاطيه يتعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية في محافظتها على العقل والنفس والمال وهي من الضروريات الخمس. ينظر: "الموافقات للشاطبي" (1/ 31، ط. دار ابن عفان).

ولا يستثنى من ذلك إلا الأحوال المصرح بها قانونًا لحاجة أو ضرورة علاجية، وهذا لا يكون إلا تحت إشراف طبي، وبالتصريحات الطبية المعتمدة في مثل هذه الحالات.

ويجدر التنبيه إلى أنَّ التهاون في تناول هذا العقار -من دون الضوابط المرعية السابقة- يعود بالضرر على عموم المجتمع، ولا يقتصر الضرر على المتعاطين أو المدمنين أنفسهم، ممَّا يجعل الضرر أعظم والحرمة أشد، وممَّا يجعل الحرمة لا تقف عند التعاطي ولا التناول؛ بل تتعدى إلى حرمة الاتجار والتهريب والتداول.

وهي أمور ممنوعة شرعًا ورد في شأنها الوعيد الشديد؛ حيث أخرج البزار في "مسنده" والطبراني في "الأوسط" والضياء في "المختارة" عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعن في الخمر عشرة: عَاصِرَهَا والمَعصُورَة لَه ومُشْتَريهَا وَبَائعَهَا والحَامِل والمَحْمُولة إِليه وَشَاربَها وسَاقِيهَا وآكِل ثَمنِهَا".

وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ تناول عقار الكبتاجون (Captagon) وتداوله ممنوع شرعًا، إلا تحت إشراف طبي، وبالتصريحات المعتمدة لدى المختصين.

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وفاة عبد الله محمد بطل مصر فى التجديف والاتحاد ينعيه.. صور

ميلان ضد بولونيا.. شوط أول سلبى فى نهائي كأس إيطاليا

زيارة تاريخية ووعود سياسية.. ماذا قال ترامب عن قطر وإيران؟

عاجل.. موجة شديدة الحرارة الجمعة والسبت والعظمى بالقاهرة تصل 40 درجة

هل تستطيع الكلاب والقطط التنبؤ بالزلازل؟.. دراسة أمريكية: لا يوجد دليل قاطع.. بعض العلماء يعتقدون شعورهم بالهزات وحركة الصخور تحت الأرض.. وربما يمكنهم مستقبلا تقديم خدمة للإنسانية تساعد فى التحذير من الكوارث


الدعوات الرسمية للملوك والرؤساء لحضور افتتاح المتحف الكبير خلال 24 ساعة

موعد وصول حسام البدري وباقي الرياضيين المصريين من ليبيا الليلة

أغلى من الصفقات.. أمير قطر يهدى ترامب قلما فاخرا من طراز مونت بلانك (صورة)

وزارة الرياضة: وصول الرياضيين من ليببا خلال ساعات إلى مطار القاهرة

البحوث الفلكية: الهزات الارتدادية الناجمة عن زلزال أمس في "اضمحلال" مستمر


إمام عاشور يتصدر بوستر كأس العالم للأندية قبل شهر من انطلاق البطولة

هيئة الأرصاد تكشف حقيقة تعرض مصر لـ العاصفة شيماء

وزير التعليم يعلن إعادة إطلاق اختبار "SAT" رسميًا فى مصر بداية من يونيو 2025

انتعاشة فنية في السينمات.. 5 أفلام تتنافس في دور العرض.. سيكو سيكو يواصل نجاحاته ويتصدر القائمة بـ169.6مليون جنيه.. الصفا الثانوية بنات ونجوم الساحل يتنازعان على المركز الثاني.. استنساخ وفار بـ7 أرواح في الذيل

الرئيس السيسي يوجه بدراسة إمكانية إدراج الذكاء الاصطناعى كمادة إلزامية

يسرا تتألق في مهرجان كان السينمائي.. صور جديدة من السجادة الحمراء

الإدارية العليا تلغى حكم أول درجة بشأن تابلت طلاب الثانوية: عهده ويجب إعادته

بيراميدز يكشف حقيقة الحصول على توقيع رامى ربيعة

مهرجان كان 2025.. هالى بيرى تتصدر قائمة أسوأ الإطلالات النسائية بفستانها.. بيلا حديد تتألق بأسود ووشم عربى "أحبك وحبيبتى" على ذراعيها.. ونجمات يخالفن قواعد الملابس بالمهرجان السينمائى هذا العام

زلزال مصر 2025.. البحوث الفلكية يكشف أسباب شعور المصريين بالزلزال.. معهد الفلك: لا يمكن التنبؤ بالزلازل والأوضاع فى مصر مستقرة.. تعليمات عاجلة للمواطنين وخط ساخن للإبلاغ عن حالات الطوارئ

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى