قمة "القاهرة للسلام 2023".. حالة حوار دولية تحت المظلة المصرية.. حقن الدماء والتوافق حول "حل الدولتين" أبرز أهدافها.. . تمثل امتدادا لقمم "الأزمات".. وتقديم رؤية جديدة للتعامل مع الطوارئ العالمية الملحة

الرئيس عبد الفتاح السيسى
الرئيس عبد الفتاح السيسى
بيشوى رمزى
تبدو الأزمة التي يشهدها قطاع غزة، شاهدا جديدا على حالة التشرذم الدولي، جراء المواقف المتنافرة بين القوى العالمية في الغرب، ونظيرتها في الشرق، وهو ما يعد بمثابة "محاكاة" جديدة لما أسفرت عنه الأزمة الأوكرانية، والتي انقسم العالم حولها، بين فريق مؤيد للمعسكر الغربي، بقيادة الولايات المتحدة، وأوروبا الغربية من جانب، وآخر يبدو داعما لروسيا وعمليتها العسكرية، بينما يبقى هناك فريق ثالث آثر عدم الانحياز، وهو الأمر الذي ينطبق على القضية الفلسطينية، منذ ميلادها، إلا أن حصرها في النطاق الإقليمي لعقود طويلة من الزمن، وابتعاد تداعياتها المباشرة عن المناطق الجغرافية الأخرى، ربما ساهم إلى حد كبير في إهمالها من قبل القوى الدولية الكبرى، التي تتبنى مواقف تحمل قدرا كبيرا من الانحياز.
 
ولعل الحديث عن الانقسام بين الشرق والغرب، في إطار سياسة "المعسكرات"، ربما يثور بصورة كبيرة، فيما يتعلق بالعديد من القضايا الدولية البارزة، منها الموقف من بدءً من فلسطين، مروراً بالأوضاع في أوكرانيا، ناهيك عن القضية المناخية، والتي تشهد تشرذما حاداً بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، وهو ما يساهم في تفاقمها، وإطالة أمدها، وتعد القضية الفلسطينية المثال الأبرز، في هذا الإطار، في ظل بقائها لعقود طويلة، دون حل، جراء مماطلة سلطات الاحتلال من جانب، وسياسة التسويف من قبل القوى الدولية الكبرى، والتي تقوم بدور الوسيط الرئيسي، رغم مواقفها المنحازة، من جانب آخر وهو ما يعكس العجز الدولي عن اتخاذ خطوات جادة، من شأنها تحقيق ما تم التوافق عليه من قبل دول العالم، في إطار "حل الدولتين"، عبر تأسيس دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
 
وهنا تبدو أهمية الدعوة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعقد قمة دولية وإقليمية، تحت عنوان "القاهرة للسلام 2023"، لمناقشة المستجدات التي يشهدها قطاع غزة، حيث تجتمع خلالها كافة القوى، باختلاف توجهاتها ومواقفها، تحت "المظلة" المصرية، من أجل إجراء حوار جاد من شأنه حقن دماء المدنيين الأبرياء من الجانبين، من جانب، والمساهمة في تحريك المياه الراكدة، فيما يتعلق بالمفاوضات، عبر الضغط على أطراف الأزمة، لمواصلة المفاوضات، وتحقيق حل الدولتين، باعتباره يحظى بالشرعية الدولية، من جانب آخر، بينما يبقى هناك بعداً ثالثا، ربما غير مباشر، يتعلق بتقديم الرؤية التي تتبناها مصر، حول الكيفية التي يمكن أن تدار بها الملفات الدولية الهامة، وتحديدا المرتبطة بالأزمات طويلة المدى، من أجل الوصول إلى حلول "توافقية" حولها، بعيدا عن سياسات الاستقطاب التي سادت المجتمع الدولي منذ عقود، وساهمت في المزيد من التعقيدات.
 
وفى الواقع، يبدو توقيت القمة المرتقبة، مهما للغاية، في ظل ارتباطه بحالة التصعيد الكبير، التي يشهدها قطاع غزة، والتي تعد الموضوع الأساسي والرئيسي محل النقاش بينما تأتي في خضم أزمات أخرى، تبدو متمددة جغرافيا، وممتدة زمنيا، على غرار التغيرات المناخية، التي باتت تطال تداعياتها كافة الدول شرقا وغربا، بينما تهدد مستقبل الكوكب بأسره، حال عدم الاستجابة لنداء "الحوار" الذي سبق وأن أطلقته مصر مرارا وتكرارا، خاصة خلال قمة المناخ الأخيرة، أو الأزمة الأوكرانية، والتي تهدد قطاعات حيوية، على غرار الطاقة والغذاء، أو غيرهما من الأزمات، سواء في السودان أو غيرها.
 
وهنا يتضح إيمان الدبلوماسية المصرية العميق بأهمية خلق "حوار" دولي، عبر قمم ارتبطت في معظمها بأزمات ملحة، ربما أبرزها قمة "جوار السودان"، والتي أجريت على نطاق محدود، يبدو من اسمها، حيث اقتصرت على دول الجوار، جراء القناعة التامة، بأهمية تحجيم محاولات التدخل الخارجي في الشأن السوداني الداخلي، بينما تساهم في الوقت نفسه في تهيئة الأجواء للحوار، بين أطراف الصراع الداخلي من أجل الوصول إلى حلول وطنية خالصة، يمكنها تحقيق الاستقرار في الداخل، ومن ثم احتواء تداعياتها المحتملة، على دول الإقليم.
 
الأمر نفسه ينطبق على قمة المناخ، والتي تمثل مناسبة سنوية، تستضيفها دولة مختلفة كل عام، إلا أن النجاح الذي تحقق، خلال القمة الأخيرة في شرم الشيخ، عبر استحداث "صندوق الخسائر والأضرار"، فهو في واقع الأمر يمثل ثمرة من ثمار حالة الحوار التي خلقتها الدولة المصرية بين كافة الأطراف، والعمل على تضييق فجوة الخلاف بين دول العالم المتقدم، الذي يسعى إلى تجاهل حقوق الدول الأخرى في تحقيق التنمية، ودول العالم النامي، التي تتمسك بمسؤولية الدول الأخرى، عما آلت إليه الطبيعة من تمرد، جراء سياساتهم التي اعتمدت نهجا "استنزافيا" تجاه موارد الدول الصغيرة والأضعف.
 
قمة "القاهرة للسلام 2023"، في جوهرها هي امتداد صريح لنهج الدولة المصرية القائم على خلق "حالة حوار" بين دول العالم، ذات المواقف المتنافرة، بهدف الوصول إلى توافق، لتتحول على أثره سياسة "المعسكرات" القائمة منذ الحروب العالمية، عبر التحالفات، إلى حالة من "الشراكة"، التي تتقبل الخلاف في الرؤى، بينما تسعى في الوقت نفسه نحو تعميق المصالح المشتركة، وهو ما يساهم في نهاية المطاف في تراجع كفة الخلافات لصالح المشتركات، وبالتالي تحجيم حالة الصراع الدولي، وتحقيق قدر من الاستقرار العالمي.
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

منتخب الشباب يلاقي المغرب في الودية الثانية اليوم استعدادا للمونديال

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الهولندي التطورات بقطاع غزة وتداعياتها الإنسانية

من البطاطس إلى القهوة.. موجة الغلاء تضرب موائد العالم.. الأرز والكاكاو وزيت الزيتون ضحايا جديدة للتغير المناخى.. ارتفاع الأسعار تصل حتى 280%.. سعر القهوة يزيد 100%.. والزيتون يواصل الصعود بنسبة 50% سنويا

غدا.. النقل تبدأ برنامج التدريب المجانى لتأهيل سائقى الأتوبيسات والنقل الثقيل

قناة إسرائيلية: جهات إيرانية اخترقت هاتف وزيرة الداخلية الإسرائيلية السابقة


البنتاجون: اكتمال حشد 800 عنصر من الحرس الوطنى فى واشنطن

قوات الاحتلال تقتحم مدينة قلقيلية فى الضفة الغربية

أشرف زكى يصدر قرارا بمنع الفنانين الحديث عن أزمة بدرية طلبة بأى وسيلة إعلامية

ليلى علوى: الحمد لله أنا كويسة ومحبتكم نعمة من عند ربنا (فيديو)

غدا.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة للدور الثانى 2025


وزارة التعليم: مسمى جديد لشهادات التعليم الفنى باسم البكالوريا التكنولوجية

محمد الشناوي مرشح لحراسة عرين الأهلي أمام فاركو غداً في الدوري

مواعيد عرض "بتوقيت 2028" ثانى حكايات مسلسل ما تراه ليس كما يبدو

ترامب: بوتين لن يسيطر على أوكرانيا فى وجودى

حسام حسن رجل مباراة مودرن سبورت والاتحاد السكندرى في الدورى

عودة الشحات وبيكهام لقائمة الأهلي أمام فاركو ..وغياب العش وعمر كمال

وزارة التعليم: تطبيق أعمال السنة على طلاب الثالث الإعدادى العام الدراسى 2028

الكوميديا تسيطر على برومو فيلم ماما وبابا وطرحه بالسينمات 27 أغسطس

خسارة ناشئى اليد أمام إسبانيا 31-29 فى ربع نهائى بطولة العالم.. صور

بدء هدم عمارة هندسة السكة الحديد بميدان رمسيس لتوسعة كوبرى أكتوبر.. إنشاء موقف متعدد الطوابق للقضاء على العشوائية وإزالة كافة الأكشاك والمحال المنتشرة بالميدان.. وتجهيز مول تجارى ومكاتب إدارية بديلة.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى