خسائر إسرائيل في غزة "عرض مستمر".. انعدام الثقة وتراجع الاقتصاد بالداخل.. الجرائم تفقدها ذريعة "الدفاع عن النفس" أمام العالم.. التهجير يفاقم الانتهاكات إلى حد الإبادة الجماعية ويوسع دائرة العداء لدول الجوار

قطاع غزة - أرشيفية
قطاع غزة - أرشيفية
بيشوى رمزى

انتهاكات كبيرة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلى، منذ بدء العدوان على غزة، تجلت فى أبهى صورها فى استهداف المدنيين، ومنشآتهم، سواء المستشفيات أو دور العبادة، ناهيك عن الأحياء السكنية، مع فرض حصار لمنع المساعدات من الدخول إلى القطاع، تزامنا مع دعوات لتهجير السكان من مناطقهم، ودفعهم إلى المغادرة إلى دول الجوار، لتشكل الممارسات الإسرائيلية فى مجموعها جرائم دولية، فى إطار مخالفتها الصريحة لقواعد القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، فى إطار جرائم الحرب وجريمة الإبادة الجماعية، والتى يقع مرتكبوها تحت طائلة المحكمة الجنائية الدولية، بحسب ميثاق روما المؤسس للمحكمة، فى أواخر التسعينات من القرن الماضى، وهو ما يعكس الحالة الوحشية للعدوان، وطبيعة أهدافه، التى تتجاوز الانتقام، إلى حد تصفية القضية الفلسطينية.

ولكن بعيدا عن الشق القانونى للجرائم الإسرائيلية، وما يحمله فى طياته من وصمة عار فى جبين سلطات الاحتلال، فإن التداعيات السياسية الكبيرة للعدوان تجاوزت الجانب الأخلاقى، فى ضوء من آلت إليه من كوارث، سواء على مستوى الداخل الإسرائيلى، أو على المستويين الدولى والإقليمى، لتخسر إسرائيل ما راهنت عليه، فى إطار دفعها بحقها فى "الدفاع عن النفس" بعد أحداث "طوفان الأقصى" فى السابع من أكتوبر الماضى.

فلو نظرنا إلى الداخل الإسرائيلى نجد أن ثمة تداعيات كارثية، ترجمتها حالة الغضب الشعبى تجاه حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إثر فشله الذريع فى تحقيق الأهداف المعلنة من العدوان على غزة، وهو استهداف الفصائل الفلسطينية، وعدم قدرته على اقتحام القطاع، ناهيك عن فشله الذريع فى التعامل مع الملفات التى تتلامس مباشرة مع العائلات الإسرائيلية التى وقع أفرادها فى قبضة الأسر، خلال أحداث "طوفان الأقصى"، وهو ما بدا فى لجوء العديد من أعضاء تلك العائلات إلى الاحتشاد أمام السفارة المصرية فى تل أبيب، للتحرك من أجل تحرير ذويهم، والضغط على حكومة بلادهم للرضوخ إلى دعوات وقف إطلاق النار، وهو ما يعكس انعدام الثقة فى قدرة بلادهم على تحريك ساكن فيما يتعلق بهذا الملف، وإدراكهم أن القاهرة تملك مفاتيح الحل للأزمة، ومن ورائها أزماتهم العائلية.

الموقف فى الداخل لا يقتصر على الغضب الشعبى جراء العجز الذى بدا فى أداء الحكومة الإسرائيلية، فى تحقيق نجاح كبير فيما يتعلق بالأهداف المعلنة، رغم إمعانها فى التدمير والقتل، وإنما امتد إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التى شهدتها البلاد، جراء العدوان الوحشى على غزة، وهو ما بدا فى قرار بنك إسرائيل المركزى ببيع 8.2 مليار دولار من النقد الأجنبى، ليتراجع الاحتياطى إلى 191.2 مليار دولار، فى صفعة قوية للاحتلال.

إلا أن التداعيات الكبيرة لوحشية العدوان الإسرائيلى امتدت إلى المستوى الدولى، رغم ما كانت تمتلكه مع بداية الأزمة من دعم عالمى، فى إطار استناد حلفائها على مبدأ "الدفاع الشرعي" لتبرير هجومها على القطاع، وهو ما بدا فى التغيير الكبير فى "نبرة" الخطاب الغربى، فى التعامل مع الموقف فى غزة، انطلاقا من قمة "القاهرة للسلام"، والتى تمكنت من حشد توافق دولى عابر للثقافات، حول عدة ثوابت، بدءً من التأكيد على الشرعية الدولية، وتعزيز "حل الدولتين"، من جانب، وضرورة مرور المساعدات الإنسانية والإغاثية لسكان القطاع، من جانب آخر، ناهيك عن الرفض المطلق والتام لدعوات التهجير، والتى تمثل ركنا أصيلا فى جرائم الإبادة الجماعية، بحسب القانون الدولى.

وبحسب قوانين المحاكم الدولية فى نورمبرج وطوكيو وكذلك يوغسلافيا السابقة وروندا، فإن جريمة التهجير تقع تحت نطاق إما جريمة ضد الإنسانية أو جريمة حرب أو إحدى صور الإبادة الجماعية، حيث تعود الجذور التاريخية للتهجير القسرى لبلاد ما بين النهرين، وبحسب القانون الدولى فإن عملية التهجير القسرى تشمل الإخلاء غير القانونى لمجموعة من الأفراد أو السكان من الأرض التى يقيمون عليها.

وأما على المستوى الإقليمى، فتبقى خسائر الاحتلال كبيرة، فى ظل ما ترتب عليه العدوان، والدعوات التى أطلقها لتهجير سكان غزة إلى دول الجوار، من تداعيات ساهمت فى تراجع الثقة الإقليمية فى نواياها، خاصة فى ضوء ما تمثله هذه الدعوات المشبوهة من محاولات صريحة لتصدير الأزمات، وإعادة استنساخ الفوضى بعد الاستقرار النسبى الذى تحقق فى المنطقة فى أعقاب ما يسمى بـ"الربيع العربي".

ولعل انعقاد القمة العربية الإسلامية فى الرياض، والتى تمثل خطوة جديدة من خطوات المواجهة، تجد جذورها فى قمة "القاهرة للسلام"، بمثابة حالة إقليمية، من شأنها انتزاع ذريعة "الدفاع عن النفس" التى طالما تبنتها إسرائيل وحلفائها الدوليين لتبرير اعتداءاتها على القطاع.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مصر تعود لقلب أفريقيا.. تخصيص 5 آلاف فدان لمزارعين مصريين فى كينيا.. اتحاد العمال يطلق مشروعا زراعيا مصريا ضخما فى نيروبى.. عيد مرسال يكشف: تسهيلات لسفر العمال وتأمينهم ومتابعتهم دون أى عائد مادى للنقابة

غدا.. النقل تبدأ برنامج التدريب المجانى لتأهيل سائقى الأتوبيسات والنقل الثقيل

مواعيد قطارات خط القاهرة أسوان والإسكندرية والعكس اليوم الجمعة 15-8-2025

غدا.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة للدور الثانى 2025

الأزهر: المسجد الأقصى لن يكون لقمة سائغة والحق سيعود لأهله والباطل إلى زوال


سنة دون مبرر.. غلق الوحدة السكنية يوجب إخلاءها فى قانون الإيجار القديم

بيان الفصائل الفلسطينية: نقدر الجهود المصرية الكبيرة بقيادة الرئيس السيسى

وزارة الرياضة تكشف لـ"اليوم السابع" نتيجة التحقيق فى فيديوهات المركز الأولمبي

كليكس إيجيبت تكشف تفاصيل تطبيق "مصر قرآن كريم" بالتعاون مع الشركة المتحدة

نجوم الفن يدعمون كريم محمود عبد العزيز وزوجته بعد نفيه شائعة الانفصال


ترامب: بوتين لن يسيطر على أوكرانيا فى وجودى

كواليس مران الزمالك استعدادا لمواجهة المقاولون في الدورى

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة

وزير التعليم يعلن تطبيق أعمال السنة على الصف الثالث الإعدادى

بريطانيا: خطط الاستيطان الإسرائيلية الجديدة انتهاك صارخ للقانون الدولى

محافظة الجيزة تعلن غلق كوبرى الجلاء 3 ساعات صباح الجمعة للصيانة

متظاهرون يغلقون شارع أيالون الرئيسى قرب تل أبيب للمطالبة بإعادة الرهائن

قرار مهم لوزير التربية والتعليم بعد قليل

26 شهيدا بنيران قوات الاحتلال فى غزة منذ فجر اليوم

قرار جمهوري بترقية عدد من مستشارى هيئة قضايا الدولة.. تعرف على الأسماء

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى