سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 17 نوفمبر 1930.. طه حسين يرفض إغراءات رئيس الحكومة إسماعيل صدقى باشا لتولى رئاسة تحرير جريدة «الشعب» الناطقة بلسان حزبه

الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربى
الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربى
أصدر الملك فؤاد، مرسوما ملكيا بتأليف وزارة جديدة برئاسة إسماعيل صدقى باشا يوم 20 يونيو 1930 خلفا لحكومة الوفد برئاسة مصطفى النحاس باشا، وكانت النية مبيتة عند تأليف هذه الوزارة الجديدة على إلغاء دستور 1923، وتلك كانت أمنية السراى، حسبما يؤكد عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الثانى من كتابه «فى أعقاب الثورة المصرية.. ثورة 1919»، مضيفا:»بدأت الوزارة عملها بتأجيل انعقاد البرلمان شهرا من 21 يونيو 1930، وأغلقت أبواب البرلمان بسلاسل من حديد حين أراد النواب عقد اجتماعهم».
 
فى 22 أكتوبر 1930 صدور أمر ملكى بإلغاء الدستور، وحل مجلسى الشيوخ والنواب، وإعلان دستور جديد، وصدر قانون انتخابات جديد منسجما مع الدستور الذى ابتدعته الوزارة، وأعلن إسماعيل صدقى تأسيس «حزب الشعب» واجتمعت جمعيته التأسيسية فى 17 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1930، ويذكر «الرافعى»: «أخذت الإدارة تروج لهذا الحزب، وتدعو الناس بمختلف وسائل التهديد والإغراء والتوريط إلى الدخول فى زمرته».
 
كان الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربى ممن رفضوا بإصرار إغراء إسماعيل صدقى، ويذكر الدكتور محمد حسن الزيات زوج ابنه طه حسين تفاصيل هذه القصة فى كتابه «ما بعد الأيام»، مشيرا إلى أنه فى أثناء هذه الأزمة تستأنف الجامعة الدراسة، ويقوم الاحتلال الإنجليزى بترشيح أستاذ إنجليزى هو «سترلنج» عميدا لكلية الآداب ويترشح طه حسين أمامه، وتجرى انتخابات العمادة، ويفوز طه حسين، ويعتمد وزير المعارف مراد سيد أحمد باشا النتيجة، ويصبح طه حسين أول عميد مصرى لكلية الآداب فى 16 نوفمبر 1930.
 
يضيف «الزيات»، أنه فى صباح اليوم التالى «17 نوفمبر» يتوجه عميد كلية الآداب الجديد إلى وزير المعارف ليشكره على التعيين، وينتقل الوزير إلى موضوع كلفه به إسماعيل صدقى وهو، أن يتولى طه رئاسة تحرير جريدة «الشعب» التى ستصدر قريبا وبإمكانيات غير محدودة لتكون لسان حال «حزب الشعب».
 
يرد طه، بأن دولة الرئيس كلف فى اليوم السابق شخصين آخرين بأن يتحدثا معه فى هذا الموضوع، وهما وزير المواصلات توفيق دوس باشا، وعبدالحميد بدوى باشا، وأن جوابه فى الحالين كان الرفض بغير تردد، لأنه لم يمض على انتخابه غير يوم واحد، وهو لا يريد أن يترك دراساته وزملاءه الذين انتخبوه ولا تلاميذه ولا كليته، رد مراد سيد أحمد، أن إسماعيل صدقى لا يريده أن يترك دراساته، بل يريد أن يتابع فى صحيفة الشعب نشر مقالاته الأدبية وبحوثه إلى جانب المقالات السياسية، وأنه سيكون حرا فى التحرير حرية كاملة، ورئيس الوزراء يؤكد أيضا أن مطالب طه حسين كلها، مادية وغير مادية مجابة مقدما.
 
يكرر طه حسين رفضه، فيقول الوزير: يظهر أن دولة رئيس الوزراء يعرفك جيدا فقد كلفنى أن أعرض عليك - إذا لم ترغب فى التفرغ لرياسة التحرير - أن تبقى عميدا لكلية الآداب على أن تكتب المقال الافتتاحى للجريدة فقط، ويرد طه: ليس إلى هذا سبيل، فيقول الوزير: إن صدقى باشا يقترح عليك موضوع المقال الافتتاحى فى العدد الأول للجريدة، وهو: «إن وجود حزب الشعب ضرورى لتحقيق المصالح المصرية الصحيحة»، يعلق طه ساخرا: «دولة الرئيس يحسن اختيار العناوين».
 
 يرد الوزير: وهو أخيرا يرضى أن تكتب المقال على أن ينشر بغير إمضاء، فيقول طه: «ليست المسألة يا معالى الوزير أن أكتب مقالا يملى على موضوعه أو لا يملى، وأن أمضيه أو لا أمضيه، وأن أتحكم فى مقابله المادى أو لا أتحكم، إننى لا أستخفى إذا أردت أن أقوم بعمل من الأعمال، المسألة يا باشا أننى لا أعرف إن كان وجود حزب الشعب ضروريا لتحقيق المصالح المصرية الصحيحة أم لا؟ ولكنى أعرف أن المصالح الصحيحة هى فى انصرافى إلى عملى فى كلية الآداب، الذى لم يمض على تعيينى لها غير يوم واحد، إن كتابتى فى جريدة الشعب تضرنا جميعا، ولا تنفع أحدا، وليس من مصلحة الحكومة أن يعرف الناس أن الموظفين يكتبون فى صحيفة، ولا ينبغى لعميد كلية الآداب أن يسخر نفسه للكتابة فى صحف الحكومة، فيتعرض بذلك لازدراء الزملاء والطلاب جميعا.
 
يقول الوزير: «لا داعى لأن أخبرك طبعا أنك لو قبلت ستكون محل التقدير والامتنان من أعلى مقامات البلد، على أنى أبلغتك رسالة دولة الرئيس، وسمعت كلامك وفهمت عذرك وسأنقل ذلك كله للرئيس».
 
يكشف الزيات، أن طه زار أحمد لطفى السيد مدير الجامعة فى مساء نفس اليوم، وقص عليه ما حدث، فبادر «لطفى» بالاتصال بعبدالحميد بدوى باشا، وترجاه أن يعمل كل ما يستطيع أن يصرف عن الجامعة هذه الكارثة، كان الرجاء الذى طلبه لطفى يعبر عن استشعاره بالعاصفة التى ستحل على الجامعة غضبا من موقف طه، ووفقا للزيات فإن طه كان يعلم أن رفضه إطاعة أوامر رئيس الحكومة لن يمر بغير عقاب.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الأهلي يستطلع رأي ريبيرو بشأن عروض الإعارة لـ محمد عبد الله

متى يتم طرد المستأجر .. شروط قانونية يجب توافرها

الطقس اليوم الأربعاء 9-7-2025.. أجواء شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء

"إنت الوحيد".. أغنية من كلمات وألحان تامر حسني في ألبومه بتوقيع شريف مكاوي

انتظام صرف معاشات شهر يوليو بالزيادة الجديدة 15%


إعلام عبرى: ترامب مارس ضغطا شديدا على نتنياهو لوقف النار فى غزة

منة القيعى بين "يا بخته" مع الهضبة و"كلام فارغ" مع أصالة

التشكيل المتوقع لموقعة بى إس جى ضد الريال فى نصف نهائى كأس العالم للأندية

قبل ما تشغل التكييف.. 9 نصائح تحميك من كارثة حريق مفاجئة

لو ناوى تنزل الصعيد.. اعرف مواعيد القطارات اليوم الأربعاء 9-7-2025


مدرب فلوميننسى بعد السقوط ضد تشيلسى: نغادر مونديال الأندية مرفوعى الرأس

اختبارات القدرات 2025 تبدأ السبت.. هل يمكن استرداد الرسوم حالة الرسوب؟

ترامب يعلن حضور نهائى كأس العالم للأندية 2025

ريال مدريد يطير إلى نيويورك استعدادا لخوض قمة باريس سان جيرمان.. صور

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

مدرب الزمالك السابق: يجب أن نمنح جون إدوارد الثقة الكاملة

صورة قديمة للراحلة رجاء الجداوى فى شبابها تستمع بالمصيف

كيف أنقذت مصر نفسها من كارثة بيولوجية بعد إحباط تهريب 300 كائن حى نادر فى مطار القاهرة؟.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراض وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصال لها.. وتسبب خسائر فى الثروة الحيوانية

فلومينينسي ضد تشيلسي.. جواو بيدرو يدون أول أهدفه مع البلوز "فيديو"

وزير الإتصالات: سنترال رمسيس لم يعد صالحا فى الوقت الحالى حتى تتم أعمال التبريد

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى