خالد دومة يكتب: منطق الأقوياء

خالد دومة
خالد دومة
إن الرعاية تحتاج إلى تلك القوة، التي تمهد لها الطريق نحو الأفضل، لا القوة التي تُبطش، ولا هم لها سوى السيطرة، وفرض الرأي، فالقوة  هنا، غيرها هناك، ومن يحمل هذه، غير الذي يحمل تلك، فليس بقوة تلك التي تهدم النفوس، وتبني للطغيان عرشاً، ولكن القوة هي التي ترمم على بينة، ما أفسدته الفطر المعوجة، والسلوك الشاذ، القوة بناء في النفوس والأرواح. 
إن القوي الذي انتزعت من قلبه الرحمة والحب، لهو أضعف الناس، مهما كان ذا بطش ونفوذ، إن استطاع قهر الأجساد، فلن يستطيع أن يقهر القلوب والأرواح، إن رهبته ظاهرية، وقوته خداع لا قيمة لها. 
 
وفي عالمنا لا صوت، فوق صوت القوة، فصوتها قوي مدوي، تحف به القنابل والرصاص، وتدوي من حولها صرخات الثكالى، الذي لا يُسمع.
 
من هنا لا يجد الحق متنفس، وتضيق به السبل، وينزوي في ركن ركين، يندب حظه العاثر، وتميل به الأيام إلى زاوية النسيان، فصورة الدم مفزعة، مربكة للنفوس، وقد تنهار وتتلاشى فيها، وعندما تؤمن بالحق إيمانا عميقا، يقف في وجهه عراقيل كبرى، لعلها اختبارات قاسية، لا يتجاوز مرارتها إلى القليل، والذي لا أثر له في معمعة القوة وطغيانها.
 
فمنطق القوة التي يؤمنون بها، هي الغلبة، الانتصار في جميع أحوالها، سواء كانت على حق، أو على باطل، فيجب أن تسود، أن يكون لها الكلمة الأولى، والرأي الأوحد، الذي ينبغي أن يفرض نفسه، وقد تكون قوة غاشمة، لا تعرف حق، ولا تنحني لعقل، فعليها هي أن تمضي قدما، إلى ما تريد، ومنطق القوة أمام الضعف، أن تمحوه، أو يكون هو التابع، حتى ولو كان معه الحق، فالحق الذي لا يقف خلفه قوة، لا قيمه له، ولا رأي، فالقوة حين تجابه أي شيء، أقل منها، فهي لا محالة طاغية، منطق الأقوياء أن الزعامة خلقت للأقوياء، لأنه الأولى والأقوى، والأرفع مقاما، فالوصول إلى القوة، إنما هي المزية التي ترفعه عن الأخر، وإن الحق معه أينما كان، وحيثما حل.
 
وكأن لسان حال القوة يقول للفلسطيني، أقبل أن تكون غريبا في وطنك، قدم القرابين للمحتل، أقبل أن تدهسك أقدامه، أن تموت تحت نعاله، لا تثور من أجل نفسك، من أجل وطنك، لا تحمل أحجارا من الطريق، لترمي بها عدوك، لا تحمل سلاحا تصون به أرضك المغتصبة، منطق العالم غريب مريب، ازدواجية في التعامل، في الحكم، في الميزان، إن القضية تحت وطأت السلاح، أن تقبل، أو تموت، تقبل أن تغتصب، أن تُنتهك، الخيار بين الموت، والرضا المهين، الموت أو تقبيل النعال، الموت أو الخضوع، الاستسلام التام راضيا، أن ترفع راية بيضاء، في قضية خاسرة محسومة، أن تلوح بيدك، الجوع أو الرضا، كي نطعمك، كي تعيش عبدا، أليس الخير لك، أن تعيش عيشة الأرقاء، خير من موتك، من أن لا تعيش، إن الإنتفاضة من أجل الكرامة الإنسانية، لا يملأ المعى، لا يسد الرمق، القضية ليست قضية، أحكامها محسومة، لأنها لا توجد من الأساس، كيف تكون قضية، لشعب يحاول أن يسمح له مغتصب أرضه، أن يسمح له بأن يعطيه الفتات، كي يعيش عليه، يسمح له بأن يعطيه كوخ في نهاية أرضه، كي يعيش، يتفاوض على السماح له بأن يرضى بالقليل، إذا ما فاض من العدو، يأخذ ما يريد، ويترك له مايشاء، وبعد كل هذا، لا يريد ان يترك له أي شيء سوى الخراب، أن يُلقي له بالشغت، بالجيف، وليس له أن يعترض، أو يثور، فهي منحة منه، منة عليه، يجب أن يشكره ويحمد آلائه، وإن أعترض فهو كافر، بالنعم جاحد، ينظر إليه العالم نظرة ازدراء، على إنه إرهابي مقيت، همجي لا معرفة لديه بأدب اللياقة، أو أدب الحضارة، الحضارة التي تريد أن تسلبه الأرض والحياة، لمن لا حق لهم في الأرض، وكيف للحضارة أن تكون عوراء، تنظر بعيون عمياء، إن الحضارة التي لا تميز بين الحق الواضح الصريح، والباطل الواضح الصريح، هي حضارة تحتاج إلى الهدم، ثم البناء من جديد، إنها مزيفة لا نرى منها سوى صورة جميلة، بعقيدة فاسدة، ولن تقوى الحياة، على أن تستمر  بهذا الوضع، سوف تنهار إن لم يكن اليوم فغدا، فالباطل الذي يفرض بقوة الجبروت، والطغيان، سوف تُعريه الأيام، وتنفض عنه أوساخه، وترابه لا محالة، سوف يسقط إن لم يكن بأيدي الحق، فبهشاشة الباطل، وضعفه من الداخل.  

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أزمة مباراة القمة.. الزمالك يترقب قبل التصعيد للمحكمة الرياضية

زلزال مصر 2025.. البحوث الفلكية يكشف أسباب شعور المصريين بالزلزال.. معهد الفلك: لا يمكن التنبؤ بالزلازل والأوضاع فى مصر مستقرة.. تعليمات عاجلة للمواطنين وخط ساخن للإبلاغ عن حالات الطوارئ

أزمة مباراة القمة.. لجنة التظلمات تحسم غدا قرارها بشأن لقاء الأهلى والزمالك

وفاة شخص وإصابة 14 آخرين فى انقلاب ميكروباص بالفيوم

قائمة المنتخبات المتأهلة لكأس العالم للشباب في تشيلي..مصر الأبرز فى أفريقيا


زلزال بقوة 6.4 درجة على مقياس ريختر يضرب تونجا

أكرم القصاص يكتب: على هامش لقاء مع وزير السياحة.. التسويق المطلوب لكنوزنا السياحية

معهد الفلك: لا يمكن التنبؤ بالزلازل.. والأوضاع فى مصر مستقرة

تقارير تكشف موعد وصول مدرب الأهلى الجديد جوزيه ريفيرو للقاهرة

رحمة محسن من بائعة قهوة لتصدر مشهد الأغنية الشعبية


اشتباكات مسلحة وفوضى أمنية فى ليبيا.. فرار أخطر السجناء من سجون طرابلس

حدث ليلا.. تغطية شاملة لزلزال اليوم بقوة 6.4 ريختر: كان قويًا نسبيًا

تفاصيل زلزال "نص الليل".. سكان القاهرة والمحافظات يشعرون بهزة أرضية بقوة 6.4 ريختر.. البحوث الفلكية: قوى نسبيًا.. واستغرق أقل من 20 ثانية.. ورصدنا هزتين ارتداديتين.. والهلال الأحمر: لم ترد بلاغات بوقوع أضرار

فحص طبى ينتظر رامى ربيعة ومحمد هانى فى الأهلى استعداداً لمواجهة البنك

تفاصيل ميلاد هلال ذو الحجة وموعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025

زلزال جديد.. الشبكة القومية ترصد أول هزة ارتدادية بقوة 2.69 ريختر

زلزال اليوم.. هزة أرضية تضرب القاهرة وعددا من المحافظات.. البحوث الفلكية: قوته 6.4 ريختر على بعد 631 كم شمال رشيد.. ورئيس المعهد: عمق الزلزال كان كبيرًا.. ويطمئن المواطنين: نتابع تداعيات الهزة الأرضية بشكل دقيق

عاجل.. زلزال يضرب القاهرة وعددا من المحافظات

وفاة جورج وسوف شائعة وحالته الصحية بخير ويستعد لجولته الغنائية فى أوروبا

"فى منزلنا جثة".. قصة شقة عاش سكانها فوق جثمان مدفون 8 سنوات بالإسكندرية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى