ما حكم التداوى بالكى؟.. دار الإفتاء تجيب

دار الإفتاء
دار الإفتاء
كتب لؤى على
هل يجوز التداوى بالكيّ؟ فهناك امرأة تعاني منذ فترة من حبوب زائدة بارزة في اليد وأخذت علاج لذلك، لكن لم يتم شفاؤها، وقد أخبرها أهل الخبرة في التداوي أنها تحتاج إلى كيّ في حالة عدم نفع العلاج؛ وتسأل هل العلاج بالكي جائز شرعًا؟، سؤال ورد لدار الافتاء وجاء الرد كالآتى: 
 
 
يجوز شرعًا التداوي بالكيِّ للمريض الذي غلب على ظنه أن الكيّ هو الدواء المناسب له؛ لعدم جدوى غيره من أسباب التداوي؛ لحاجة المريض إلى ذلك، ولما فيه من المداواة وإزالة الضرر.
 
 
 
 
ما ورد في نصوص الشرع من الحث على التداوي
تضافرت النصوص الشرعية في الحثّ على التداوي والأخذ بأسباب العافية؛ فروى البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً».
 
وروى مسلم في "صحيحه" عن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ؛ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ».
 
وروى أبو داود في "سننه" عن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم وَأَصْحَابُهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قَعَدْتُ، فَجَاءَ الْأَعْرَابُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَتَدَاوَى؟ فَقَالَ: «تَدَاوَوْا؛ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ: الْهَرَمُ».
 
حكم التداوي بالكي والأدلة على مشروعيته
الكيّ من العلاجات المعروفة في الطبّ القديم، ويكون عن طريق استعمال حديدة محماة تكوى بها مواضع معينة لعلاج بعض الأمراض، وهو مأخوذ من: [كَواهُ البيطار وغيره يَكْوِيه كيًّا: أحرق جلده بحديدة ونحوها، ومنه قولهم: "آخر الدواء الكَيُّ"]. انظر: "تاج العروس" (39/ 423، ط. دار الهداية).
 
والكيُّ من العلاجات التي أباحها الشرع الشريف عند عدم نفع الأدوية؛ والأصل في مشروعيَّته:
 
ما رواه مسلم في "صحيحه" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: "رُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رضي الله عنه فِي أَكْحَلِهِ، قَالَ: فَحَسَمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بِيَدِهِ بِمِشْقَصٍ ثُمَّ وَرِمَتْ فَحَسَمَهُ الثَّانِيَةَ".
 
وما رواه أيضًا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ: "بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ طَبِيبًا، فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقًا، ثُمَّ كَوَاهُ عَلَيْهِ".
 
قال الإمام النووي في شرح الحديث من "شرحه لصحيح مسلم" (14/ 193، ط. دار إحياء التراث العربي): [وذَكَرَ الكيّ؛ لأنه يُستعمل عند عدم نفع الأدوية المشروبة ونحوها، فآخر الطب الكيّ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ» إشارة إلى تأخير العلاج بالكيّ؛ حتى يُضطرَ إليه، لما فيه من استعمال الألم الشديد في دفع ألم قد يكون أضعف من ألم الكيّ] اهـ.
 
توجيه ما ورد في السنة النبوية من إباحة التداوي بالكي والنهي عنه
أما ما ورد في بعض الأحاديث التي ظاهرها النهي عن الكيّ فمحمول على عدم الحاجة إلى الكيّ؛ وقد جمع الحافظ ابن حجر العسقلاني بين هذه الأحاديث الواردة في الكي؛ فقال في "فتح الباري" (10/ 155-156، ط. دار المعرفة): [قوله: (باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو): كأنه أراد أن الكي جائز للحاجة، وأن الأولى تركه إذا لم يتعين، وأنه إذا جاز كان أعم من أن يباشر الشخص ذلك بنفسه أو بغيره لنفسه أو لغيره، وعموم الجواز مأخوذ من نسبة الشفاء إليه في أول حديثي الباب، وفضل تركه من قوله: «وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ»، وقد أخرج مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر قال: رُمِيَ سعد بن معاذ على أَكْحَلِهِ فَحَسَمَهُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن طريق أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "بعث إلى أبي بن كعب رضي الله عنه طبيبًا فقطع منه عرقًا ثم كَوَاهُ"، وروى الطحاوي وصححه الحاكم عن أنس رضي الله عنه قال: "كَوَانِي أبو طلحة في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم"، وأصله في البخاري، وأنه كُوِيَ من ذات الجَنْبِ وسيأتي قريبًا، وعند الترمذي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كَوَى أَسْعَدَ بن زُرَارَة من الشَّوكَة، ولمسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه: "كَانَ يُسَلِّمُ عَليّ حَتَّى اكتويت فَترك ثُمَّ تَرَكْتُ الْكَيَّ فعاد"، وله عنه من وجه آخر: إن الذي كان انقطع عني رجع إلي؛ يعني تسليم الملائكة كذا في الأصل، وفي لفظ: "أنه كان يسلم عليَّ، فلما اكتويت أمسك عني، فلما تركته عاد إلي"، وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي عن عمران رضي الله عنه: "نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الكي، فاكتوينا، فما أفلحنا ولا أنجحنا"، وفي لفظ: "فلم يُفْلِحْنَ وَلَمْ يُنْجِحْنَ"، وسنده قوي، والنهي فيه محمول على الكراهة أو على خلاف الأولى؛ لما يقتضيه مجموع الأحاديث، وقيل إنه خاص بعمران؛ لأنه كان به الباسور وكان موضعه خطرًا فنهاه عن كيه، فلما اشتد عليه كواه فلم ينجح. وقال ابن قتيبة: الكيّ نوعان: كي الصحيح لئلا يعتل، فهذا الذي قيل فيه: لم يتوكل من اكتوى؛ لأنه يريد أن يدفع القدر، والقدر لا يدافع، والثاني: كيّ الجرح إذا نَغِلَ أي: فسد، والعضو إذا قطع فهو الذي يُشرع التداوي به، فإن كان الكي لأمر محتمل فهو خلاف الأولى؛ لما فيه من تعجيل التعذيب بالنار لأمر غير محقق، وحاصل الجمع: أن الفعل يدل على الجواز، وعدم الفعل لا يدل على المنع، بل يدل على أن تركه أرجح من فعله، وكذا الثناء على تاركه، وأما النهي عنه: فإما على سبيل الاختيار والتنزيه، وإما عما لا يتعين طريقًا إلى الشفاء، والله أعلم] اهـ.
 
وقال المازري في "المُعْلِم بفوائد مسلم" (3/ 169، ط. الدار التونسية للنشر): [وتعقيبه بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا أحبّ أن أكتويَ» إشارة إلى أن يؤخَّر العلاج به حتى تدفع الضرورة إليه ولا يوجد الشفاء إلا فيه؛ لما فيه من استعجال الألم الشديد في دفع ألم قد يكون أضعفَ من ألم الكيّ] اهـ.
 
من هنا يظهر أنَّ مقصود الشارع هو النهيُ عن الكيّ الذي يُبادر إليه الصحيح رغبةً في التَّحَصُّن من المرض أو الذي يرتكبه المريض مع وجود غيره ممَّا لا ألم معه من الأدوية، أو مع اعتقاد التأثير الذاتي للكي.
 
أما المريض الذي غلب على الظن أن الكيّ هو الدواء المناسب له؛ لعدم جدوى غيره من أسباب التداوي فهو: مشروع في حقه؛ للحاجة، ولما فيه من المداواة وإزالة الضرر.
 
 

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

فحص الخلافات العائلية ورفع البصمات.. مواصلة التحريات لكشف ملابسات سرقة نوال الدجوى

ليفربول يتقدم على برايتون بهدفين مقابل هدف بالشوط الأول بمشاركة محمد صلاح.. فيديو

نوال الدجوى.. ماذا قالت التحريات الأولية عن سرقة فيلا 6 أكتوبر ؟

فرص عمل للصيادلة بمرتبات تصل لـ9400 جنيه.. تفاصيل

حال حصد الدرع الـ45.. عماد النحاس عاشر مدرب وطني يقود الأهلي للتتويج بالدوري


الإدارة الأمريكية لـ"إسرائيل": أوقفوا الحرب على غزة وإلا سنتخلى عنكم

الجميع بخير.. رعاية طبية متواصلة لحجاجنا في الأراضي المقدسة

استمرت أكثر من ساعتين.. الرئيس الروسي يعلن تفاصيل محادثاته مع ترامب

فهد المولد.. هل يعود إلى الملاعب بعد غيبوبة تجاوزت 8 أشهر وأرقام مميزة؟

ساعات دامية فى السودان.. مقتل 14 فى قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين بشمال دارفور.. وفاة 19 شخصا بينهم أطفال فى هجوم جديد على الفاشر.. 9 قتلى فى استهداف معسكر درع السودان.. والجيش يسيطر على منطقة استراتيجية


بصحبة زوجته والقط.. أول صورة لجو بايدن بعد إعلان إصابته بالسرطان

مرض بايدن يطغى على عاصفة كتاب "الخطيئة الأصلية".. إعلان إصابة جو السابق بسرطان البروستاتا يثير موجة دعم ومساندة له.. التشخيص جاء فى ظل غضب الديمقراطيين من من إصراره على إعادة الترشح رغم تدهور حالته الصحية

رمضان صبحى يخضع لجلسة استماع أمام المحكمة الرياضية فى قضية المنشطات

جنود إسرائيليون يتنكرون في زى نسائى لاختطاف قائد بحركة حماس.. تفاصيل

تعيين رئيسة النقل بـ"إيجماك" يثير غضب المستثمرين لمخالفته قانون الكهرباء بالفصل عن القابضة.. اختيار عضو "جهاز المرفق" ورئيس التفتيش التجارى بمجالس الإدارات يشكك في قانونيتها.. والوزير يوجه بمراجعة القرارات

غدا طقس حار بالقاهرة شديد الحرارة جنوبا ونشاط رياح والعظمى بالعاصمة 31 درجة

التحريات بسرقة الدكتورة نوال الدجوي: أحد المترددين على الفيلا وراء الواقعة

تزوجى من غيرى ولا تحرمى نفسك من شىء.. آخر كلمات إيلى كوهين فى وصيته

تشكيل ليفربول المتوقع ضد برايتون في الدوري الإنجليزي.. محمد صلاح أساسيًا

حارس الأرجنتين يدخل دائرة اهتمامات برشلونة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى