المساعدات الإنسانية لغزة تعكس قوة تأثير الدبلوماسية المصرية.. القاهرة حشدت ضغوطا دولية على الاحتلال لإرغامه على مرور القوافل الإغاثية للقطاع.. وأثبتت انسجام رؤيتها السياسية مع البعد الإنسانى

بيشوى رمزى

بات الوجه الإنسانى للدبلوماسية المصرية، أحد أهم الأدوات التى اعتمدتها، فى السنوات الأخيرة لتعزيز دورها، انطلاقا من رؤية قائمة على تعزيز الاستقرار فى مناطقها الجغرافية، وليس على أساس نظريات "النفوذ" التقليدية، والقائمة على التدخل فى شؤون الدول الأخرى، وهو ما يبدو فى الكثير من المشاهد الإقليمية، بدءً من زلزالى سوريا وتركيا، مرورا بالصراع بين السودان، وحتى العدوان الوحشى الذى تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة، والذى طال المدنيين ومساكنهم ومستشفياتهم وصولا إلى دور العبادة فى انتهاكات تصل إلى مرتبة "جرائم الحرب".

 

وبالنظر إلى دبلوماسية مصر الإنسانية، فيما يتعلق بالمساعدات المقدمة لسوريا وتركيا، نجد أنها كانت إنسانية بحتة، تتلائم مع الحدث، بينما كانت نتائجها السياسية ملموسة حيث ساهمت فى تحقيق الاستقرار الإقليمى، حيث فتحت المجال أمام تعزيز الرؤية المصرية القائمة على ضرورة احتواء الخلافات بين القوى الرئيسية فى المنطقة، وتحويل بوصلتها نحو التعاون، وهو ما ساهم فى سلسلة من المصالحات بين أنقرة والدول العربية من جانب، بالإضافة إلى تجاور الخلافات العربية السورية، وعودة سوريا إلى مقعدها فى جامعة الدول العربية من جانب آخر، بينما حمل الصراع فى السودان وجها آخر تجسد فى دخول المساعدات من جانب، والمساعدة فى إجلاء السودانيين الفارين من نيران المعركة والأجانب المحاصرين هناك تمهيدا لنقلهم إلى دولهم، وهو ما يعكس محدودية التداخل السياسى على خط الأزمة، بحيث يقتصر على الدور الإغاثى، عبر المساعدات والإجلاء، إيمانًا بضرورة الخروج بحل من الداخل، وهو ما انعكس على محدودية القمة التى دعت لها مصر والتى اقتصرت على دول الجوار فقط.

 

أما دبلوماسية مصر الإنسانية فى غزة، حملت بعدًا ثالثًا، تداخلت فيه الجوانب السياسية بالإنسانية، لتسلط الضوء على قدرة الدولة المصرية فى إضفاء قدرا من الخشونة على سياساتها الإنسانية، وهو ما بدا فى العديد من المشاهد التى بدأت مع اندلاع الأزمة، فى ظل العديد من المعطيات، أولها الطبيعة الوحشية للعدوان ذات الطابع الانتقامى، بالإضافة إلى تاريخ الصراع طويل الأمد والذى تجاوز السبعة عقود من الزمان، بينما يبقى التداخل الدولى العميق فى جذور الصراع بعدا ثالثا، لا يمكن تجاهله، وهو ما يفسر الدعوة المصرية واسعة النطاق لعقد قمة دولية تحت عنوان "القاهرة للسلام"، والتى انعقدت بمشاركة عالمية واسعة فى العاصمة الإدارية الجديدة، فى 21 أكتوبر الماضي.

 

التداخل بين الدبلوماسية التقليدية، والجانب الإنسانى فى السياسة المصرية، بدا واضحا فى التزامن بين انعقاد القمة ودخول أول قافلة مساعدات لسكان غزة، رغم التعنت الإسرائيلى فى هذا الإطار، وهو ما يعكس نجاعة الضغوط السياسية المصرية، لتحقيق أهدافها الإنسانية، بينما حشدت توافقا دوليا، سواء خلال القمة، أو اللقاءات الثنائية التى عقدها الرئيس عبد الفتاح السيسى مع قادة وزعماء العالم، حول ضرورة دخول المساعدات، لل ونجاحها منقطع النظير فى الحصول على تعهدات من العديد من الدول الغربية لإرسال مساعدات إلى القطاع المحاصر بالقصف، مما يساهم فى تقويض أيه مخططات لاستهداف القوافل الإغاثية أو منع دخولها من قبل سلطات الاحتلال.

 

لم تتوقف الدبلوماسية المصرية، عن استخدام تأثيرها الدولى العميق لتعزيز الجانب الإنسانى على مجرد دخول المساعدات إلى القطاع أو منع استهدافها، وإنما مارست ضغوطا كبيرة على العالم لمنع قصف المستشفيات فى غزة، حيث اعتبرت أن مرور الأجانب ومزدوجى الجنسية يبقى مرهونا بالتوقف عن هذه الممارسات الوحشية، والتى تمثل انتهاكا صريحا للأعراف والقوانين الدولية، والتى تقع فى خانة "جرائم الحرب".

 

وهنا يمكن القول بأن المشهد الراهن فى قطاع غزة يمثل انعكاسا جديدا لحالة من الانسجام بين أهداف الدبلوماسية المصرية، وأدواتها الانسانية، حيث تهدف الأخيرة إلى المساهمة فى إضفاء الاستقرار، سواء فى صورته الإقليمية، على غرار سوريا وتركيا، أو على مستوى الداخل، كما هو الحال فى المشهد السودانى، أو فى حالات العدوان كما يبدو حاليا فى الأراضى الفلسطينية، بينما تبقى لكل حالة أدواتها التى تستخدمها الدولة المصرية لتعزيز أهدافها بحسب المعطيات والظروف المرتبطة بكل حالة.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الوطنى الفلسطينى: اعتداءات المستوطنين المتصاعدة تمارس برعاية مباشرة من جيش الاحتلال

قرار جديد من النيابة بشأن المتهم بإصابة 4أشخاص وإتلاف 3سيارات بكوبرى أكتوبر

طاقم حكام مصري بقيادة أمين عمر لمباراة كينيا وجامبيا بتصفيات كأس العالم

مصرع طفلين غرقا فى مياه ترعة بالشرقية

الهند تعلن ارتفاع حصيلة عاصفة مطيرة فى "جامو وكشمير" لـ 160 قتيلا ومصابا


نانسى عجرم: بقرأ أخبار حلوة عن أنغام.. أتمنى تكون صحيحة ونرجع نشوفها بأسرع وقت

ميلانيا ترامب تطالب نجل بايدن بمليار دولار تعويض بسبب جيفرى ابستين

مقتل عنصرين جنائيين شديدى الخطورة فى تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة

قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا

موقع معزول ومحصن أمنيا.. تعرف على القاعدة المستضيفة للقاء ترامب وبوتين


الزمالك أمام المقاولون العرب فى الدورى.. موعد المباراة والقناة الناقلة

مصير المطلقة المتمكنة من شقة "إيجار قديم" بعد إقرار القانون الجديد

البريد أبرزها.. 3 طرق لتلقى طلبات حجز وحدات بديلة لمستأجرى الإيجار القديم

العش وعمر كمال على رأس 11 لاعبا يغيبون عن الأهلى أمام فاركو الليلة

أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات.. تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر

حسام حسن يستقر على 25 لاعبًا لمباراتي إثيوبيا وبوركينا فاسو

الأهلى يبحث عن تصحيح المسار الليلة أمام فاركو بالدوري المصري

أحمد العطار يعود للساحة الفنية بكليب "تعالى" بعد غياب سنوات

بتروجت يصطدم اليوم بكهرباء الإسماعيلية بحثا عن الفوز الأول في الدورى

مواعيد قطارات خط القاهرة أسوان والإسكندرية والعكس اليوم الجمعة 15-8-2025

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى