سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 1 ديسمبر 1913.. اختفاء منصور فهمى بعد مناقشة رسالته للدكتوراه فى باريس عن «وضع المرأة فى الإسلام» والجامعة المصرية ترفضها

منصور فهمى
منصور فهمى
أعلنت الجامعة المصرية بعد افتتاحها عام 1908 ابتعاث بعثة لدراسة الفلسفة بجامعة باريس، فتقدم الطالب منصور فهمى الذى كان يدرس بالحقوق، واجتاز الامتحان وسافر عام 1908، ومكث خمس سنوات درس فيها الفلسفة والعلوم الأخرى، وتتلمذ على يد «ليفى بريل» أحد أقطاب المدرسة الاجتماعية، حسبما يذكر الدكتور محمود محمد على فى مقاله «منصور فهمى نصير المرأة»، فى صحيفة «المثقف» الإلكترونية، 12 مايو 2022.
 
حصل «فهمى» يوم 1 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1913 على الدكتوراه عن «وضع المرأة فى تراث الحركة الإسلامية عبر تطورها»، فأثيرت ضجة كبرى حولت صاحبها من حال إلى حال، وغيرت نظم فى الجامعة المصرية الوليدة.
 
كان «فهمى» يبلغ 27 عاما وقتئذ، فهو من مواليد إحدى قرى المنصورة بمحافظة الدقهلية عام 1886، والتحق بكتاب القرية، وأتم دراسته الابتدائية بالمنصورة، ثم التحق بإحدى المدارس الثانوية الفرنسية بالقاهرة، وعقب حصوله على الشهادة الثانوية التحق بمدرسة الحقوق، ثم بعثته الجامعة المصرية إلى فرنسا للدكتوراه فى الفلسفة.
 
انتهى «فهمى» من إعداد رسالته، وتحدد له يوم مناقشتها، وحسب كتاب «دور جامعة القاهرة فى بناء مصر الحديثة» تأليف، «دونالد مالكولم»، ترجمة، إكرام يوسف: «أزعج العنوان فى حد ذاته المسؤولين بالجامعة المصرية، الذين أغلقوا قسم الطالبات قبل ستة شهور، فأبرق مجلس الجامعة إلى باريس طالبا تأجيل مناقشة فهمى للرسالة، وكان مقررا عقدها فى أول ديسمبر 1913، ولكن المناقشة جرت فى موعدها، ونال فهمى الدكتوراه، وبعد أربعة أيام اجتمع المجلس لبحث الأمر، وحضر هذا الاجتماع ماسبيرو، وعالم الآثار الإسلامية على بك بهجت».
 
يضيف «مالكولم»: «كانت الجامعة المصرية قد سددت ثمن طباعة الرسالة، فأبرقت إلى باريس بطلب إعادة النسخ الباقية، وأصدرت أمرا بعودة فهمى إلى الوطن، وبعد ذلك حرصت الجامعة على مراجعة جميع موضوعات الرسائل ومسوداتها قبل تقديمها إلى الجامعات الأوروبية، وألغت الجامعة تعيين فهمى فى منصب الأستاذية، كما حرم من العمل فى الوظائف الحكومية، واستمرت الجامعة عاما كاملا دون تدريس مادة الفلسفة، ثم أوكلتها إلى مستشرق إسبانى»
كان الدكتور طه حسين، ممن طبقت عليهم الجامعة المصرية شرطها بأن تتلقى رسالته عن «ابن خلدون» قبل مناقشتها فى «السوربون»، ويذكر فى سيرته «الأيام»: «كان الصديق الكريم الدكتور منصور فهمى، هو الذى اضطر الجامعة إلى أن تأخذ طلابها فى أوروبا بأن يعطوا على أنفسهم هذا العهد»، يضيف: «الناس لم ينسوا ما أثارت رسالة الدكتور منصور فهمى من ضجيج وعجيج أثار سخط الهيئات الرسمية أولا، وسخط الرأى العام بعد ذلك، واضطر الصديق الكريم أن ينأى عن مصر قريبا من عام، ولا يعود إليها إلا حين اضطرته الحرب إلى أن يعود، وحيل بينه وبين التعليم فى الجامعة أعواما، حتى إذا كانت الحركة الوطنية سنة 1919، وما نشأ عنها من الأحداث ومن تحرر العقول، أذن له بما كان ينبغى أن يؤذن له فيه منذ أتم دراسته فى فرنسا، ومنذ أثار الدكتور منصور ذلك الضجيج أقامت الجامعة نفسها رقيبا على رسائل طلابها، وأخذت عليهم العهد ألا يقدموا رسائلهم إلى الجامعات الأجنبية، حتى تأذن لهم هى فى ذلك، بعد أن تقرأ الرسائل وتقرها». 
 
يلخص «مالكولم» منهج رسالة «فهمى» الذى أثار هذه الضجة، قائلا : «مثلما فعل محمد عبده وقاسم أمين، حرص فهمى على التمييز بين جوهر المعتقدات الإسلامية الأصلية، وبين العادات والتقاليد التى أضيفت إليها لاحقا، وبدت فى آخر الأمر كما لو كانت جزءا مقدسا من الإسلام، ولكن فهمى أدار ظهره لمحمد عبده، واتبع المستشرقين بأسس دينية مزعزعة، فأطلق على جوهر الإسلام «المحمدية»، وعلى الإضافات المستحدثة «الإسلامية»، وفتحت هذه الأسس المزعومة المجال للمزالق مع مواصلة فهمى التأكيد على أن وضع المرأة العربية تدهور مع مجىء الإسلام».
 
أمضى «فهمى» سنوات عصيبة تلت عودته من فرنسا، وفيما يذكر الدكتور محمود محمد على أنه «لم يجد سوى الاختباء فى قريته قرابة السبع سنوات حتى قيام ثورة 1919، وكانت عودته مشروطة بأن يعتذر أو بمعنى أدق يعلن توبته عما اقترفه عقله، فأذعن لذلك»، يذكر «مالكولم» أنه عمل سكرتيرا بجمعية الصليب الأحمر، وأصدر المقالات التى جمعت فيما بعد فى كتاب «خطرات النفس»، وأدى اندلاع ثورة 1919 إلى صرف الأنظار عن هرطقته، وفى عام 1920 عينته الجامعة المصرية سرا بنظام المكافأة لتدريس الفلسفة العربية والغربية، وعندما لم تقع متاعب بسبب ذلك انضم فى العام التالى لهيئة التدريس، وواصل التدريس خمسة عشر عاما أخرى، إلا أن ثقته فى نفسه كانت اهتزت، فلم يعد ينشر سوى كتابات قصيرة على نحو متقطع، ثم أصبح بعد ذلك مادة للسخرية تمثلها شخصية الدكتور إبراهيم عقل فى رواية «المرايا» لنجب محفوظ.   
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

إسرائيل تحشد نحو 100 ألف جندى احتياط لتنفيذ خطة احتلال كامل لقطاع غزة الفلسطينى.. رئيس الأركان الإسرائيلي: الجيش يكمل استعداداته لتعميق هجومه ضد حماس.. وإعلام عبرى: ترامب يطلب من نتنياهو تسريع العمليات العسكرية

وسام أبو علي: فخور ومتحمس للغاية لبدء فصل جديد مع كولومبوس

الأهلى يتفوق على فاركو في القيمة التسويقية قبل لقاء الليلة.. إنفو جراف

الداخلية تكشف تفاصيل مشاجرة بين شخص وصاحب ورشة توكتوك

الأرصاد: انخفاض تأثير الكتل الهوائية شديدة الحرارة شمال البلاد اليوم وغدا


قرار جديد من النيابة بشأن المتهم بإصابة 4أشخاص وإتلاف 3سيارات بكوبرى أكتوبر

سفير الهند بالقاهرة: علاقاتنا مع مصر مهيأة لتصبح شراكة مستقبلية طموحة

مسار يرفض رحيل مايا إيهاب رغم تمردها بسبب إغراءات الأهلى

موقع معزول ومحصن أمنيا.. تعرف على القاعدة المستضيفة للقاء ترامب وبوتين

أخيرا.. موعد انكسار الموجة شديدة الحرارة وانخفاض الدرجات


موسم صيد الإخوان.. مطاريد الشرق والغرب.. انتفاضة عالمية فى مواجهة شرور الجماعة الإرهابية.. وحلفاء الماضى يستفيقون على مخاطر وألاعيب عصابة حسن البنا.. صيحات دولية تؤكد: لا مكان لا مكان للإخوان فى مجتمعاتنا

أنقذها القومى للطفولة مرتين.. نجاة فتاة أبو المطامير من الزواج بعمر 16 عاما

أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات.. تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر

شديد الحرارة رطب نهارا حار ليلا.. تفاصيل الطقس والظواهر الجوية المرتقبة

حسام حسن يستقر على 25 لاعبًا لمباراتي إثيوبيا وبوركينا فاسو

تفاصيل إحالة عامل للمحاكمة بتهمة التعدى على سيدة داخل سيارة

الطقس اليوم.. شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة والعظمى بالقاهرة 38 وأسوان 49

أحمد العطار يعود للساحة الفنية بكليب "تعالى" بعد غياب سنوات

آخر فرصة.. محافظة القاهرة تغلق باب التحويلات المدرسية اليوم

عمر مرموش يتصدر أغلى اللاعبين الأفارقة في الدوري الإنجليزي الموسم الجديد

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى