ألزهايمر وموت الضمائر

أميرة خواسك
أميرة خواسك
أميرة خواسك

المرض هو واحد من أصعب الابتلاءات التي يصاب بها الإنسان، وصعوبتها لا تتوقف عنده فقط بل تمتد لأسرته ومحبيه ، وتجاوز أي شخص لمحنته المرضية جانب كبير منها يتوقف على مدى الرعاية والاهتمام الذي يحظى به المريض في محيطه القريب ، لكن من أصعب الأمراض التي يبتلى بها المريض وأسرته هو مرض ألزهايمر، أو ما يعرف بخرف الشيخوخة، ويبدأ بصعوبة في التذكر خاصة الأحداث القريبة، ثم يتطور إلى ضعف التفكير والتذكر بسبب الضعف المتزايد لخلايا المخ ، حتى تصل أحيانا ألا يعرف الشخص نفسه في المرآة!

تأتي صعوبة هذا المرض لكونه من الأمراض القليلة التي وقف الطب أمامها حائرا، فحتى الآن ليس هناك علاجا ناجعا، وأسبابه ليست مؤكده ، وحتى إيقاف تدهوره غير مطروح، أما الأصعب من كل هذا أن الاستعداد له على المستوى الإنساني والاجتماعي لا تأهيل ولا تعامل لائق بصدده إلا فيما ندر ، وهو أمر شديد القسوة سواء على المريض أو ذويه . فمهما أصيب الإنسان بأمراض خطيرة وهو واع وعاقل ورشيد فإن الأمر محتمل، ولكن فقدان الذاكرة والعقل فتلك مصيبة كبيرة عفانا الله وإياكم منها ، ولقد شاهدت في حياتي نماذج لأناس ملء السمع والبصر تتحول حياتهم وحياة من حولهم لمأساة حين يتعرضون لمثل هذه الأمراض، ويصبحون كالأطفال ، فإذا ما رزقهم الله بأهل رحماء يدركون ما رزقهم الله به من ابتلاء مرت الأمور بسلام على قدر صعوبتها على المريض وعلى أهله ، وهناك آخرين أصيبوا في جسدهم وظل عقلهم يقظ فتكون مأساتهم أهون لأنهم ببساطة واعون .

أقول هذا بعد أن شاهدت على حساب إحدى السيدات حواراً بينها وبين والدتها المصابة بالزهايمر، الذي وضعته عنوانا على الڤيديو ، وأخذت تسترسل في الكلام مع والدتها التي تطلب منها أن تذهب إلي بيت جدتها التي توفيت منذ خمسين عاما وأمها منذ ربع قرن ، وبعبارات واهنة تصر أن بيتها وبيت أهلها لا يزال موجودا، بينما إبنتها تذكرها أن البيت غير موجود وتؤكد عليها بين حين وآخر أن هؤلاء قد ماتوا جميعا وأنها تتوهم لأنها مصابة بالزهايمر . فترد الأم بما يوجع القلب : يعني الدار مفيهاش حد ؟!

أقدر تماما ما تتحمله هذه الابنه تجاه أمها ، وأقدر إقامة الأم في بيتها ، وأدرك تماما صعوبة هذا المرض اللعين ، ومدى معاناة أهل المريض، لكنني في الحقيقة شعرت بضيق وحزن شديدين على هذه الأم، التي توقفت ذاكرتها عند جدتها وأمها، وتوقفت الحياة لديها منذ سنوات طويلة، وأقدر تحمل ابنتها لكل هذه المصاعب، لكني لا أفهم سبب لإقدام هذه الابنة على بث ڤيديو لوالدتها يثير الشفقة لدى النبلاء، ويثير الضحك لدى الجبناء ، فأي فريق أرادت هذه الابنة أن تتجه إليه حين عرضت على الملأ ما تعانيه والدتها ؟

الأمر الآخر ، كل سؤال للأم كان يتلوه تذكير لها بأن هؤلاء قد رحلوا وأنها مصابة بالزهايمر ، هكذا ( أنت يا ماما مصابة بالزهايمر لهذا لا تتذكرين)  ! ألا يعد هذا نوع من القسوة على تلك السيدة التي لا حول لها ولا قوة ؟ ثم ماذا يسمى ما تقوم به الابنة إلا تجارة بمرض أمها التي من المؤكد أنها لو كانت واعية ما تجرأت ابنتها على هذا الفعل ؟ ثم هل لو أصيبت هذه الابنة في شيخوختها بنفس المرض وهذا وارد ربما بعوامل الوراثة هل تفضل لو فعلت بها ابنتها ما فعلت بأمها ؟

الحقيقة أنني لا أريد إدانة أو محاكمة للابنة ، لكن من المؤكد أننا في حاجة إلى إعادة تهذيب النفوس وتربية الضمائر وتحريك العقول ، لأن وسائل التواصل الاجتماعي قد فضحت نواقصنا وعرت أخلاقنا التي من المؤكد أنها في حاجة إلى وقفة حقيقية .

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

القانون ينظم ضوابط فحص الطلبات بعد غلق باب الترشح بانتخابات الشيوخ

مدحت عبد الهادى صخرة دفاع الزمالك السابق يحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ"51"

تعرف على موعد صرف تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة

غادة عبد الرازق تكشف عن تعرضها للإصابة وتجلس على كرسى متحرك

انفجارات عنيفة تدوي في مدينة جبلة السورية


قضية دهب الحمار على مسرح نهاد صبيحة.. 16 و17 يوليو

مانشستر سيتي: هالاند يستمع إلى ألبوم عمرو دياب الجديد

الجارديان: ترقب أوروبى حذر مع تصاعد تهديدات ترامب الجمركية

هل سيتم تخفيض تنسيق الثانوي العام بالقاهرة ؟.. اعرف التفاصيل

موعد مباراة تشيلسي ضد بي إس جي فى نهائى كأس العالم للأندية 2025


بالأسماء والرموز.. قوائم المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ بجميع محافظات مصر

25 سيارة إطفاء تكافح حريق مصنع منظفات وكيماويات مدينة بدر

منة عرفة بإطلالة صيفية فى أحدث ظهور.. صور

خامنئى: استهداف قاعدة العديد الأمريكية ليس حادثة صغيرة بل كبيرة يمكن تكرارها

الأسترالي علي رضا فغاني حكما لنهائي كأس العالم للأندية

ننشر قوائم المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ عن دائرة محافظة شمال سيناء

الخارجية الفرنسية: نجدد رفضنا القاطع لأى تهجير قسرى لسكان غزة

"أوديشن" مسابقة ملكة جمال مصر 2025.. أغلبية المتسابقات من طالبات الطب (صور)

سر تجدد اشتعال النيران في سنترال رمسيس.. مدير الحماية المدنية الأسبق يوضح

مادويكي على أعتاب أرسنال مقابل 50 مليون إسترليني

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى