قتلتهم المخدرات

دينا شرف الدين
دينا شرف الدين
بقلم دينا شرف الدين
لم تكن المرة الأولى التي أكتب فيها عن المخدرات، ولن تكون الأخيرة، فقد توقفت مرات أمام هذا الكابوس المخيف الذي بات يهدد معظم الأسر المصرية، تحديداً تلك التي بها مراهقون أو شباب من الجنسين، وسأضع عدة خطوط تحت كلمة الجنسين لأؤكد أن تعاطي المخدرات لا يقتصر فقط على الذكور، فقد شمل قطاعاً كبيراً من البنات والسيدات بمختلف الأعمار وتحديداً بالسن الحرج الذي يشمل المراهقة والشباب.
 
أي نعم: كانت المخدرات موجودة بالمجتمع المصري منذ عقود طويلة، وكان هناك من يتعاطاها بقطاعات معينة وأنواع محدودة وسرية كبيرة تتلاءم مع كونه جرما يحاسب عليه القانون وينبذه المجتمع، إذ كان من المألوف أن يتوارى هذا المتعاطي عن الأنظار ويتجنب أن يذاع سره بالعلن.
 
ولكن:
مع مرور السنوات و تطورات العصر، كان ولابد أن تتطور أنواع المخدرات وتخرج عشرات الماركات المبتكرة التي تتناسب وهذا الانفتاح وتلك الحداثة، ولم يقتصر الأمر على تطورات أنواع المخدرات فحسب، وإنما على زيادة الأعداد من قطاعات المنضمين لمئات الأضعاف، لتتسع قاعدة المتعاطين وتشمل فئات عمرية وشرائح اجتماعية جديدة.
 
لنفاجأ، و نحن فى غفلة من الزمن مستغرقين حتى الآذان فى أحداث تلاحقها أحداث أخرى من كل اتجاه، بواقع مؤلم قد تسلل بخبث ليستشرى فى قلب المجتمع ذى العادات والتقاليد والقيم الأصيلة التى لم يقو على تبديلها يوماً الاستعمار ولا العولمة والانفتاح والإنترنت الذى جعل من العالم كله قرية صغيرة تؤثر وتتأثر ببعضها البعض بشكل مباشر وسريع.
فقد طالت هذه الغفلة حتى أفقنا على مأساة ليس كمثلها مأساة وهى ضرب عصب المجتمع ومستقبله المتمثل فى شبابنا فى مقتل!
 
فقد تم إدخال عشرات الأنواع من المخدرات المصنعة كيميائيا، متعددة الأسماء والتى تم تتويجها بأنواع خطيرة تحت مسمى (الاستروكس، الشابو، الكيتامين) وغيرها من مستجدات الإدمان الحديثة.
 
لتكتمل حلقات الدمار وتغييب عقول الشباب وتدميرها فيتحول عدد كبير منه إلى مجرد مسخ لا حول له ولا قوة ولا فائدة منه ولا رجاء!
 
كيف تم السماح لهذه الأنواع الخطيرة بالانتشار بهذا الكم حتى أغرقت السوق المصرية وباتت متاحة للجميع بدلاً من القراءة!
 
كما تحولت إلى موضة يتباهى الشباب باقتنائها وتناولها وخاصة فى الأوساط الراقية، نظراً لارتفاع سعرها، أى أنها أصبحت كيف الأثرياء من الشباب!
 
وبما أن المجتمع قد غرق فى الحرية والانفتاح فقد ظهرت موجة جديدة من موجات التجاوز، وضرب عرض الحائط بكل قيم وأخلاقيات المجتمع الشرقى الإسلامى من خلال الحفلات الصاخبة التى تجذب مئات المتمردين على الدين والعادات والتقاليد المصرية العتيقة، والتي تعد مناخاً خصباً للتباهي بأحدث وأغلى أنواع المخدرات.
 
نهاية:
سأروي لكم في عجالة، ما دفعني الآن وبشدة لكتابة هذا المقال عن موضوع المخدرات:
 
{منذ يومين عندما كنت أمر أمام المستشفى التي تقع داخل المجمع السكني الذي أعيش به، وجدت زحاماً شديداً أمام باب الطوارئ على غير المعتاد، وعندما سألت عن سبب هذا التجمهر الغريب، جاءني الرد الصادم الذي أصابني بخوف كبير، 
وهو أن هناك شابين بأوائل العشرينيات من سكان المكان قد توفاهما الله، ذلك أثناء الاندفاع الشديد بالسيارة داخل الكومباوند، لدرجة أن السيارة قد اصطدمت بنخلة كبيرة لتكسرها وتحطمها ، وتختفي معالم السيارة وتختفي معها ملامح هذين الشابين بعد أن انتهت حياتهما.
 
وعندما سألت: لماذا تكون هذه السرعة القاتلة بمكان سكني غير مؤهل من الداخل لمثل هذه المناورات الخطيرة.
كان الرد: كانت هناك مطاردة للشابين لضلوعهما بتجارة المخدرات.
 
وعندما أصابني الذهول، من كون هؤلاء الشباب الذين من المفترض أنهم من أسر كريمة ذات مستويات معيشية جيدة ويتحول بهم الأمر للغرق بهذا المستنقع و تلك التجارة الحرام.. كانت الإجابة أبشع كثيراً من كافة الأسئلة، و التي كانت: 
أن هناك فى نفس المكان، يعملون كمروجي مخدرات بداخل الكمبوند، أي أن الأطفال والأولاد بسن المراهقة وبالطبع الشباب، لن يتكبدوا عناء البحث عن تلك المخدرات.
 
وبهذا النهاية فقد لخصت تلك القصة المأساوية، الوضع كله، و الذي ينطبق على معظم الأماكن بمختلف المستويات الاجتماعية.
 
نداء عاجل إلى أولى الأمر: لا تتركوا الأمور تتفاقم وأنتم منشغلون فى أمور أخرى لا تزيد أهمية عن تلك التى ترونها هامشية وهى كارثة بكل المقاييس، كارثة ضرب عقول وأجساد نواة المستقبل وعصب المجتمع الذى إن مرض لن نرى إلا مستقبلا باهتا خاليا من التطلعات والآمال!
 
فبجانب المجهودات الكبيرة التي يقوم بها صندوق مكافحة وعلاج الادمان، و التي شكلت فارقاً حقيقياً وتأثيراً ملموساً، لابد من وضع خطة عاجلة محكمة تشترك بها كافة مؤسسات الدولة إلى جانب عمل الصندوق، للسيطرة على هذه الموبقات ومحاصرتها وفرض العقوبات القصوى على مروجيها ومستهلكيها والتوعية المكثفة بمخاطرها الصحية وتحريمها دينيا بأساليب بسيطة مقنعة تستطيع الوصول والتأثير فى عقول الشباب من سن المراهقة وحتى نهاية العشرينيات، هذا بجانب دور البيت من الداخل الذى يتحمل المسئولية الأكبر فى المتابعة والمراقبة والتقويم.
 لعلنا ننقذ أجيالاً من الشباب إن تهاوت سيتهاوى المجتمع بأسره.
 
 
 
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مدحت عبد الهادى صخرة دفاع الزمالك السابق يحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ"51"

التنقيب عن الآثار.. جريمة تخنق التاريخ والداخلية تلاحق لصوص الحضارة

تنسيق الجامعات 2025.. استمرار إتاحة التقدم لحجز اختبارات القدرات

اتحاد الكرة يستقر على إقامة السوبر المصري بمشاركة 4 فرق

ميلود حمدى يطالب مجلس الإسماعيلى بتعديل لائحة فريق الكرة قبل الموسم الجديد


مى فاروق تحيى سهرة خاصة لأم كلثوم بمهرجان قرطاج الدولى 16 أغسطس

هزيمة مشتركة.. مشوار تشيلسي وباريس سان جيرمان إلى نهائي كأس العالم للأندية

تعرف على موعد صرف تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة

بالأرقام.. مودريتش يودع ريال مدريد بعد مسيرة أسطورية

غادة عبد الرازق تكشف عن تعرضها للإصابة وتجلس على كرسى متحرك


هل سيتم تخفيض تنسيق الثانوي العام بالقاهرة ؟.. اعرف التفاصيل

موعد مباراة تشيلسي ضد بي إس جي فى نهائى كأس العالم للأندية 2025

العراق يرحب بإعلان "حزب العمال الكردستانى" بدء عملية تسليم السلاح

فات الميعاد الحلقة 21.. أحمد مجدي يرفض عرض محمد أبو داود حفاظًا على حضانة ابنته

الهيئة الوطنية تطلق تطبيق استعلم عن لجنتك فى انتخابات مجلس الشيوخ.. صور

ماكينات حفر الخط الرابع للمترو لا تتوقف.. طاقم مصرى يصل الليل بالنهار لإنجاز المشروع.. المكينة تحفر 22 مترا يوميا والنفق حلقات خرسانية يتم تركيبها وتصنيعها محليا.. وهذه طرق تأمين العمال تحت الأعماق.. صور وفيديو

الهيئة الوطنية تنشر آلية استعلام المواطنين عن مقر اللجان بانتخابات مجلس الشيوخ

الخارجية الفرنسية: نجدد رفضنا القاطع لأى تهجير قسرى لسكان غزة

سر تجدد اشتعال النيران في سنترال رمسيس.. مدير الحماية المدنية الأسبق يوضح

الدفع بـ4 خزانات مياه استراتيجية لإخماد حريق مصنع مدينة بدر.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى