سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 ديسمبر 1966.. وفاة المؤرخ عبدالرحمن الرافعى بعد أيام من وصيته لأسرته بدفنه بجوار الزعيمين مصطفى كامل ومحمد فريد

المؤرخ عبدالرحمن الرافعى
المؤرخ عبدالرحمن الرافعى
لازم المؤرخ عبدالرحمن الرافعى فراشه، ومنعه الطبيب من مغادرة بيته فى آخر أسبوعين من حياته، واستيقظ فى آخر أيامهما مبكرا على غير عادته، وطلب إعداد سيارته، وقال إنه يشعر بتحسن فى صحته، ويريد أن يتنزه بها قليلا، وحاولت إحدى ابنتيه أن تصطحبه، لكنه أصر أن يكون وحده مع سائقه، وخرج يتجول فى شوارع القاهرة بلا هدف، ثم طلب من السائق أن يعرج إلى شارع الهرم، ثم عاد إلى بيته بالدقى، وبعد 15 دقيقة توفى، يوم 3 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1966، وكان عمره 77 عاما «مواليد 1889 محافظة الدقهلية »، حسبما تذكر مجلة آخر ساعة، عدد 1676، يوم 7 ديسمبر 1966.
 
بدا «الرافعى» بجولته بالقاهرة وكأنه يودع الدنيا، بعد أن حقق أمنيته بتأليف كتاب جديد هو  «تاريخ مصر منذ الفتح العربى حتى الحملة الفرنسية »، وفقا لـ«آخر ساعة »، مضيفة: «كتب بعض فصوله وهو على فراش الموت، وكانت أمنيته وهو يختم حياته العظيمة بالمواقف الوطنية، أن يمد الله فى عمره عدة أشهر حتى ينتهى من تأليف هذا الكتاب، وكان يقول لأفراد عائلته: «كتبت عن تاريخ بلادى القديم والحديث، وبقيت هذه الحلقة من حلقات تاريخنا القومى، وأمنيتى أن أسجلها قبل أن أموت »، وأصيب فى هذه الأثناء بشلل نصفى، وحين دخل عليه الطبيبان فى حجرة نومه وجدا حوله بعض أوراق كتابه، وكان يراجع بعض الفصول التى كتبها وهو فى أشد حالات المرض ».
 
تكشف «آخر ساعة » نقلا عن أفراد عائلته، أنه وقبل وفاته بأيام ومع اشتداد وطأة المرض عليه، استدعى زوجته وابنتيه التوأم وقال لهن: «أشعر بأننى سأموت، ووصيتى الوحيدة أن تدفنونى إلى جوار مصطفى كامل ومحمد فريد »، مؤكدا بذلك على بقائه لإخلاصه لهما، منذ أن التحق بمدرسة الحقوق عام 1904.
 
يكشف فى مذكراته «مذكراتى.. 1989-1951 »:  «فى فبراير 1906 قابلت مصطفى كامل أول مرة أثناء إضراب طلبة الحقوق، فقد تاقت نفسى إلى رؤيته، فذهبت مع لفيف من زملائى إلى دار جريدة اللواء بشارع الدواوين «نوبار باشا » الآن، وقابلت الزعيم لأول مرة، وسمعت حديثه وشعرت بتأثيره الروحى ينفذ إلى أعماق قلبى، وصار لى بمثابة أبى الروحى فى المبادئ، وأكثرت من التردد على دار اللواء لأقابله وآراه وأسمع صوته، فكان يفيض علينا من الأحاديث التى غرست فى نفسى مبادئ الوطنية، ولعله توسم فى أن أكون من تلاميذه الحافظين لعهده، فعرض على سنة 1907 أن يوفدنى فى بعثة صحفية إلى باريس للتخصص فى الصحافة بعد حصولى على إجازة الحقوق، لكن المنية عاجلته فى فبراير 1908 قبل تخرجى فى «الحقوق ».    
 
أما تأثره بمحمد فريد، الذى شغل زعامة الحزب الوطنى والحركة الوطنية بعد وفاة مصطفى كامل، فيذكره قائلا: «كنت سنة 1908 لم أتخرج بعد فى مدرسة الحقوق، حين تولى فريد بك زعامة الحركة الوطنية، وكنت أتردد عليه كثيرا فى «اللواء »، وتلقيت عنه مبادئ الوطنية كما تلقيتها من قبل عن مصطفى كامل، فصادفت من نفسى موضع العقيدة والإيمان، واتخذته بعد مصطفى أستاذا وإماما لى فى الوطنية، وبدأت أكتب فى «اللواء » على عهده وأنا طالب فى الحقوق ».  
 
جمع «الرافعى» بين العطاء السياسى بطابعه النضالى، وبين العطاء الفكرى وكان التأريخ مجاله، وتبدو هذه المزاوجة ميزة للعديد ممن تربوا فى مدرسة الحزب الوطنى القديم الذى أسسه مصطفى كامل، فعلى الصعيد النضالى يذكر فتحى رضوان فى كتابه «مشهورون ومنسيون »، أن الرافعى كان أحد أركان مدرسة العمل السرى، التى أسسها محمد فريد ضد الاحتلال البريطانى، وفى أثناء ثورة 1919 كان محاميا فى المنصورة، ولعب دورا مهما فى تأجيجيها هناك بتوزيع المنشورات، والمشاركة فى حلقات وخلايا الاغتيال السياسى للمحتلين، وفى انتخابات 1923 فاز بمقعد النواب فى المنصورة ضد مرشح حزب الوفد وأحد كبار أعيان محافظة الدقهلية، ومن عام 1939 إلى 1951 أصبح عضوا بمجلس الشيوخ، ثم وزيرا للتموين 3 أشهر هى مدة وزارة حسين سرى، وبدأت فى 25 يوليو 1949، وأصبح نقيبا للمحامين بالتعيين عام 1954.
 
أما فى المجال الفكرى، فكان إنتاجه غزيرا وموسوعيا ووثائقيا، بدأه بثلاثة كتب، يذكرها «رضوان » وهى «حقوق الشعب » عام 1912، و «نقابات التعاون الزراعية » عام 1914، و «الجمعيات الوطنية » 1922، ثم قدم عمله الخالد «سلسلة تاريخ مصر القومى» فى 16 جزءا، وفاز بجائزة الدولة التقديرية للعلوم الاجتماعية عام 1962، وفى حيثياتها، وفقا لما تذكره «آخر ساعة»: إنه المؤرخ الأول للحركة القومية فى مصر، فقد عكف على دراسة التاريخ وجمع وثائقه أكثر من 20 سنة، أخرج خلالها موسوعته التاريخية التى تضم 16 جزءا، فكانت فى موضوعها أول مرجع لتاريخ الحركة القومية يمكن الرجوع إليه باللغة العربية ».

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

عاجل.. موجة شديدة الحرارة الجمعة والسبت والعظمى بالقاهرة تصل 40 درجة

موعد وصول حسام البدري وباقي الرياضيين المصريين من ليبيا الليلة

أغلى من الصفقات.. أمير قطر يهدى ترامب قلما فاخرا من طراز مونت بلانك (صورة)

إحالة أوراق متهم ادعى النبوة وقتل مدرسا إلى المفتى

حسام البدرى يشكر الرئيس السيسي بعد تدخله لعودته من ليبيا


إحالة أوراق شقيقين للمفتى بتهمة تسديد 6 طعنات لسائق توك توك وإلقائه حيا بالترعة

"لا أعداء دائمين".. ترامب يقدم غصن زيتون إلى إيران ويكتب نهاية 46 عاما من عقوبات سوريا فى أول أيام زيارته للخليج.. واشنطن بوست: إشارة تحول بسياسة واشنطن الخارجية فى الشرق الأوسط.. وغضب نتنياهو يزداد بعد تجاهله

حصاد أول دورى لكرة القدم النسائية بمشاركة الأهلى والزمالك وبيراميدز.. مسار الأقوى

البحوث الفلكية: الهزات الارتدادية الناجمة عن زلزال أمس في "اضمحلال" مستمر

جدل هدية قطر لترامب مستمر.. الطائرة قيمتها 100 ضعف هدايا رئاسة أمريكا منذ 2001


الأهلي يرهن تحديد عدد المستهدفين لتدعيم دفاعه بموقف ربيعة من التجديد

إمام عاشور يتصدر بوستر كأس العالم للأندية قبل شهر من انطلاق البطولة

هيئة الأرصاد تكشف حقيقة تعرض مصر لـ العاصفة شيماء

وزير التعليم يعلن إعادة إطلاق اختبار "SAT" رسميًا فى مصر بداية من يونيو 2025

الجيش السودانى يحرز تقدما كبيرا فى منطقة صالحة بجنوب أم درمان

بيراميدز يكشف حقيقة الحصول على توقيع رامى ربيعة

نادين نسيب نجيم تُبرز إطلالتها على السجادة الحمراء لمهرجان كان

مصر تدعو المواطنين المتواجدين فى ليبيا بتوخى أقصى درجات الحيطة

محمد صلاح يتصدر هدافي الدوريات الخمس الكبرى ومبابى يطارد بقوة

انطلاق أعمال القمة الخليجية الأمريكية الخامسة بمشاركة ترامب وقادة دول الخليج

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى