"كلب" تويتر

دينا شرف الدين

الجمعة، 24 فبراير 2023 01:47 م

بمناسبة الأخبار العبثية التي نسمعها ونقرأها ونراها فى هذه السنوات العجاب، هذا الخبر المذهل الذي صرح به الملياردير الشهير، الذي بات يعتبر نفسه أحد أباطرة الأرض الذين يجلسون بالمقصورة ليخططوا ويديروا ويتحكموا بمقاليد أمورها ومن عليها من بشر ، والذي ليس بنكتة أو دعابة أو حتى فيلم من أفلام الخيال العلمي التي نشاهدها منذ عشرات السنوات.

لنفاجأ مرة بعد الأخرى أنها لم تكن محض خيال، لكنها بالونات اختبار وترويض لخيال البشر و إغراقه كلياً، تمهيداً لطرحه فى عالم الواقع شيئاً فشيئا ليستقبله ويتقبله هذا العقل البشري المهيأ لاستقباله، بحالة من عدم القدرة على التمييز بين الخيال والواقع اللذين اختلطا وتفاعلا ليكونا وجهين لعملة واحدة فى يوم أصبح أقرب من كل توقعاتنا، ألا وهو :

"فلوكي مديراً تنفيذياً لتويتر"

فقد صرح إيلون ماسك أنه عين رئيسا تنفيذيا جديدا لشركة تويتر أفضل بكثير من سابقه في التعامل مع الأرقام، ونشر صورة لكلبه المدعو فلوكي، و الذي وصفه بالممتاز.

وأرفق ماسك الصورة بتعليقات تقول: "الرئيس التنفيذي الجديد لتويتر رائع.. أفضل بكثير من ذلك الرجل الآخر! إنه ممتاز في التعامل مع الأرقام!".

ويظهر في الصور كلب من سلالة شيبا إينو، وعلى طاولة أمامه أوراق عليها "ختم" على شكل طبعة مخلب، ولافتة مكتوب عليها الاسم "فلوكي" (Floki).

ولكن:

إن دققنا النظر بعمق أكثر ، سنرى ما هو أشد قسوة من كونها مزحة أو خيالا من هذا الذي يتحول لواقع، كما ذكرت سابقاً، وإنما هي إهانة بشكل متعمد للإنسان وامتهاناً لكرامته وتقليلاً من قدراته العقلية، وإشارة تكاد تكون مباشرة لإمكانية الاستغناء عنه بمختلف الأعمال حتى الإبداعية منها، و التي لاحت فعلياً بالأفق منذ فترة قريبة، ليحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان بعدة مجالات حيوية تتزايد يوماً بعد الآخر بشكل مخيف.

نهاية:

فقد كرم الله الإنسان وفضله على سائر مخلوقاته، وميزه بالعقل والعلم، لا ليتكبر عليه ويعتقد أن بإمكانه أن يختلق بعلمه الذي آتاه الله حينما يشاء ما ينافس به خلقه بل ويتعالى عليه، لكن ليشكر ويزداد تواضعاً وتضاؤلاً بعد أن يتأكد أنه كلما تعلم شيئاً جديداً يكتشف أنه لا يعلم إلا القليل، وأن هناك ما لا نهاية له، لا أول ولا آخر والذي لا يعلمه إلا الله الأول والآخر، وليعلم هذا الإنسان المتكبر أنه كما قال المولي عز وجل:

{وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}.