مصر والسعودية نموذج تكامل الأدوار الإقليمية.. القاهرة والرياض ترتبطان بعلاقة تاريخية من الشراكة ساهمت فى تأصيل شكل جديد للتكامل.. والقاهرة وضعت استقرار الخليج أولوية مرتبطة بأمنها القومى

الرئيس السيسي وولى العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان
الرئيس السيسي وولى العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان
بيشوى رمزى
ارتبط مصطلح "النفوذ"، في العلاقات الدولية بالعديد من نظريات الصراع، جراء حالة التنافس المحموم، سواء بين القوى الدولية، القابعة على قمة النظام الدولي، على غرار الوضع الراهن، بين الولايات المتحدة، وروسيا والصين، أو في حقب سابقة، على غرار الحرب الباردة، أو مراحل الاستعمار، أو بين القوى المؤثرة في مختلف الأقاليم الجغرافية، وإن اختلفت حدة المنافسة، فيما بينها، بين الدبلوماسية تارة، والحروب العسكرية، على غرار الحروب العالمية، وما انشق عنها من أشكال كـ"الحروب بالوكالة، مرورا بالصراعات التجارية، وحتى إثارة النزعات العرقية والطائفية، لتأجيج الحروب الأهلية، داخل معسكرات الخصوم، تارة أخرى، في انعكاس صريح لحالة التسابق حول زيادة الرقعة الجغرافية التي تسعى كافة القوى الدولية لفرض نفوذها بها.
 
ولعل حالة "الصراع"، التي ارتبطت بالتنافس الدولي، خلال العقود الماضية، ساهمت في توطيد نفوذ العديد من القوى الدولية، على غرار الولايات المتحدة، والتي باتت تبحث بنهم عن صراعات بديلة، فور انتهائها من أحد المعارك التي تخوضها، على غرار "صراع الحضارات"، الذي نظّرت له واشنطن، قبل اندلاعه بأعوام، كبديل للحرب الباردة، لتنتقل من الرؤية النظرية نحو الجانب العملي، عبر الحرب على الإرهاب، التي اندلعت مع بداية الألفية، قي أعقاب أحداث 11 سبتمبر، وهو ما يعكس حقيقة الارتباط بين الإبقاء على الهيمنة الأمريكية من جانب، واستمرار دائرة الصراعات الدولية عبر نقلها من قمة النظام الدولي، والانطلاق نحو الأقاليم الجغرافية الأخرى، من جانب آخر.
 
إلا أن نظريات النفوذ الدولي، المرتبطة بتفاقم الصراعات الدولية، على ما يبدو، باتت تتخذ مناح أخرى، في ظل معطيات عدة، أبرزها عودة التنافس على القمة، جراء صعود قوى جديدة من شانها "زعزعة" حالة الهيمنة المطلقة، على غرار الصين وروسيا، ناهيك عن تغير طبيعة الأزمات الدولية، وامتدادها إلى مناطق كانت بمنأى عن تداعياتها في الماضى القريب، ليصلح الانغماس في تأجيج المزيد من الصراعات، خاصة على المستوى الإقليمي، غير مأمون العواقب، مع تصاعد التهديدات التي طالت قطاعات حيوية، كالغذاء والطاقة، والتي تمس حياة الشعوب بشكل مباشر.
 
وهنا أصبحت الحاجة ملحة لتحويل نظريات "النفوذ"، من المنحى "الصراعي" التقليدي، إلى القدرة على تحقيق التكامل، بين القوى الفاعلة، دوليا وإقليميًا، في ظل مساحة كبيرة من الأدوار التي يمكن القيام بها، جراء تعدد الأزمات، وعدم محدوديتها الزمنية والجغرافية، مما يفتح الباب أمام تعددية القيادة، خاصة على المستوى الإقليمي، في إطار تعظيم للمصالح المشتركة، عبر تحقيق أكبر قدر من التوافق حول العديد من القضايا المثارة، من جانب، والشراكة فيما يتعلق بتقديم حلول لما قد يطرأ من مستجدات، لتحقيق الاستقرار الجمعي للمجتمع الاقليمي بصورته العامة.
 
فلو نظرنا إلى منطقة الشرق الأوسط، باعتبارها أكثر المناطق التي عانت جراء الصراعات بمختلف أشكالها في العقود الماضية، نجد أن ثمة تغييرا كبيرا في الصورة النمطية لـ"النفوذ" الإقليمي، عبر تحويل حالة الصراع إلى تكامل، يقوم في الأساس على دعم القوى المؤثرة لأدوار بعضها، لتحقيق أكبر قدر من الاستقرار، وهو ما يبدو في نموذج العلاقة بين مصر والمملكة العربية السعودية، واللتين ترتبطان بعلاقة تاريخية من الشراكة، ساهمت إلى حد كبير في تأصيل شكل جديد يمكننا تسميته بـ"تكامل التأثير"، وهو ما يبدو في الدعم المتبادل للأدوار التي تقوم بها البلدان في محيطهما الإقليمي، لتحقيق مصالح شعوبهما، ومصالحهما المشتركة، ناهيك عن مصالح الإقليم بأسره، سواء بالدفاع عن حقوقه في مواجهة العالم الخارجي، أو بتقديم حلول جذرية للأزمات اللحظية الراهنة التي تواجهه وتداعياتها الكبرى.
 
حالة "تكامل التأثير"، بين مصر والمملكة العربية السعودية، تبدو واضحة في السنوات الأخيرة، تزامنا مع حالة الفوضى التي ضربت المنطقة إبان "الربيع العربي"، في ظل دعم الرياض للقاهرة، لاستعادة دورها الريادي، في الوقت الذي وضعت فيه مصر مسألة استقرار الخليج كأولوية قصوى، ترتبط بأمنها القومي، بينما أصبح تصاعد الدور الدبلوماسي لكل منهما مدعوما من الآخر، وهو ما يبدو في المشاركة المصرية الفعالة في القمم الدولية التي استضافتها المملكة مؤخرا، سواء القمة العربية الصينية، أو قبلها القمة العربية الأمريكية، بينما دعمت المملكة استضافة مصر لقمة المناخ، والذي أطلق خلاله ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان النسخة الثانية من مبادرته "الشرق الأوسط الأخضر"، بالشراكة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي.
 
وهنا يمكننا القول بأن نظريات النفوذ الدولي، باتت تحمل تغييرا كبيرا، بعيدا عن الصراعات التي هيمنت على المشهد الدولي، عبر التحول نحو حالة من تكامل التأثير، بين القوى الإقليمية الفاعلة، في إطار من التعددية يبدو متواكبا مع الوضع الدولي برمته، في ظل خفوت الهيمنة الأحادية، وصعود قوى مؤثرة، بينما تبقى الحالة المصرية السعودية نموذجا يمكن تعميمه، لتخفيف حدة التنافس الدولي في مرحلة تبدو حساسة يشهدها العالم مع تفاقم الأزمات بصورة كبيرة، والعجز الدولي في احتوائها.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مرافعة نارية.. كلمات مؤثرة للنيابة بمحاكمة أب قتل طفله بالإسكندرية.. فيديو

محافظ الجيزة يعتمد تنسيق الثانوية العامة بحد أدنى 225 درجة

ريبيرو مدرب الأهلي يتجول فى شارع المعز ويلتقط صورا مع الجماهير.. فيديو

الداخلية تضبط سائقين يسيرون عكس الاتجاه بالطريق الإقليمي.. فيديو

السماء تمطر أموالا.. هليكوبتر تسقط دولارات على "روح" مواطن أمريكى.. فيديو


جيش الاحتلال يعلن مقتل رقيب في الكتيبة الهندسية 601 بمعارك شمال غزة

إخلاء سبيل أحمد السقا فى اتهامه بالتعدى على طليقته مها الصغير بكفالة 5 آلاف جنيه

كامل الوزير: إعداد خطة زمنية مضغوطة لإنهاء الطريق الإقليمي بالكامل

مصر تتقدم على ألمانيا 15-11 فى مباراة تحديد مراكز بطولة العالم لشباب اليد

الأهلي يُخطر وسام أبو علي بموقفه النهائي من عروض الرحيل


رئيس الوزراء يوجه بإعفاء كامل من المصروفات الدراسية لأسر الـ19 شهيدة بحادث المنوفية

قيادى بأعيان مصراتة: مدن الغرب الليبى تعانى صراعا سياسيا ومسلحا

تداعيات حادث المنوفية.. مجلس النواب يكتسي بالحزن على وفاة 19 فتاة.. بدء الجلسة العامة بدقيقة حدادا على أرواح الضحايا.. نواب يلقون بيانات عاجلة ومطالب بمحاسبة المقصرين.. والحكومة: لن نتهاون مع المهملين

موعد مباراة بايرن ميونخ وفلامينجو فى ثمن نهائى كأس العالم للأندية

حقن مضادة للشيخوخة ولعب اليوجا.. تعرف على سبب وفاة شيفالي جاريوالا

محمد صلاح يتفوق على مبابي ورافينيا فى سباق أفضل لاعبي العالم 2025

الابتسامات ترسم الوجوه.. طلاب الثانوية العامة: امتحان الإنجليزي سهل ومباشر

حكايات موجعة من حادث المنوفية.. الأهالى يسردون لليوم السابع قصص كفاح الراحلات والموت الجماعى.. رويدا لم تُزف وشيماء لم تُكمل هندستها.. و4 طالبات متفوقات بالإعدادية ينتقلن من دفتر الأحلام إلى سجل الوفيات.. صور

مواعيد مباريات اليوم.. سان جيرمان أمام إنتر ميامي وفلامينجو ضد البايرن بمونديال الأندية

أكرم القصاص يكتب: شهيدات «عكس الاتجاه» فى المنوفية.. القانون والسيستم والرقابة والمرور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى