ذكرى ميلاد فنان الشعب سيد درويش.. تزوج فى سن الـ16 واشتغل عامل بناء.. غنى أثناء عمله وحفظ زملاؤه الأغانى.. وقع فى حب الراقصة "جليلة" وغنى لها عددا كبيرا من أعماله.. وسخّر موهبته لخدمة ثورة 1919

منزل سيد درويش بالإسكندرية
منزل سيد درويش بالإسكندرية
الإسكندرية أسماء على بدر

بحر الإسكندرية، الذى طالما كان ملهم الفنانين على مر العصور، والذى تغنّى به كل من رآه أو تمنى رؤيته، والذى رافق فنان الشعب، خالد الذِكر سيّد درويش رحلته القصيرة فى عالمنا، والتى احتضن فيها عوده وفكرته وحلمه الذى مازال يتحقق حتى يومنا هذا.

"السيّد درويش البحر" هو ذلك الطفل المشاغب الذى كان يتصنّت على حصص الموسيقى فى المدرسة الإيطالية ويتنغّم بنغماتها، وهو ذاته الطالب فى المعهد الدينى الأزهرى بالإسكندرية، وهو نفسه المطرب "الأرزُقى" الذى كان يطوف مقاهى كوم الدكة لكسب رزقه بالغناء، وهو نفسه عامل البناء الذى كان يغنّى لزملائه وقت العمل، وهو سيّد درويش مطرب وعرّاب ثورة 1919، وفنّان النشيد الوطنى المصرى "بلادى بلادى".

ولد سيد درويش فى الإسكندرية بحى كوم الدكة فى 17 مارس 1892 لأسرة فقيرة، تزوّج وهو فى سن السادسة عشرة فكان عليه أن يجد عملاً لكسب الرزق وتلبية احتياجات أسرته، فعمل مع بعض الفرق الموسيقية ولكنه لم يوفّق فى هذا العمل بسبب رؤيته الموسيقية المختلفة عن معايير زمنه التى تهتم للطرب والمغالاة فى استخدام الإمكانات الصوتية عن جماليات العمل ككُل والفكرة والهدف المنشودين منه.

اتجه درويش بعد ذلك للعمل كعامل بناء، حيث كان يغنّى أثناء عمله ويحفّظ زملاءه الأغانى التى تشد من عزمهم حتى سمعه ذات مرة الأخوين أمين وسليم عطا الله، وهما أشهر منتجى الأسطوانات الغنائية وقتها، فانبهرا بشدة من جمال صوته وإحساسه القوى ورؤيته المختلفة فقررا اصطحابه فى جولة فنية إلى الشام فى نوفمبر 1908 وخلالها كوّن علاقات مع عدد من الفرق الموسيقية والمسرحية فى الشام وهو الأمر الذى جعله يعود ليسافر مرة أخرى للشام فى 1912 للعمل والتعلّم.

مكث درويش لمدة عامين فى الشام وتعلّم خلال تلك المدة كتابة النوتة الموسيقية وفنون العزف على العود والإيقاع ليخرج بأول عمل له وهو دور "يا فؤادى ليه بتعشق"، وذلك عام 1917 أى بعد عودته إلى القاهرة بعامين كأولى ثمار ما تعلّمه فى الشام واستكمله فى القاهرة بعد عودته.

وقع درويش فى حب إحدى الراقصات وهى "جليلة" والتى غنى لها عدداً كبيراً من أعماله، وحينما عُرفت قصة حبهما عاتبه الكثيرون لوقوعه فى غرام راقصة فرد عليهم بأغنيته "يا ناس انا مُت فى حُبى وجُم ملايكة يحاسبونى"، ليتهكم على ادعاءهم الكمال والنقاء طالما كانت نزواتهم فى الخفاء وبعيدة عن الأنظار.

وحينما بدأت الإرهاصات الأولى لثورة 1919، شعر سيد درويش أنه وجد ذاته وفهم غاية وجوده فسخّر موهبته كاملة لخدمة الثورة والنضال الوطنى ودعم الوفد الممثل للثورة برئاسة سعد زغلول، حيث كان ذكر إسمه ممنوعاً بأمر الاحتلال الإنجليزى فقام درويش بغناء عدة أغانى ذكر فيها كلمة "سعد" و"زغلول" فى معانٍ مختلفة مثل "يا بلح زغلول" وجملة "نيلها جَى منه السعد" فى أغنيته الداعية للثورة "قوم يا مصري" والتى تعد أشهر أغنية ثورية فى التاريخ.

وخلال أحداث ثورة 1919 والتى استمرت أربع سنوات، شعر سيد درويش بأن الاحتلال يعمل على إجهاض الثورة بإحداث الفتن بين أفراد الشعب وبتهميش الفئات الكادحة منه فغنى أغانى الوحدة الوطنية مثل "الكترة" بعد نجاح الإضراب العام وأغنية "إوعى يمينك" وكذلك غنى للعمال والشيالين والبوابين.

ومن طرائف تلك الفترة أنه بعد انضمام أغلب فئات الشعب لثورة 1919 كان تجار "التُحف" يأخذون موقف سلبى لأنهم يتربحون من بيع التحف للأثرياء والانجليز وقد قام عدد منهم بدعوة سيد درويش والشاعر بديع خيرى لسهرة وأغروه بأنهم سيقدون له "الحشيش" كى يستمتع بسهرته معهم حتى يقنعونه بالكف عن التحريض والدعوة للثورة، وقبل درويش وخيرى الدعوة وغنى لهم أغنية "التحفجية" أو "الحشاشين" والتى كتبها بديع خيرى والتى تبدأ بإلقاء التحية عليهم وتنتهى بجملة "يحرم علينا شربك يا جوزة، روحى وانتى طالقة مالكيش عوزة، دى مصر عايزة جماعة فايقين" لتنتهى السهرة بركض التجار خلفه بعد تحطيمه للـ"جوزة" وانتهاء الأمر باستكمال تحريضه على الثورة.

وفى عام 1923 وبالتحديد فى ليلة 10 سبتمبر وبعد سماع خبر الإفراج عن سعد زغلول والوفد المصاحب له وانتصار الثورة قام الشيخ سيد درويش بالخروج من عزلته بعدد هائل من الألحان التى كان قد صاغها لأشعار بديع خيرى ويونس القاضى وبيرم التونسى خلال فترة اختباءه من مطاردة الانجليز له، ليهرع إلى المدرسة الإيطالية التى كان يستمع لموسيقاها وهو طفل، وقام بتحفيظ الألحان لكورال المدرسة ليتم استقبال سعد زغلول على ميناء الإسكندرية بتلك الألحان الوطنية الثورية للاحتفال بانتصار الثورة، واستمرت البروفات بطول اليوم حتى أصابه الإرهاق بسبب ذلك المجهود المُضنى لينتقل إلى بيت عائلته فى نهاية اليوم ويتوفى فى نفس وقت وصول سعد زغلول والاحتفال بنجاح الثورة فى الميناء لتكون أكبر وأسعد جنازة وأجمل وداع للموسيقار خالد الذِكر "السيّد درويش البحر" بلحنه "مصرنا وطننا سعدها أملنا، كلنا جميعاً للوطن ضحيّة". وهو الذى قال يوماً ما "حينما يكون الوطن فى حالة ثورة، فالفنان الذى لا يُسخّر فنه لتلك الثورة هو فنان (فالصو)".

"زورونى كل سنة مرة حرام تنسونى بالمرة".. الأغنية الشهيرة التى غناها فنان الشعب سيد دويش، ورددها أجيال، ويحتفل أهالى الإسكندرية كل عام بذكرى ميلاد فنان الشعب سيد درويش.

 وتشمل مظاهر الاحتفال بذكرى سيد درويش إقامه احتفالية تغنى فيها العديد من الاغانى المختلفة، فى حضور عدد كبير من أهالى النوبة بمنطقة كوم الدكة الذين يحرصون كل عام على اقامة حفلات بالفلكلور النوبى.

منزل سيد درويش

لازال منزل سيد درويش موجودا حتى الآن ولم يتخذ فيه أيه إجراءات ولا زال قطعه أرض فضاء يحيطها سور وباب خشبى لمنع دخول أحد إلى الأرض، يتردد عليه عدد كبير لالتقاط صور تذكارية على الرغم أنه لا يوجد أية أثر أو مقتنيات داخل منزل الشيخ سيد درويش خاصة أن أسرته لم تسع لأحياء هذا المنزل، ويأتى العشرات من الطلاب ومحبى الموسيقى للتعرف ومشاهده منزل سيد درويش بمنطقة كوم الدكة ويتقعون أنهم سوف يشاهدون متحفا مميزًا إلا أنهم يفاجئون بالمنزل القديم المتهالك.

 قهوة سيد درويش

 ولا يستطيع أحد زيارة منزل فنان الشعب دون أن يبحث عن المقهى الذى كان يتردد عليها يوميا وسط اصدقاءه فهى مازالت تحمل اسمه وصورته رغم تعدد الاجيال واختلافهم وظل يجلس فى ليها اعمال واجيال مختلفة وجميعهم يتجمعون فى حب سيد درويش وترديد اغانيه.

ويقول أحد الأهالى أنه فى العشر سنوات الأخيرة يعتبر الاحتفال بملاد الشيخ سيد درويش من أهم الأحداث الثقافية والفنية بالمحافظة وتبدأ الاحتفالات منذ بداية شهر مارس بالأمسيات الفنية والندوات الثقافية فى كافة قصور الثقافية بالإضافة إلى قيتم عدد من الجمعيات بتنظيم ندوات وحفلات بمنطقة كوم الدكة.

وأشار إلى أن هذه الفاعليات والحفلات مجانية للأهالى والشباب ، وهى من أهم طقوس الإسكندرية فى الاحتفالية الخاصة بميلاد سيد درويش ويأتى إليها العديد من المواطنين من الأعمار المختلفة.

 

منزل سيد درويش بالإسكندرية (1)
منزل سيد درويش بالإسكندرية

 

منزل سيد درويش بالإسكندرية (2)
منزل سيد درويش بالإسكندرية
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزارة التعليم: شهادة البكالوريا معترف بها دوليا مثل الثانوية العامة

الرئيس السيسى يؤكد عمق مشاعر الود والاعتزاز من مصر قيادة وشعبا للسعودية

الرئيس السيسى والأمير محمد بن سلمان يؤكدان أهمية الإسراع فى تدشين مجلس التنسيق الأعلى المصرى السعودى

ولى العهد السعودى يثمن الدور المحورى لمصر فى ترسيخ الأمن على المستوى الإقليمى

فيديو وصول الرئيس السيسى مطار نيوم والأمير محمد بن سلمان فى استقباله


النيابة العامة تكشف حقيقة رقص فتاة على منصة القضاء ونقيب الممثلين يعتذر

مقتل أخطر 6 عناصر إجرامية فى مواجهات أمنية بأسوان

زفاف بعد السبعين.. فريد وفاطمة يتحديان السن ويدخلان عش الزوجية فى المنوفية

آخر فرصة للتقديم على وظائف فى الأردن برواتب تصل إلى 24 ألف جنيه

الأعلى للإعلام يمنع مصطفى يونس من الظهور الإعلامي 3 أشهر فى شكوى الأهلى


فيديو.. انبهار لجنة تحكيم مسابقة دولة التلاوة بصوت "ياسين" أصغر المتسابقين

تفاصيل مصرع شخصين وإصابة 18 آخرين فى حادث طريق مطروح

استشهدت بـ"ياسمين تخلى الحجر يلين".. دعوى جديدة تطالب بحجب “تيك توك”

4 رسائل تطمئن الجمهور على الحالة الصحية للفنانة أنغام.. صور

القصاص العادل.. تفاصيل إعدام قتلة الإعلامية شيماء جمال بعد 3 سنوات من الجريمة

موعد مباراة الزمالك ومودرن سبورت فى الدورى

4 حلول أمام ريبيرو لتعويض النقص فى دفاع الأهلى قبل مباراة غزل المحلة

القبض على البلوجر نورهان حفظى لنشرها فيديوهات منافية للآداب

مفاجأة فى عينة تحليل المخدرات لسائق حادث كورنيش الشاطبى بالإسكندرية

القبض على البرلمانى السابق رجب هلال حميدة فى كفر الشيخ

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى