"الشراكة التنافسية".. إرهاصات العودة إلى "مركزية" فلسطين

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
 
مراحل عدة شهدتها منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، وتحديدا تلك التي أعقبت حقبة الفوضى، التي أرساها "الربيع العربي" في العقد الماضي، ربما كان أبرزها تحقيق أكبر قدر من التوافق بين القوى الرئيسية، بدءا من المنطقة العربية، وحتى الإقليم الأوسع بصورته الجمعية، وهو ما ساهم في تهيئة البيئة الإقليمية، نحو العودة مجددا إلى "مركزية" القضية الفلسطينية، وهو ما بدا بوضوح في اجتماع شرم الشيخ، الذى انعقد الأحد، والذي أسفر في نهاية المطاف عن إعلان من شأنه تحقيق قدر من المهادنة السياسية، تمهيدا للوصول مجددا إلى مائدة المفاوضات، والعمل على تحقيق حلول عادلة، تعتمد إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام.
 
ولعل العودة إلى مركزية القضية الفلسطينية، حمل العديد من الإرهاصات، التي تمخضت عنها السنوات الماضية، أهمها احتواء الخلافات العربية - العربية، كخطوة أولى من شأنها تحقيق "لم الشمل" الإقليمي، وهو ما بدا في العديد من المراحل، كان أخرها التقارب العربي مع سوريا، والذي ساهم الزلزال الأخير في الإسراع من وتيرته، بينما شهدت العلاقات العربية التركية تطورا كبيرا، وهو ما يبدو في تبادل الزيارات بين وزراء الخارجية بين مصر وتركيا، في الأيام الماضية، ناهيك على الاتفاق السعودي الإيراني، بوساطة الصين والذي يمثل طفرة مهمة في تاريخ الصراع في منطقة الشرق الأوسط، خاصة وأنه أحد أهم الصراعات طويلة الأمد، ناهيك عن كونه نقطة انطلاق مهمة لأدوار مستقبلية لقوى دولية، يمكنها مزاحمة الهيمنة التي حظت بها واشنطن لسنوات، في العديد من القضايا الإقليمية بالمنطقة.
 
وفى الواقع أن إزاحة القضية الفلسطينية أو تراجعها كان يمثل هدفا رئيسيا للقوى الدولية المهيمنة على العالم خلال السنوات الماضية، خاصة بعد اندلاع "الربيع العربي"، والذي ساهم في تواريها، في ظل انكفاء العديد من دول المنطقة على حماية حدودها وأمنها، جراء التهديدات التي واجهتها، وعلى رأسها الإرهاب، مع بزوغ جماعات متجاوزة الدول، على غرار تنظيم داعش، ناهيك عما أحدثته تلك الحقبة من انقسامات عميقة في المستويين العربي والإقليمي، في ظل طموحات الصعود التي تبنتها العديد من الدول، للقيام بدور أكبر على حساب القوى الرئيسية في المنطقة.
 
إلا أن الخطوات المتسارعة التي اتخذتها القوى الإقليمية الرئيسية، عبر التحول نحو مفاهيم "التوافق" بين القوى المتصارعة، في إطار مساعي تحويل الصراع القائم بينها، إلى منافسة، مع العمل الدؤوب على تعظيم المصالح المشتركة، تزامنا مع خلق مساحات لأدوار أكبر لكافة الدول الفاعلة في المنطقة لتحقيقها لعبت الدور الأبرز في التحول نحو ما يمكننا تسميته بـ"الشراكة التنافسية"، والتي تعتمد منهج العمل معا، رغم الخلافات القائمة، والتي يمكنها أن تتلاشى تدريجيا مع تعاظم المشتركات.
 
وشهدت تلك الخطوات العديد من المراحل المتزامنة، منها تدشين شراكات صغيرة، تجاوزت الإطار الثنائي، قابلة للتوسع، وهو النهج الذي تبنته الدولة المصرية، على غرار الشراكة الثلاثية مع كل من الأردن والعراق، والذي ساهم في تدشين "مؤتمر بغداد"، والذي ضم العديد من الدول الأخرى، سواء عربية أو غير عربية، على غرار المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، وإيران وتركيا، ليجتمعوا معا على مائدة تفاوضية في إطار رسمي لأول مرة منذ سنوات، وهو ما ساهم في تهيئة البيئة الإقليمية نحو "حزمة من المصالحات" الإقليمية، فتحت الباب مجددا أمام العودة للأولويات.
 
ربما يبقى تغيير الأوضاع الدولية، وانتقال حالة الصراع إلى قلب أوروبا، في إطار الأزمة الأوكرانية، والتي تركت تداعيات حادة، ساهمت بصورة كبيرة لتوسيع مساحة الأدوار التي يمكن أن تقوم بها القوى الإقليمية الرئيسية، لتتجاوز النطاق الإقليمي الضيق، في ظل حاجة القارة العجوز إلى دول المنطقة، لسد العجز الناجم عن الأزمة فيما يتعلق بقطاعي الغذاء والطاقة، بالإضافة إلى نجاح القوى الإقليمية بموقف محايد تجاه مختلف الأطراف، مما ساهم في زيادة أسهمهم للقيام بدور مؤثر، ناهيك عن اتساع المساحة داخل الإقليم للقبول بأدوار جديدة، ساهمت إلى حد كبير في تخفيف حدة الصراع داخله، لتبقى المحصلة في نهاية المطاف في صالح عودة "البوصلة" مجددا إلى مدار القضية الفلسطينية، بعد سنوات من التراجع.
 
وهنا يمكننا القول بأن العودة إلى "مركزية" القضية الفلسطينية هو بمثابة ثمرة لجهود كبيرة بذلتها القوى الرئيسية في المنطقة نحو إعادة تهيئة "البيئة الإقليمية"، عبر الخروج من دائرة الصراع، إلى التوافق، لتحقيق المصالح العامة للإقليم بصورته الجمعية، وكذلك المصالح المشتركة لكافة دول المنطقة، وهو الأمر الذي لم يكن من الممكن تحقيقه في ظل حالة الصراع الدائم، التي هيمنت على المنطقة خلال عقود على مستوى الدول، سواء في إطار مباشر أو في شكل صراعات بالوكالة، بينما وصلت إلى الذروة عندما امتدت إلى النطاق الأهلي في العقد الماضي
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تفاصيل التحقيق مع تاجر بتهمة شراء دراجات نارية مسروقة

فى انتظار القيد.. الإسماعيلى يتوصل لاتفاق مع عدد من اللاعبين والأفارقة

المصرى يستأنف تدريباته بعد انتهاء راحة الـ24 ساعة

تريلا تحطم وتدهس 7 سيارات على الطريق الدائرى بالمعادى.. صور

دليل الناخب.. كل ما تحتاج معرفته عن إجراءات التصويت فى الانتخابات


موعد انطلاق بطولة الدورى المصرى موسم 2025-2026

الدورى المصرى ضمن أقوى 25 مسابقة محلية فى العالم

بعد تأجيلها للمرافعة.. 5 معلومات عن قضية "تهريب العملة"

عندما يكسر الصيف قواعده.. أمطار تضرب القاهرة وبعض المحافظات فى يوليو.. تحذير لا يمكن تجاهله يضع مصر فى مرمى المناخ المتقلب.. الأرصاد: تغير مناخى للأنماط الجوية المعتادة.. وخبراء: أحداث متطرفة ستصبح أكثر شدة

اليوم إجازة رسمية للعاملين بالقطاعين الحكومى والخاص بمناسبة ذكرى 30 يونيو


‏محمد شريف يوقع للأهلى لمدة 5 سنين رسميا

خاص.. 13 حزبا وتجمعا سياسيا يشاركون فى القائمة الوطنية من أجل مصر

4 صفقات حائرة بين الأندية فى الانتقالات الصيفية الحالية.. أبرزها رضا سليم

بعد جدل حذف أغانى أحمد عامر.. هل الغناء حلال أم حرام؟.. الدكتور على جمعة: لا يوجد حكم مطلق وهناك موسيقى تهذب الروح.. الشيخان محمد الغزالى وعبد الحليم محمود يفتيان ياسمين الخيام.. وهذا ما قاله الشعراوى لـ شادية

الأهلي يفاضل بين 3 عروض محلية لإعارة محمد عبد الله

عبد الناصر محمد يقترب من منصب مدير الكرة بالزمالك

109 لجان طبية و29 معمل تحليل لإجراء الكشف الطبى للمرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ

اليوم السابع: مجلس النواب يوافق نهائيا على تعديلات قانون الإيجار القديم

أحمد شوبير: محمد شريف أهلاوي

مروان عطية يترقب إجراء جراحة الفتاق للحاق ببداية الموسم الجديد

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى