سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 مارس 1811.. محمد على باشا يذهب فجأة إلى منزل شيخ الجامع الأزهر عبدالله الشرقاوى لحضور اجتماع المشايخ لمباركة «مذبحة القلعة»

محمد على باشا
محمد على باشا
أراد محمد على باشا أن يطمئن بنفسه على أحوال الناس، بعد أن انتهى من تنفيذ مذبحة المماليك فى القلعة يوم 2 مارس، 1811، فنزل إلى شوارع القاهرة وحوله أمراؤه الكبار فى 3 مارس، مثل هذا اليوم، 1811، وكانت أعمال النهب مستمرة، حسبما يذكر الجبرتى فى موسوعته «عجائب الأثار فى التراجم والأخبار».. راجع «ذات يوم، 2 مارس 2023».
 
كانت أعمال النهب تتواصل فى الشوارع، وكان الشيوخ وعمداء الأزهر يعقدون اجتماعهم، ويعطى الجبرتى صورة عن موقف هؤلاء الشيوخ من المذبحة، قائلا: «إن الباشا محمد على نزل من القلعة فى ضحى 3 مارس، وحوله أمراؤه الكبار مشاة، وأمامه «الصفاشية» و«الجاويشية» بزينتهم وملابسهم الفاخرة، والجميع مشاة ليس فيهم راكب سواه، وهم محدقون به، وأمامه وخلفه عدة وافرة والفرح والسرور بقتل المصريين ونهبهم، والظفر طفاح من وجوههم، فكان كلما مر على أرباب الدرك والقلقات والضابطين وقف عليهم ووبخهم على النهب، وعدم منعهم لذلك، والحال أنهم هم الذين كانوا ينهبون أولا ويتبعهم غيرهم».
 
يذكر الجبرتى، أن محمد على توجه ناحية «الكعكيين»، فلاقاه من أخبره بأن المشايخ مجتمعون وفى نيتهم الركوب لملاقاته والسلام عليه والتهنئة بالظفر، فرد عليهم:  «أنا ذاهب إليهم».. كان الاجتماع فى بيت عبدالله الشرقاوى، شيخ الجامع الأزهر منذ سنة 1793 إلى أن توفى يوم 17 يوليو 1812، وفقا للدكتور عبدالعزيز محمد الشناوى فى الجزء الثانى من كتابه «الأزهر جامع وجامعة»، مضيفا: «ترك بصماته قوية حينا، وباهتة حينا آخر فى تاريخ مصر.. كان من ألمع الشخصيات الأزهرية على عهد الحملة الفرنسية، وزاد ثراؤه أيام الفرنسيين، وكان ثانى اثنين ألبسا محمد على باشا خلعة الولاية رمزا للمناداة به واليا على مصر».
 
يضيف الشناوى، أن الشرقاوى ظل متعاونا مع محمد على إلى أن صحت عزيمة الباشا فى التخلص من عمر مكرم بصفته كبير الزعامة الأزهرية، وتخلف الشرقاوى عن حضور الاجتماعات التى كان يعقدها الباشا لهذا الغرض، ثم انضم إليها مرة بالإنابة ومرات بالحضور شخصيا، فكان اشتراكه فى مؤامرة التخلص من عمر مكرم مظهريا، مما أثار عليه حفيظة الباشا وعمل على إبعاده من الحياة السياسية، فتجاهله فى غير عنف بعد أن نفى عمر مكرم «12 أغسطس 1809»، ولم يلجأ إلى عزله من منصبه كشيخ للجامع الأزهر، وكان قد حدد إقامته فى داره وعدم دعوته لحضور اجتماعات الديوان، ولما استفسر قاضى القضاة فى أحد الاجتماعات عن سبب تخلفه، قيل إنه مريض، ثم رفع عنه «التحجير» بتدخل من قاضى القضاة.
 
وفيما كان «الباشا» على هذا النحو من عدم تقديره للشرقاوى، كان الأخير يعقد الاجتماع فى بيته مع الشيوخ لمباركة حدث مذبحة القلعة، ويذكر الجبرتى أن الباشا «دخل إلى بيت الشرقاوى وجلس عنده ساعة لطيفة، وكان قد التجأ إلى الشيخ شخصان من الكشافة المصرية، فكلمه فى شأنهما وترجى عنده فى إعتقاهما من القتل، وأن يؤمنهما على أنفسهما».. يكشف الجبرتى مدى توسل الشرقاوى فى هذا الأمر، ولؤم الباشا معه، قائلا:  «لا تفضح شيبتى يا ولدى، واقبل شفاعتى، وأعطهما محرمة الأمان»، فأجابه إلى ذلك، وقال له: «شفعاتك مقبولة ولكن نحن لا نعطى محارم، وأنا أمانى بالقول، أو نكتب ورقة، ونرسلها إليك بالأمان».
 
اطمأن الشيخ الشرقاوى لوعد الباشا الذى قام وطلع إلى القلعة، ويذكر الجبرتى: «أرسل ورقة إلى الشيخ يطلبهما، فقال لهما الشيخ، إن الباشا أرسل هذه الورقة يؤمنكما ويطلبكما إليه.. فقالا: وما يفعل بذهابنا إليه، فلا شك أنه يقتلنا، فقال الشيخ: لا يصح ذلك ولا يكون، كيف أنه يأخذكم من بيتى ويقتلكم، بعد أن قبل شفاعتى».
 
هكذا كان الشيخ الشرقاى مطمئنا لوعد محمد على إليه، وذهب الكشافان طبقا لهذا الضمان، ويكشف الجبرتى: «ذهبا مع الرسول وعندما وصلا إلى الحوش وهو مملوء بالقتلى، وضرب الرقاب واقع فى المحبوسين والمحضرين، قبضوا عليهما وأدرجا فى ضمنهم».
 
يعلق عبدالعزيز الشناوى: «نكث محمد على بوعده، واستهان بكرامة شيخ الجامع الأزهر بعد أن كان يخفض له ولسائر العلماء جناح الذل من الخوف».. وينقل الشناوى عن «مانجا» وهو أحد الدبلوماسيين الفرنسيين المقربين إلى محمد على، ممن عاشوا فى مصر إبان هذه الأحداث قوله: «إن محمد على أصبح لا يعير وساطة المشايخ أى اهتمام، لأن معظمهم قد باعوا أنفسهم له، وكانوا يستجيبون لرغبته استجابة عمياء».
 
يضيف الشناوى: «كان حادث هذين الكشافين المملوكيين درسا قاسيا للشيخ الشرقاوى وسائر الزعماء، وأدركوا مغبة مسلكهم المعيب إزاء عمر مكرم، ثم أشركهم فى الإيقاع به، وما بلغ مأربه استهان بهم، وأقصاهم تباعا عن الحياة السياسية».
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تشييع جثمان بهاء الخطيب في البدرشين ودفنه بمقابر ميت رهينة

الإجهاد الحرارى يهدد حياة الملايين.. الأمم المتحدة: نصف سكان العالم يعانون من آثار سلبية من ارتفاع درجات الحرارة.. والعمل الدولية: 2.4 مليار عامل يتعرضون للحرارة المفرطة وأكثر من 22.85 مليون إصابة مهنية كل عام

"دولة التلاوة".. اختتام التصفيات الأولى بالقاهرة وانطلاقها بالدقهلية

وسام أبوعلى يسجل ظهوره الأول في الدوري الأمريكي ويربك معلق المباراة بهدف.. فيديو

غياب الأهلى عن الصدارة.. تعرف على ترتيب الدوري المصري قبل مباريات اليوم


السيناريست جامايكا يعلن وفاة الممثل الشاب بهاء الخطيب

مصر تدافع عن حقوقها وفق القوانين الدولية لاتفاقيات فيينا .. تفاصيل

على أنغام لقيت الطبطبة.. القادسية يعلن التعاقد مع كهربا

أخبار الرياضة المصرية اليوم السبت 23 – 8 – 2025

تكريم مدحت وردة على هامش بطولة لافروباسكت لكرة السلة فى أنجولا


انتهاء امتحانات الثانوية العامة 2025 للدور الثانى لطلبة النظام الجديد.. وزارة التعليم ترصد مخالفات وتتخذ إجراءات ضد الطلاب.. وتؤكد: تصحيح كراسات الإجابة أولا بأول لإعلان نتيجة الدور الثانى للثانوية خلال أيام

كريم العراقى ينتظم فى التدريبات الجماعية للمصرى بعد استبعاده أمس.. اعرف التفاصيل

حسام حبيب: شيرين عبد الوهاب بخير ومرورها بوعكة صحية كذب

وزير الاتصالات: اختيار مصر لاستضافة معرض عالم الذكاء الاصطناعى يؤكد دورها الريادى

الداخلية تضبط متهما زعم صلته بتجار مخدرات وآثار واستعداده لتقديم معلومات عنهم

الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة خلال آخر أسبوع فى أغسطس

اتحاد جدة يفتح باب المفاوضات مع برونو فرنانديز بعد اجتماع خاص

أول تعليق من بيب جوارديولا بعد خسارة مان سيتى ضد توتنهام

الجيش السوري ينفى تسمم وزير الدفاع مرهف أبو قصرة

زلزال بقوة 6 درجات يضرب المحيط الهادئ قبالة سواحل السلفادور وجواتيمالا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى