سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 9 مارس 1799 .. الاحتلال الفرنسى يحول قرية «أبنود» إلى قطعة من الجحيم ويحرق مسجدا ويقتل 600.. والأهالى يقاومون ببسالة ثلاثة أيام

الحملة الفرنسية
الحملة الفرنسية
قصدت قوات الاحتلال الفرنسى موقع الأهالى والعرب بالقرب من «قفط» بمحافظة قنا، كان عدد الأهالى وعرب الحجاز نحو 3000 ومعهم مماليك يقدرون من 350 إلى 400، والتقى الجمعان فى «سهل قفط» يوم 8 مارس سنة 1799، فكانت معركة حامية اشتبك فيها المقاتلون وجها لوجه، وانتهت بهزيمة الأهالى والعرب وانسحابهم إلى «أبنود»، حسبما يذكر المؤرخ عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الأول من موسوعته «تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم فى مصر».
 
يذكر «الرافعى» أن الأهالى والعرب واصلوا انسحابهم وهم يدافعون دفاعا شديدا فى كل قرية ومكان ارتدوا إليه، فلما وصلوا إلى «أبنود» تحصنوا فيها ونصبوا بها المدافع الفرنسية التى غنموها فى واقعة «بارود النيلية»، وهى الواقعة التى هجم فيها الأهالى على 12 سفينة فرنسية بالقرب من قرية «بارود» جنوبى قنا، وأفرغوا شحنات الذخيرة والأسلحة، واستولوا عليها.
 
يؤكد الرافعى، أن الأهالى أخذوا يطلقون النار من المدافع ففتكت بالفرنسيين فتكا شديدا، وكانت هذه أول مرة يواجه فيها الفرنسيون مدفعية حديثة بحوزة المصريين، فأدرك القائد الفرنسى «بليار» أن موقفه أصبح محفوفا بالمخاطر، وأن منشأ هذا الخطر هو وجود المدافع الفرنسية بحوزة المصريين، فوجه قوة جيشه للاستيلاء على هذه الأسلحة، ونجحت خطته واستعاد الفرنسيون مدافعهم التى فقدوها فى «بارود»، وجردوا المصريين من أقوى سلاح كان فى أياديهم. 
 
يضيف الرافعى: «اشتد القتال بين الفريقين وانسحب الأهالى والعرب إلى منازل القرية، فتجدد القتال فى طرقاتها وبيوتها، ولم يتمكن الفرنسيون من التغلب عليهم إلا بعد أن أضرموا النار فى منازل القرية كلها، فأصبحت البلد شعلة من الجحيم، وتصاعد اللهب إلى عنان السماء، واستحالت قرية إلى أكوام من الخرائب، وبالرغم مما حل بها من الحريق والدمار، امتنع الأهالى والعرب فى قصر حصين كان فيما مضى مقرا لكشافات المماليك، وفى مسجد يجاوره، جمعوا الذخيرة التى غنموها من الفرنسيين فاشتد القتال حول هذا المنزل والمسجد المجاور له، وتبادل الفريقان إطلاق النار إلى أن جن الليل، وتكبد الفرنسيون خسائر جسيمة فكفوا عن الضرب بعد أن أحرقوا المسجد، وأخذوا يحاصرون المنزل طوال الليل، ويستعدون لاستئناف القتال فى اليوم التالى، ونصبوا المدافع بحيث تشرف عليه، أما المماليك فلبثوا يشاهدون هذه المجزرة بعيدا، ولم يأتوا شيئا ولم يعملوا عملا ما، وعسكروا فى الصحار، ذلك كان شأنهم فى كل المعارك التى اشتد فيها القتال فكانوا يضنون بأرواحهم ويعرضون الأهالى فداء وضحية».
 
فى اليوم التالى، 9 مارس، مثل هذا اليوم، 1799، استؤنف القتال، حسبما يذكر الرافعى، مضيفا: «أعاد الفرنسيون ضرب القصر بالمدافع، وهنا أقبل مدد من الأهالى والمماليك لرفع الحصار عن هذا القصر، فردهم الفرنسيون على أعقابهم وشددوا الحصار والضرب إلى أن تمكنوا من دخول إحدى ساحاته، فأضرموا النار فى بنائه ليكرهوا من فيه على التسليم، فاشتعلت النار فى غرف القصر، وأوشك لهيبها ودخانها أن يخنق المحصورين فنزلوا ساحته واستمروا يقاتلون الفرنسيين بشجاعة اعترف بهم «بليار» فى رسالته إلى الجنرال «ديزيه» إلى أن جن الليل، وكان قد قتل كثير منهم، وتمكن بعضهم أن ينسلوا تحت الظلام فأفلتوا من الحصار ونجوا بأنفسهم من النار المشتعلة».
 
يواصل الرافعى سرده لهذه المعركة مؤكدا أنها استمرت فى صباح اليوم الثالث «10 مارس 1799»، وفيه اقتحم الفرنسيون القصر، فوجدوا الباقين نحو ثلاثين أقعدهم الإعياء ونالتهم الجراح، ومع ما كانوا فيه من الهلاك، فإنهم استمروا على المقاومة إلى أن قتل الفرنسيون معظمهم.
 
يوضح الرافعى، دور المماليك المخزى، قائلا: «بعد انتهاء المعركة، تظاهر عثمان بك حسن بالرغبة فى القتال كذبا ودعوى، وكانوا أثناء القتال جامدين، فسار إليهم الجنرال بليار قاصدا مهاجمتهم، وما أسرع ما فروا فى الصحراء فتركهم وعاد إلى أبنود»، ويذكر: «وجد الفرنسيون فى القصر جانبا من الذخائر التى فقدوها فى معركة بارود النيلية، وكان الأهالى والعرب قد استنفذوا جزءا منها، وكذلك استرد الفرنسيون المدافع التى كان الأهالى قد انتزعوها من السفن الفرنسية، واستولوا على ست رايات منها اثنتان للحجازيين».
 
وعن الخسائر التى وقعت فى الجانبين وقدرها القائد الفرنسى بليار، يذكر الرافعى:  «خسائر الأهالى وحلفائهم الحجازيين 500 أو600 قتيل و8 إلى 10 من المماليك وكثير من الجرحى، وخسائر الفرنسيين نحو 35 قتيلا و134 جريحا»، ويعلق الرافعى:  «كانت هذه المعركة من أشد معارك الحملة الفرنسية هولا وأطولها مدة، فلقد كانت سلسلة معارك دموية دامت 72 ساعة، وكان حريق أبنود وما أصابها من الدمار أفظع مأساة وقعت فى معارك الحملة الفرنسية».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الزمالك يطالب حسام عبد المجيد بحسم موقفه من تمديد العقد

أسماء ضحايا حريق سنترال رمسيس من موظفي المصرية للاتصالات

وزير الاتصالات: عودة الخدمات بشكل تدريجى خلال 24 ساعة

"اليوم السابع" يجرى جولة بمحطات الخط الرابع لمترو الأنفاق.. التنفيذ يتخطى الـ50% والتشغيل 2027.. أول قطار يصل العام القادم والشركات المصرية تصنع التاريخ.. والرصيف بوسط المحطات وأبواب زجاجية لحماية الركاب.. صور

فلومينينسي يصارع تشيلسي على بطاقة نهائى كأس العالم للأندية 2025


بدء تلقى أوراق الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ لليوم الرابع على التوالى

بدء غلق مؤقت للطريق الإقليمي لمدة أسبوع بدءا من اليوم

وزارة الزراعة: ضخ 300 ألف طن من الأسمدة خلال الشهرين الماضين مع بداية الموسم الصيفى.. و250 ألف طن مخزون استراتيجي لتلبية احتياجات المزارعين.. وتوافر الأسمدة بجميع الجمعيات التعاونية

بدأت حياتها مفتشة جمارك وجسدت أدوار الشر ببراعة.. ميلاد علية الجباس

وزارة الطيران: إقلاع جميع الرحلات التى تأثرت نتيجة عطل الاتصالات والإنترنت


حول الشوارع إلى جنة.. شاب قنائي يتطوع ويزرع 1000 شجرة على نفقته الخاصة بمدينته.. أحمد عبد العزيز: البداية كانت منذ عام وأحلم بزراعة المدينة كلها بالأشجار المثمرة.. وأسعى لتحقيق الفائدة العامة لأبناء بلدي.. صور

بي اس جي ضد الريال.. مبابي يتحدى باريس في مواجهة الثأر والانتقام

انتحار نائب بالبرلمان الفرنسى شنقا فى منزله

حسام أشرف لاعب الزمالك ينتقل إلى سموحة لمدة موسم واحد على سبيل الإعارة

عقوبات مشددة لمخالفة قانون ممارسة الحياة السياسية.. الحبس وغرامات تصل إلى مليون جنيه.. 500 غرامة المتخلف عن التصويت واسمه بالبيانات بغير عذر.. واحذر إتلاف أو سرقة صندوق الانتخابات أو التعدى على أعضاء اللجان

مقتل 5 جنود إسرائيليين وإصابة 10 آخرين في "كمين كبير" بغزة

تليفزيون اليوم السابع يوثق اللحظات الأولى من حريق سنترال رمسيس.. إخماد النيران وتجددها مرة أخرى والسحاب غطى وسط البلد.. الحماية المدنية سطرت ملحمة بطولية.. ووزراء ومسئولون يتابعون الحادث من موقع الحريق

المصرية للاتصالات: فصل التيار خلال الحريق سبب تأثر الخدمة.. وتعويض المتضررين

محمد شكرى يظهر فى مران سيراميكا قبل انتقاله للأهلى.. صور

بعد عام على استشهاده فى غزة.. العثور على رفات اللاعب رامز الكفارنة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى