سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 19 أبريل 1805..محمد على يكسب جنود خصمه «خورشيد باشا» بدهاء الحوار ويتركونه متوجها إلى داره بالأزبكية عائدا من الصعيد

محمد على
محمد على
اجتمع الشيوخ وزعماء الجند، وأجمعت آراؤهم على تعيين خورشيد باشا واليا على مصر، وتعيين محمد على قائم مقام، وأفدوا رسولا إلى خورشيد بالإسكندرية، حيث كان محافظها يدعوه إلى الحضور إلى القاهرة ليتولى منصب الولاية، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الثانى من موسوعته «تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم فى مصر».
 
وصل خورشيد إلى بولاق فى أواخر مارس 1804، وفقا للرافعى، موضحا: «هو خامس من تقلد ولاية مصر فى نحو سنتين، أولهم خسرو باشا وقد خلع، ثم طاهر باشا وقد قتل، ثم أحمد باشا وقد طرد، ثم على باشا الجزائرلى وقد قتل، ثم جاء خورشيد وفى عهده قامت الثورة التى ستقود محمد على إلى ولاية مصر»، وطوال الفترة السابقة على ولايته، كان يرسم ويدبر ويناور بدهاء كبير يساعده على ذلك طبيعة شخصية خورشيد التى يصفها الرافعى، قائلا: «كان سيئ الرأى، فاسد التدبير، ميالا إلى الظلم غير مكترث بميول الشعب، معتمدا على القوة الغشوم».
 
وفيما كان محمد على يمضى بدهائه فى خططه، كان خورشيد يدبر له المكايد بمساعدة الباب العالى للتخلص منه كمنافس على السلطة، ويأتى الرافعى بأمثلة على ذلك.. يذكر أن محمد على سار إلى الصعيد لقتال المماليك على رأس جنوده الأرناؤد وعددهم 3 آلاف، يعاونه جيشان، الأول يتبع خورشيد وعدده 4 آلاف، والثانى بقيادة حسن باشا وعدده 1200 مقاتل، وأثناء ذلك طلب خورشيد من الحكومة العثمانية إمداده بقوات جديدة للتخلص من محمد على، فأرسلت إليه جيشا من الدلاة، ويفسر الرافعى معنى «الدلاة» قائلا: «هى جمع ديلى، وهى كلمة تركية معناها المجنون، وأطلقت كلمة دلاة أو دلانية على هذا الجيش لشهرة رجاله بالتهور فى البسالة، ومعظمهم من الأكراد».
 
يذكر «الرافعى» أن محمد على وصله نبأ قدوم الدلاة، فرأى أنه هو المقصود، فعجل بالعودة إلى القاهرة من الصعيد ومعه زميله حسن باشا، ويؤكد الرافعى، أنه رغم أن غرض خورشيد من الاستعانة بجيش الدلاة كان التغلب على محمد على، لكن هذا الجيش كان السبب فى القضاء المبرم على سلطته هو، فكيف حدث ذلك؟.
 
 يجيب «الرافعى»: «كان جيش الدلاة مؤلفا من ثلاثة آلاف مقاتل من أردأ عناصر السلطة العثمانية، فأخذوا يعيثون فى الأرض فسادا، ويرتكبون الجرائم ويعتدون على الأموال والأرزاق والأرواح»، ويستشهد بقول الجبرتى عنهم: «دخلوا بيوت الناس بمصر وبولاق وأخرجوا منها أهلها وسكنوها، وكانوا إذا سكنوا دارا أخربوها وكسروا أخشابها وأحرقوها لوقودهم، فإذا صارت خرابا تركوها وطلبوا غيرها ففعلوا بها كذلك، حتى عم الخراب سائر النواحى، وخصوصا بيوت الأمراء والأعيان وباقى دور بركة الفيل وما حولها من بيوت الأكابر وقصورهم».
 
كان خورشيد يساعدهم على هذه المظالم، ولما عرف أن محمد على راجع إلى القاهرة، سعى إلى استمالة العلماء إليه، فاجتمع بعمر مكرم وقادة الجهادية فى 11 إبريل 1805، وقال لهم إن محمد على وحسن باشا راجعان من الوجه القبلى من غير إذنى، فإما أن يذهبا إلى بلادهما أو يتوليان ولايات ومناصب فى غير مصر، وقال إن لديه أمرا من السلطان بعزل وتولية من يشاء.
 
 وصل محمد على وحسن باشا بجنودهما إلى طره، ويذكر«الرافعى» أن خورشيد باشا أرسل إلى طره قوة من الدلاة لصدهما عن التقدم، لكن محمد على بدهائه وحسن سياسته استطاع أن يجتاز هذا الموقف دون أى مقاومة تذكر، فماذا فعل؟.. يذكر «الرافعى»، أن محمد على لما اقترب من طره، طلب أن يقابل ضباط من الحامية للتحدث إليهم فأجابوه، ثم تبسط فى الكلام معهم وتحدث إليهم حديثا وديا، وقال لهم إن الباشا «خورشيد» لم يدفع للجنود رواتبهم المتأخرة وقد جئنا لنطالبه بها، فهل يضركم ذلك؟.. فأجابوا: كلا.
 
يؤكد «الرافعى»، أن حجة محمد على كانت قوية ومقنعة، وارتاح إليها ضباط الدلاة الذين يتحدثون إليه، لأنهم رأوا أن المطالبة بالرواتب لاتهم جنود محمد على الألبان وحدهم، بل تهمهم أيضا، وإذا وجب قتال جنود محمد على لأنهم يطالبون بحقهم، فسيفعل الوالى خورشيد معهم إذا هم طالبوا برواتبهم، فأجمعوا رأيهم ألا يتعرضوا لجيش محمد على، وأخلوا له الطريق، فوصل سيره حتى بلغ القاهرة سالما، ونزل فى داره بالأزبكية فى 19 إبريل، مثل هذا اليوم، 1805، ليبدأ الصراع بينه وبين خورشيد وجها لوجه.
 
يذكر «الرافعى»، أن محمد على وجد أن قوته فى كسب المعركة والوصول لقمة السلطة تأتى من الشعب، فبالغ فى استمالة علماء المدينة وأعيانها واستنكار تصرفات الوالى، وكان الشعب يعتبر الوالى مسؤولا عن فظائع الدلاة ومظالمهم، لأنه هو الذى جلبهم لتأييد سلطته، فأخذ تيار السخط ينحدر نحو الوالى، ولم يبق بين السخط والثورة إلا أن تقع حادثة تشعل نار البركان.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

4 عادات صباحية تحسن صحة الأمعاء

4 عادات صباحية تحسن صحة الأمعاء الإثنين، 15 ديسمبر 2025 07:00 ص

الأكثر قراءة

عيد ميلاد إنعام سالوسة ومسيرة 60 عاما.. من الأكورديون إلى ليالى الحلمية

القنوات الناقلة لمباريات كأس أمم أفريقيا 2025 بمشاركة منتخب مصر

مواعيد مباريات الجولة الثانية في كأس عاصمة مصر

التضامن تبدأ صرف مساعدات تكافل وكرامة لشهر ديسمبر 2025.. اعرف المنافذ

تعرف على أرقام جروس مع الزمالك فى ذكرى عودته لخوض الولاية الثانية


مواجهة مونديالية بين السعودية والأردن في نصف نهائي كأس العرب 2025

مشاهد صادمة لفيضانات إقليم آسفى بالمغرب وارتفاع القتلى إلى 21.. فيديو وصور

مواعيد مباريات اليوم الإثنين 15-12-2025 والقنوات الناقلة

العوضى يحتفل بعيد ميلاده بتوزيع 300 ألف جنيه ويعلق: السنة الجاية مع المدام

تعرف على بدائل يزن النعيمات لتدعيم هجوم الأهلى فى يناير


مواعيد مباريات منتخب مصر فى أمم أفريقيا 2025

حالة الطقس اليوم الإثنين 15 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار غزيرة بهذه المناطق

تعرف على آخر تفاصيل عرض الأهلى لضم حامد حمدان

وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال

تشييع جنازة شقيقة عادل إمام بالشيخ زايد غدا والعزاء الأربعاء المقبل

عمر متولى ينعى والدته ويطالب الجمهور بالدعاء لها

تعرف على مصير أحمد الأحمد البطل الأسترالي مُنقذ ضحايا هجوم سيدني

7 معلومات عن شقيقة عادل إمام أرملة مصطفى متولى

ترامب يشيد بالبطل الأسترالي أحمد الأحمد: أنقذ أرواحا كثيرة في هجوم سيدني

مودرن سبورت يرحب ببيع حسام حسن فى يناير

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى