البروتوكول الإنساني.. مسارات مصر في صياغة المفهوم الحقوقى

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى

ربما كان الجانب الإنساني، أحد أهم الأولويات التي وضعتها الدولة المصرية، على عاتقها في عهد "الجمهورية الجديدة"، منذ ميلادها، إلا أنها كانت حريصة على إرساء رؤيتها، وبصمتها، في هذا الإطار، بعيدا عن الأفكار النمطية، والتي تحولت على إثرها المفاهيم الحقوقية إلى مجرد مبادئ صماء، ترتبط في أغلب الأحيان بأهداف السياسة وتوجهاتها، وهو ما يعكس الاستخدام المتواتر لكلمة "حقوق الإنسان"، من قبل القوى الكبرى، للضغط على الدول، من أجل توجيه بوصلتها، أو تغيير توجهاتها ومواقفها من مختلف القضايا، بحيث تدور في فلك واحد، يصب في صالح تلك القوى والحفاظ على مكانتها، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار حقيقة مفادها أن الهيمنة الأحادية اعتمدت نهجا قائما على "عولمة" المبادئ، وفي القلب منها تلك المرتبطة بالديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرهما.

ارتباط المفاهيم الإنسانية بأهداف السياسة والهيمنة المطلقة، ساهم بصورة كبيرة في تجريدها من معانيها، خاصة مع صعود حالة من الازدواجية بين ما تدعو إليه القوى الدولية الحاكمة للعالم، من جانب، وممارساتها الفعلية، في الكثير من المواقف، سواء على أراضيها، أو في تلك المناطق التي سيطرت عليها بالقوة العسكرية، محملة بوعود شفهية براقة، في الوقت الذي تجاوزت فيه الانتهاكات المرتكبة أدنى حدود الإنسانية أو الأعراف، وبالتالي كانت الحاجة ملحة إلى إعادة هيكلة المفهوم، أو بالأحرى "إعادته إلى أصله" لاستعادة الثقة به، بعدما أصاب الشك الجميع من الجدوى وراء استخدامه في العديد من المحافل الدولية، من خلال احترام آدمية الإنسان، وضمان حياة كريمة له ولأسرته، ناهيك عن تأهيله ليكون عنصرا فاعلا في المجتمع.

ربما يبقى تحويل المفاهيم الحقوقية، من صورتها الصماء، نحو مزيد من الحيوية، تجلى في العديد من المشاهد، التي تبنتها الدولة المصرية في السنوات الماضية، ربما أبرزها المبادرات الرئاسية، وعلى رأسها "حياة كريمة"، والتي وفرت مساكن آدمية لألاف البشر، بالإضافة إلى العمل الجاد نحو تأهيل الشباب ليكونوا وقودا لعملية التنمية وتأمين حقوق المرأة، وتقديم الدعم المطلق لـ"ذوى الهمم"، بينما ركزت كذلك إلى إعادة هيكلة السجون، لتتحول من مجرد "عقاب"، إلى تأهيل، يمكن من خلالها بناء أشخاص صالحين يمكنهم خدمتهم مجتمعاتهم وبناء دولتهم والمشاركة في رسم مستقبلها.

إلا أن الجهود التي تبنتها الدولة المصرية لإرساء أبعادا جديدة للمفاهيم الحقوقية، ربما لم تقتصر على مشروعات ومبادرات، وإنما امتدت إلى جوانب أخرى تبدو أكثر حيوية، تتجلى في مواقف، تحولت بحكم التكرار إلى "عرف"، أقدم عليها كبار رجال الدولة، وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذى يضع على عاتقه مسؤولية بناء الإنسان، جنبا إلى جنب مع بناء الدولة، وهو ما يبدو في احتفالية العيد، بين أسر الشهداء وأطفالهم، والتي تحولت إلى حالة أشبه بـ"العرف"، تمتزج فيه الرسمية "البروتوكولية"، والتي تتجلى بوضوح في التكريم وتسليم الهدايا التذكارية وشهادات التقدير، مع ملامح إنسانية، تحمل في طياتها "بروتوكولا" جديدا، تبدو أطول عمرا في الذاكرة، تتجسد في لحظات يقف فيها رأس الدولة بين الأطفال، مداعبا إياهم، ومتحدثا معهم، بل ويشاركهم لحظات من المرح، في مشهد يبدو استثنائيا ليس في مصر وحدها.

 فلو نظرنا إلى مشهد "العيد" بين الرئيس وأطفال الشهداء وأسرهم، ربما نستلهم العديد من الفضائل، التي تجد مرجعيتها في الأديان السماوية، أبرزها تعزيز روح المحبة والتآخي والمؤازرة، بالإضافة إلى فضيلة الاعتراف بجميل أولئك الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الوطن وأمنه واستقراره وأهله، ناهيك عن تحقيق بهجة الأطفال، لنجد في نهاية المطاف أن تلك المشاهد تمثل تطبيقا عمليا للمفاهيم الحقوقية، خاصة تجا بعيدا عن حصرها كمجرد موضوعات للتنظير السياسي، والجدل، لعقود طويلة من الزمن.

وهنا يمكننا القول بأن المفاهيم الحقوقية تشهد تحولات كبيرة من الجانب النظري "المسيس"، إلى الواقع العملي التطبيقي، من وجهة النظر المصرية، عبر مسارين، أولهما يدور حول تحقيق أكبر قدر ممكن من "الحياة الكريمة" للمواطنين، عبر توفير الحياة الآدمية للمعدمين منهم، بينما تمنحهم الأمل في حياة أفضل في المستقبل، عبر تأهيلهم للمشاركة في العملية التنموية، بينما يبقى المسار الثاني قائما على ما يمكننا تسميته بـ"البروتوكول" الإنساني، في ظل حرص الدولة، والرئيس السيسي على إرساء "أعراف" تحمل في طياتها دروسا إنسانية عملية، حول الكيفية التي ينبغي أن ينظر بها إلى مفهوم حقوق الإنسان بأبعاده المختلفة، بل والعمل على إنقاذه من عملية تشويه ممنهجة ساهمت فيها حالة الخلط التي مارستها العديد من الدول حول العالم بين الإنسانية والسياسة.

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

زى النهارده.. محمد صلاح يقود الفراعنة للفوز على أوغندا فى أمم أفريقيا

خلاصة الكيمياء لطلاب الثانوية العامة.. أقوى الأسئلة وإجاباتها قبل الامتحان

كل ما تريد معرفته عن سباق تنظيم كأس العالم للأندية 2029 بمشاركة بيراميدز

رامى إمام يحتفل بعقد قران ابنه حفيد الزعيم عادل إمام

الذكرى الـ12 لثورة 30 يونيو.. نقطة تحول فارقة أعادت مصر إلى مسارها الوطني.. الجبهة الوطنية: جسدت إرادة شعب واستعادت هوية مصر واستقرارها.. ورئيس الحزب الناصري: عبرت عن وعي شعب لا يُخدع ووطن لا يُكسر


أغنيتان من ألحان عمرو الخضرى في ألبوم رامي صبري الجديد

مواعيد مباريات اليوم الإثنين 30-6-2025 والقنوات الناقلة

دينيس فيلنوف يكشف عن فيلمه المفضل لـ جيمس بوند

الأهلى يدرس التراجع عن ضم أحمد عيد والتمسك ببقاء عمر كمال

حامد حمدان لاعب بتروجت على رادار المصرى فى الميركاتو الصيفى


الاتحاد السكندرى يفاوض ظهير فاركو لضمه فى الميركاتو الصيفى

أحمد حسام: هعرف أثبت نفسى فى الزمالك.. ومابلولو وماييلى أصعب مهاجمين

وزير الخارجية يزف بشرى للمصريين بالخارج: بحث تجديد مبادرة استيراد السيارات

حازم إمام: معرفش مصير شيكابالا.. وزيزو لاعب محترم

ملخص وأهداف باريس سان جيرمان ضد إنتر ميامى 4-0 فى مونديال الأندية

اشتعال الأحداث فى السودان.. الجيش السودانى يقصف مواقع للدعم السريع فى نيالا بجنوب دارفور ويعيد فتح طريق حيوي بعد معارك عنيفة مع "الشعبية".. والأمم المتحدة تكشف: الدعم السريع تُجنّد مقاتلين داخل أفريقيا الوسطى

الاتحاد السكندرى يطلب استعارة مروان حمدى من بيراميدز

اتحاد السلة يعقد مؤتمرا فنيا وصحفيا غدا قبل البطولة العربية للسيدات

"كهنوت المرأة ابتداع فى الدين".. رؤية متكاملة تجمع تعاليم الكتاب المقدس بالفكر الأرثوذكسي.. السيدة العذراء صاحبة النموذج فى الخدمة الهادئة.. وهذا دور المرأة المناسب بالكنيسة وأسباب اقتصار الكهنوت على الرجال

مسئول روسي: لقاء بوتين وترامب قد يحدث في أي وقت

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى