"التحطيب" لعب وفن وبطولة.. مرتبط بسباقات مرماح الخيول.. هدفه تلاقى أبناء القبائل فى الصعيد وإظهار الشجاعة.. و"الريس" يختار المنافسين ويحدد نوع عصا المبارزة.. المزمار وتقديم الوجبات أبرز كواليس الليلة.. صور

التحطيب لعبة العصا فى صعيد مصر

أسوان – عبد الله صلاح السبيع

الأحد، 23 أبريل 2023 02:00 ص

فى كل بقعة من بقاع مصر، تختلف العادات والتقاليد داخل المجتمعات وتختلف معها المعانى والصفات، وإظهار الشجاعة والتعبير عن القوة فى الصعيد مصر يتمثل أحياناً بمهارة الفروسية وسباقات "مرماح" الخيول بجانب ممارسة "التحطيب" أو لعبة العصا.

وليال التحطيب فى صعيد مصر، تتعدد بتعدد الأماكن والمناسبات التى تنعقد لأجلها، ففى أسوان تقام منافسات "العصا" بحضور عدد كبير من الناس ويصاحبها مجموعة من العادات والتقاليد جرت العادة أن تكون مرتبطة بهذه اللعبة التى يلتف حولها الكثير من أبناء القبائل العربية فى صعيد مصر.

"اليوم السابع" يكشف كواليس هذه اللعبة وما حولها من أسرار فى ممارستها بجانب الطقوس المرتبطة بها، وذلك من خلال ليلة "الكوبانية" فى محافظة أسوان، والتى تنعقد فيها مبارزات التحطيب بين أبناء القبائل.

تحدث خالد صابر وشهرته "العمدة"، من أهالى قرية الكوبانية بمركز أسوان، عن ليال التحطيب، قائلاً: هى ليال قديمة توارثها الأبناء من أجدادهم فهى موروث شعبى لدى أبناء القبائل العربية المختلفة، وتكون فرصة للتلاقى والتعارف بين الشعوب وتبرز معادن الرجال وبطولات الفرسان فى منافسات العصا، قبل دخولهم فى منافسات أخرى متعلقة بالفروسية وسباقات مرماح الخيول.

وأضاف خالد العمدة، أن ليلة المرماح التى تشهد مبارزات التحطيب فى قرية الكوبانية تتزامن فى الغالب مع عيد أسوان القومى منتصف شهر يناير من كل عام، ولكن هذا العام انعقدت خلال شهر أبريل، وليلة "التحطيب" هى فى الغالب أيضاً ليلة منفصلة تسبق يوم "المرماح" أو سباق الخيول، وتنعقد يوم الجمعة غالباً وتبدأ باستقبال الضيوف فى عصر هذا اليوم والذين يأتون من شتى أنحاء قرى المحافظة والمحافظات المجاورة لأسوان، بجانب حضور بعض الضيوف أيضاً من محافظات أخرى بعيدة، ولكن معظمهم أشخاص يجيدون لعبة العصا ويستمتعون بمشاهدة هذه المبارزات.

وأوضح، أنه يتم تجهيز ساحة لهذه اللعبة وتكون بالقرب من الدواوين عادة ويتم تهيئة المكان ونظافته ووضع "الدكك" أو الأريكة المخصصة للجلوس، ويفرشون "الحصر" لجلوس الناس عليها، وهنا يتجمع المهتمون بشكل كبير فى حلقات دائرية تلتف حول مبارزات التحطيب، وتكون الليلة شاملة على عشاء ومشروبات وتواشيح دينية وأذكار ومزمار بلدى، ثم يبيت الضيوف وبعدها يتوجهون فى الصباح الباكر إلى الصابية وهو المكان المخصص لـ"المرماح".

وفى السياق، قال على عبد الحميد الجندى، من أهالى الكوبانية بأسوان، أن ليلة العصا مرتبطة بالمرماح فى الغالب والتحطيب هواية يعشقها الكثير ويحرص على حضورها من محافظة أسوان ومحافظات الأقصر وسوهاج وقنا، وكل مجموعة وافدة لها "عم" أو مدرب أو القائد الذى يوجه اللاعبون للمبارزة وهو يلعب أيضاً بنفسه مع قرينه فى نفس المستوى، وتكون المبارزات لأشخاص من نفس المستوى المتقارب والبلاد المختلفة ويتبارز شخص من الكوبانية بأسوان مثلاً وآخر من الدير بإسنا، والجوائز معنوية وأحياناً يتم توزيع شهادات تقدير على الفائزين ويطلق عليه "الريس".

وأشار إلى أن من أشهر أبطال هذه اللعبة حالياً ويجيدونها بإتقان: "حمدى أبو سرور من الكلح، وفيصل الأنصارى دراو، ويوسف الشبلى الدير، ومنصور الحشاش من إسنا، وصالح أبو ستيت من إسنا"، مضيفاً أن اللاعبين يستخدمون عصا معينة للمبارزة، ويتم تحديد 5 أو 10 عصيان، ويوجه القائد أو الريس العصا للاعبين المتبارزين، ويتطوع اللاعب فى اختيار منافسه لتخليص حقه وسد خسارته السابقة أو لتأكيد جدارته بالفوز عليه.

وأكد الجندى، أنه مطلوب للاعب أن يحافظ على منافسه من الاعتداء الموحش، ولذا هنا يتم تخصيص 2 حكام وظيفتهما مراقبة اللعبة وعندما يشاهدان حدة اللعب بين الاثنين، يتدخلان على الفور لوقف المبارزة وتهدئة الأجواء حتى لا يعتدى أحدهما على الآخر بضربة قاسية، موضحاً أن هدف التحطيب هو تأكيد معانى لم الشمل ومد وصال الود وزيارة الأهل والأحباب، ويتم تبادل الزيارات فى الليالى المختلفة، والقرية الواحدة تضم مجموعات مختلفة من الوفود التى تسافر إلى ليالى التحطيب والمرماح، لأن التحطيب مرتبط بالمرماح، ونادراً ما يكون ليلة منفردة مرتبطة بمناسبة معينة مثل ليالى الزفاف والنذر وغيرها.

ولفت إلى أن أغلب مواعيد ليالى التحطيب مرتبطة بالشهور العربية مثلاً "ليلة النصف من شعبان" وليال شهر رجب، وهناك ليالى بالتاريخ الميلادى مثل ليلة الكوبانية مرتبطة بالعيد القومى، وفى أسوان توجد ليلة أو ليلتين على الأقل شهرياً، وأشهرها ليالى قرى "الكوبانية وفارس وبنبنان ودراو وكلح القارة والطوناب والقنادلة والمعاون والشيخ جبريل بالرمادى، وتضمنت الليلة استضافة أشهر الفنانين فى فن المديح، ومنهم حارس ومحروس وأولاد الرنان لذكر الليثى.