قرأت لك.. أصداء والتر بنيامين.. مفاهيم حول التاريخ والماضى ووظيفة المؤرخ

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
كتب محمد عبد الرحمن

"مثل شخص لم يغرق فى تحطم سفينة، يعتلى بين الحطام صاريا ينهار، لكن من هناك لديه فرصة لأن يرسل إشارة تؤدي إلى إنقاذه" بهذه الكلمات من والتر بنيامين إلى صديقه جيرهارد سولم في عام 1931، يبدأ الباحثان فؤاد حلبوني وإسماعيل فايد، الحديث في كتابهما الجديد "أصداء والتر بنيامين.. حول التراث والتاريخ والثورة"، واللذين يحاولان من خلاله إلى طرح مجموعة من الأسئلة حول إمكانية إعادة تشكيل الذاكرة الجماعية من منظور أكثر انفتاحا، والكشف عن عمليات الإقصاء والإزاحة المرتبطة بالسردي، ونستعرض الكتاب خلال سلسلة "قرأت لك".

والكتاب عبارة عن مجموعة من محاضرات ملتقى التاريخ والذاكرة الثقافية، وهو سلسلة من الندوات التي طورها الباحثان فؤاد حلبوني وإسماعيل فايد منذ 2015. ويسعى الملتقى إلى طرح مجموعة من الأسئلة حول إمكانية إعادة تشكيل الذاكرة الجماعية من منظور أكثر انفتاحا، والكشف عن عمليات الإقصاء والإزاحة المرتبطة بالسرديات التاريخية الرسمي، ويتضمن الكتاب ترجمة مباشرة عن الألمانية لمقالي بنيامين "مفهوم التاريخ".

 

التأريخانية الفكرية

يرتكز نقد بنيامين لمدرسة التأريخانية الفكرية على عدة نقاط مستمدة من مفاهيمها الرئيسية، أهمّها الرغبة فى تأسيس نظرية لتاريخ شامل للإنسانية مرتبط بقوانين وسنن عامة فى محاكاة لمنهجية العلوم الطبيعية فى القرن الثامن عشر والأقرب للنماذج الميكانيكية محاولة التاريخانية المتأخرة التخلص من أثر تلك المنهجية، أما النقطة الثانية فتتعلق برؤية التاريخ من خلال تصور خطي للزمن، بحيث يبدو التاريخ كسيرورة متجهة من الماضي إلى المستقبل وتقوم على وحدات زمنية متتالية خاوية تتخللها دراما بشرية.

ويرى والتر أن التأريخانية تكتفى بإنشاء روابط سببية ما بين النقاط التاريخية المختلفة، لكن وقائع الأمور لا تكتسب تاريخانيتها عندما تكون سببًا. وإنما تصبح الوقائع تاريخية بعد انقضائها، عبر أحداث قد تفصلها عنها آلاف السنين، والمؤرخ إذا انطلق من هذه النقطة لا يمر على الأحداث المتتالية كمرور الأصابع على حبات المسبحة، بل يدرك الكوكبة التي يتقاطع فيها عصره مع عصر آخر سابق ومحدد، وهكذا يؤسس مفهوم الحاضر كالزمن الآني، حيث تتناثر الشظايا المسيانية.

 

الكتابة عن الماضى

يرى بنيامين فى مفهومه عن التاريخ أن الصورة الحقيقية للماضي تفر مسرعة. لا يمكن الإمساك بالماضي إلا كصورة تومض في لحظة اكتشافها بغير رجعة، هذه الكلمة التي جاءت على لسان جوتفريد كيلر تحدد بدقة موضع اختراق المادية التاريخية للصورة التاريخية عن التاريخانية. فهي صورة من الماضي غير قابلة للاسترجاع، يتهددها الزوال مع كل حاضر لا يرى مقصدًا لنفسه فيها.

 

المؤرخ

يصف بنيامين وظيفة المؤرخ من منظور التأريخانية بكونه يسعى لمعايشة عصرٍ ماضٍ من خلال محو "كل ما جرى في مسار التاريخ لاحقًا من ذهنه"، وكأن أحد مهام المؤرخ فصل ذاته وحياته الداخلية وتعاطفه مع الأفراد أو الجماعات السابقة عن كل ما يتعلق بتوترات اللحظة الآنية. فهو يكتب عن الأحداث التاريخية، وكأنه مُشاهدٌ محايد يحاول البحث عن روح العصر، عبر شكل من أشكال التقمص الفكري البارد.

إن المؤرخ من وجهة نظر والتر هو الذي يسرد الوقائع دون التفريق بين الصغائر والكبائر يضع في اعتباره حقيقة أن أي واقعة ماضية لا تسقط من التاريخ أبدًا. لكن بالطبع الماضي بجملته لا يُمنح سوى للبشرية المفتدية. ومفاد ذلك أن البشرية المفتدية فقط هي القادرة على اقتباس ماضيها في جميع أوقاتها.

 

المؤرخ المادي

يسعى المؤرخ "المادي التاريخي" لنزع صفة القداسة عن ذلك المشهد الاستعراضي، عبر مساءلة فرضيات الرواية التاريخية الرسمية وعيًا منه بأن أي "توثيق للثقافة هو بالضرورة توثيق للهمجية في الوقت ذاته"، بصيغة أخرى، يعي المؤرخ أن كل "البضائع الثقافية" جاءت على حساب المهزومين في التاريخ، ولذلك، وللكشف عن المظلوميات المتراكمة والكامنة داخل تلك السرديات التاريخية الرسمية، يقوم “بتمشيط التاريخ في الاتجاه المعاكس”.

ويرى أن المؤرخ المادي لا يكتفي باستدعاء اللحظة الماضية في الحاضر بشكل سببي بسيط، وإنما يكون بمثابة تفخيخ لثغرة زمنية، كأنها جسر يومض (لينطفئ سريعًا) ما بين لحظتين متفردتين، لا يتبين للوهلة الأولى أن ثمة علاقة منطقية بينهما. تشق تلك الثغرة التراتب الزمني الخطي وتضع اللحظتين وجهًا لوجه للمرة الأولى، رغم القطيعة الزمنية الواضحة بينهما. بصيغة أخرى، فاللحظة الآنية ليست جسرًا خاويًا يمتد بين الماضي والمستقبل.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الرئيس السيسى يستقبل القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع بمدينة العلمين

أكرم القصاص يكتب: المهملون والمتهمون وسط الضحايا.. منظومة كاملة لمواجهة فوضى الطرق والمرور

شهداء ومصابون فى قصف إسرائيلى استهدف مدينة جباليا البلد شمال قطاع غزة

مصرع 10 أشخاص فى انفجار بمصنع للكيماويات بالهند

الإحصاء الفلسطينى: 11 ألف مفقود منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة


وزارة الداخلية تعزز التكافل الاجتماعي في ذكرى 30 يونيو.. الشرطة تحتفل بذكرى الثورة بتخفيضات واسعة لدعم المواطنين.. عروض في السينما والمطاعم والمستشفيات.. والوزارة تؤكد: نعمل على تخفيف العبء عن المواطنين

عيد ميلاد مايك تايسون.. قصة اعتناقه الإسلام ولماذا أطلق على نفسه "مالك"

اجتماع الهيئة الوطنية لمناقشة التقرير النهائي لإجراء انتخابات مجلس الشيوخ غدا

محمود عبد المغنى ضيف شرف فيلم صقر وكناريا بطولة محمد إمام وشيكو

مان سيتي ضد الهلال فى قمة نارية بمونديال الأندية.. مرموش فى صدام عربى أوروبى


رامى إمام يحتفل بعقد قران ابنه حفيد الزعيم عادل إمام

مواعيد مباريات اليوم الإثنين 30-6-2025 والقنوات الناقلة

خلاصة مادة الجغرافيا لطلاب الثانوية العامة × سؤال وجواب

بايرن ميونخ يكتسح فلامنجو ويواجه باريس فى ربع نهائى كأس العالم للأندية.. فيديو

تعرف على مواعيد القطارات على خط القاهرة الإسكندرية والعكس

حامد حمدان لاعب بتروجت على رادار المصرى فى الميركاتو الصيفى

أحمد حسام: الزمالك لن يقف على زيزو.. وعبد الله السعيد صعب يتعوض

استخراج جثة سيدة بعد تقطيع السيارة إثر سقوط ونش عليها بطريق الأوتوستراد

وزير الخارجية يزف بشرى للمصريين بالخارج: بحث تجديد مبادرة استيراد السيارات

ضحايا حادث المنوفية وممثل قضايا الدولة يقاضون قائد السيارة ومالكها

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى