سعيد الشحات يكتب : ذات يوم 5 أبريل 1968..أم كلثوم تكشف أسرار إعجابها بالمغرب وحبها لشعبها «المُغنى» وتفاعله مع قفلة الميم فى «كم بنينا» ولا تنسى الطفل «فايز»

أم كلثوم
أم كلثوم
تركت زيارة سيدة الغناء العربى أم كلثوم إلى المغرب عام 1968 أعمق الأثر فيها، كانت الزيارة من 29 فبراير 1968 إلى 20 مارس، وقدمت خلالها ثلاث حفلات ضمن حفلاتها للمجهود الحربى، التى بدأتها بعد هزيمة 5 يونيو 1967، وكانت الحفاوة الشعبية والرسمية، ممثلة فى الملك الحسن الثانى، بها هائلة.
كان الكاتب الصحفى أحمد بهجت ضمن الوفد الصحفى، الذى رافق أم كلثوم فى هذه الزيارة، وفى 5 إبريل، مثل هذا اليوم، 1968، نشر على صفحة كاملة بالأهرام حوارا أجراه معها فى فيلتها بالزمالك بعد عودتها إلى القاهرة، ولم يكن «بهجت» مجرد صحفى يلقى بأسئلته، وإنما يسأل من خلال صور قلمية لمشاهد جرت أثناء الرحلة.
 
تعترف أم كلثوم بأنها كانت تجهل المغرب.. تقول: «لم تكن عندى فكرة عن المغرب، لم أكن أعرف أهى صحراء أم بلاد زراعية مثلنا، غيرت رأيى بعد أن هبطت فى الدار البيضاء، غيرت رأيى فى الطريق، خرجنا فى طريق يشق نفسه بين أشجار الزيتون والبرتقال والعنب، لست أفهم لماذا يذهب الناس إلى سويسرا.. الرباط بلد بيضاء تبدو من بعيد مثل زهرة من السوسن وسط حقل أخضر، وهناك مدن بيوتها حمراء، تقليد لطيف أن تجد كل بيوت المدينة بلون واحد، هذا يمنح المدينة طابعا مميزا».
 
 ينقل بهجت جانبا من حفاوة استقبالها.. يقول: «هبطت أم كلثوم مرهقة متعبة بأرض المطار.. بدأت جموع من الناس تملؤه، أمام هؤلاء يقف رجال البوليس متشابكى الأيدى فى محاولة يائسة لوقف زحف الموجة البشرية، وطوال الرحلة فى المغرب، كان المشهد يتكرر، وفى المطار اضطرت سلطات الأمن إلى استدعاء جنود الجيش لكى تستطيع أم كلثوم أن تقطع المسافة بين الطائرة وصالة المطار، والسيارة التى تنتظرها خارجه».
 
تندهش مما اكتشفته فى شعب المغرب.. تقول: «اكتشفت أنه شعب مغنى، أحسست بذلك على المستوى الفنى، غناء التواشيح الدينية سائد هناك، والموشحات الأندلسية معروفة، وهناك الكثير من الفرق تغنى هذه الموشحات، الأولاد والبنات والأطفال يحفظون الموشحات والأندلسية ويغنونها، عملناها نحن وتمسكوا هم بها، غنيتها معهم، أيضا غنيت معهم أغنياتى «مالى فتنت بلحظك» و«أفديه إن حفظ الهوى»، لاحظت شيئا آخر هو توهج العاطفة الدينية فى نفوسهم ودخولها فى حياتهم اليومية، وتقاليد الميلاد والأفراح، زفة العروس هناك لا تقول «اتمخطرى يا حلوة يا زينة»، وإنما تقول ابتهالات دينية وأنا كتبتها لإعجابى بها، وتقول كلماتها «السلام على رسول الله.. لاجاه إلا جاه سيدنا محمد.. الله على الجاه العالى.. اللهم صلى عليك يا رسول.. يا جاه النبى العظيم.. الجنة للصابرين.. الله ينصرك يا نبى».
 
تضيف: «تغنى هذه الابتهالات بشكل جماعى مؤثر، ويظهر هذا الروح الدينى والعادات العربية فى كثير من الأشياء، يأكلون بإيديهم على الصوانى العربية المنقوشة رغم وجود السرفيس الفضى، البيت المغربى مشرب بالروح العربية، والحجاب نصف موجود لأنه يغطى نصف الوجه ولا يبقى غير العينين الواسعتين، الأسوار القديمة والبوابات الأثرية لا تترك تحت رحمة الزمن، عندهم مئذنتان عربيتان من القرن السادس عشر وليس فى العالم كله غير ثلاثة مآذن منها، اثنتان فى مراكش وواحدة فى إسبانيا، وهناك مأذنة فى مراكش يخطط أمامها الشارع، بحيث تكون هى البعد النهائى الذى تقع عليه عين من يسير فى أوله، الرقص الشعبى منتشر هناك، ويتكون من مجموعات من الراقصين والراقصات يبلغ عددهم 1500 راقص أحيانا».
 
تذكر: «يحفظون الأغانى بألحانها حفظا مدهشا، أى تغيير فى اللحن أو الأداء أو أى وقفة غير معتادة تلاحظ على الفور، فى قصيدة الأطلال وقفت عند «كم بنينا من خيال حولنا» فضغطت على الميم طويلا فى «كم»، والتقط الجمهور بحساسيته هذه الوقفة، وجاملتنى الصحفى على هذا التصرف فى الأغنية بقولها تانى يوم «أم كلثوم تلحن الأطلال»، صور كثيرة سوف تبقى فى ذاكرتى من الرحلة، صورة طفل مغربى اسمه فايز، كنت خارجة من إحدى البيوت التى استضافتنا حين اندفع الطفل نحوى، كان يجرى بسرعة مجنونة، وشدنى طريقته المتهورة فى الجرى، وخشيت أن ينكفئ على الأرض ويصيب نفسه، أخيرا وصل إلى، كان عمره ثمانى سنوات، قبل يدى وألقى بنفسه بين أحضانى، كانت يداه مثلجتين وقلبه يدق، وحين احتضنته بكى».
 
تؤكد: «تختلف ميول الناس، لكنى غنيت لهم «أمل حياتى» و«الأطلال» و«فات الميعاد»، وفى مرة أخرى غنيت لهم «رباعيات الخيام» و«هو صحيح الهوى غلاب»، أعجبوا بابتهالات عمر الخيام فى مرحلة تصوفه، وهو يدعو خالقه «يا عالم الأسرار علم اليقين»، لأن فى كل حب قدرا من التصوف والتوحيد، كما أن الصوفية هى الحب بمعناه النهائى الكامل، فى «واحشنى وانت قصاد عينى»، يقول المحب إن إحساسه بقوة الهوى وخوفه من فقد الحبيب يضغط عليه إلى الحد الذى يفتقده فيه وهو حاضر.. أليس هذا الخوف جزءا من حب الصوفية وافتقادهم لأنفسهم وهى حاضرة، لا أعتقد أن هناك أعظم من الحب الإلهى».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

حملة صندوق مكافحة الإدمان بالمواقف لرفع وعي السائقين بخطورة المخدرات.. صور

وزير التعليم: "لو عايز تبقى مهندس وماجبتش مجموع البكالوريا هتديك الفرصة"

وزير التعليم: تعديلات قانون التعليم تحقق تكافؤ الفرص والشفافية وفقا للدستور

مايكل دوجلاس يكشف سبب ابتعاده عن التمثيل: لا أريد أن أموت فى موقع التصوير

فريدة خليل: الدعم والتشجيع سر حصد ذهبية كأس العالم للخماسي الحديث


الداخلية تضبط 3 قضايا جلب مواد مخدرة فى أسوان

غادة عادل بعد خضوعها لعملية شد وجه.. ماذا تغير فى شكلها قبل وبعد؟

رئيس الوزراء يُلقى كلمة خلال جلسة "تعزيز التعددية" بقمة بريكس

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 7يوليو 1977 العثور على الشيخ الذهبى وزير الأوقاف السابق مقتولا برصاصة فى عينه اليسرى من خاطفيه الإرهابيين أعضاء «التكفير والهجرة»

وزير العمل يعلن عن 178 فرصة عمل فى الإمارات براتب 1800 درهم شهريا


وزارة العمل تعلن عن وظائف فى الأردن بمرتبات تصل لـ450 دينارًا شهريًا

نصف نهائي كأس العالم للأندية يرفع شعار "أصدقاء الأمس.. منافسي اليوم"

الرئيس السيسي يستقبل اليوم رئيس جمهورية الصومال بمدينة العلمين

الأهلي يستعجل كريم نيدفيد لتحديد وجهته بالموسم الجديد

تلقى طلبات الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ لليوم الثالث على التوالى

اعرف الصح.. دار الإفتاء تواصل حملتها لتصحيح المفاهيم الخاطئة.. وتوضح حكم زيارة مساجد المدينة المنورة والترتيب بين فريضة الفجر وسنته.. وتجيب عن سؤال حول حكم صلاة الصبى المُميّز فى الصف الأول

جماعة الحوثى: الدفاعات الجوية اليمنية تصدت بفاعلية للعدوان الإسرائيلى

جيش الاحتلال: رصدنا إطلاق صاروخين من اليمن ونجاح اعتراض أحدهما

صادرات البطاطس المصرية تحقق طفرة قياسية وتكافح "العفن البنى" بجهود مكثفة

خيمينيز مهاجم المكسيك يودّع جوتا بطريقته الخاصة فى نهائى الكأس الذهبية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى