شيخ الأزهر: "فانكحوا ما طاب لكم من النساء" ليست آية يفهم منها إباحة التعدد دون قيد

الامام الطيب شيخ الازهر
الامام الطيب شيخ الازهر
كتب لؤى على

قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس الحكماء استكمالا لحديثه عن مشكلة «فوضى الزواج والطلاق»، أن أول ما يجب التنبيه إليه هو أن الجزء المتعلق بقضية التعدد فى هذه الآية وهو: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} ليس آية مستقلة، يمكن للمسلم أن يفهم منها إباحة «التعدد» دون قيد أو شرط، كما فهمت الغالبية العظمى ممن يقدمون على هذا النوع من الزواج، ويوردون هذه الآية مورد الحجة التى تحسم النزاع، وكأنها توفر لهم كل المبررات الشرعية والخلقية للزواج بأخرى أو أخريات.. نعم؛ قوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} ليس آية مستقلة تفيد الأمر أو النهى ابتداء مثل الآيات الأخرى، الدالة على الأمر بالشيء استقلالا ودون ارتباط بأمر آخر كقوله: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام}، {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة}..إلخ العشرات من الآيات التى تعد من قبيل النص القاطع فى الدلالة على الأمر أو النهى أو الإباحة.

وأوضح شيخ الأزهر خلال الحلقة السابعة عشر ببرنامجه "الإمام الطيب"، أن قليلا من التأمل يدلنا على أن الآية ليست من الآيات التى قصد منها إباحة «التعدد» أولا وبالذات، والدليل على ذلك أن هذه الآية تسبقها مباشرة آية تحذر أولياء اليتامى من أكل أموالهم سواء كانوا يتامى أو يتيمات، وتبين أن أكل أموالهم هو نوع من استبدال الخبيث بالطيب، وأن ضم مال اليتيم إلى مال أولياءه ليأكلوا منه ظلم كبير: {وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا} ثم تأتى بعدها مباشرة آية التعدد لتنضم إلى آية اليتامى، ولتدرج فى السياق ذاته: سياق تحصين أموال اليتامى والتحذير من ظلمهم، وإن كانت هذه المرة تتعلق بظلم خاص من جنس مظالم اليتيم وأكل أمواله بالباطل، وهو ظلم الأوصياء على اليتيمات اللاتى يتولون أمورهن وشؤون أموالهن، ومن هؤلاء الأوصياء من كان يدفعه جمال اليتيمة للزواج منها ليأكل أموالها، دون أن يدفع لها مهرها، بحجة أنه وليها، ومعنى ذلك أن هذه الآية تبدأ بالنهى عن ظلم اليتيمات: {وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى}أي: أن خفتم ألا تعدلوا فى زواج اليتيمات). 

وأضاف فضيلته الآية استكملت مسيرتها لتصل إلى النهى عن تعدد الزوجات إذا لم يكن الزوج متيقنا من تطبيق شرط العدل التام بينهن، وأن رخصة «التعدد» هى عدول عن الأصل للفرار من ظلم اليتيم، ويتضح لنا مما سبق: أولا: السياق العام للآيتين معا هو سياق حماية الضعيف، والتحذير من ظلمه والاعتداء عليه، سواء جاء الظلم فى مورد أكل أموال اليتامى، أو فى مورد ظلم الزوجة فى حالة التعدد. ثانيا: آية التعدد يبدأ صدرها بقضية «شرطية» ذات طرفين: الطرف الأول: الخوف من عدم العدل فى زواج اليتيمات، (وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى)والطرف الثاني: الزواج من غيرهن، ولو بالتعدد، كحل يتفادى به ولى اليتيمة ما ينتظره من عذاب أليم، {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنىٰ وثلاث ورباع ۖ} لينتهى أيضا بقضية شرطية ذات طرفين: الأول: الخوف من عدم العدل والتسوية بين الزوجات مطلقا، الثاني: حرمة التعدد أن خاف الزوج عدم العدل والتسوية أن تزوج بثانية، والمعنى العام للآيتين: أن خفتم الوقوع فى الظلم وعدم العدل بزواج اليتيمات فيحرم عليكم الزواج منهن، ولكم فى غيرهن متسع ومندوحة: زوجة أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا، فإن خفتم الوقوع فى الظلم وفى عدم العدل بينهن فلا يحل لكم –والحالة هذه- إلا زوجة واحدة.

ولفت فضيلته أنه قد نقل قدماء المفسرين فى تفسير هذه الآية قول ابن عباس وابن جبير: «المعنى: وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى؛ فكذلك خافوا فى النساء؛ لأنهم (فى الجاهلية) كانوا يتحرجون فى اليتامى ولا يتحرجون فى النساء»، مضيفا أن التعبير بالخوف من عدم العدل فى اليتيمات والتسوية بين الزوجتين يدل على أن الظلم فى أمر «التعدد» ليس بأقل جرما من الظلم فى أمر اليتيمات وأن مجرد «الخوف» من الظلم يكفى فى حرمة هذا الزواج، وليس بلازم أن يصل الزوج إلى درجة اليقين فى التقيد بـ «العدل» والقدرة على منع الظلم، بل يكفى مجرد «التخوف» من حدوث ذلك ليصبح التعدد أو التزوج بثانية من الظلم الذى هو أكبر الكبائر، وصحيح أن كتب التفسير تنقل اختلاف العلماء فى تفسير قوله تعالى: «خفتم» هل هو بمعنى: أيقنتم، أو بمعنى: ظننتم، إلا أن الغالب من العلماء يحملها على المعنى الثانى الذى هو مجرد الظن.

واختتم الإمام الأكبر حديثه بتوضيح مفهوم العدل فى الآية الكريمة، وأنه ليس المقصود به التسوية بين الزوجتين فى النفقة والكسوة والمسكن فحسب، بل فى البشاشة وحسن العشرة واللطف فى القول، وكل ما يدخل تحت قدرته دون ميل القلب، كما أشرنا إلى ذلك من قبل، وقد نقل القرطبى عن «الضحاك» أنه قال فى تفسير هذه الآية: {فإن خفتم ألا تعدلوا} «فى الميل والمحبة والجماع والعشرة والقسم بين الزوجات «فواحدة»، فمنع (الله) من الزيادة التى تؤدى إلى ترك العدل فى القسم وحسن العشرة، وذلك دليل على وجوب ذلك».

و يذاع برنامج «الإمام الطيب» يوميا على القناة الأولى والفضائية المصرية وبعض القنوات العربية والأجنبية، بالإضافة إلى الصفحة الرسمية للفضيلة.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تيك توكر جديدة فى قبضة الأمن لنشرها فيديوهات منافية للآداب العامة

إصابات فى إطلاق نار بالقرب من مسجد بمدينة أوريبرو السويدية

خطبة الجمعة بالمسجد الحرام: حر الصيف يذكرنا بعذاب النار

انكسار الموجة شديدة الحرارة غدا على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 36 درجة

منها إلغاء "مدن الملاذ الآمن".. ترامب يضع واشنطن تحت سيطرة فيدرالية كاملة


مطاردة "رانج روفر" طائشة على كوبرى أكتوبر.. لحظات إثارة وبطولة رجال المرور

قرار جديد من النيابة بشأن المتهم بإصابة 4أشخاص وإتلاف 3سيارات بكوبرى أكتوبر

سفير الهند بالقاهرة: علاقاتنا مع مصر مهيأة لتصبح شراكة مستقبلية طموحة

مقتل عنصرين جنائيين شديدى الخطورة فى تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة

قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا


الأرصاد تحذر: اضطراب الملاحة بهذه المناطق ونشاط رياح مثيرة للرمال والأتربة

موقع معزول ومحصن أمنيا.. تعرف على القاعدة المستضيفة للقاء ترامب وبوتين

مصير المطلقة المتمكنة من شقة "إيجار قديم" بعد إقرار القانون الجديد

فى الذكرى الثمانين لاستسلامها.. اليابان تؤكد: لن نسلك طريق الحرب مجددا

أخيرا.. موعد انكسار الموجة شديدة الحرارة وانخفاض الدرجات

قضية الطفل ياسين.. الاثنين المقبل استئناف محاكمة المتهم على حكم المؤبد

العش وعمر كمال على رأس 11 لاعبا يغيبون عن الأهلى أمام فاركو الليلة

أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات.. تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر

15 يوما على الاستفادة بتقسيط مخالفات المرور بدون فوائد حتى نهاية أغسطس

هداف الدوري الإنجليزي التاريخي.. محمد صلاح خامس العظماء

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى