سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 12 مايو 1932 .. الخديوى المخلوع عباس الثانى يوقع على وثيقة تنازله عن العرش بعد 18عاما من عزله بقرار الاحتلال البريطانى

الخديوى عباس حلمى الثانى
الخديوى عباس حلمى الثانى
كان الخديوى عباس حلمى الثانى مع والدته «أم المحسنين» فى قصرها المطل على خليج البوسفور باستانبول فى تركيا، يوم 27 سبتمبر 1914، وجاءه السفير البريطانى «السير مالت» ليبلغه بأن حكومته ترجوه أن يترك البوسفور إلى إيطاليا، حيث أعدت له بريطانيا فيلا بمدينة نابولى، حسبما يذكر فتحى رضوان فى كتابه «نصف قرن بين الأدب والسياسة».
 
يؤكد «رضوان» أن الخديو تشاءم من هذا الطلب، والسبب أن «نابولى» كانت موضع إقامة جده الخديو إسماعيل باشا عند عزله عن عرش مصر فى يونيو 1879، ويضيف: «لم يكن السفير البريطانى مجاملا فقد أضاف إلى طلبه الجاف، طلبا زاده جفافا، مؤداه أن يسافر الخديو إلى إيطاليا بأقصى سرعة ممكنة، ورد الخديو على هذا الطلب بقوله: إنه لا يريد من أية حكومة أن تبحث له عن مسكن، وأنه فى وسعه أن يدبر لنفسه محل الإقامة الذى يرضيه، وأنه لا يريد الإقامة فى نابولى ويستعجل العودة إلى مصر».
 
رد السفير بمفاجأته المدوية، قائلا:  «لن تعود إلى مصر بعد اليوم»، بما يعنى خلعه من الحكم، ويرى رضوان أنه «يمكن اعتبار عزل الخديو عباس الثانى عن عرشه قد تم بالنطق الذى صدر عن السفير البريطانى فى ذلك اليوم، 27 من سبتمبر 1914 بمدينة الآستانة أواستنابول أوالقسطنطينية»، «كيفما شئت».
 
بعد أقل من 3 أشهر، صدر قرار الخلع رسميا، ويذكر أحمد شفيق باشا رئيس ديوان الخديو عباس الثانى فى موسوعته «حوليات مصر السياسية- التمهيد»، أنه فى صبحية 19 ديسمبر 1914 صدر إعلان رسمى بالجريدة الرسمية، ونشر فى الجرائد السيارة، وعلق على الجدران فى القاهرة والإسكندرية وجميع أنحاء القطر فى الأماكن الظاهرة للعيان، نصه:  «يعلن ناظر الخارجية لدى حكومة ملك بريطانيا العظمى، أنه بالنظر لإقدام سمو عباس حلمى باشا خديو مصر السابق على الانضمام لأعداء الملك، قد رأت حكومة جلالته خلعه من منصب الخديوية، وقد عرض هذا المنصب السامى لقب سلطان مصر على سمو الأمير حسين كامل باشا، أكبر الأمراء الموجودين فى سلالة محمد على فقبله».
 
يصف عباس الثانى هذا القرار فى مذكراته «عهدى»، قائلا:  «ألغيت الخديوية بطريقة تعسفية، وبعد شطبى بجرة قلم إنجليزية من حياة مصر، دخلت وأنا حى فى التاريخ، ورفضت أن أخرج منه لمصلحة ولاستقرار بلادى، ووقع وطنى المحبوب من جديد فى عبودية أقسى، وأشد ألما على قلبى». 
 
أصبح حسين كامل «أحد أبناء إسماعيل باشا» عم عباس الثانى «المخلوع» سلطانا بعد أن تحولت مصر إلى «السلطنة»، وتوفى حسين عام 1919 ورفض ابنه الأمير كمال الدين أن يخلفه، فذهب العرش إلى أحمد فؤاد الأول وهو أيضا أحد أبناء إسماعيل باشا.
 
عاش عباس الثانى منذ خلعه بين تركيا وأوروبا، ويذكر فتحى رضوان: «بقى فؤاد فى خوف من عودة ابن أخيه عباس، ويتصور فى كثير من حركات بعض الأعيان أنها مؤامرة لخلعه، لذلك كان لا بد من أن يعمل وتعمل بريطانيا كل ما فى وسعهما لحمل عباس على الإقرار بالنظام الملكى القائم، ويتنازل عن كل حق له فى ميراث العرش، وحدثت مفاوضات طويلة بين ممثلى بريطانيا وبين الملك فؤاد وابن أخيه المعزول، لينتزعوا من هذا الأخير وثيقة التنازل عن حقوقه فى الملك والعرش، وعن كل ما كان يملكه من أطيان شاسعة وعمارات وعقارات فى مصر، ولم تحقق المفاوضات شيئا، حتى جاء إسماعيل صدقى باشا ورأس الوزارة، وكان عباس تقدم فى عمره، واستقر الملك فؤاد على عرشه، فأصبح ممكنا الحصول على الوثيقة المطلوبة، وحدث ذلك فى 12 مايو، مثل هذا اليوم، 1932، أثناء رئاسة إسماعيل صدقى للحكومة.
 
يذكر رضوان، أن عباس قال فى بداية الوثيقة، إنه مغتبط بما رآه من خطى مصر الثابتة فى سبيل توثيق استقلالها والتوفيق بين نظامها السياسى وبين حاجتها وأمانيها، وأنه توصل إلى ذلك من خلال متابعته لما تحرزه البلاد من تقدم فى جميع المجالات، وشملت الوثيقة تأكيد عباس على التزامه للأمر الملكى بوضع نظام توريث العرش فى المملكة المصرية، وللقانون الخاص بإقرار تصفية أملاكه باعتبارهما جزءا لا يتجزأ من الدستور المصرى، وختم «الخديو» الوثيقة بإقراره بأن الملك فؤاد الأول بن إسماعيل ملك مصر الشرعى، وأنه لذلك يعلن تنازله عن كل مطالبة ناشئة عن أنه كان خديو مصر أيا كان وجهها، سواء عن الماضى أم عن المستقبل، وانتهى إلى الدعاء للملك بصالح الدعوات، وأن يحيط ولى عهد المملكة الأمير فاروق بعين عنايته، وليزيد فى إسعاد مصر فى حاضرها ومستقبلها. 
 
وكانت هذه الوثيقة بمثابة إسدال الستار عن قضية ظلت معلقة من فترة عزل «عباس حلمى الثانى» عام 1914 حتى 12 مايو 1932.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده

ذكرى لقائهما الأول.. ميرفت القفاص تروي قصة الحب والزواج من عمار الشريعي

عيد ميلاد فتحي عبد الوهاب.. ممثل استثنائي وكاريزما متفردة

إصابة 20 شخصا إثر حادث تصادم عدد من السيارات على طريق مطروح غربى الضبعة

أحكام بـ8 سنوات حبس.. استمرار التحقيقات مع رجب حميدة بكفر الشيخ


مخدرات ودولارات.. تفاصيل القبض على التيك توكر "نورهان حفظى"

بعد مرور عام.. صور جديدة من حفل زفاف محمد الننى على حنان المغربية

قانون الإيجار القديم 2025.. بند جديد يمنح المالك حق الإخلاء الفورى دون إنذار

دولارات وذهب.. أبناء شقيقة أحمد شيبة يسرقون ملايين من شقة خالهم بالعجمى

إقالة مسئول رفيع بالخارجية الأمريكية بسبب عبارة "لا ندعم التهجير القسرى للفلسطينيين"


4 حلول أمام ريبيرو لتعويض النقص فى دفاع الأهلى قبل مباراة غزل المحلة

مفاجأة فى عينة تحليل المخدرات لسائق حادث كورنيش الشاطبى بالإسكندرية

قفزة غير مسبوقة بالحزمة الاجتماعية: علاوة الحد الأدنى تتضاعف 5 مرات بـ4 سنوات

مواعيد مباريات اليوم.. مودرن ضد الزمالك وتصفيات الدوري الأوروبي

القبض على البرلمانى السابق رجب هلال حميدة فى كفر الشيخ

تنفيذ حكم الإعدام فى دبور "سفاح الإسماعيلية"

موعد قرعة دوري أبطال أوروبا 2025-2026.. صلاح ومرموش يترقبان

النائب العام الليبى يقرر حبس صاحب مزرعة أطلق أسده على عامل مصرى

"دولة التلاوة".. أضخم مسابقة قرآنية فى تاريخ مصر بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة

فرص عمل فى الأردن برواتب تصل إلى 24 ألف جنيه.. اعرف الشروط والتفاصيل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى