الحوار الوطني.. حلقة الوصل بين "العولمة" و"الخصوصية"

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
 
تبدو حالة الحوار التي أرستها الدولة المصرية، بمثابة تحرك جاد لإعادة ترتيب البيت من الداخل، في ظل تحديات عميقة، تواجه العالم بأسره، تحمل في طياتها العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، والسياسية، المرتبطة بالأزمات العالمية، سواء المتعلقة بالصراع الدولي أو الأوضاع المستحدثة، والمتمثلة في تفشي الأوبئة المستعصية أو ظاهرة التغيرات المناخية، والتداعيات المترتبة عليها، وهو ما يمثل انعكاسا صريحا لحالة من الانفتاح نحو جميع الأطراف الفاعلة، في المجتمع، سواء الأحزاب السياسية أو منظمات المجتمع المدني أو كافة الفئات المجتمعية، في إطار حالة من الشراكة تمثل ضرورة ملحة، جراء عدم قدرة طرف واحد العمل بمفردة وضرورة تحقيق حالة من "الجماعية الوطنية" لمجابهة الاوضاع الراهنة.
 
ولعل الحديث عن "الجماعية الوطنية"، في مجابهة الأزمات الدولية، وتداعياتها الكبيرة، بمثابة أحد الأدوات الجديدة، في مواجهة التحديات الراهنة، توارت في العقود الماضية، مع بزوغ بعض المفاهيم، على غرار "العولمة"، التي اعتمدت فيها الدول على الحلفاء الأقوياء، سواء لحل ما يواجههم من مشكلات، أو عبر تقديم المزايا لهم، والتي من شأنها الحفاظ على وتيرة الاستقرار، في الداخل، وبالتالي الاحتفاظ بطبيعة الأنظمة وموالاتها للقوى الدولية الكبرى المهيمنة عليها، وهو ما يبدو في العلاقة بين أوروبا الغربية والولايات المتحدة، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، في إطار مزايا متعددة قدمتها واشنطن لحلفائها الغربيين، مقابل الدوران في فلكها.
 
وهنا كانت الاعتماد الرئيسي لدى الدول خلال العقود الماضية، كان مرتكزا على الدعم القادم لها من الخارج، سواء لحل أزماتها، أو لتحقيق طموحات شعوبهم في حياة أفضل من الرفاهية والازدهار، وهو ما يعكس ثبات وتيرة الحكم في الغالبية العظمى من دول الغرب الأوروبي، حتى وان اختلفت وجوه الحكام، أو أسماء الأحزاب السياسية، كل عدة سنوات، حيث تبقى الأجندة السياسية واحدة، تقوم على الترويج للمبادئ الأمريكية، والدوران في فلكها، للحفاظ على المزايا التي تحظى، سواء كانت في صورة دعم سياسي أو اقتصادي أو غير ذلك. 
 
إلا أن الأمور ربما شهدت تغييرات عميقة في السنوات الأخيرة، مع عجز الحليف المهيمن على الوفاء بالتزاماته تجاه الحلفاء، والذين باتوا في حاجة ملحة نحو لملمة أنفسهم، عبر البحث عن حلفاء جدد، وهو ما يبدو في التوجه الأوروبي نحو الصين، وارتباك المواقف القارية تجاه روسيا، وذلك سعيا وراء بديل يمكنه سد الفراغ الناجم عن حالة التخلي التي تبنتها الولايات المتحدة تجاههم، بدءً من فرض الرسوم الجمركية، وحتى تصدير الصراع الدولي بين الشرق والغرب إلى مناطقهم الجغرافية، كما هو الحال على الأراضي الأوكرانية، مما يمثل تهديدا لحالة الاستقرار الامني والاقتصادي ويطال بالطبع الأوضاع السياسية بالبلاد، وهو ما يبدو في صعود تيارات اليمين المتطرف، والتي تحمل رؤى تبدو مخالفة تماما لما جرت عليه السياسة الأوروبية في العقود الماضية.
 
ويعد صعود تلك التيارات، وما باتت تلقاه من تأييد شعبي ملموس، بمثابة "مفترق طرق"، بالنسبة للدول، والتي يبقى أمامها أحد خيارين، إما الاستمرار على النهج القائم على الدوران في فلك واحد، أو الانخراط في حالة حوار وطني يجمع كافة الأطياف، من شأنه إعادة رسم مستقبل الدول، في ظل الحاجة الملحة للتحول من حالة الاعتماد على المنح والمزايا المقدمة من الخارج، إلى الاعتماد على الذات، في مجابهة التحديات، وهو ما تجلى بصورة واضحة إبان أزمة وباء كورونا، والتي فشلت خلالها أعتى الدول في التعامل معها.
 
وفي الواقع، تبدو الأهمية الكبيرة لإرساء حالة "الحوار" الوطني، انطلاقا من مصر، في كونها انعكاسا لحالة الخصوصية التي تحظى بها كل دولة، على حدة، سواء فيما يتعلق بظروفها السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، حتى يتسنى لكل دولة صياغة رؤيتها الخاصة، وهو العنصر الذي يبدو غائبا عن الحقبة الدولية المنقضية في ضوء سياسات الانفتاح في إطار العولمة، والتي لم بدأت عبر حرية التجارة، لتمتد تدريجيا إلى المجتمعات، والثقافات والسياسات وصولا إلى الأزمات، وهو ما يبدو بوضوح في التداعيات الكبيرة التي تضرب أقاليم تبتعد عن نطاق الأزمة بألاف الأميال.
 
الرؤية المصرية لـ"الحوار" تحترم حالة الخصوصية، التي تحظى بها كل دولة في معالجة أزماتها، ولكنها لا تتعارض في الوقت نفسه مع فكرة الانفتاح على العالم، حيث تبقى منفتحة على أقاليمها الجغرافية والعالم، عبر حالة أخرى من الحوار، يهدف إلى تخفيف حدة الصراعات، لحل الأزمات وتحقيق المصالح المشتركة للجميع، وهو ما يبدو في النهج القائم على المستوى الاقليمي، على أساسا من الشراكة، والدعم المتبادل، دون التدخل في شؤون الدول الأخرى احترامًا لـ"خصوصيتها".
 
وهنا يمكننا القول بان "الحوار" الوطني في مصر يمثل في جوهره خطوة مهمة نحو "إعادة الاعتبار" لحالة الخصوصية التي تحظى بها كل دولة، سواءً سياسيًا أو اقتصاديًا أو ثقافيًا أو مجتمعيًا، بالإضافة إلى كونه نموذجا تقدمه مصر لكافة دول العالم حول الكيفية التي يمكن بها إدارة أزماتها في الداخل، ليتحول إلى ما يمكننا اعتباره "وثيقة" إرشادية عملية من شأنها صياغة رؤية مصرية حول التعامل مع الحقبة الدولية الجديدة
 
 
 
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مصر تدين الهجوم المسلح في مدينة سيدني الأسترالية

مصدر مقرب من حامد حمدان لليوم السابع: الأهلى لم يتقدم بعرض جدى

وفاة شقيقة الزعيم عادل إمام أرملة الراحل مصطفى متولى

تحذير عاجل.. نوة الفيضة الصغرى تضرب الإسكندرية غدا والأمواج ترتفع 3 أمتار

أحمد الأحمد المسلم بطل اليوم في أستراليا بعد تصديه للهجوم الإرهابى.. فيديو


نتيجة كلية الشرطة كاملة لعام 2025/ 2026 ثانوية عامة ومتخصصين.. فيديو

كل ما تريد معرفته عن قتل وإصابة 42 شخصا بهجوم استهدف عيد حانوكا بأستراليا

رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد مشروع شركة المانع القابضة القطرية بالسخنة

جنايات المنصورة تحيل أوراق عربي الجنسية للمفتي لقتله صديقه وقطع جزء من جسده

ضبط المتهمين بإشعال النيران فى شخص أمام زوجته وإصابته بحروق خطيرة.. صور


الطقس غدا.. انخفاض بالحرارة وأمطار وشبورة والصغري بالقاهرة 13 درجة

نتيجة كلية الشرطة 2026 كاملة لجميع التخصصات.. بالأرقام

تقارير: غياب مرموش ضربة قوية للسيتي ومصر ثاني المرشحين لحصد أمم أفريقيا

موعد مباراة الأهلي وفيروفيارو الموزمبيقي بنهائى بطولة أفريقيا لسيدات السلة

سعد الصغير ينتقد غياب المطربين عن عزاء أحمد صلاح: مهنتنا مناظر أمام الكاميرات

قبول 1550 طالبًا من خريجي الحقوق بأكاديمية الشرطة

اعرف الرابط الرسمى للاستعلام عن نتائج اختبارات كلية الشرطة

التنمية المحلية: تخفيض رسوم ترخيص المحال العامة لمدة 6 أشهر بنسبة تصل لـ50%

100 مليون جنيه إسترليني تهدد بقاء محمد صلاح في ليفربول

إخطار المقبولين بكلية الشرطة للعام الدراسي الجديد هاتفيًا وبرسائل نصية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى