سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 15مايو 1924..الجامعة المصرية تمنح زكى مبارك الدكتوراه عن «الأخلاق عند الغزالى» واللجنة تسجل «عدم المسؤولية عما فى الرسالة من شطط وجموح»

زكى مبارك
زكى مبارك
اجتمعت اللجنة بعد أن ناقشت زكى مبارك فى رسالته التى تقدم بها إلى الجامعة المصرية، وقررت منحه الدكتوراه بدرجة جيد جدا، لكنها اقترحت أن ينص فى المحضر على عبارة «اللجنة غير مسؤولة عما فى الرسالة من الشطط والجموح»، حسبما يذكر أنور الجندى فى كتابه «زكى مبارك.. دراسة تحليلية لحياته وأدبه». 
 
كانت الرسالة عن «الأخلاق عند الغزالى»، وكان زكى مبارك المولود عام 1892 ابن الجامعة المصرية الخامس، الذى يحصل منها على الدكتوراه، وكان معروفا بكتاباته فى الصحف بالنقد العنيف للشعراء والكتاب والمؤلفين، ويذكر «الجندى» أنه قبل هذه الرسالة بسنوات، أثار ضجة حين حاضر فى الجامعة عن «حب ابن ربيعة وشعره»، فلم يكن هذا النوع من الحديث مقبولا فى ذلك الوقت، خاصة إذا صدر من أزهرى يلبس العمامة، إذ لم يكن الحديث عن الغزل ووصف النساء أمرا سهلا، ولكن «مبارك» كان حريصا على أن يثير الناس ليظفر بالشهرة، فعل ذلك فى الأزهر حين كتب المقالات الطوال فى نقد نظم الأزهر وأساتذته، ثم بمحاضراته عن عمر أبى ربيعة، وبلغ الذروة برسالته فى الدكتوراه التى نوقشت علنا بمدرج الجامعة فى 15 مايو، مثل هذا اليوم، 1924.
 
يتذكر «مبارك» وقائع مناقشة رسالته فى مقاله «الأخلاق عند الغزالى» بمجلة الرسالة، 3 نوفمبر 1941، قائلا: إنها كانت علنية فى الجامعة المصرية، وكان بين الحاضرين جماعة من أساتذة الأزهر الشريف، على رأسهم الشيخ عبدالمجيد اللبان وطاب له فى ذلك اليوم أن يعترض من وقت إلى وقت بأسلوب يحرج الممتحن ولجنة الامتحان، واقتفى أثره الشيخ محمد الإبيارى، فاعترضه بعبارات حملت الدكتور منصور فهمى إلى الإعلان عن أن الجمهور لا يصح له التدخل فى شؤون هى من حق لجنة الامتحان.
 
يؤكد «مبارك» أن الثورة انتقلت من الجمهور إلى أساتذة الجامعة من غير لجنة الامتحان، فتقدم حلمى باشا عيسى «وزير المعارف فيما بعد» وأسر فى أذن الدكتور منصور فهمى أن الدكتور طه حسين يريد توجيه ثلاثة أسئلة إلى زكى مبارك، فأعلن «فهمى» أن لأساتذة الجامعة وحدهم التدخل فى الامتحان، وأعطى الكلمة للدكتور طه حسين، يضيف «مبارك»: «كانت معركة لم أنتصر فيها إلا بأعجوبة»، واستمرت المناقشة ثلاث ساعات حاز بعدها على الدكتوراه.
 
أثارت الصحف موضوع الرسالة، وصورت جريدة «المقطم» زكى مبارك بصورة الثائر على التقاليد الدينية، فاشتعل الجدل وهاجمه الشيخان أحمد مكى ويوسف الدجوى، لكن «مبارك» التزم السكوت عملا بنصيحة الدكتور منصور فهمى والدكتور طه حسين، لأن وزارة المعارف طلبت تقريرا عن المناقشات، وينقل أنور الجندى عن زكى مبارك قوله: «خطب خطيب مسجد الهدارة الشيخ حامد الفقى قائلا: «ظهر فى مصر ملحد اسمه زكى مبارك، ذلك الذى فرحت الجامعة المصرية بإلحاده فمنحته الدكتوراه، ومثل هذا الملحد فرصة لمن يريد أن يدخل الجنة»، وكان ذلك تحريضا مباشرا على قتله.
 
أصدر«مبارك» رسالته فى كتاب، واستهله بعبارته: «هذا هو الكتاب الذى نلت به إجازة الدكتوراه من الجامعة المصرية، والذى سلقنى العلماء من أجله بألسنة حداد، هذا هو كتاب «الأخلاق عند الغزالى»، أقدمه للجمهور ليكون المرجع لمن يريد أن يتبين مبلغ المغرضين من الصدق، وحق المرجفين من الصواب، هذا هو الكتاب الذى رميت من أجله بالكفر والزندقة، والذى فجر لحسادى ينبوعا من اللهو والثرثرة لا ينضب ولا يفيض، وما أنا والله بنادم على رأى رأيته، أو قول جهرت به، فلست ممن يخافون فى الحق لومة لائم، أو يقيمون وزنا لكل الحاسدين ولغو اللاعبين من مرضى القلوب وضعاف العقول».
 
سافر زكى مبارك إلى باريس سنة 1927، وحصل على الدكتوراه الثانية من «السوربون» فى 25 إبريل 1931، وحصل فى 4 إبريل 1937 على الدكتوراه الثالثة من الجامعة المصرية عن «التصوف الإسلامى»، وبعدها أطلق على نفسه لقب «الدكاترة زكى مبارك» وطبع رسالته فى كتاب سجل فيه تراجعا عن آرائه فى «الغزالى»، وأوضح أسبابه فى مقاله بمجلة «الرسالة»، 29 يوليو 1940، بعنوان «إليك اعتذر أيها الغزالى».
 
قال مبارك فى اعتذاره: «فى سنة 1922 كنت أقضى أكثر الوقت فى تحرير كتاب «الأخلاق عند الغزالى»، وكان ذلك فى أعقاب أعوام شداد واجهت بها نار الثورة المصرية «ثورة 1919» واكتوت يدى بلهب الجدل والصيال حول المطالب الوطنية، فأثر ذلك على عقلى وتفكيرى إلى أبعد الحدود، وحملنى ذلك التأثير على السخرية من اعتزال الغزالى للمجتمع السياسى وابتعاده عن الضجيج الذى كانت تثيره الحروب الصليبية فى ذلك الحين، ثم مرت أعوام راضنى فيها الدهر بعد الجموح، فعرفت أن الغزالى لم يكن من الجبناء وأنه كان من الحكماء، وهل أخطأ ابن خلدون حين نهى العلماء من الاشتغال بالسياسة؟.. وهل أخطأ محمد عبده حين استعاذ بالله من مادة ساس يسوس؟.. دلونى على رجل واحد غمس يده فى السياسة ثم سلم من الأقاويل والأراجيف».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

المولد النبوى.. خطة الأوقاف لتعليم وتحفيظ القرآن الكريم بالبحيرة.. فاعليات مكثفة بالمساجد لقراءة القرآن وحلقات ذكر ودعاء.. دروس علمية لنشر القيم الدينية.. ومبادرات لتفعيل دور المسجد وعدم اقتصاره على الصلاة فقط

الزمالك يشكر الرئيس السيسى بعد التصديق على قانون الرياضة

3 اتهامات تواجه عصابة الثقب الأسود بالجيزة.. اعرف التفاصيل

مميزات كارت المحفظة لركوب مترو الأنفاق.. إنفوجراف

جنة تحت الماء.. إقبال أوروبى على رحلات السفارى لزيارة الجزر البحرية ومواقع الغوص بالبحر الأحمر.. مشاهدة كهوف الشعاب المرجانية والدلافين والقروش.. والأخوين والفنستون ووادي الجمال والشيلينات تجذب المحترفين.. صور


ضبط طباخ بقرية سياحية بمطروح لتعذيبه قطة تسببت فى تلفيات داخل المطبخ

دموع التماسيح بجنازة الضحايا.. زوجة أب تقتل أفراد أسرة كاملة فى ديرمواس بالمنيا.. وتعترف: وضعت لهم السم فى الخبز.. حاولت الانتقام من زوجى لرغبته فى رد ضرتى.. وتؤكد: تظاهرت بالحزن وبكيت وزرت قبرهم لإبعاد الشبهة

فاكسيرا توجه رسالة مهمة حول لقاح الأنفلونزا .. تفاصيل

الداخلية تضبط 3 أجنبيات حولن منزلهن بالتجمع وكرا لممارسة أعمال منافية للآداب

النجوم العرب يدعمون أنغام بعد تعرضها لوعكة صحية.. صابر الرباعى: "أزمة وتعدى".. وائل جسار: إحنا كلنا بنحبك ونتمنى لكِ السعادة والصحة.. وليد توفيق: جمهورك الكبير قلقان عليكى وبيدعى من قلبه ترجعى أقوى من الأول


الجريدة الرسمية تنشر قرارًا جمهوريًا بتعيينات في المحاكم الابتدائية.. بالأسماء

بحضور الشناوي.. ريبيرو يعلن قائمة الأهلى لمواجهة غزل المحلة بدوري نايل

تجديد حبس عامل 15 يوما بتهمة تصوير السيدات داخل حمام كافيه فى النزهة

ريال مدريد يترقب عروض أندية البريميرليج قبل انتهاء الميركاتو الصيفى

وزارة الصحة: رصدنا واقعة فساد بمستشفى ناصر العام وتعاملنا معها قانونا

تشييع جثمان أحد ضحايا شاطئ أبو تلات بالإسكندرية بمسقط رأسه فى سوهاج..فيديو وصور

نصيحة خاصة من "فيريرا" لـ موهبة الزمالك خوان ألفينا.. تعرف عليها

النيابة تحقق فى بلاغ ضد الزمالك بسبب الدباغ.. والمحامى يكشف سر الرقم الناقص

رقم قياسي ينتظر محمد صلاح في مباراة نيوكاسل يونايتد ضد ليفربول

تعرف على إيرادات فيلم روكي الغلابة أمس السبت في شباك التذاكر بمصر

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى