أشرف ضمر والتحليق فوق المخيلة فى "سيما ألف ليلة"

غلاف كتاب سيما ألف ليلة
غلاف كتاب سيما ألف ليلة
كتب عبد الرحمن حبيب
يمكننا ابتكار مصطلح "التحليق فوق المخيلة" عند قراءة روايات من نوعية "سيما ألف ليلة" للكاتب أِشرف ضمر والصادرة عن دار إشراقة فى معرض الكتاب 2023، وإن كانت هذه أولى تجارب أشرف ضمر فى الرواية فإن له تجارب سابقة في الإصدارات الشعرية والقصصية، ومنها مجموعة الملاك التائه "دار روافد 2017"، ودواوين "بعيد عن اللمض النيون" 2003 ، "الاكتفاء بكتابة الكارثة" 2008، "مأوى أخير لكائناتى الحزينة" 2014، "ضبط المنبه على صباح يوم القيامة"، "فاعل مكسور بالدهشة"،"أناشيد من مخلفات المحنة".
 
نعود إلى التحليق فوق المخيلة فى رواية أِشرف ضمر فالتحليق فوق المخيلة هنا يعنى أن الكاتب حلق فوق مخيلته إذ لم يعش فيها ومنها فقد بل حلق فوقها فصار يرى من مكان أبعد وعليه فقد وجه عدسته الراصدة وسلط "الزووم" كيفما شاء ووفقا لإرادته متحكما فى المخيلة ذاتها وليس بأحداث الرواية فقط.
 
تدور أحداث الرواية فى فترة زمنية تبدأ من انتھاء الحرب العالمیة الثانیة عام 1945 ثم نكبة ضياع فلسطين، واندلاع ثورة يوليو 1952،  وتحول مصر من الملكية إلى الجمهورية، تلك الأحداث المتقاربة التي انعكست آثارھا على المجتمع سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، متكئة على حي روض الفرج بحكاياته وأساطيره ومصائر سكانه، كرمز دال على الوطن والإنسان بصفة أكثر خصوصية.
 
هنا تكتسب الحكايات الفرعية سلطتها كموجه للمتعة وحارس للبهجة المصاحبة لقراءة الرواية فى النهاية فلن تتذكر الحكاية الأساسية وحدها بل ستتذكر الحكايات الفرعية أيضا على كثرتها وهى حكايات مسلية جدا تنطوى على معلومات مهمة وغرائبيات وحواديت يمكن فهمها فى إطار الأسطورة الشعبية.
 
الجانب الممتع فى الرواية يتعلق أيضا بالمعلومات التى تطرحها الرواية عن تاريخ روض الفرج "وخصوصا الجزء الخاص بالترام" وقد بذل الكاتب هنا مجهودا كبيرا ليضف إلى كل هذه المعلومات جنبا إلى جنب بطريقة مشوقة.
 
ركز الكاتب فى رواية "سيما ألف ليلة" على الغرائبيات بشكل عام والتى يمكن تسميتها غرائب وعجائب المناطق الشعبية ومنها الرجل الذى يعيش على شريط السكة الحديد والمجذوب الذى يحترق بالنار والرجال الذين يرتحلون عبر القطارات من بلد إلى بلد وراء لقمة العيش قبل الاستقرار فى أماكن لا يعرفون عنها شيئا.
 
تاريخ البشر فى الرواية مهم أيضا فقد ابتكر أشرف ضمر شجرة عائلة لبعض شخوص الرواية وهو أمر اكتشفت أنه يضفى متعة ما لدى القارئ لسبب أعتقد أنه يدور حول المصداقية وإحساس المتلقى أن هذا الكاتب يحكى حكاية حقيقية بمعنى أنها حدثت بالفعل وهو طموح لو قيض للكتاب أن يختاروه لاختاروه ولو قيض للقراء اختياره لاختياره فليس أحب من التفاعل مع حكاية حقيقية.
 
مشهد المدخل إلى الرواية كان ملفتا للنظر وهو مهم للغاية ومن حظ ونصيب الكاتب أن يكون مدخل الرواية موفقا بوصفة عتبة النص فالكاتب اختار أن تبدأ الحكاية من دخول بطل الرواية محل حلاق ناظرا لصورة الملك فاروق سائلا الحلاق عنه ليرد الرجل ردودا حيادية "تمشى فى الاتجاهين المؤيد والمعارض"  وهو إن كان مشهدا معبرا عن شخصية البطل ومن يقص له شعره فقد كان باعثا على المرح وممهدا لكون "سيما ألف ليلة" رواية لها طابع يعتمد على الصورة وتشكيل الدلالات.
 
من الشخصيات الملفتة للنظر فى الرواية الملاكم حسين أفندي العافية، الذي انتصر بضربة قاضية على الملاكم الإنجليزي المغرور، فخرج الأخير من الحلبة علي محفّة الإسعاف ليموت بعد ذلك، وهذه الشخصية تلقى الضوء على فكرة شيوع لعبة الملاكمة فى الأحياء الشعبية، وعلى هذا النمط من الشخصيات الذى ظهر من قبل فى أفلام مثل البطل وكابوريا، وهو نموذج حقيقى جدا.
 
هل كانت رواية سيما ألف ليلة حكاية حقيقة إذن؟ إن هذا ما تشعر به عند قراءتك الرواية فكأن أِشرف ضمر يحكى عن أهل منطقته كما يحكى الواحد منا فى الشارع وفى الميكروباص وعلى القهوة. ما هو حجم الحقيقى والمتخيل فى هذه "الحدوتة"؟ ما هو حجم الحقيقى والمتخيل فى الرواية عموما لتكون ممتعة؟ إنه سؤال نقدى يفتح أبواب علامات الاستفهام وأغلب الظن أن الرواية لا بد وأن تكون خليطا من المتخيل والحقيقى، لكن ما هو المقدار؟ وكيف يكون المعيار؟  إنه فى النهاية شأن الكاتب الذى يختار –لحسن الحظ- كيف تكون خلطته.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الآن.. بدء تصويت المصريين فى إعادة انتخابات مجلس الشيوخ بنيوزيلندا

الصحة اليمنية: ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على صنعاء لـ6 قتلى و86 جريحا

نجاة وزير الكهرباء بعد حادث مروري أثناء توجهه لمدينة العلمين

للمباراة الثانية على التوالي.. محمد علاء رجل مباراة إنبى والجونة فى دورى نايل

وليد خليل: فيفا حكم لغزل المحلة بـ96 ألف دولار حق رعاية إمام عاشور


تفاصيل التحقيق مع 4 عاطلين بتهمة الإتجار فى المواد المخدرة

حفل أنغام على مسرح ألبرت هول فى لندن مهدد بالإلغاء بسبب مرضها

الإسماعيلى يهزم طلائع الجيش بهدف محمد عامر بدورى نايل .. صور

أبرزهم سفاح الإسماعيلية.. تنفيذ 5 أحكام إعدام ضد متهمين بجرائم قتل خلال أسبوع

التعادل 1-1 يحسم مواجهة فولهام ضد مان يونايتد فى الدورى الإنجليزي.. فيديو


دموع التماسيح بجنازة الضحايا.. زوجة أب تقتل أفراد أسرة كاملة فى ديرمواس بالمنيا.. وتعترف: وضعت لهم السم فى الخبز.. حاولت الانتقام من زوجى لرغبته فى رد ضرتى.. وتؤكد: تظاهرت بالحزن وبكيت وزرت قبرهم لإبعاد الشبهة

خروج 15 فتاة من مصابي حادث غرق أبو تلات من المستشفى بعد تقديم الرعاية الطبية

الجريدة الرسمية تنشر قرارًا جمهوريًا بتعيينات في المحاكم الابتدائية.. بالأسماء

اعترافات صادمة لقاتلة أسرة دلجا بدير مواس: وضعت لهم السم والسبب ضرتي

عمر مرموش يحتفظ بمركزه بقائمة أفضل 10 مهاجمين فى العالم 2025

بعد 3 مباريات خارج التشكيل.. عواد يترقب الظهور الأول مع الزمالك

إيرادات فيلم الشاطر تقترب من الـ 90 مليون جنيه في شباك التذاكر المصرية

الفائز بجائزة جرامى لوفى تكشف سر الأغانى الحائزة على جوائز

والد طالبة تعديل الرغبات يتنازل عن المحضر ضد المتسببة.. ويؤكد: كان يهمنى مستقبل بنتى

ريال أوفييدو ضد الريال.. فينيسيوس يعانى تهديفيا خارج الديار

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى