الاعتماد على الذات و"الأسبقية".. رؤية مصر التنموية في عالم متغير

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى

 

تحول كبير تشهده الدولة المصرية في السنوات الأخيرة، في استغلال كافة مواردها، من أجل تحقيق طفرة تنموية كبيرة، وهو ما يبدو في العديد من المشروعات العملاقة، التي دشنتها، وآخرها افتتاح مجمع الكوارتز في العين السخنة، وهو ما يفتح الباب أمام فرص حقيقية للمستثمرين، سواء المصريين أو الأجانب، وهو ما يمثل امتدادًا للرؤية التي اعتمدتها الحكومة منذ ميلاد "الجمهورية الجديدة"، والقائمة في الأساس على تشجيع الاستثمار جنبا إلى جنب مع الالتزام بمعايير التنمية في صورتها الشاملة والمستدامة، حتى تتواكب في الخطوات التي تتخذها مع معطيات الحقبة الجديدة، والتي تتطلب اعتماد كل دولة على أدواتها المتاحة حتى يتسنى لها مجاراة الواقع الراهن، بما يقدمه من فرص وما يحدق به من أزمات تحتاج إلى التكامل مع العالم الخارجي، حتى يمكن مجابهتها.
 
وبين الفرص المتاحة والأزمات المحدقة، والتي باتت تمثل تهديدًا لجميع القاطنين على الكوكب، باختلاف دولهم وأجناسهم، في ظل التغييرات التي يشهدها الواقع العالمي الجديد، نجد أن ثمة مسارين متوازيين تبنتهما الدولة المصرية، يعتمد أولهما على إعادة استكشاف الداخل وإمكاناته وموارده، مع العمل على إعادة هيكلتها مجددًا حتى يمكن تحقيق أكبر استفادة ممكنة منها، وهو ما يؤهلها نحو اعتماد المسار الثاني، والقائم على تحقيق التكامل مع الدول الأخرى، والذي يقوم في الأساس التحول من حالة التواكل على ما تقدمه الدول الكبرى المانحة، والتي هيمنت على سياسات الدول النامية لعقود طويلة، نحو التطبيق العملي لمبدأ "الشراكة"، والذي لم يعد مرهونًا بمواقف سياسية معينة، وإنما بما تمتلكه الدولة من مقومات يمكن الاعتماد عليها في خدمة محيطها الدولي والإقليمي، وبالتالي يمكن التعويل على دورها في خدمة الاستقرار في مناطقها ومحيطها العالمي، بدءً من الداخل.
 
ولعل الدولة المصرية قد انتهجت، في مساراتها سالفة الذكر نهجًا متعدد الأبعاد، ينطلق من إعادة اكتشاف مكامن القوة، والتي ربما عانت من الإهمال، إلى حد النسيان، على غرار الكوارتز ومن قبله الرمال السوداء والغاز، مما يضفي عليها ميزة القدرة على الاعتماد على الذات في عملية إعادة البناء، بما يتواكب مع المعطيات الجديدة، بينما ترتكز في بعد آخر على عامل "الأسبقية"، في ظل استباقها لمحيطها الإقليمي، في استكشاف مواردها، وهو ما يساهم في "تصدير" تجربتها، في إطار من التكامل الدولي والإقليمي، والذي يمثل أولوية في الحقبة الراهنة، وهو ما يمثل وجها آخر للاستثمار.
 
فلو نظرنا إلى مجمع الكوارتز، والذي افتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا في العين السخنة، نجد أن أهم ما يميزه، إلى جانب إحياء مورد جديد من موارد مصر "الميتة"، هو عنصر "السبق"، على اعتبار أنه الأول من نوعه في إفريقيا، وهو ما يعني إمكانية استلهام، أو بالأحرى تصدير التجربة المصرية في محيطها الافريقي في المستقبل، والاستفادة بخبراتها لتحقيق التنمية القارية على المستوى الجمعي، مما يثرى الدور الذي تلعبه الدولة المصرية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في مناطقها الجغرافية، وبالتالي زيادة الثقة الدولية في قدرتها على القيام بدور أكبر على المستوى الدولي مع انطلاق حقبة جديدة تحمل نهجًا تعدديًا بعيدا عن الأحادية المطلقة التي هيمنت على العالم في العقود الأخيرة، ناهيك عن دورها القيادي الناجم عن أسبقيتها في التعاون في هذا المجال أو غيره، عبر خلق المنتديات، على غرار منتدى غاز شرق المتوسط، والذي تأسس عبر ثلاثة دول، وهي مصر واليونان وقبرص، ليتحول بعد ذلك نحو العالمية، حيث يضم في عضويته العديد من الدول الاخرى.
 
ولعل اعتماد الدولة المصرية على مواردها لتحقيق التنمية الاقتصادية، في ذاته بعدا مهما من أبعاد الرؤية المصرية، في ظل تقديم نفسها، ومناطقها، أمام العالم، باعتبارها قادرة على تحقيق التكامل في محيطها، مما يساهم في توسيع دائرة الشراكة من الإقليم الضيق إلى النطاق العالمي الاوسع، وهو ما يصب في صالح الدول والشعوب، سواء في إفريقيا أو الشرق الأوسط.
 
وهنا يمكننا القول بأن الرؤية المصرية لا تقتصر على تحقيق التنمية في الداخل، وإنما تتميز بقدرتها على تحقيق التكامل بين أهدافها في الداخل، والتكامل مع مناطقها الجغرافية، بحيث تنتقل دائرة التنمية إلى المستوى الإقليمي في صورته الجمعية، وهو ما يضفي المزيد من الزخم للدور الذي تلعبه مصر دوليا في المرحلة الراهنة، في ظل المخاض الذي تشهده الحالة الدولية تمهيدا لحقبة جديدة تبدو في حاجة لأدوار العديد من القوى الفاعلة، لاحتواء أزمات مركبة، تحمل أبعادًا مركبة، لن تستطيع قوى بمفردها مهما بلغت إمكاناتها التعامل معها بمفردها.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

أحمد شوبير: محمد شريف أهلاوي

أحمد شوبير: محمد شريف أهلاوي الأربعاء، 02 يوليو 2025 06:56 م

الأكثر قراءة

4 صفقات حائرة بين الأندية فى الانتقالات الصيفية الحالية.. أبرزها رضا سليم

الزمالك يترقب وصول مدربه الجديد يانيك فيريرا خلال ساعات

غفران محمد عن فات الميعاد: الجدعنة الصفة اللي تجمعني بين دوري في المسلسل والحقيقة

بعد حذف أغانى أحمد عامر.. الغناء حلال أم حرام؟.. رأى الغزالى وعبد الحليم محمود

النص الكامل لقانون الإيجار القديم بعد موافقة مجلس النواب


أحمد عامر قبل وفاته: الغناء لـ إيهاب توفيق شرف كبير

رسميا.. جواو بيدرو ينضم إلى تشيلسي حتى عام 2033

بكين: رئيس مجلس الدولة الصينى يزور القاهرة الأسبوع المقبل لتعزيز الشراكة مع مصر

الحكومة تطمئن كبار السن: الوحدات البديلة للمستأجرين فى مناطق مأهولة بالسكان

النواب يوافق على اقتراح عدم إخلاء المستأجر الأصلى وزوجته قبل توفير بديل


مجلس النواب يوافق نهائيا على قانون الإيجار القديم

الحكومة: "قانون الإيجار القديم ما ذكرش الإخلاء.. والمادة 8 ستثلج الصدور"

وزارة التعليم تصدر تعليمات تنظيمية بشأن تحويلات طلاب المرحلة الثانوية 2026

مجلس النواب يوافق على نص المادة 2 بمشروع قانون الإيجار القديم

إيلون ماسك يعلق على تصريحات ترامب حول ترحيله إلى جنوب أفريقيا.. تفاصيل

وزير الإسكان يكشف خريطة الوحدات البديلة فى حالات انتهاء العلاقة الإيجارية

أمل حجازى تخلع الحجاب بعد 8 سنوات من ارتدائه واعتزال الغناء

حمو بيكا يحذف أغانى أحمد عامر ويطالب شركات الإنتاج بحذفها

مواعيد مباريات ربع نهائى كأس العالم للأندية.. مواجهات نارية

خلاصة الكيمياء لطلاب الثانوية العامة.. أهم أسئلة الامتحانات وإجاباتها

لا يفوتك


أحمد شوبير: محمد شريف أهلاوي

أحمد شوبير: محمد شريف أهلاوي الأربعاء، 02 يوليو 2025 06:56 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى