سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 6 مايو 1803.. طاهر باشا واليا على مصر عشرين يوما فقط تنتهى بقطع رأسه وإلقائه من شباك منزله ثم حرقه ونهبه

طاهر باشا
طاهر باشا
أصبحت القاهرة فى قبضة طاهر باشا، قائد الجنود الألبانيين «الأرناؤود» بفرار «خسرو باشا» أول وال عثمانى على مصر بعد جلاء الحملة الفرنسية عام 1801، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الأول من موسوعته «تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم فى مصر».
 
يذكر «الجبرتى» فى موسوعته «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار»، أن «خسرو» فى فترة حكمه كان «سيئ التدبير، لا يحسن التصرف، يميل إلى سفك الدماء ولا يضع شيئا فى محله»، ووفقا للرافعى، فإن حوادث تمرد الجند بسبب تأخر رواتبهم تكررت حتى صارت القاهرة فى فتنة مستمرة، وكان محمد على وطاهر باشا يقفان وراء تدبيرها للتخلص من خسرو، وفى 29 إبريل 1803 وقعت فتنة من هذا النوع حيث حاصر الجنود المتمردون منزل الدفتردار - مدير الشؤون المالية - وأمر خسرو بضربهم بالمدافع من القلعة، فساد الذعر فى المدينة، وأغلق التجار حوانيتهم، وجاء إليه طاهر باشا يتظاهر بالوساطة بينه وبين الجند، فرفض خسرو مقابلته، وأمره أن يلزم داره، وفى 30 إبريل تمكن طاهر وجنوده من الاستيلاء على القلعة، وأخذوا يضربون قصر خسرو بالمدافع.
 
فر خسرو هو وعائلته وبقية من جنوده من القاهرة فى مساء 1 مايو 1803، وقصد إلى قليوب فالمنصورة فدمياط واستقر بها، ويذكر الرافعى، أنه كان من غريب أمره وهو فى فراره قيامه بفرض الضرائب على البلاد التى يمر بها، ويأخذ من الأموال ما استطاع نهبه، وفرض على أهل المنصورة تسعين ألف ريال، ويؤكد: «بفرار خسرو انتهت ولايته الفعلية، فكانت مدتها سنة وثلاثة أشهر وواحد وعشرين يوما».
 
صار منصب الولاية على مصر شاغرا بفرار خسرو، فطلب طاهر باشا إلى المشايخ وكبار العلماء أن يختاروا من يشغل هذا المنصب، ويذكر الرافعى: «اجتمع المشايخ يوم الجمعة 6 مايو، مثل هذا اليوم، 1803 فى بيت القاضى - دار المحكمة - وذهبوا صحبة إلى بيت طاهر باشا وأعلنوه باختياره «قائمقام» إلى أن تحضر له الولاية أو يعين وال آخر، وطلبوا منه رفع المظالم التى كان الناس يشكون منها، وعرضوا عليه رسالة من البكوات المماليك فى الوجه القبلى أرسلوها قبل حدوث الفتنة العسكرية التى انتهت بخلع خسرو باشا يعرضون فيها الصلح والكف عن القتال، ويطلبون من المشايخ أن يتوسطوا لهم فى الصلح، فانتهز طاهر باشا هذه الفرصة ليجتذب إليه المماليك، وكتب إليهم جوابا يدعوهم إلى الحضور والاقتراب من القاهرة».
 
يرى الرافعى، أنه بهذا التعيين ظهرت للمشايخ سلطة رسمية، وإن كانت فى الواقع اسمية، لأن طاهر باشا وصل إلى القائمقامية بحد السيف، لكن مجرد استشعاره بضرورة اتفاق العلماء على اختياره هو تسليم منه بأن لهم شأنا فى حل الأزمات، كما أن تدخلهم فى الوساطة بين البكوات المماليك والوالى أكسبهم نفوذا على الفريقين، ومساعيهم فى رفع المظالم أعلت مكانتهم وزادت التفاف الناس حولهم.
 
لم يصدق «طاهر باشا» فى وعوده التى أعطاها للمشايخ، واشتهر بالظلم والجبروت، وفقا لتأكيد الرافعى الذى يعطى أمثلة كثيرة على ظلمه، كقيامه فور توليه بالقبض على جماعة من كبار الموظفين والأعيان بحجة أنهم من أنصار خسرو، منهم أحمد المحروقى كبير التجار، ورئيس الانكشارية، وكاتب خزانة خسرو، وسجنهم فى القلعة، كما أمر بقتل المعلم ملطى، وهو من كبار الكتبة الأقباط، وكان متوليا القضاء فى زمن الفرنسيين، وأمر كذلك بقتل المعلم حنا الصبحانى، أحد التجار السوريين لطمعه فى أموالهما، وأمر أيضا بقتل اثنين من كبار الوجاقيلة - الجهادية.
 
يضيف الرافعى، أن طاهر باشا أطلق لجنوده الألبانيين عنان السلب والنهب وضرب الغرامات الفادحة على التجار، ورفض الاستجابة لمطالب الجنود الانكشارية بصرف رواتبهم المتأخرة فحنقوا عليه، وزاد من سخطهم أن الأرناؤود أذلوهم فى عهده، وكانوا يعتبرون انتصارهم على خسرو باشا فوزا على الانكشارية أجمعين، فشمخوا بأنوفهم وجعلوا ينظرون إليهم بعين الاحتقار والزراية، فأوغر كل ذلك صدور الانكشارية وبيتوا فيما بينهم أن ينتقموا من الأرناؤود، وعزموا على الفتك بطاهر وتعيين أحد رؤسائهم بدلا منه.
 
أقدم جنود الانكشارية على تنفيذ انتقامهم يوم 26 مايو 1803، ويذكر الرافعى، أنه فى هذا اليوم ذهب عدد منهم نحو 250 بأسلحتهم إلى طاهر باشا وعلى رأسهم اثنان من أغواتهم - رؤسائهم - وهما موسى أغا وإسماعيل أغا، فدخلا عليه وكلماه فى الشكوى من تأخير دفع الرواتب، فانتهرهما، واشتد الجدال والخصام بينهم فجرده أحدهما سيفه وضرب طاهر باشا فقطع رأسه وألقياه من الشباك، وأحرقوا داره ونهبوها، وكانت مدة حكمه أياما معدودة، وقال الجبرتى: «لو طال عمره أكثر من ذلك لأهلك الحرث والنسل».  
 
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ميركاتو الأهلى..7 راحلين و8 صفقات جديدة والقوس لا يزال مفتوحا

السودان على حافة الهاوية.. نزوح عدد من الأسر بعد وقوع انفجارات مجهولة بنيالا.. أزمة عطش تهدد حياة سكان الفاشر.. وولايات سودانية تغرق في الظلام بعد انقطاع الكهرباء.. نقل آلاف الجثث من الشوارع إلى مقابر بالخرطوم

الداخلية تكشر عن أنيابها.. حملات مرورية مكبرة على الطريق الإقليمى.. القبض على 48 سائقا يتعاطون المواد المخدرة.. ضبط 36 هاربا من أحكام قضائية.. والتحفظ على 7 سيارات وتحرير 744 مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة

الأهلي يدفع 8 آلاف دولار لمكتب محاسبة أمريكي ومفاجآة سارة بشأن الضرائب

أبطال فيلم الشاطر بطولة أمير كرارة يتصدرون البوسترات الدعائية وعرضه 16يوليو


حياة كريمة ببنى سويف.. محطات مياه جديدة لدعم قرى المحافظة.. إنشاء محطة الفقاعى بطاقة إنتاجية تصل 8600 متر مكعب يوميا.. تطوير محطة كفر ناصر بطاقة إنتاجية 34 ألف متر مكعب يوميا.. وإحلال وتجديد ورفع كفاءة 6 آخرين

9 آلاف دولار للفرد بإجمالى 5 مليارات.. شركة أمريكية تضع تكلفة تهجير الفلسطينيين

أحمد السقا وأحمد فهمى يحضران لفيلم سينمائى جديد يجمعهما بـ عمرو سعد

تلبية لاحتياجات السوق المحلى وتعزيز الصادرات.. الحكومة: إطلاق استراتيجية وطنية طموحة لتعميق صناعة السيارات محليًا: و1.5 مليار جنيه مخصصات لها لعام 2024/2025.. وتوقعات دولية بنمو قطاع السيارات فى مصر

الاقتصاد المصرى ينطلق ويحقق أعلى معدل نمو فصلى فى 3 سنوات.. 4.8% نمو بالربع الثالث من العام المالى 2024-2025.. استثمارات القطاع الخاص ترتفع 24.2% مستحوذة على 62.8%.. خبير: خلق بيئة جاذبة للمستثمرين يدعم النمو


10 أسئلة فى امتحان الرياضيات البحتة من مراجعات اليوم السابع.. فيديو

شاهندة المغربى تدير مباراة السنغال والكونغو فى أمم أفريقيا للكرة النسائية

وزيرة التضامن تعلن زيادة الدعم النقدى تكافل وكرامة إلى 900 جنيه الشهر الجارى

5 دول أوروبية تدرس وضع ألغام على الحدود مع روسيا لتشكيل ستار حديدى قاتل

مليونية حب فى الزعيم عادل إمام بعد ظهوره..والجمهور يعبر عن اشتياقه

الأهلي يمنح علي معلول 13 مليون جنيه.. اعرف السبب

منتخب قطر يتلقى عرضًا لمواجهة مصر وديًا استعدادًا لكأس العرب

بعد أحمد وأحمد.. فيلما الشاطر والجواهرجي ينافسان في موسم صيف 2025

حراس المرمى الأكثر حفاظًا على شباكهم في البيج 5 منذ عام 2000

إعلام عبري: نتنياهو طلب من الجيش الإسرائيلى إعداد خطة عمل لمعبر رفح بحلول يوم الخميس المقبل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى