"تعريب الحلول" ومراحل "التعافى" من الفوضى.. سوريا نموذجا

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بقلم : بيشوى رمزى
 
تبدو أهمية القرار الذي اتخذته جامعة الدول العربية بإعادة سوريا إلى مقعدها، بعد 12 عاما من التجميد، ليس فقط في استعادة جزء حيوي من الجسد العربي، وإنما أيضا في كونه مرحلة جديدة من مراحل التعافي من تداعيات "الربيع العربي"، والتي انطلقت أولى خطواتها مع انتصار ملايين المصريين في 30 يونيو، الذين خرجوا إلى الميادين، لإنهاء سهرات من الفوضى التي حلت بالبلاد والعباد منذ 2011، وهي الخطوة التي استلهمتها شعوب أخرى، في سبيل تصحيح المسار، نحو بناء دولهم، عبر تحقيق الاستقرار أولا، ثم الانطلاق نحو تحقيق الاصلاحات سواء سياسية او اقتصادية أو اجتماعية تسمح بمجابهة التحديات المحدقة بالعالم بأسره في المرحلة الراهنة، سواء على خلفية الصراعات الدولية التي عادت إلى الواجهة، في ظل الأزمة الأوكرانية، أو تداعيات "الصراع مع الطبيعة"، كما هو الحال في ظاهرة التغيرات المناخية.
 
ولعل ثورة 30 يونيو تمثل نموذجا وطنيًا خالصًا، في مرحلة "التعافي"، من تداعيات حقبة من الفوضى، كادت أن تأكل الأخضر واليابس حال الفشل في احتوائها، حيث جاءت نقطة الانطلاق من صرخة ملايين المصريين في الداخل، لتستجيب لهم القوات المسلحة، والتي أدركت المخاطر الكبيرة التي قد تنجم عن استمرار الأوضاع على حالها، بينما جاء دعم الأشقاء العرب، كخطوة تالية، للوقوف في وجه محاولات القوى الدولية الكبرى للتدخل في الشأن المصري، والوقوف إلى جانب الدولة في العديد من المعارك التي خاضتها، للخروج من دائرة الفوضى، بل ودفعها نحو استعادة دورها على المستويين الدولي والإقليمي، على اعتبار أن قوة مصر تمثل حجر الزاوية لاستقرار المنطقة بأسرها.
 
إلا أن الانطلاقة الوطنية الخالصة، ربما لا يمكنها تحقيق "التعافي" من تداعيات الفوضى، في العديد من الدول العربية الأخرى، في ظل العديد من المعطيات، أبرزها الانقسام الكبير في الداخل، والذي دفعها نحو صراعات أهلية عميقة استمرت لأعوام، بالإضافة إلى حالة التشابك الدولي والاقليمي، وهو ما ينطبق بصورة كبيرة، على النموذج السوري، حيث تحولت أراضيها من ساحة للصراع على السلطة، إلى صراع دولي وإقليمي ذو نطاق أكبر، تتداخل فيه القوى الدولية المتصارعة، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا، ناهيك عن تعارض المصالح الإقليمية في ظل الوجود الاسرائيلي والإيراني والتركي، وهو ما ساهم في زيادة حدة الاستقطاب بين الاطراف المتصارعة في الداخل طيلة السنوات الماضية.
 
وهنا تبدو أهمية ما يمكننا تسميته بـ"تعريب" الحلول للأزمات العربية، خاصة تلك المترتبة على الفوضى التي حلت بالمنطقة خلال العقد الماضي، عبر تحقيق مزيد من الانخراط العربي لتسوية الأوضاع، سواء على المستوى الفردي من خلال القوى العربية الرئيسية، أو جماعيا، عبر جامعة الدول العربية، والتي تمثل الكيان الجمعي والممثل الشرعي للدول العربية. 
 
وتعد الاجتماعات التشاورية الأخيرة، سواء التي عقدت بين عدد محدود من الدول العربية، على غرار اجتماعي جدة وعمان، أو الاجتماع التشاوري واسع النطاق الذي عقد بالجامعة العربية، على هامش مجلسها على المستوى الوزاري، حول سوريا بمثابة امتداد لحالة استحدثتها القوى العربية الرئيسية، وأبرزها مصر، فيما يتعلق بالتنسيق ودعم العمل العربي المشترك، وهو النهج الذي سيتواصل، سواء فيما يتعلق بسبل الحل في سوريا، في مرحلة ما بعد العودة إلى "بيت العرب"، أو في التعامل مع الأزمات الأخرى، في إطار التسلح بالهوية العربية في مواجهة أزمات المنطقة.
 
"تعريب" الحلول للأزمات العربية، ليس مجرد رؤية حالمة، ليست قابلة للتطبيق، خاصة وأن قرار استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، يمثل بداية لدور عربي بارز، في الدخول على خط الأزمة طويلة الأمد، دون اقصاء للاطراف الدولية والاقليمية الاخرى، حيث يفتح الباب أمام العرب للعمل على مسارات متعددة، أولها من خلال التنسيق فيما بينهما للوصول إلى أرضية مشتركة حول مستقبل دمشق، بينما يقوم مسار آخر على الوصول إلى تسويات مع القوى الاقليمية والدولية الفاعلة في روسيا، خاصة بعد التطورات الأخيرة المتعلقة بالعلاقات العربية مع كلا من تركيا وإيران، ناهيك عن الموقف المحايد للدول العربية تجاة الصراع في أوكرانيا وهو ما يؤهلها للقيام بهذا الدور بكفاءة كبيرة.
 
في حين يبقى إعادة ترتيب البيت السورى من الداخل، مسارا ثالثا، خاصة مع التحسن الكبير في العلاقات بين العديد من الدول العربية ودمشق، وهو الامر الذي بلغ ذروته في أعقاب كارثة الزلزال المدمر، حيث ساهمت حالة الدعم العربي الكبير للشعب السوري في تعزيز حالة الثقة، بل وكانت بمثابة "بروفة" حية للنهج القائم على "تعريب" الحلول، في إطار كارثة انسانية مدمرة.
 
وهنا يمكننا القول بأن عودة سوريا لشغل مقعدها بجامعة الدول العربية، خطوة هامة على طريق الحل للازمة السورية برمتها، من جانب، بينما تمثل نموذجا جديدا للتوافق المنشود بين الدول العربية، في التعامل مع الأزمات، من جانب آخر، في حين أنها تعد تجليًا مهما لمرحلة مهمة من مراحل "التعافي" من تداعيات الفوضى المترتبة على حقبة "الربيع العربي"، والتي كانت دمشق أحد أكبر ضحاياها من جانب ثالث.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

نزار الأكحل يكتب من واشنطن : كيف نجح سيموني إينزاجي في جعل لاعبى الهلال يصعدون أعالى قمة إيفريست

المصرى يعلن ضم عمر الساعى لاعب الأهلى رسمياً لمدة موسم

الأهلى يدرس التراجع عن التعاقد مع أسامة فيصل

اعتقال يوسف بلايلى نجم الترجى فى مطار شارل ديجول.. فيديو

الأهلى يبدأ إجراءات تعديل عقد ديانج بعد قرار البقاء ورفض عروض بيعه


خليك على الموضة واعرف أبرز اتجاهات الأزياء الرجالى لصيف وربيع 2026.. الشورت وألوان الباستيل وقطع مستوحاة من الخمسينيات أبرز تريندات أسبوع باريس.. والبيجامة الكاجوال بتوقيع دولتشى آند جابانا بميلانو

بحث عنه بين الشهداء.. فلسطينى يحتفى بنجاة شقيقه فى فرحة ممزوجة بالدموع

الحكومة تتدخل فى اللحظات الأخيرة وتنقذ "الإيجار القديم" بتعديل المادة الثامنة.. تؤكد: لن يتم إخلاء المستأجر الأصلى وزوجته دون بديل من اختياره.. ووزير الشئون النيابية: الدولة لن تسمح بأن يكون هناك مواطن بلا سكن

الحكومة تطمئن كبار السن: الوحدات البديلة للمستأجرين فى مناطق مأهولة بالسكان

كيف يفكر الأهلى فى مصير أحمد عبد القادر بالموسم الجديد؟


انتداب مفتش الصحة لتوقيع الكشف على جثمان المطرب أحمد عامر داخل المسجد

النواب يوافق على اقتراح عدم إخلاء المستأجر الأصلى وزوجته قبل توفير بديل

الحكومة: "قانون الإيجار القديم ما ذكرش الإخلاء.. والمادة 8 ستثلج الصدور"

حمو بيكا يلمح لنيته اعتزال الفن بعد وفاة أحمد عامر: في أقرب فرصة

جدل حول حرمانية الفن ومشادات مع الجمهور بسبب حذف حمو بيكا أغاني أحمد عامر

إيلون ماسك يعلق على تصريحات ترامب حول ترحيله إلى جنوب أفريقيا.. تفاصيل

أحمد عامر في آخر تصريح لـ اليوم السابع قبل وفاته: هدفي وصول كلماتي للناس

فرص عمل بمشروع الضبعة النووية بمرتبات تصل إلى 11 ألف جنيه

3 أندية أوروبية تنافس الأهلى على ضم مصطفى محمد

6 معلومات عن قضية داعش الدقى بعد نظر أولى الجلسات.. اعرف التفاصيل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى