مسارات عربية بديلا عن الصراع والاستقطاب

أكرم القصاص
أكرم القصاص
أكرم القصاص
على مدى أكثر من العقد بقليل تواجه المنطقة العربية والمحيط الإقليمى تحولات متعددة، ففى حين شهدت بعض الدول العربية صراعات أخرجتها من الاستقرار إلى الصراع، فقد فتحت هذه الفوضى الباب لتدخلات انعكست بالسلب على الإقليم بأشكال ودرجات متفاوتة، كان ظهور تنظيم داعش إحدى أخطر نتائج الفوضى، حيث حاول التنظيم انتزاع أجزاء من سوريا والعراق، لإقامة خلافة وهمية، مع بؤر داعش فى ليبيا وبعض مناطق أفريقيا.
 
ولم يكد الإرهاب ينحسر حتى ظهر فيروس كورونا، وقبل أن يلتقط العالم أنفاسه، اشتعلت الحرب الروسية الأوكرانية، التى تحولت إلى صراع بين روسيا والغرب، تاركة انعكاسات على أوروبا والعالم، وسط حرب عالمية باردة، لكنها تدور بلا أيديولوجيا، ويدخل الصراع فى أوكرانيا شهره السادس عشر، ويستمر الصدام بين الولايات المتحدة وأوروبا فى جانب، وروسيا التى تعتبر التدخل حماية لأمنها القومى، ويدفع العالم ثمنا باهظا لهذا الصراع، فى صورة أزمة غذاء وطاقة، وصراع يبدو بلا أفق قريب.
 
وعلى مدى شهور الحرب، تحرص الدول العربية على اتخاذ مواقف بعيدا عن الاستقطاب، خاصة مع اقتصاد عالمى متداخل ومتشابك، ولم يعد اقتصادا رأسماليا أو اشتراكيا كما كان بعد الحرب العالمية الثانية «1939-1945»، حيث انقسم العالم إلى قطبين، الولايات المتحدة والغرب وحلف الناتو فى جهة، والاتحاد السوفيتى وحلف وارسو فى الجهة الأخرى، يومها سعت الدول المستقلة للبحث عن صيغ تضمن مصالحها من دون أن تنغمس فى الصراع القطبى.
 
تأسست حركة عدم الانحياز، من 29 دولة، حضرت مؤتمر باندونج 1955، بأفكار مصر والرئيس جمال عبدالناصر، والهند ورئيس وزرائها جواهر لال نهرو، والرئيس اليوغوسلافى جوزيف بروز تيتو، وانعقد المؤتمر الأول للحركة فى بلجراد عام 1961، وتوالى  عقد المؤتمرات حتى 2012، ولعبت حركة عدم الانحياز دورا فى دعم استقلال شعوب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، ولعبت دورًا أساسيًا فى الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. 
 
المفارقة أنه بالرغم مما بدا أنه نهاية للحرب الباردة، بخروج وتفكك الاتحاد السوفيتى ونهاية حلف وارسو، بقى حلف شمال الأطلسى، ليكون سببا فى عودة الصراع فى أوكرانيا واتهام روسى للغرب بالسعى لتدمير روسيا، ومع عودة هذا الاستقطاب وإذا كان التاريخ لا يعيد نفسه، إلا أن الدول العربية واجهت تحديات متعددة، خاصة بعد الغزو الأمريكى للعراق، والذى أسقط الدولة، وفتح الباب لإعادة تنظيمات الإرهاب بخليط من فلول القاعدة وضباط سابقين، بعد تفكيك المؤسسات الأمنية والسياسية العراقية، ومع الوقت انتصر العراق على داعش، وانحسر التنظيم وهُزم فى سوريا، فى الوقت الذى استمرت الصراعات فى الدول التى فقدت نواتها الصلبة وعجزت عن اتخاذ مسارات سياسية تجنبها خطر الصدام.
 
ووسط هذه الأجواء والتحولات، تسعى الدول العربية لإعادة بناء قدرتها ومصالحها، بعيدا عن الاستقطاب، وربما لا تكون هناك قدرة على إعادة إحياء عدم الانحياز، لكن تبقى الفكرة مناسبة، خاصة مع رغبة دول عربية فى استعادة الاستقرار بالدول التى تواجه الصراع، ورفض الاستقطاب، والسعى لاتخاذ مسارات للتنمية المستقلة من خلال إقامة تحالفات اقتصادية لبناء طموحاتها فى التنمية. 
 
ومن هنا يمكن التقاط تغيرات فى الخطاب العربى ورغبة من مصر والسعودية ودول عربية أخرى ـ بالقمة العربية الأخيرة ومقابلها ـ فى اتخاذ مسارات للتنمية لا تستند إلى قطب بقدر ما تستند إلى المصالح، التى قد تتوزع بين أطراف متعددة، وهو خيار يتم تداوله وطرحه فى القمم والتجمعات العربية والإقليمية، والسعى لتقليل الصراعات ودعم مسارات سياسية تتحاشى الصدام وتقلل من الصراع، وتسعى لبناء علاقات عربية، تمثل فعلا، وليس مجرد رد فعل، خاصة أن الدول الكبرى سواء أثناء كورونا أو قبلها، مشغولة بمنافساتها ومصالحها، بشكل يجعلها غير قادرة على التداخل مع القضايا الإقليمية، فضلا عن محاولات استقطاب، فى سياق أزمة لا يبدو لها أفق قريب.
 
فى القمة العربية الأخيرة بجدة، جدد الرئيس السيسى تأكيده على أهمية التمسك بالدولة الوطنية وإبعاد التدخلات الخارجية، وهو خطاب يتفق مع ما أعلنه ولى العهد السعودى محمد بن سلمان، من رفض تحويل المنطقة إلى مجال للصراع، وما طرحه الأردن والعراق والبحرين ودول الخليج، هناك اتجاه لدعم مسارات سياسية فى ليبيا واليمن، بعد عودة سوريا، فإن الخطاب المصرى والعربى الداعى والمتمسك بالدولة الوطنية ومؤسساتها، ودعم مسارات سياسية بديلا عن الصراع، هو الخيار الأفضل، لأنه يتيح سعيا عربيا لمعالجة آثار عقد من الارتباك والصراع فى دول عربية انعكست على الإقليم، هناك آفاق لتقاربات ربما تنتج معالجة أكثر استقلالا بعيدا عن الاستقطاب.
 
p.8
 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

نهائي الأحلام.. تشيلسي يواجه باريس سان جيرمان فى صراع التربع على عرش العالم.. إنريكي يسعى لمواصلة كتابة التاريخ مع العملاق الباريسي.. ماريسكا يراهن على الشباب لحصد اللقب.. ولغة الأرقام ترجّح كفّة بطل أوروبا

وزارة الصحة تكشف حقيقة وفاة 4 أشقاء بالالتهاب السحائى.. تفاصيل

الأهلى يستعد لإعلان صفقتي ياسين مرعي ومحمد شكري قبل الظهور فى التتش

بالاسم والمجموع.. قائمة أوائل الدبلومات الفنية على مستوى الجمهورية 2025

راشفورد يرفض عرضًا سعوديًا مغريًا من أجل برشلونة


حجز عاطل تعدى على فتاه فى منطقة العمرانية 24 ساعة على ذمة التحريات

الأولى مكرر على الجمهورية: أمنيتى الالتحاق بكلية التجارة وأسرتى أكبر داعم لى

نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. رنا رضا الأولى بدبلوم الفني التجارى بمجموع 100%

محمد هانى الأول على الجمهورية دبلوم صنايع بمجموع 99.7%

إخماد حريق داخل شقة سكنية فى بولاق الدكرور دون إصابات


نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. أسماء الأوائل بعد اعتماد وزير التعليم

اليوم السابع ينشر بعد قليل نتيجة الدبلومات الفنية .. والاستعلام برقم الجلوس

وزير التعليم يعتمد نتيجة الدبلومات الفنية دور أول بنسبة نجاح 70.47%

أحمد عبد القادر ينتظر عودة رئيس الحزم للسعودية لحسم الصفقة

السيطرة على حريق مخلفات داخل مول تحت الإنشاء بالشيخ زايد

الزمالك أمام اختبار جديد لحسم مصير عمر فرج.. وسداد 500 ألف دولار لأيك السويدي

انهيار عقار فى العطارين والبحث عن مفقودين تحت الأنقاض بالإسكندرية.. صور

الحجز على شقته داخل كمبوند.. إبراهيم سعيد يواجه دعوى جديدة من طليقته

شهادة البكالوريا.. اختيار الطالب للنظام من أولى ثانوى وممنوع التحويل

مواعيد مباريات اليوم الأحد 13 - 7 - 2025 والقنوات الناقلة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى